عدد المساهمات : 320 تاريخ التسجيل : 08/11/2012 العمر : 36
موضوع: عقد الترخيص التجاري الأربعاء أغسطس 21, 2013 1:08 pm
الفصل الأول :
ظهور عقد الترخيص التجاري و مفهومه
نعتقد أنه لمعرفة ماذا نعني بعقد الترخيص التجاري، لا بد لنا من وضعه في سياقه التاريخي و بالتالي يبدو لنا أنه من الأجدر البحث عن تاريخ ظهور هذا العقد أو التنظيم أو التقنية ـ حسب زاوية نظر كل باحث ـ و بعد ذلك نقوم بإعطاء نظرة موجزة عن تعاريف الفقه و القضاء و الهيئات الفاعلة بطبيعة الحال دون إغفال التعريف التشريعي إن وجد. و هكذا سنقسم هذا الفصل إلى مبحثين نخصص الأول إلى ظهور عقد الترخيص في الدول الأجنبية و المغرب ثم نخصص المبحث الثاني لمفهوم هذا العقد. على أننا سنمزج بين المعلومات المتعلقة بالميدان التجاري المحض بأخرى تتعلق بالشغل في نقاط عديدة خصوصا تلك المتعلقة بالتشغيل.
المبحث الأول : ظهور عقد الترخيص التجاري
باعتبار أن ظهور عقد الترخيص التجاري لم يكن في المغرب فإنه من الحري بنا ان نتعرض لأول ظهور له في فرنسا و الولايات المتحدة الأمريكية ثم نتطرق للتجربة المغربية و ذلك في مطلبين.
مطلب أول : ظهور عقد الترخيص التجاري في الدول الأجنبية
رغم قولنا أن عقد الترخيص التجاري هو حديث الظهور فإنه مع ذلك توجد بعض تجلياته في القرون الوسطى حيث كان الأمراء يمنحون امتيازات و تراخيص لبعض المناطق و استقلالية كبيرة في إدارتها، و في مقابل هذا يتوصل هؤلاء الأسياد بحصص مالية أو تسبيقات أو حتى توريد بعض الخدمات لهم من طرف سكان تلك المناطق، هذا التنظيم نجده في مواثيق مكتوبة أطلق عليها رسائل الترخيص « lettres de franchise ».(1)
و بعد قرون من اختفاء هذه التقنية، قام الأمريكيون بإعادة بث الروح فيها لكن في إطار و مفهوم جديدين. ففي بداية القرن العشرين قام رجل الأعمال الأمريكي الشهير (F.wool worth) بإنشاء المحلات الشعبية الكبرى المعروفة باسم : Uniprix و Monoprix التي وصل عدد نقاط البيع فيها إلى ما يفوق 1081.
على أن عقد الترخيص التجاري سيخطو خطوة مهمة نحو الأمام مباشرة بعد صدور قانون 1929 « anti-trust law » المعروف بقانون محاربة الاحتكار و الذي لا يزال يعمل به في مواجهة أكبر الشركات العالمية إلى يومنا هذا (2). فبفضل هذا القانون تقدم الاقتصاد الأمريكي بطريقة سريعة، ذلك أنه منع البيع المباشر للمنتوجات من طرف المصنعين إلى المستعملين، فكان من نتائجه إبرام أول عقد ترخيص تجاري و ذلك من طرف شركة Général Motors بنفس النسبة. و بهذا تم تجاوز العلاقة التقليدية بين المصنعين و معيدي البيع « les revendeurs » ليتم تقسيم الأدوار بينهما، فالمورد يهتم بالحملات الإعلامية و التواصل و تكوين و تدريب الموارد البشرية أما معيدي البيع فيقومون بتطبيق هذه السياسات و البرامج.
و بعد الحرب العالمية الثانية لم يعد هذا النظام نظرا لنجاحه قاصرا على قطاع السيارات بل شمل ميادين متعددة كالنقل و الأسفار و المطاعم (3).
و في الضفة الأخرى من المحيط سعت دول أوروبا الغربية و على رأسها فرنسا إلى الاستفادة من هذا التنظيم الاقتصادي الحديث، و نورد جدولا (4) يوضح هذا الاهتمام، و انعكاسه على التشغيل.
البلد عدد المرخصين عدد المرخص لهم عدد الأجراء المشغلين فرنسا 530 29 673 350 000 ألمانيا 530 22 000 230 000 المملكة العظمى 541 26 800 264 100 إسبانيا 288 13 161 69 000 السويد 230 9 150 71 000 النمسا 210 3 000 40 000
و بخصوص فرنسا دائما فإن أولى عقود الترخيص التي تم إبرامها يرجع لسنة 1911 و ذلك من طرف معهد Pigier و في التلاثينات أبرمت عدة عقود من طرف شركة الخيوط « Roubaix » و كذا من قبل شركة العطور Corsye Salomé حيث لجأت هذه الأخيرة إلى تقنية تمزج بين مزايا عقد الترخيص و عقد الانخراط في الشبكة بموجبها ـ أي التقنية ـ يتم تزويد الطرف الثاني في العلاقة بجملة من المنتوجات الجاهزة ليقوم هذا الأخير ببيعها (5).
المطلب الثاني : ظهور الترخيص التجاري بالمغرب
إن إبرام أول عقد ترخيص في المغرب يعود لسنة 1962 (6) و كان هذا العقد يخص ميدان النقل السياحي حيث قامت شركة Scal بإبرام هذا النوع من العقود رغبة منها في الاستفادة من شهرة شركة Avis الأمريكية و كذا من خبرتها، تلاها بعد ذلك العقد المبرم بين شركة أمريكية أخرى و هي Hertz مع شركة مغربية تعمل في ميدان النقل السياحي (7).
و لم يمر وقت طويل حتى بدأت الشركات الفرنسية في التوطن في المغرب مستغلة هذه التقنية مثل الشركة الفرنسية europecar (، ليأتي دور معهد Pigier الذي كسر هيمنة الشركات المهتمة بالنقل السياحي، و يبرم هو الآخر عدة عقود تهم تدريس المعلوميات بالمغرب (9).
و مع عقد التسعينيات ارتفعت نسبة هذه العقود و عرفت دخول شركات مغربية مضمار المنافسة في توسيع شبكاتها مثل شركة kitea المهتمة بصناعة الأثاث المنزلي و شبكة Unitex العاملة في النسيج و الملابس تم أبرمت عقود أخرى في ميادين الفنادق، الحلاقة و الإشهار، التجميل... ( للمزيد من المعلومات المرجو إلقاء نظرة على الملحق رقم 1، المأخوذ من شبكة الأنترنيت).
فأصبح المغرب يشكل قبلة لكل الشركات العالمية حيث يزيد عدد عقود الترخيص التجاري ـ حسب إحصائيات مستقاة من بعض المواقع على شبكة الأنترنت ـ عن 480. 34% منها شبكات فرنسية تهم ميادين النسيج و التجميل و الحلاقة، مع ملاحظة صعود عدد نقاط بيع الشركات المغربية التي تستغل المناطق التي لم يصل إليها مد الشبكات الكبرى.
و لا يخفى على أحد أن هذا التصاعد من شأنه فتح مجال التشغيل في وجه طبقة عاملة هي في أشد الحاجة إلى كل الفرص. فعلى سبيل المثال يعتبر حي المعاريف الذي يقع في الوسط الجنوبي لمدينة البيضاء، أهم مكان في المغرب و أكثرهم تركيزا في استغلال تقنية الترخيص حيث نجد أن شارع المسيرة الخضراء أصبح مكانا لكل السلع ذات الجودة العالية خصوصا اللباس، هذا التمركز رافقه نمو نسبة التشغيل سواء في استقبال الزبناء أو عملية الحراسة و مراقبة المصاعد ناهيك عن الأطر الإدارية. على أن الملاحظ هو أن أكبر مستفيد من هذا الوضع هم شركات الوساطة و التشغيل المؤقت.
المبحث الثاني : مفهوم عقد الترخيص التجاري.
باعتبار أن هذا العقد هو من إنشاء البيئة التجارية فإن التعاريف التشريعية تبدو ضئيلة مقارنة بتلك التي جاء بها الفقه و القضاء و كذلك الهيئات الفاعلة في هذا الحقل. و بالتالي نرى أنه من المستحسن التطرق لمفهوم هذا العقد من خلال مطلبين نخصص الأول للتعاريف التشريعية و الثاني لتلك التي جاء بها الفقه و القضاء و الهيئات الأخرى.
المطلب الأول : التعريف التشريعي
لم ينظم المغرب عقد الترخيص التجاري في إطار قانون خاص به و لم يورده ضمن مواد مدونة التجارة، و بالتالي لا يمكننا أن نقول أن هناك تعريفا له، على عكس فرنسا التي نجد فيها مرسوم 29 نونبر 1973 يعرفه " عقد يتم بموجبه تخلي مقاولة لفائدة مقاولات مستقلة في مقابل إتاوات عن حق استعمال علامتها التجارية و ضمن غرضها التجاري من أجل بيع منتوجات أو خدمات و يكون هذا العقد مرفوقا بالمساعدة التقنية" « contrat par lequel une entreprise concède à des enteprises indépendantes, en contrepartie d’une redevance, le droit de se présenter sous sa raison sociale et sa marque pour vendre des produits ou des services ce contrat s’accompagne généralement d’une assistance technique ». (10)
و هناك أيضا التعريف الذي جاء به قانون السوق الأوربية بتاريخ 30 نونبر 1988 و الذي ميز بين الترخيص التجاري كمفهوم و الترخيص التجاري كاتفاق. فمن الجانب الأول اعتبره مجموع الملكية الصناعية و الأدبية التي تهم العلامات و الأسماء التجارية و الشعار و الرسوم و النماذج الصناعية و حقوق المؤلف، و الخبرات و المهارات، و البراءات المخصصة للاستغلال لإعادة بيع المنتوجات و الخدمات للمستعملين النهائيين. و من الجانب الثاني عرفه بذلك الاتفاق الذي تمنح بموجبه مقاولة ما (المرخص) لفائدة مقاولة أخرى الحق في الترخيص التجاري كمفهوم، و ذلك بغية تسوق منتوجات أو خدمات معينة. فهو يتضمن على الأقل الالتزامات التالية :
• استعمال اسم أو شعار مشترك، و واجهة موحدة للمحلات و/أو وسائل النقل المحددة في العقد. • نقل المرخص خبراته و مهاراته إلى المرخص له • تقديم المرخص للمرخص له بصفة مستمرة و طيلة مدة العقد، المساعدة التقنية و التجارية (11).
المطلب الثاني : مفهوم عقد الترخيص التجاري في الفقه و القضاء
لتعريف هذا العقد أو هذه التقنية سنجد أنفسنا مضطريين إلى الأخذ بعين الاعتبار أن هذا الموضوع قد تم تناوله من طرف مختصين في مجالات متعددة و إذا ما حصل و أن قمنا بإعطاء تعريف واحد فإننا ـ و هذا اعتقادي ـ سنكون مجحفين في حق آخرين و هذا ما لا تقتضيه أمانة البحث العلمي و بالتالي سنحاول وضع تصور عام نضمنه تعريف الفقه القانوني (les juristes) و الاقتصادي دون إغفال التصور الذي قدمته الفيدرالية الفرنسية للترخيص التجاري (12).
ذهبت مارجوري (13) إلى اعتبار الترخيص التجاري تقنية لبيع المنتوجات أو الخدمات منظمة بمقتضى عقد يحاول من خلاله الطرفان التطور اقتصاديا و ماليا، فالمرخص يستفيد من استثمارات المرخص له و هذا الأخير يستفيد من الخبرة التي يمنحها له المرخص و التي تضمن له نجاحا سريعا و مؤكدا. و يسعى كل الأطراف إلى تلميع صورة و اسم و علامة الشركة حيث يتم الحفاظ على توازن في المصالح و استمرارية في الشراكة الذي ينعكس إيجابا على استمرارية الشبكة بصفة عامة.
ميزة هذا التعريف أنه أتى شاملا لمجمل خصائص هذا العقد إضافة إلى وضعه تصور عام لمقومات و أهداف هذا العقد و بالتالي لم تقم في الخلط الذي حصل لبعض الفقه، حيث نجد J.Guenot في كتابه الترخيص التجاري (14) اعتبر أن الترخيص التجاري هو محصلة لتطور عقد الامتياز التجاري. كما نجد أن هناك من أغفل الحديث عن بعض أهم مميزات هذا النوع من العقود كما فعل J.L Koehl الذي اعتبره ذلك " العقد الذي يتنازل بمقتضاه المرخص للمرخص له عن الاستعمال المنصب على الاسم التجاري أو العلامة، حيث يلتزم الأول بتقديم خدماته و مساعداته التقنية للمرخص له من أجل تسيير مقاولته. فهو ينتج نظام تعاون اقتصادي بين شركاء مستقلين. فيجمع بذلك بين التبعية الاقتصادية و الاستقلال القانوني"(15).
فما يعاب على هذا التعريف هو عدم ذكره تقديم الخبرة الذي هو من أهم عناصر الترخيص التجاري و كذا إغفال الطابع الكتابي لهذا العقد، لأنه ملزم للجانبين(16).
من الناحية الاقتصادية هناك كتب و مؤلفات عديدة اهتمت بهذه التقنية و إننا نكتفي بإيراد تعريف واحد على أنه يمكن الرجوع إلى الكتب التي أوردناها في لائحة المراجع لمعلومات أكثر دقة، هذا التعريف جاء به Gilles Thiriez في إطار النظرة التسويقية لهذا الموضوع فهو استراتيجية تعتمدها المقاولة بهدف تطوير شبكة صناعية أو تجارية وطنيا أو دوليا باللجوء إلى عوامل تسويقية و مالية إجرائية و بشرية و ابتكارية عن طريق نقل خبرة أصيلة و قابلة للتحويل و النسخ و الحماية... لفائدة مقاولين مستقلين، و ذلك تحت شعار مشترك، في إطار تسويقي منسجم و متكامل مع اقتسام الأرباح (17).
أما القضاء فإنه بدوره أعطى تعريفا لهذا العقد بمناسبة فضه إحدى النزاعات حيث نجد قرارا صادرا عن استئنافية باريس بتاريخ 20 أبريل 1978، يعطي تصورا لهذا العقد و الذي جاء متطابقا مع التعريف الذي قدمته الفيدرالية الفرنسية للترخيص التجاري و حتى لا نطيل نرى التعرض لهذا التعريف الآخر لما فيه من إفادة و نظرا لإجماع الفقه على اعتباره أحسن تعريف لهذا العقد/التقنية : فهو وسيلة تعاون بين مقاولة مرخصة من جهة و بين واحدة أو عدة مقاولات مرخص لها من جهة أخرى، يقتضي من المرخص :
1) ـ ملكيته عنوان و اسم تجاريين، و شارات و شعار، و رموز و علامات تجارية و علامات صنع و خدمة، بالإضافة إلى خبرة و مهارة، موضوعة رهن تصرف المقاولات المرخص لها.
2) ـ تجميع منتوجات أو خدمات : • ممنوحة بطريق أصيلة و خصوصية. • مستغلة إجباريا و كليا حسب تقنيات تجارية موحدة، مختبرة مسبقا و محددة و مراقبة بكيفية مستمرة.
و يهدف هذا التعاون إلى التطوير السريع للمقاولات المتعاقدة، عبر الأنشطة المشتركة الناتجة عن دمج الطاقات البشرية و المالية، مع احتفاظ الأطراف باستقلالهم المتبادل في إطار اتفاقات التفرد المتقابلة.
كما يتضمن أداء أجر أو ميزات اقتصادية لفائدة المرخص مالك العلامة و الخبرة و المهارة(18)
نذكر أخيرا أن الفيدرالية المغربية للترخيص التجاري قامت بإعطاء تصور لها نورده في ملحق (le code de déontologie)
الفصل الثاني
تنظيم عقد الترخيص التجاري و مقوماته
بعد أن قمنا بالحديث عن ظهور الترخيص التجاري و مفهومه وجب علينا ان نبين بعض الخصائص التي تميزه عن غيره من العقود بطبيعة الحال دون إغفال التطرق للقوانين التي تنظم هذا العقد خاصة في فرنسا، و نفضل البدء بهذه المسألة في المبحث الأول الذي سنخصصه للتنظيم التشريعي و الأطراف فيما سنترك الحديث عن مقوماته من خصائص و تميزه عن ما يشابهه من العقود إلى المبحث الثاني.
المبحث الأول : تنظيم عقد الترخيص التجاري و أطرافه :
المطلب الأول : التنظيم القانوني لعقد الترخيص :
باستقراء النصوص التشريعية التي تنظم الحياة التجارية في المغرب لا نجد أدنى إشارة إلى هذا العقد، و هذا ما أكدته وزارة الصناعة و التجارة غير ما مرة في الملتقيات التي تنظم بخصوص هذا الموضوع و بالتالي لا مناص للأطراف من الالتجاء إلى الفصل 230 من ق.ل.ع (19) باعتباره النص العام المتعلق بمبدأ سلطان الإرادة (20) و هذا ما يجرنا إلى الحديث عن مسألة جد مهمة، فإذا كان هذا العقد يضم طرفين ـ كما سنرى ـ فإن أحدهما يكون في موضع ضعف و بالتالي لا بد من حمايته، و هكذا نجد عدة دول على رأسها فرنسا قامت بوضع نصوص أولا لتنظيم هذا العقد و أخص بالذكر مرسوم 22 نونبر 1978، و لحماية الطرف الضعيف ثانيا و ذلك بقانون 31 دجنبر 1989 المعروف بقانون دوبان (Doubin) الذي ألزم إعلام طالب الترخيص بجملة من المقتضيات و فرض عليه كذلك بعض الالتزامات و الهدف من وراء كل هذا هو إزاحة حالة عدم الاستقرار القانوني الذي كان يعرفه مجال الترخيص التجاري و بالتالي حماية الطرف المرخص له في إطار هذه العلاقة التعاقدية (21).
و في ألمانيا هناك قانون يتوخى نفس الهدف صادر في 27 يوليوز 1957 و كذا في كل من المملكة البريطانية و بلجيكا إضافة إلى المعاهدات الأوربية التي ذهبت في نفس الاتجاه(22).
أما في الولايات المتحدة الأمريكية فبعد صدور قانون 1929 المتحدث عنه آنفا، قام المشرع هناك بصياغة نصوص أخرى كما هو الحال بالنسبة لقانون 21 دجنبر 1978 المعروف ب « Full Disclosure Law » الذي أتى لوقف التجاوزات و حالات الغش التي أصبحت تقترف باسم الترخيص التجاري، حيث ألزم المرخص بضرورة إعلام طالب الترخيص خلال اللقاء الأول أو خلال 10 أيام قبل التعاقد، بوضعية المؤسسة المرخصة ـ القانونية و المالية في السوق التجارية ـ و كذا بمضمن الاتفاق و بكل المعلومات الإضافية الخاصة بالأرباح المحتملة أو ضمن ملف مالي (23).
و حتى لا ننسى نقول أن الفيدرالية المغربية للترخيص التجاري و بعد محاولات كثيرة استطاعت أن تضع تقنينا لأخلاقيات هذا العقد أي ما يصطلح Code de Déontologie de la Franchise و الذي أوردناه في الملحق.(24)
المطلب الثاني : أطراف الترخيص التجاري
الأصل في هذا النوع من العقود أنه ثنائي ينشأ بين طرفين : المرخص ـ صاحب النظام المرخص ـ و المرخص له الذي يستفيد من شهرة و خبرة المرخص. و الاستثناء أن المرخص قد يسمح للطرف الثاني بإمكانية إنشاء تراخيص تجارية أخرى في إطار نفس الشبكة و ذلك داخل رقعة ترابية محددة و تحت مسؤولية المرخص له الذي يتغير إسمه ليصبح المرخص له الساند أو الرئيسي، و سنتعرف بشيء من الإيجاز على الأطراف الثلاثة.
• المرخص le franchiseur : إنه الطرف الأول و القوي في هذه العلاقة التعاقدية قد يكون شخصا طبيعيا أو معنويا ـ تاجرا أو حرفيا أو مهنيا، وضع و استغل بنجاح تصورا أصيلا في وحدة أو عدة وحدات نموذجية لمدة و شروط كفيلين بالحصول على نفس النجاح مع الأغيار لما له من خبرة مكتسبة. • المرخص له : le franchisé : الطرف الثاني في العلاقة، فهو يكون شخصا طبيعيا أو معنويا، مقاولا مستقلا، و يبحث عن استثمار رأسماله تحت مسؤوليته الشخصية في علامات و أسماء مشهورة للاستفادة من الخبرة التي طورها المرخص فالترخيص التجاري بالنسبة لهذا الطرف وسيلة للاستثمار من دون التعرض للأزمات و الصعوبات الاقتصادية التي قد تواجهه من افتتاح مقاولته. • المرخص له الساند Master Franchisé : و هي الحالة الاستثنائية التي أعلن عنها حيث يمنح المرخص للمرخص له صلاحية فتح شبكة خاصة به تحت شعار المرخص، و ذلك داخل رقعة ترابية محددة، و يصبح المرخص له الساند مسؤولا مباشرا عن هذه الشبكة اتجاه المرخص و الذي قد يحتفظ بحق المراقبة على الشبكة القانونية لتفادي حدوث خروقات تهم الجودة أو المبالغ المتحصلة(25). كل هذا من أجل الحفاظ على السمعة الطيبة للشبكة و يتم اللجوء إلى هذه العلاقة لاقتحام الأسواق الدولية و زرع الاسم التجاري في ذهن أكبر قدر ممكن من الزبناء.
المبحث الثاني : مقومات الترخيص التجاري
يقوم عقد الترخيص التجاري على جملة من المقومات و الخصائص كما أنه قد يشتبه مع أنواع أخرى من العقود المشابهة و بذلك سنقوم بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نخصص الأول لمقوماته و الثاني لتمييزه عن باقي العقود المجانسة.
المطلب الأول : خصائص الترخيص التجاري
نصرح بادئ ذي بدء أنه لا يمكننا البثة الإحاطة بمجمل الخصائص و البنود المنشئة لعقد الترخيص التجاري، فمبتغانا هنا لا يعدو أن يتجاوز الإحاطة السطحية ببعض هذه الركائز التي يتوقف وصف و تكييف عقد الترخيص على وجودها، إذ بانعدامها تصبح أمام إحدى صور عقود أخرى.
على أن نجمل القول و نصرح أن هناك ثلاث ركائز تميز هذا العقد أولها و أهمها هو ضرورة نقل المعرفة أو المهارة التي يملكها المرخص ثم تقديم المساعدة الفنية و التجارية. و أخيرا استعمال المرخص له لعلامة و/أو شعار المرخص
فبالنسبة للنقطة الأولى و المتعلقة بالمعرفة أو المهارة و التي بانتفاءها يغيب عقد الترخيص(26) فهو تلك المعرفة التقنية التي تتميز بالسرية و القابلية للانتقال، من غير أن يحصل بشأنها على براءة و التي تكسب تفوقا اقتصاديا لمستعملها. هذه المعرفة يجب أن تكون معينة و أصلية، خصوصية جوهرية و سرية بطبيعة الحال أن تكون مشروعة (27) فتعيين هذه المعرفة يكون في العقد أو في سند منفصل لأنه من الالتزامات الرئيسية الملقاة على عاتق المرخص (28) أما أصالة المعرفة فهي بشيء ملموس يقر به القضاء إذا اكتسبها ـ أي المعرفة ـ المرخص له دون بحث أو تجارب شخصية. أضف إلى هذا أن المعرفة لا بد لها أن تتضمن معيارا جوهريا يجعلها ملموسة و كفيلة بتحقيق تقدم تنافسي لمستعملها.
بقي أن نشير إلى أن الخبرة أو المعرفة لا بد لها أن تكون سرية و غير معلومة من العامة أو على الأقل صعبة المنال و إلا فإن العقد يكون مصيره الإبطال لانعدام السبب.
و بخصوص النقطة الثانية فالمقصود بها أن تكون المعرفة المقدمة مختبرة و مجربة و مطبقة، معروفة محاسنها و عيوبها و لا يتم التعاقد إلى بالعلم بها، مع التزام المرخص بالتكوين الأولي و المساعدة التقنية للمرخص له و هنا نفتح نافذة للكلام عن الفصل 23 من مدونة الشغل و بالضبط الفقرة الأولى التي تتحدث عن التكوين المستمر كحق من حقوق الأجراء و الذي يجد تطبيقاته العملية في كثير من عقود الترخيص باعتبار أن المرخص يسعى دائما إلى تكوين أجراء المرخص لهم عن طريق دورات تأهيلية سواء في الداخل أو الخارج.
كما يقوم المرخص بتقديم المساعدة قبل و عند و بعد فتح المحل التجاري كالتموضع الجيد و نقط البيع المناسبة و تصاميم تهيئة المحل، و كذا طرق التسيير و البيع و التهيئة الداخلية و السياسة الخاصة بالتنزيلات sold إضافة إلى المساعدة التقنية التي تهم الميدان الضريبي و القانوني و المالي (29).
و نختم الكلام عن الخصائص بالتأكيد على ضرورة نقل العلامات الفارقة من اسم و علامة تجاريين حتى يتم اكتساب شهرة تمكن من جلب الزبائن.
المطلب الثاني : تمييز الترخيص التجاري عن العقود المتشابهة
أولا : عقد الامتياز التجاري : La Concession Exclusive
لقد عرف لوترنو هذا العقد بكونه العقد الذي يمنح المتنازل بمقتضاه حق التفرد المكاني في بيع منتوجاته من قبل المتنازل له، مع التزام هذا الأخير بالتوريد الانفرادي من عند المتنازل. فعقد الامتياز التجاري قد يختلط بعقد الترخيص التجاري، خاصة إذا علمنا أنهما يتضمنان معا :
• التنازل عن علامة أو شعار تجاريين • التفرد المكاني أو التوريد الانفرادي
لكن رغم التقاء هذين العقدين في هذه العناصر، فإن عقد الترخيص التجاري يختلف عن عقد الامتياز التجاري في كونه لا يقتصر على ربط العلاقة التجارية القائمة بين طرفيه، و إنما يتجاوزها إلى تغطية مجموع الخدمات الكفيلة بالتنمية المشتركة لكل من المرخص و المرخص له. فهو نظام للتنمية الاقتصادية و المالية للمؤسسات و ليس فقط وسيلة توزيع - يعتبر استعمال الشعار عنصرا أساسيا لقيام شبكة الترخيص التجاري بينما لا نجده كذلك في عقد الامتياز التجاري. - بالنسبة للتفرد المكاني فإنه إذا كان يعتبر شرطا أساسيا لقيام عقد الامتياز التجاري فإنه لا يعتبر كذلك في عقد الترخيص.
إذن فأساس التمييز هو تقديم الخبرة و المهارة المقرونتين بالمساعدة التقنية بصورة مستمرة طيلة مدة العقد.
ثانيا : عقد التوزيع الانتقائي :
تعريفه : عقد التوزيع الانتقائي مرتبط بنمو و تطور صناعة المواد الفاخرة حيث يقوم المورد بانتقاء موزعين، بالنظر إلى إمكانياتهم لتسويق منتجاته الفخمة على نحو يلائم زبنائه.
نقط الالتقاء نقط الاختلاف
• العقدين ينتميان إلى فصيلة عقود التوزيع • احتفاظ كل من المرخص له و الموزع باستقلالهما القانوني و خضوعهما معا لمتطلبات المرخص و المورد فيما يخص تهيئة المحل و موقعه... • تقديم الخبرة و المهارة يعتبر شرطا لقيام الترخيص التجاري بينما لا تشكل ذلك في عقد التوزيع الانتقائي. • التنازل عن العلامة للمرخص له ليس متطلبا في عقد التوزيع الانتقائي. • خضوع المرخص له في بيع منتوجات المرخص للأثمنة و لفترات التنزيلات • الموزع لا يخضع للثمن المقرر إلا في حدوده الدنيا دون أن يساير فترات التنزيلات.
ثالثا : الترخيص باستعمال العلامة : la licence de marque
تعريفه : الترخيص باستعمال العلامة هو العقد الذي يخول المرخص له حق إنتاج السلع التي تحمل العلامة بكميات معينة، أو في حدود إقليم معين، و بذلك يكتسب المرخص له حق إنتاج هذه السلع مع وضع نفس علامة المرخص خلال مدة العقد مع التزامه بشروط الترخيص.
نقط الالتقاء
نقط الاختلاف
• اسم المرخص و علامته التجارية يعتبر حجر الزاوية في العقدين معا
• المرخص له في عقد الترخيص التجاري لا يدفع مقابلا للحصول على حق استعمال العلامة التجارية فحسب، و إنما يلزمه أن ينضم إلى نظام يكفل له النجاح بفضل أسلوب العمل الذي يتبعه • التزام المرخص بنقل المعرفة الفنية • تقديم المساعدة التقنية و تدريب المرخص له على التشغيل و الإنتاج
الترخيص التجاري يستغرق الترخيص باستعمال العلامة، لهذا فهو أعم منه و أشمل.