سعيد الزعيم Admin
عدد المساهمات : 320 تاريخ التسجيل : 08/11/2012 العمر : 36
| موضوع: التزييف والمنافسة غير المشروعة في الملكية الصناعية الخميس أغسطس 29, 2013 11:54 am | |
| التزييف والمنافسة غير المشروعة في الملكية الصناعية رضوان لبشوكي الحسين عزوزي هشام الصادق
مـقدمـة تعتبر حقوق الملكية الصناعية من الإنتاجات الفكرية التي توصل إليها الإنسان المبدع بفضل ملكة العقل التي وهبها الله عز وجل لمخلوقه الإنسان لتمكنه من الخروج من ظلمات الجهل إلى نوع المعرفة والازدهار، لهذا نجد الإنسان امتاز بالخلق والإبداع عن سائر المخلوقات الأخرى بفضل نعمة العقل. مما جعل مسألة حماية المبتكرات والإبداعات ضرورة ملحة. ولهذا، نجد أن الاهتمام بحماية حقوق الملكية الصناعية ازداد بشكل كبير في العديد من الدول، وظهرت بوادر هذه الحماية في شكل امتيازات ملكية. إلا أن انتشار وسائل المواصلات، وسرعتها، وكذا طبيعة الحياة التجارية التي تتطلب انتقال السلع من بلد الإنتاج إلى بلدان الاستهلاك، مما أوجد حاجة ملحة لحماية حقوق الملكية الصناعية في داخل إقليم مصدرها كما في خارجه كل هذا أدى إلى التفكير في وسيلة أنجع لحماية هذه الحقوق خارج البلاد. ومن تم ظهرت الحماية الدولية لحقوق الملكية الصناعية بمقتضى اتفاقية باريس 1883 التي تعد حجر الزاوية في إبرام عدة اتفاقيات خاصة بمختلف حقوق الملكية الصناعية. إذن، فمن خلال ما سبق نستنتج أن حماية حقوق الملكية الصناعية تتجلى من الناحية الوطنية والدولية، إلا أن من خلال الموضوع المطروح للدراسة سنقتصر فقط على الحماية الوطنية لهذه الحقوق وخاصة تلك المتعلقة بحماية حقوق الملكية الصناعية من التزييف والمنافسة غير المشروعة، وهكذا ستكون دراستنا لهذا الموضوع وفق التصميم التالي : المبحث الأول : التزييف في الملكية الصناعية المبحث الثاني : المنافسة غير المشروعة في الملكية الصناعية
المبحث الأول : التزييف في الملكية الصناعية اعتبارا بأن التزييف يعد جريمة من الجرائم الماسة بعناصر الملكية الصناعية، فإن المشرع قد أولاها عناية خاصة من خلال القانون رقم 97-17 المتلعق بحماية الملكية الصناعية. وسنحاول من خلال هذا المبحث أن نقف عند دعوى التزييف الجنحية التي تشكل محور دراستنا من خلال تحديد الشروط والإطار الشكلي لسير هذه الدعوى، ثم نحدد الجزاءات الجنائية. المطلب الأول : دعوى التزييف الجنحية فضلا عن حقه في رفع دعوى المنافسة غير المشروعة فإنه يكون بإمكان المتضرر من الاعتداء الحاصل على حقه في الملكية الصناعية أن يقيم دعوى التزييف الجنحية، وسنحاول التعرف على الشروط الموضوعية اللازمة لممارسة هذه الدعوى قبل الانتقال للحديث عن الإطار الشكلي لممارستها. الفقرة الأولى : شروط ممارسة الدعوى يلزم لإمكانية ممارسة دعوى التزييف الجنحية ضرورة توافر شروط نجد في مقدمتها، ضرورة أن يكون الحق المعتدى عليه مسجلا لدى الهيئة المكلفة بالملكية الصناعية فضلا عن ضرورة ارتكاب الفعل المادي المجسد للجريمة وتوافر لركن المعنوي أي عنصر القصد. 1) شرط تسجيل حق الملكية الصناعية : إن حماية حقوق الملكية رهين بضرورة تسجيلها وهذا ما نصت عليه المادة 207 من القانون 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية التي جاء فيها : «لا تخول الحق في إقامة أي دعوى ناشئة عن هذا القانون الأفعال المرتكبة قبل تقييد تسليم براءات الاختراع أو شهادات الإضافة أو شهادات تصميم تشكل (طبوغرافية) الدوائر المندمجة أو قبل تسجيل الرسوم أو النماذج الصناعية أو قبل تسجيل علامات الصنع أو التجارة أو الخدمة في السجلات التي تمسكها الهيئة المكلفة بالملكية الصناعية». وهكذا يجب على صاحب الحق أن يتقدم سواء شخصيا أو عن طريق وكيل ينوب عنه بطلب إيداع طلب الحماية وفي حالة كون صاحب الحق شخصيا معنويا فإن الطلب يتم من طرف ممثله القانوني أو الشخص المفوض له ذلك بكيفية صريحة. 2) ارتكاب الفعل المادي للجريمة : لإمكانية رفع دعوى التزييف الجنحية، يتعين بالضرورة وقوع الفعل المادي المشكل للجريمة، ويمكن أن نلاحظ هنا أن ظهير 1916 كان يستعمل عبارة جنحة التقليد، بينما نص القانون 97-17 على جنحة التزييف وهناك اختلاف واضح بين العبارتين. فتزييف العلامة مثلا "يقصد به نقلها حرفيا وتاما بحيث تصبح العلامة المزيفة صورة طبق الأصل من العلامة الحقيقية ولا يمكن تفرقتها عنها. أما التقليد : فيتمثل في وضع علامة مشابهة أو قريبة الشبه في مجموعها بعلامة أخرى. بحيث يصعب التفرقة بين كل منها أو تمييزها لما يوجد من لبس أو خلط بينهما يضلل جمهور المستهلكين، فالفرق بين التزييف والتقليد إذن هو أن الأول نقل مطابق للعلامة كلها دون تعديل أو إضافة في أن التقليد فهو صنع علامة مشابهة في مجموعها للعلامة الحقيقية رغم وجود اختلاف بينهما. 3) القصد الجنائي : يعتبر عنصر العمد في التزييف عنصر جوهريا لرفع دعوى التزييف الجنحية، وليس المقصود بالعمد هنا قصد الأضرار بالغير أو هو ما يحدث كثيرا عندما يفتقد المتتوج المقلد أو المزيف لأدنى شروط الجودة الشيء الذي يؤدي إلى الإضرار بصحة المستهلكين لكن المقصود بالعمد في هذا المجال هو توافر العلم. الفقرة الثانية : الإطار الشكلي لسير الدعوى العمومية سنخص هذه الفقرة للحديث عن الاختصاص القضائي. 1) الاختصاص القضائي في مادة الملكية الصناعية : نصت المادة 115 من قانون رقم 97-17 : «للمحاكم التجارية وحدها الاختصاص للبث في المنازعات المترتبة عن تطبيق هذا القانون القرارات الإدارية المنصوص عليها فيه». لكن رغم ما يوحي به ظاهر النص وتأثيره الإيجابي في الميدان الزجري وتبسيط المساطر القضائية في المادة فإن تخويل الاختصاص في الدعوى العمومية المتعلقة بالجرائم الناشئة عن تزييف الحقوق المتعلقة بالملكية الصناعية يرجع إلى المحاكم الابتدائية. وما يؤكد ذلك المادة 205 من القانون رقم 97-17 والحقيقة أن هذا النص يتضمن عدة سلبيات، إذ أنه يؤدي إلى إطالة أمد النزاع الذي يبرر في الأصل حول موضوع واحد. وهو المساس بحقوق الملكية الصناعية إذا لابد من انتظار البث في الدعوى المدنية ثم بعد ذلك يتم تحريك الدعوى العمومية أمام المحكمة الابتدائية التي تعرف طولا في الإجراءات وهذا ما يخالف المبدأ الجنائي القائل بأن الجنائي يعقل المدني لكن في الملكية نجد العكس أن المدني يعقل المدني. المطلب الثاني : الجزاءات الجنائية إن الهدف من رفع دعوى التزييف الجنحية هو الزجر وتوقيع العقاب من أجل ردع المعتدين على حقوق الملكية الصناعية، وسنتعرض لهذه الجزاءات من خلال الفقرتين التاليتين : - الفقرة الأولى : العقوبات الأصلية - الفقرة الثانية : العقوبات الإضافية الفقرة الأولى : العقوبات الأصلية تتمثل هذه العقوبات في العقوبة الحبسية (أ) والغرامة المالية (ب). أ- العقوبة الحبسية: رجوعا إلى القانون رقم 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية فإن المشرع جعل من العقوبة الحبسية عقوبة أساسية في جميع الجنح الخاصة بالملكية الصناعية باستثناء الرسوم والنماذج الصناعية، وهكذا يعاقب على التزييف الذي يطال حقوق مالك البراءة بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر وفي حالة العود ترفع العقوبة إلى الضعف حسب المادة 113 من القانون رقم 97-17. أما إذا كان المزيف أجيرا يشتغل عن صاحب البراءة فإن العقوبة تصل إلى ما بين 6 أشهر إلى سنتين. أما في مجال العلامات فإن ارتكاب أحد الأفعال المنصوص عليها في المادة 255 من القانون رقم 97-17 يعرض المعني بالأمر إلى عقوبة حبسية تتراوح بين شهرين إلى ستة أشهر. حسب المادة 225 من القانون رقم 97-47. ب- الغرامات المالية : بالنسبة لعلامات الصنع أو التجارة أو الخدمة : تتراوح الغرامة المالية في حالة تزييف علامة الصنع أو التجارة أو الخدمة : ما بين 50.000 إلى 500.000 درهم. بالنسبة لبراءة الاختراع : تتراوح الغرامة ما بين 50.000 إلى 500.000 درهم، وفي حالة العود ترفع العقوبة إلى العود. الفقرة الثانية : العقوبات الإضافية تتمثل هذه العقوبات في : أ- المصادرة ب- الإتلاف ج- الحرمان من العضوية في الغرف المهنية د- نشر الحكم بالإدانة
أ- المصادرة : ففي مجال براءة الاختراع وحسب المادة 212 من القانون رقم 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية «فإنه يجوز للمحكمة بناء على طلب من الطرف المتضرر وبقدر ما هو ضروري .... أن تأمر لفائدة المدعي بمصادرة الأشياء التي ثبت أنها مزيفة والتي هي ملك لمزيف في تاريخ دخول المنع من حيز التنفيذ وإن اقتضى الحال بمصادرة الأجهزة أو الوسائل المعدة خصيصا لإنجاز التزييف ...». ونفس الحكم نصت عليه المادة 220 في مجال الرسوم والنماذج الصناعية. ب- الإتلاف : الإتلاف هو إعدام الأشياء التي تمثل جسم الجريمة، وينصب الإتلاف في مجال الملكية الصناعية على العلامات والرسوم والنماذج الصناعية والبراءات وجميع الأشياء المقلدة أو المزيفة كما يشمل البضائع والمنتوجات المرتبطة بها. ويستنتج من خلال نصوص المواد 213 و221 و228 من القانون 97-17 أن الحكم بالإتلاف جوازي بالنسبة للمحكمة كلما تبت لها أن الأشياء مزيفة أنها في ملك المزيف. ج- الحرمان من العضوية في الغرف المهنية : حسب المادة 208 من القانون رقم 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية، فإنه يمكن علاوة على ما ذكر أن يحرم الأشخاص المحكوم عليهم تطبيقا لأحكام هذا الباب من حق العضوية في الغرف المهنية طوال مدة لا تزيد على خمس سنوات. د- نشر الأحكام الصادرة : نصت المادة 209 من القانون رقم 97-17 على أن «تأمر المحكمة بنشر الأحكام القضائية التي صارت نهائية والتي صدرت تطبيقا لأحكام هذا القانون. هذا وتجدر الإشارة أن نشر الحكم يتم على نفقة المحكوم عليه وعن طريق إدراج نصه كاملا أو ملخص منه في جريدتين على الأقل من الجرائد المسموح لها بنشر الإعلانات القانونية التي يتم توزيعها على المستوى الوطني. كما يجب كذلك أن تكون إحدى هاتين الجريدتين تصدر باللغة العربية. المبحث الثاني: دعوى المنافسة غير المشروعة إن ارتكاب أعمال المنافسة غير المشروعة يتم ردعها عن طريق دعوى المنافسة غير المشروعة، ولسلوك هذه الدعوى لابد من توافر مجموعة من الشروط (الفقرة الثانية)، كما يترتب عليها مجموعة من الآثار(الفقرة الثالثة)، غير أنه قبل معالجة ذلك ينبغي التطرق إلى الأساس القانوني لهذه الدعوى(الفقرة الأولى). الفقرة الأولى: الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير الشرعية يعد البحث في الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة من الإشكاليات الصعبة، ذلك أن التشريع لم يتدخل في أغلب الدول لينظمها، بل ترك الباب مفتوحا للقضاء لوضع أساس قانوني لها، مما نتج عنه تعدد الاتجاهات واختلاف الأسس المعتمدة من طرفها. فهناك من يعتبر العمل غير المشروع خطأ يلزم مرتكبه بتعويض الضرر الحاصل للغير شريطة أن يثبت هذا الأخير شروط هذه الدعوى من خطأ وضرر وعلاقة سببية، وفي هذا الصدد نجد المادة 163 مدني مصري تنص على أنه «كل خطأ سبب مكروها للغير يلزم من ارتكبه التعويض » وقضت محكمة النقض المصرية أنه : « لما كانت المنافسة التجارية غير المشروعة تعد فعلا تقصيريا يستوجب مسؤولية فاعله عن تعويض الضرر المترتب عليه...». بينما ذهب آخرون إلى أن دعوى المنافسة غير المشروعة ترمي الى أبعد من ذلك، إذ أنها تهدف بالإضافة إلى ذلك اتخاذ تدابير وقائية مستقبلا ، بينما يرى البعض الآخر أن أساس هذه الدعوى مستمد من الحق المانع الاستئثاري الذي يتمتع به صاحب الحق، بحيث أن هذه الدعوى تقترب من دعاوى الحيازة . من هنا نتساءل عن موقف المشرع المغربي، لنقول أنه في إطار ظهير 23 يونيو 1916 نجد الفصل 89 منه يحيل على الفصل 84 ق. ل .ع الذي جعل أساس دعوى المنافسة غير المشروعة قائما على أحكام المسؤولية التقصيرية طيقا للفصول من 77 إلى 106 من ق.ل.ع، غير أن القانون رقم 17.97 لم يستند إلى هذه المقتضيات بل خصص الفصل 184 للمنافسة غير المشروعة، فهل ألغت مقتضيات هذه المادة الفصل84 ق.ل.ع فتعتبر بالتالي أساس دعوى المنافسة غير المشروعة؟ فنقول بأنه حسب الفصل 474 ق.ل.ع فأن القوانين اللاحقة تلغي القوانين السابقة إذا نصت على ذلك صراحة أو كانت متعارضة أو منظمة لكافة جوانب نفس الموضوع . و مادام أن المادة 184 من قانون 17.97 جاءت شاملة لمقتضيات الفصل 84 ق. ل.ع. فإنه يمكن الحديث عن الإلغاء الضمني. الفقرة الثانية :شروط دعوى المنافسة غير المشروعة يشترط في دعوى المنافسة غير المشروعة أن تكون هناك منافسة وأن تكون هذه المنافسة غير مشروعة، ثم أن يكون ثمة ضرر لحق المدعي من جراء هذه المنافسة غير المشروعة. ومع أن القانون والقضاء يؤسس دعوى المنافسة على قواعد المسؤولية التقصيرية فهي مع ذلك تتميز بخصوصيات تطبع كافة شروطها سواء الموضوعية أو الشكلية . أولا: الشروط الموضوعية : تتحدد الشروط الموضوعية في كل من : - الخطــــأ : الذي يتمثل في قيام حالة منافسة وعدم مشروعيتها، وللقول بقيام حالة للمنافسة لابد من توفر حالة من الحالات التالية : * وجود المتنافسين في مركز قانوني واحد أو تماثلهما.(تجار، صناع...). * تماثل النشاط الممارس من طرف المتنافسين أو تشابههما على الأقل * نية تحقيق الربح. ولا يكفي قيام حالة منافسة بل لابد من أن تكون غير مشروعة، بمعنى أنها خرجت عن قواعد العادات والأعراف المهنية المتبعة في التجارة وهي عادات تختلف من مهنة إلى أخرى وبالتالي تخضع للسلطة التقديرية للقضاء. - الضــــرر: يشترط في الضرر أن يكون حقيقيا وليس محتملا، وأن يكون واقعا أو محقق الوقوع، فهذه الشروط تنطبق كذلك على المنافسة غير المشروعة، ومهما كان الضرر سواء ماديا أو معنويا فإن الصعوبة تثار بخصوص تحديد الضرر الذي تعرض له التاجر المنافس خاصة في الحالة التي يعجز فيها هذا الأخير عن إثباته . ونشير هنا إلى أن القضاء درج على اتباع اتجاهين : - الأول:يقضي بإجراء خبرة. - الثاني:يخضع الضرر للسلطة التقديرية للمحكمة. - العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر: تعد العلاقة السببية أهم ركن من أركان دعوى المسؤولية التقصيرية، فهي الأساس الذي تقوم عليه دعوى المنافسة غير المشروعة، بحيث أنه لابد من تواجد علاقة مباشرة بين الخطأ الذي ارتكبه المدعى عليه والضرر الذي لحق المدعي. وبالنظر للخصوصيات التي تطبع هذه الدعوى فإنه لابد من التمييز بين أمرين هامين، ذلك أنه إذا ما كانت دعوى المنافسة غير المشروعة يستهدف منها التعويض فيشترط بالإضافة إلى حصول الضرر ضرورة توافر العلاقة السببية، لكن متى كان الهدف منها هو مجرد وقف الأعمال فإنه لا داعي للبحث عما إذا كانت هناك علاقة سببية أم لا استنادا إلى أن الضرر يفترض بمجرد وقوع الفعل المشكل للمنافسة غير المشروعة، وعليه فإن الخطأ وحده يكفي في هذه الحالة . ثانيا: الشروط الشكلية: يقتضي البحث في الشروط الشكلية للمنافسة غير الشرعية التعرض لكل من : - المحكمة المختصة: يطرح الاختصاص إشكالا مهما في دعوى المنافسة غير المشروعة، فقد ذهب البعض إلى أن المحاكم التجارية هي المختصة، في حين ذهب اتجاه آخر إلى أنها من اختصاص المحاكم الابتدائية لكون المشرع المغربي لم يشر إليها في المادة 5 من القانون المحدث للمحاكم التجارية . إلا أنه بالرجوع للواقع العملي، يلاحظ أن الدعاوى المتعلقة بحقوق الملكية الصناعية قد غدت من اختصاص المحاكم التجارية اعتمادا على الاجتهادات الفقهية الدولية التي استقرت على أن الوظيفة الأساسية لحقوق الملكية الصناعية لها ارتباط وطيد بالميدان الصناعي والتجاري. - وسائل الإثبات: رغبة من المشرع المغربي في حماية حقوق الملكية الصناعية بكيفية فعالة ومجدية وتسهيلا منه على المتضرر لإثبات الفعل غير المشروع فقد نظم مسطرة تعتمد على وسائل للإثبات منها : الإنذار، المعاينة، الحجز الوصفي والتحفظي نحيل بخصوص دراستها إلى بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء للأستاذة بشرى تراوي. 3/- التــــــقـــادم: لم ينص المشرع على استثناء يخص دعوى المنافسة غير المشروعة وبذلك فإن مقتضيات الفصل 106 ق.ل.ع هي السارية المفعول، حيث تتقادم بمضي 5 سنوات تبتدئ من الوقت الذي يبلغ فيه إلى علم المتضرر الضرر الذي لحقه، ومن هو المسؤول عنه، غير أنها في جميع الأحوال تتقادم بمرور 15 سنة من يوم وقوع الفعل غير المشروع. الفقرة الثالثة: آثار المنافسة غير المشروعة جاء في المادة 185من قانون 97.17 أنه " لا يمكن أن تقام على أعمال المنافسة غير المشروعة إلا دعوى مدنية لوقف الأعمال التي تقوم عليها دعوى المطالبة بالتعويض ". وقد دأب العمل القضائي على الحكم بمجموعة من الجزاءات في إطار ظهير 23 يونيو 1916. أولا :الجزاءات العامة : تتمثل الجزاءات العامة المترتبة عن المنافسة غير المشروعة في وقف الأعمال والتعويض عن الأضرار. - وقف الأعمال: يعد وقف الأعمال الجزاء الرئيسي للمنافسة غير المشروعة تطبيقا للقاعدة الفقهية القائلة أن "الضرر يزال" لذلك فإن ذكره سواء في ظهير 1916 أو قانون 17.97 قبل جزاء التعويض يبرره كون جزاء وقف الأعمال لا يتوقف على تحقق الضرر فحسب بل هو بمثابة جزاء وقائي احتياطي لمنع وقوع الضرر . وعلى كل حال فإن وقف الأعمال غير المشروعة لا يعني بالضرورة وضع حد للنشاط التجاري أو الصناعي بصفة نهائية، لأن ذلك لا يكون إلا في حالة المنافسة الممنوعة وحدها، وإنما يقصد بذلك أن تقوم المحكمة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع استمرار الوضع غير المشروع، كأن تأمر باتخاذ بعض التدابير التي من شأنها إزالة اللبس والخلط الواقع في أذهان الزبناء بين الشيء المحمي قانونا والآخر محل العمل غير المشروع . ويتخذ إجراء وقف الأعمال غير المشروعة شكلين : - الإجراء السلبي: يتمثل في الحكم على المدعى عليه بالتوقف عن كل ما من شأنه أن يشكل منافسة غير مشروعة توقع الجمهور في الخلط وتمس بالتالي بسمعة المدعي. - الإجراء الإيجابي : يمكن للمحكمة لمنع المنافسة غير المشروعة أن تأمر بالتشطيب أو التعديل من السجل التجاري أو مكتب الملكية الصناعية والتجارية، وعموما فمهما تعددت الصور التي يتخذها وقف الأعمال فإنها تتوحد في مضمونها وترمي إلى وقف أعمال المنافسة غير المشروعة ومنع وقوع الضرر في المستقبل، وقد أتيحت للقضاء المغربي الفرصة للحكم بوقف الأعمال وذلك من خلال العديد من الأحكام والقرارات (1). - التعويـــــــض : هذا الجزاء يأتي في المرتبة الثانية بعد جزاء وقف الأعمال غير المشروعة، ذلك أن المحكمة تقضي بتعويض يتناسب ودرجة الضرر الذي لحق المدعي تطبيقا للمبدأ القانوني القائل أن "الضرر يجبر"، وقد عرف الفصل 98 من ق.ل ع الضرر الموجب للتعويض، وعليه فمتى تحقق الضرر أمكن للمحكمة أن تأمر بالإضافة إلى اتخاذ الإجراءات الوقائية المتمثلة في وقف الأعمال غير المشروعة بالتعويض المناسب لجبر الضرر الحاصل للمنافس سواء كان ماديا (تحويل الزبناء )أو معنويا (تشويه السمعة التجارية للمنتوج )، على أنه عند اجتماع الضررين تستطيع المحكمة دمجها دون تخصيص وتقدير التعويض لهما معا . غير أن الإشكال الذي يتعين طرحه بهذا الخصوص يتعلق بكيفية تقدير التعويض في دعوى المنافسة غير المشروعة . كقاعدة عامة في دعوى المسؤولية التقصيرية فإن التعويض يجب أن يكون كاملا بحيث يعطي جميع الضرر وفق ما هو محدد في الفصل 98 ق.ل.ع. إلا أنه أثناء تقدير الضرر يتعين على المحكمة الأخذ بعين الاعتبار مدى توجد النية من عدمه، وما إذا كان الضرر ناتجا عن خطأ المدين أو تدليسه، كما يتعين إتباع مجموعة من الخطوات لتحديد التعويض، كالإطلاع على رقم الأعمال المحقق من طرف مرتكب المنافسة غير المشروعة، والتأكد من مدى قدرة المتضرر على تحقيق ذلك الرقم، وأخيرا احتساب الفرق الذي على أساسه يحدد التعويض. ثُانيا : الجزاءات الخاصة : نقصد بالجزاءات الخاصة تلك الجزاءات التي انفرد بها ظهير 23 يونيو 1916 دون أن يرد ذكرها في القانون الجديد للملكية الصناعية رقم 97-17 والتي تتمثل في كل من الإتلاف والنشر . - الإتـــــــلاف: باستقراء ظهير 23 يونيو 1916وقانون 97-17نجدهما يخلوان من أي إشارة إلى الإتلاف كمقتضى عام، غير أنه بالرجوع إلى الفصل 129 من الظهير المذكور نجده ينص على أنه " تأمر المحكمة في جميع الأحوال بإتلاف العلامات أو البيانات أو الإشارات أو الصور أو التصويرات المعترف بمخالفتها لمقتضيات هذا الظهير" الأمر الذي يستفاد معه إمكانية إضافة جزاء الإتلاف إلى الجزاءين السابقين، وهو بالفعل ما استقر عليه العمل القضائي، نذكر من ذلك القرار الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء والذي جاء في إحدى حيثياته " وحيث إن الطاعن لم يدل بما يفيد حجز بضائع معينة لدى المستأنف ضده فرعيا هو المتسبب في كل ما هو موجود بالسوق الشيء الذي يتعين معه عدم الالتفات للدفع المذكور " غير أن الإتلاف حتى تحكم به المحكمة يجب أن يسبقه إجراء حجز خاص وأن يكون منصبا على بضائع معينة وإلا رفض الطلب على اعتبار أن الإتلاف عقوبة أصلية في مادة التقليد، في حين دعوى المنافسة غير المشروعة لا يترتب عنها سوى وقف الأعمال والتعويض . - النشـــــــــــر : لم يشر المشرع لا في ظهير 1916 ولا من خلال قانون 97-17 إلى جزاء النشر ضمن الجزاءات المترتبة عن دعوى المنافسة غير المشروعة، لذلك يمكن التساؤل عما إذا كان النشر يعد عقوبة إضافية لا يجوز الحكم بها إلا بنص خاص، أم يجب اعتباره كتعويض يجوز الحكم به كجزاء عن العمل الغير المشروع في المنافسة غير المشروعة . وفي هذا الصدد وجوابا عن هذا التساؤل نجد الأستاذ عبد الله درميش يعتبر النشر ذا طبيعة مزدوجة لا يحكم به إلا بمقتضى نص تشريعي . وعموما نستطيع القول بأنه لا يمكن إزالة أعمال المنافسة غير المشروعة إلا بإزالة كل آثارها ، أي كل ما من شأنه أن يحدث خلطا لدى جمهور المستهلكين وهو لا يتأتى إلا بالنشر، لذلك فإنه بالرجوع إلى العديد من الأحكام القضائية الصادرة في هذا الشأن نجدها تقضي بالنشر .
| |
|