قيس وليلى العامرية ... بقلم عبد الكريم لراك
تذكرت ليلى والسنين الخواليا **وأيام لا نخشى على اللهو ناهيا
هذا مطلع قصيد طويل بعض الشيء لقيس ابن الملوح الشاعر المحب الذي ملك عليه حب ليلى العامرية أقطاره ولكنه لم يفقده صوابه وإنما ظل راجح العقل مستقيم الفكر وجداني العاطفة جياش الموهبة .
وقيس ابن الملوح شاعر عاصر فترة الأموين عايش الخليفة مروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان في القرن الأول الهجري وكان غزيز الشعر كثير التجوال بين الشام ونجد والحجاز .
وليلى العامرية التي هام بها وجدا ليست غريبة عنه وإنما هي ابنة عمه وتلقب بليلى العامرية نسبة لقبيلة بني عامر بنجد وقد زوجها أبوها لغيره بعد شيوع الغزل في ابنته من طرف قيس بن الملوح وكان قد تربى معها وكبرا معا والمعتقد أنهما سيقترنان بعد ذلك لكن الوجد فرق بينهما وأتاح للشعر العربي فسحة جميلة خصبة من معاني الغزل الصادق .
ولنعش قليلا مع شعره يقول قيس :
تذكرت ليلى والسنين الخواليا ** وايام لا نخشى على اللهو ناهيا
ويوم كظل الرمح قصرت ظله *** بليلى فلهاني وما كنت ناسيا
في البيت الاول نلمس جو الطفولة بين الطرفين التي جمعتهما فهما يلهوان ولا احد بمنعهما من ذلك ؛ وهو في لهوه مفتون بليلى مغرم بها لكن يشفع له اللعب والصغر فهو لا يحس بالوقت على اتساعه وبوجود حبيبته قربه تقصر الوقت وشيئ كهذا صعب النسيان مهما مر الزمان ..
ويقول ايضا في نفس القصيدة :
خليلي إلا تبكيان التمس خليلا ***إذا انزفت دمعي بكى ليا
فما أشرف الأيفاع إلا صبابة ** ولا أنشد الأشعار إلا تداويا
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما *** يظنان كل الظن ألا تلاقيا
فمن فرط الحب يبكي حبيبته وحظه العاثر حتى إذا جفت العبرات يلتمس من يبكي بدله لأن الخلان الصادقين يدركون قيمة الحب النفيس ويدركون ما تفعله الأشعار من صيت وشهرة ومدى في سمع الزمن وهو مع ذلك يتمنى بعين التحقيق أن قدر الله ممكن أن يؤلف القلوب بعد فرقتها والعاشقين بعد بعدهما
فيا رب سو الحب بيني وبين ليلى ** يكون كفافا لا علي ولا ليا
فيار ب اذا صيرت اليلى هي المنى *** فزنّـي بعينيها كما زنتها ليا
على مثل ليلى يقتل المرء نفسه** وان كنت من ليلى على اليأس طاويا
والابيات جميلة جدا وعميقة تحتاج لبعض الوقت
ولنا عودة لنفس القصيدة
بقلم عبد الكريم لراك
24/12/2018