للدمعة قاسم مشترك بين ميلاد المرء وموته..
وللفرح لحظات متفرقة بين هذا وذاك ؛ فأيهما له الاثر اكثر من الآخر ؛ وأيهما أقرب وأدل على الانسان في وجوده وكينونته ومعناه ؛ فمتى نبكي ومتى نفرح ؟ أسئلة قلما نطرحها على انفسنا تاركين المجال لظروف الحياة تتصرف بنا ومعنا كما تشاء هي لا كما نشاء نحن فهل نملك أن نسعد كما يحلو لنا ؟ وهل نقوى على رد الدمعة آذا وجدت سبيلا لأنفسنا ولأعيننا حتى تقبل وتسيل أو تنهمر ؟
عادة لا نخوض في مثل هذه الأفكار ؛ ولكن الذي ألاحظه أن الانسان يسير مع عالم الغيبيات سير المتلمس للطريق المجهولة المعالم فتارة يعينه ذهنه الوقاد وحدسه الذكي فيدرك مواطن الايجابيات في عنصره فيسلم نفسه على سيجتها تنهل من معينها في تفاؤل ورغبة نشيطة فيخلق جو الفرح بينه وبين نفسه بل يضيفه ويضفيه على المحيطين به وتارة تتيه به الطريق فيصيبه الانكسار والوعك فيسرع الى الكآبة والاحباط أو تسرع اليه هذه الأخيرة فيربط نفسه بشعرة معاوية مع عالم التأثر والدمع الذي قد يشفي ولكن الى حين ...
أحيانا تكون مواقف أكبر من حجم الانسان فيلقاها لقاء الشجعان فيكون مثل المتنبي في قوله رماني الدهر بالأرزاء حتى فؤادي في غشاء من نبال فصرت إذا أصابتني سهام تكسرت النصال على النصال .. هذا اللقاء يثمر نشوة النصر وثمرة الفرح ولكن ليس كل الناس سواسية في الشجاعة سواسيتهم في السعادة فهناك المؤثر للدمعة على الفرحة يقول أنى لي أن أفرح وقد كان ذلك على مرمى حجر منه ؛ الفرح واحد ولكن البكاء أنواع والنفوس بحار في تموجها وتعاطيها مع تيارات الحياة وبين المد والجزر تتولد مواقف تثمر هذه المشاعر أو تلك واللبيب من أحسن فن السباحة ولغة التعامل والقدرة على التأقلم بين أمواج الحياة ؛والعاقل من نظر الى الصورة من بعيد لا من قريب فأدرك أن لكل شيئ إذا ماتم نقصان ومن العيب الوقوف وسط الطريق؛ والشاعر من ألهم رمزية الخطوات فجعلها في سبل أنيقة وواقعية على يقين أن تلك الصورة فرصة اللحظة قبل إقبال الموت الآتي يوما ما ..
وعود على بدء نؤكد أن السعادة والتعاسة رهينان بتصرف ورؤية وخيال الانسان هو الذي يصنعها ويساهم في ذلك بنسبة عالية فحين يبكي الرجل أو المرأة فلوم للنفس على شيئ ما لم يصلاه أوتاثرا به وحين يفرحا يحدث العكس وبين دمعة الرضيع البريئة ودمعته وهو شيخ تكون المعادلة الصعبة أيهما اكثر في حياته كلها على امتدادها ..وأيهما أبلغ أثرا في نفسه وكيانه وإذا كان الشاعر الفرنسي هيجو يقول لا شيئ يجعلنا عظما ء غير ألم عظيم فماذا يمكن أن تقول عن الفرح ؟؟هل هو نسبي أم كائن حقيقي وما عساه يضيف الى حياتنا من قيمة مضافة ..؟؟
عبد الكريم لراك