فلسفة الموت ...بقلم عبد الكريم لراك
هو تعقيب حول بيت شعري لزهير ابن أبي سلمى وضعه الأستاذ سعيد حاجي بصفحته الغراء فراقني كثيرا يقول البيت الشعري : رأيت المنايا خبط عشواء من تصب تمته ومن تخطئ يعمر فيهرم
فقلت هذه الكلمات :
الموت هو الفلسفة الكبرى لفهم الحياة ؛ في الموت يقولون تعددت الأسباب والموت واحد ؛ والحقيقة أن الموت ذلك الغياب وراء الحجب الكثيفة إلا على العارفين بالله ذوو الشفافية مع الذات الإلاهية ؛هو سنة جرت على العباد منذ الأزل البعيد في القدم والى أن يشاء الله ؛ أهو انتقال من حال الى حال ؟؛ أم تزكية من وضع دوني الى آخر علوي ؟ أم قرب المخلوق من خالقه ؟ أهو المصيبة كما قال عز وجل ؟ أهو الفرحة بالعالم الثاني الموعود طوال مسيرة الحياة الفانية ؟ ممكن تصنيف الموت في هذا كله وفي غيره مما غاب عن الذهن وأفلت من الذاكرة لكن يبقى حلا عادلا لاستمرارية الحياة وتحقيق مراد الله في أرضه وخلقه يقول عز وجل في كتابه الكريم ((ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين)) صدق الله العظيم ؛ هذا الدفع يتشكل حسب مراد الله ومشيئته في شتى الوجوه تارة بالحروب وتارة بالكوارث الطبيعية وأخرى بالأوبئة الفتاكة أو حسب قضاء الله وقدره كتابا مؤجلا . وزهير ابن ابي سلمى نابغة أدباء العصر الاسلامي والجاهلي من قبل نيف على الثمانين كما يقول عن نفسه : سئمت تكاليف الحياة ومن يعش** ثمانين حولا لا أبا لك يسأم عبر عن وجهة نظره الفلسفية في زمن الانفتاح الاسلامي على العالم آنذاك وعن نظرته للحياة بشكل شمولي ومن زاويته الخاصة وهو الحكيم في زمنه ؛هذا الرجل يختلف كثيرا عن نظرة عميد أدباء المهجر ميخائيل نعيمة الذي تجاوز التسعين وقال ذات مرة : أمنيتي أن أرى العالم ولو لثانية بعد المائة لكن قضاء الله كان أسبق من توقعه وأمنيته ؛ وبين الموقفين تبدو صورة وحالة الإنسان أمام الحياة والموت أقل ما يقال عنها كونها نظرة توجس وخيفة أكثر منها ارتياح وقناعة بالمكتوب في اللوح المحفوظ .سيدي سعيد حاجي أسعدتني فعلا بهذا البيت الرائع من قول زهير بن ابي سلمى الذي حملني لذكريات إعداد العروض في منتصف السبعينيات وكانت هذه القصيدة على طولها مثار جدل بيني وزملائي كل يدلو بنصيبه حولها الى جانب معلقات أخرى كانت توضع لأرضية النقاش في تلك الأيام الجميلة العذبة فشكرا جزيلا الاستاذ المفكر والغالي سعيد حاجي
بقلم عبد الكريم لراك