القانون بلا قوة بطل من ورق ؛ والقوة بلا قانون حرب بلا تخطيط ..
منذ زمان بعيد في الما ضي لم تكن هناك فوارق بين بلاد المنطقة العربية ؛وكانت تيارات التاريخ التي تهب عليها واحدة ؛وكانت تعيش مع ذلك في وئام مع نفسها ومع غيرها متحدية شتى العقبات ؛ راسمة لذاتها الطريق السوي نحو المجد والحضارة الأصيلة ؛ وما أكثر ما حفلت به تلك الرياح من المفاهيم والشرائع والسنن عبر شتى الأجيال والعصور .
لا أحد ينكر منذ بدء الخليقة ونشأة الإنسانية أعتمد الإنسان على مبدأ القوة كلبنة ضامنة لوجوده واستمرار يته ؛ وكان حب البقاء ينمي فيه تلك النزعة التي تراوحت بين الحدة تصل أحيانا حد الانفجار والتدمير ؛ وبين غلبة المنطق الذي يحيلها نواة صلبة قابلة للتفاعل والتعايش تحمي ظهر المجتمع وتزكي مصداقيته في الوجود والبقاء.
فما معنى القوة إذن ؟
هل هي الفرص المتكافئة بين بني البشر أساسا للعمل في الدنيا والحساب في الآخرة ؟ أم هي فرض الشخصية والذات على قواعد وثوابت أساسها الدين والوعي بمكونات الحياة وسر بقائها ؟أم هي الطغيان الميكيافلي الذي لا يعير للآخر وزنا وإنما يسلك سياسة فرض الأمر الواقع و أنا وبعدي الطوفان ؛ وإذا كان المسألة بهذا الشكل أو ذاك فمن أين نستمد القوة وما علاقتها بالقانون وما وجه المقارنة بينهما وهل يسند الواحد منهما الثاني ؟
إن العلاقة الجدلية بين هذين المفهومين قديمة وعميقة قدم وعمق التاريخ الإنساني منذ عهد آدم عليه السلام والى أن يرث الله الأرض ومن عليها ؛ فالقانون كما هو معروف ليس مجموعة نصوص فقط وضوابط بل عملية لتنظيم حركة العيش والسير في الحياة كما سنتها الشرائع السماوية المتعاقبة وأرساها الدين الإسلامي الحنيف وألقت الأضواء على سبلها اجتهادات الحكماء والمفكرين عبر شتى مراحل الحياة ؛ هو حماية للضعيف من سلطة القوي وغلبته وإنصاف لحقوقه وضمان لواجباته ؛وبالتالي هالة ذات مغزى تسكن كل ضمير حي وهو إلى جانب ذلك شريعة وضعية يحتكم إليها البشر فيما يختلفون فيه من الشؤون والنوازل ؛ فقوة القانون وفعاليته في حسن فهمه وتطبيقه أما في الطرف الآخر فنجد قانون القوة هذا المبدأ الميكيافلي لم تستفد منه البشرية كثيرا اللهم إلا الإبادات الجماعية والفتن بين الدول والشعوب وما الحربين الأولى والثانية إلا خير مثال .
فالقوة خزان يحفز المجتمعات على الرقي والتحضر والسعي إلى العالمية ؛ومعيار تقاس به درجات الأمم ومراتبهم وهذا القياس لا يتأتى إلا بسيادة القانون واحترامه وحسن استعماله ؛ نخلص من هدا أن القانون والقوة وجهان لعملة واحدة لا يمكن التفريق أو العمل بأحدهما دون الآخر وأمام هذا كله ستبقى تيارات التاريخ تهب على الأمة العربية والإسلامية بشتى رياح المفاهيم الايجابية منها والسلبية المثمرة منها والاستلابية والخيرية في أخذها بتلازم متحد بين القانون والقوة كعامل لتقدمها ووازع يبرز لها دوما مكامن الضعف فتتجنبه؛ وعوامل الفوضى فتصلح أخطاءها وتستعيد سيرها الطبيعي كما أراد منها الخالق عز وجل مصداقا لقوله تعالى{{ كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله }} وبالله التوفيق