الاصالة تربية والابداع موهبة والاصل في الأشياء ضمير ومبدأ وبدونهما لا تستقيم الامور والاشياء ؛أقول هذا وأنا أتأمل واقعنا الفني الذي غدا يزري بواقع الحال ؛ لقطات وتكلف وصخب ثم لا شيئ بعد ذلك ؛ فالأغنية العربية ومنها المغربية في تطور دائم من جيل لآخر ولكنه ينحو منحى الإسفاف والضحالة ضعف في الابداع وتكلف في الإيقاع وتصنع في الاداء ؛الاغنية العربية لا تمثل الواقع إلا في بعض المظاهر التي لا تحتاج أصلا الى شرح او تسليط أضواء؛ لمعان في كل شيئ يخفي تحته ركام من السراب ؛والأعنية العربية ومنها المغربية لم تكن بهذه الحال قبل أربعة عقود او خمسة خلت ففي مختلف البلدان العربية كنت تستمع لهذا الفنان او ذاك أغنيتين او ثلاث على الأكثر في السنة ؛يكتب الكاتب لنفسه في الأساس لأنه موهوب أصلاوتأتي الصدفة كثيرا ليلم بها الملحن ويتم الإعداد في صبر وأناة ؛ثم تلعب فراسة الملحن وحدسه دورهما لمدى ملائمة هذا العمل مع هذا الصوت أو ذاك ؛ وكان الأداء الجيد مسؤولية وذوق واختيار لا مقاسا كيفما اتفق ؛وكانت الثقافة الفنية في الأربعينات والخمسينات من ركائز الاداء الفني والمسرحي أيضا فلا فن بدون دراسة وتمكن وسعة أفق لذلك رأينا كبار المبدعين في القرن العشرين غنوا لشوقي وأبي فراس الحمداني والمتنبي واليا ابوماض ذلك أن بالثقافة يسمو الفن والذوق الشعبي فمحبوا كوكب الشرق لم يختلفوا حولها في الحب والإعجاب والمكانة التي حضيت بها وإن مرت أجيال على أعمالها الخالدة ؛ أن تكون فنانا عليك ان تكون أصيلا في تقافتك وإبداعك عالما بما تأخذ وتذر ؛ قديما كنا نسعى الى الفن عشقا وحبا وتقديرا واستمتاعا واليوم غدا يسعى إلينا من الأبواب والنوافذ كسيل العرم غث وسمين والأول أكثر من الثاني ؛نسمع كثيرا لكن لا نفقه شيئا قعقعة ولا طحينا وهموم الناس ومشاكلهم التي كثرت تحتاج الى تحليل عميق وترجمة وتعبير ؛والفن في الماضي كان منتبها لهذه الامور لكن اليوم لا يلتفت إلا الى بعض المظاهر المبتذلة التي لا تصلح لا للعادة ولا للعبادة وأقصد بالعبادة هنا روح التقدير والاهتمام .
ويبقى السؤال مطروحا هل الفن الجميل أصبح في أيامنا أسطورة وهل توفي مع مبدعي الامس ؟أم أن التاريخ كفيل بإخراج حلل جديدة تبهرنا بالفعل كما بهرتنا ونحن صغارا وشبابا ؟ أم أن متغيرات العصر وحداثة الحضارة ستنتج لنا فنا جديدا لا ينتمي للإنسان بصلة ؟؟ أسئلة كثيرة تختلج في النفس ولعل الايام خير مجيب ...
عبد الكريم لراك
18/05/2017