المحور الأول:السياق التاريخي للقضاء
1- القضاء في الإسلام :
ظهر القضاء في الإسلام مع تأسيس الدولة الإسلامية على يد الرسول صلى الله عليه وسلم، واستمر التنظيم القضائي على يد الخلفاء الراشدين. فقد كان الرسول (ص) يفصل في النزاعات بين الناس اعتمادا على أحكام الشريعة الإسلامية، وكان يصدر الأحكام والأوامر بتنفيذها. ومع توسع الدولة الإسلامية، لم يعد بمقدور الرسول (ص) ممارسة العمل القضائي لوحده، فعين بعض الصحابة لمساعدته الذين كانوا يعتمدون أحكام القرآن وبعده أحكام السنة النبوية، وان لم يجدوا كانوا يجتهدون لإصدار الأحكام.
ومن خصائص القضاء في الإسلام : الاعتماد على أحكام الشريعة الإسلامية من جميع المستويات، و الالتزام بقواعد الأخلاق والموضوعية في الأحكام، والابتعاد عن الشكليات، إضافة إلى مجانية القضاء والعدالة المطلقة.
كما كان القضاء يتشكل من أربع جهات قضائية هي : القضاء العادي، قضاء الحسبة، قضاء المظالم ثم قضاء العسكر.
2- القضاء المغربي قبل الحماية :
ظل المغرب يعتمد على القضاء الإسلامي الذي يستمد أحكامه من الشريعة الإسلامية والمذهب المالكي، إلى أن فرضت عليه الحماية التي عملت على إصدار تشريعات أحدثت بمقتضاها محاكم جديدة لم تكن معروفة من قبل، واستمر العمل بهذا التنظيم القضائي إلى أن حصل المغرب على الاستقلال حيث ظهرت محاكم جديدة .
وانتظم القضاء المغربي قبل الحماية في أربعة أشكال من المحاكم، وهي: المحاكم الشرعية، المحاكم المخزنية، المحاكم العبرية ثم المحاكم القنصلية. وقد تمخضت هذه المحاكم عن مجموعة من الاتفاقيات التي وقعها المغرب مع الدول الأوروبية خاصة مع فرنسا سنة 17شتنبر 1731م، مع اسبانيا سنة 1761م، مع النمسا سنة 1830م، مع و.م.أ سنة 1836م ثم مع بريطانيا سنة 1865م.
3- التنظيم القضائي المغربي خلال مرحلة الحماية
اختلف التنظيم القضائي باختلاف مناطق النفوذ الاستعماري.وهي كالتالي:
1- القضاء بالمنطقة الجنوبية :
تميز هذا التنظيم بالمحافظة على المحاكم الشرعية (نظام فردي)، المحاكم المخزنية والمحاكم العبرية، لكنه تم إلغاء المحاكم القنصلية، كما تم استحداث محاكم جديدة هي المحاكم العرفية والمحاكم العصرية ومحكمة الاستئناف الشرعي( نظام جماعي).
2- التنظيم القضائي بالمنطقة الشمالية أوالخليفية
انتظم العمل القضائي بهذه المنطقة بأربع جهات هي: المحاكم الشرعية، المحاكم المخزنية، المحاكم العبرية ثم المحاكم الاسبانية الخليفية ( كانت تتألف من محاكم الصلح، محاكم ابتدائية ومحكمة الاستئناف بتطوان).
3- القضاء بمنطقة طنجة الدولية
نصت الاتفاقية الفرنسية-الاسبانية مع بريطانيا في دجنبر 1922م ـ في فصلها الثامن والأربعون ـ على إحداث محكمة دولية مختلطة يعهد إليها بتنظيم شؤون العدل بطنجة بالنسبة للأجانب والمحميين المغاربة، ومن مميزات هذه المحكمة أن أحكامها لم تكن قابلة للنقض. ثم صدر ظهير في 10يونيو 1953م نظم القضاء في عدة أنواع من المحاكم هي : محكمة الصلح، محكمة ابتدائية، محكمة استئناف ومحكمة الجنايات.
4- القضاء بعد الحصول على الاستقلال
بعد حصول المغرب على الاستقلال بادرت الحركة الوطنية إلى إعادة النظر في التنظيم الاستعماري للقضاء خاصة ما كان يسمى المحاكم العرفية حيث تم إلغاؤها.
4-1 القضاء في المغرب إلى غاية صدور قانون المغربة
قسمت الظهائر التي صدرت خلال هذه المرحلة القضاء الى محاكم عادية(1956م)، محاكم عصرية، محلكم الشغل(ظهير29أبريل1957م) ثم المجلس الأعلى(27غشت 1957م). وانتظمت هذه المحاكم في عدة هيئات قضائية، وهي كالتالي:
• محاكم الحكام المفوضين (قضاء فردي)
• محاكم إقليمية (تأخذ بنظام القضاء الجماعي)
• المحكمة العليا
• محاكم القضاء الشرعي: تتكون من محاكم ابتدائية واستئنافية ومحكمة عليا للنقض.
5- النظام القضائي بالمغرب منذ صدور قانون المغربة والتعريب الى غاية صدور النظام الحالي
رغبة في الحد من دور القضاة الأجانب بالمغرب، وتعريب الأحكام، أصدر قانون المغربة بتاريخ 26يناير 1956م، والذي ألغى المحاكم العصرية وأصبح بمقتضاه القضاء المغربي يتكون من محاكم السدد ومحاكم إقليمية ومحاكم اجتماعية، ومحاكم استئناف ثم المجلس الأعلى.
غير أن هذا التنظيم لم يستمر طويلا حتى النظر فيه بمقتضى ظهير 15يوليوز 1974م والذي أحدث التنظيم القضائي الحالي.
المحور الثاني: التنظيم القضائي المغربي الحالي
بعد حصول المغرب على الاستقلال بادر إلى إدخال مجموعة من التعديلات على قواعد التنظيم القضائي التي سادت من قبل، إذ ألغيت بعض المحاكم واحتفظ ببعض، كما أحدثت أخرى. وبذلك أصبح القضاء المغربي الحالي يشمل نوعين من المحاكم؛ الأولى تسمى بالمحاكم العادية، والثانية تدعى المحاكم الاستثنائية.
1- المحاكم العادية
هي تلك المحاكم التي يتم التقاضي أمامها وفق شروط التقاضي العامة دون حاجة إلى توفر الشروط الخاصة كما هو الحال بالنسبة للمحاكم الاستثنائية. وقد حدد التنظيم القضائي المغربي المحاكم العادية فيما يلي:
• محاكم الجماعات والمقاطعات التي يحدد تنظيمها وتأليفها واختصاصاتها بمقتضى القانون.
• المحاكم الابتدائية.
• محاكم الاستئناف.
• المحاكم الإدارية.
• المحاكم التجارية.
• محاكم الاستئناف التجارية.
• المجلس الأعلى للقضاء.
• محاكم الاستئناف الإدارية ( أحدثت مؤخرا سنة 2003).
1-1 محاكم الجماعات والمقاطعات
أحدثت بمقتضى ظهير 15 يوليوز 1974م للتخفيف من أعباء المحاكم الابتدائية، وتختص بالنظر في القضايا البسيطة التي لا تحتاج إلى مساطر معقدة ولا إلى تكوين عالي.
تحدث محاكم الجماعات بالمجالات القروية، ومحاكم المقاطعات بالجماعات الحضرية. وتتألف من حاكم وأعوانه من كتاب الضبط أو الكتاب، وتنعقد جلساتها بحاكم منفرد ويساعده كاتب الضبط أو كاتب، يعين حكام المقاطعات والجماعات اما من بين القضاة أو من بين الأشخاص الذين لا يتنمون للهيئة القضائية لكن مع اختيار نائبان لكل حاكم في هذه الحالة الأخيرة. فإذا تعلق الأمر بقاض وجب توفره على الشروط القانونية لرجال القضاء، أما إذا تعلق الأمر بغير القضاة فيتم تشكيل هيئة انتخابية(تتكون من 100 عضو، يجب أن تتوفر فيهم الشروط المحددة قانونيا) تختار من بين أعضائها الحكام ونوابهم لمدة 3 سنوات.
تختص هذه المحاكم بالنظر في القضايا المدنية ( الدعاوى الشخصية، طلبات الوفاء بالكراء، طلبات فسخ عقود الكراء غير التجارية التي لا تتجاوز قيمتها ألف درهم مع إمكانية تمديدها إلى ألفي درهم باتفاق صريح بين الأطراف مع الحاكم. والقضايا الجنائية، حيث خول لها القانون النظر في الجرائم التي ترتكب داخل نطاق نفوذها.
1-2 المحاكم الابتدائية
نظم الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.338 بتاريخ 15 يوليوز 1974 المحدد للتنظيم القضائي للمملكة في فصله الثاني المحاكم الابتدائية.(غير –الفقرة الثانية- بمقتضى الظهير الشريف رقم 205-93-1 صادر في 22 من ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993)- المادة الأولى – وغير- الفقرة الثانية- بمقتضى ظهير شريف رقم 118-98-1 صادر في 30 من جمادى الأولى 1419 (22 سبتمبر 1998) بتنفيذ القانون رقم 98-6 –مادة فريدة- وغير وتمم بمقتضى الظهير الشريف رقم 24-04-1 صادر في 12 من ذي الحجة 1424 (3فبراير 2004) –مادة فريدة-
التنظيم
تتكون المحاكم الابتدائية من:
• رئيس ونواب رئيس وقضاة ؛
• نيابة عامة تتكون من وكيل للملك ونائب أو عدة نواب؛
• كتابة الضبط؛
• كتابة النيابة العامة.
يمكن تقسيم هذه المحاكم بحسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى أقسام الأسرة وغرف مدنية، وغرف تجارية وعقارية واجتماعية وزجرية.
تنظر أقسام قضاء الأسرة في قضايا الأحوال الشخصية والميراث والحالة المدنية وشؤون التوثيق والقاصرين والكفالة وكل ما له علاقة برعاية وحماية الأسرة.
يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في كل القضايا المعروضة على المحكمة كيفما كان نوعها باستثناء ما يتعلق بأقسام الأسرة. كما يمكن تكليف قاض أو أكثر من قضاة هذه المحاكم بمزاولة مهامهم بصفة قارة في أماكن توجد داخل نفوذها وتحدد بقرار لوزير العدل.
الاختصاصات
تختص المحاكم الابتدائية بالنظر في جميع القضايا مالم ينص القانون صراحة على إسناد الاختصاص لمحكمة أخرى.
ويعتبر هذا الاختصاص اختصاصا عاما يمتد ليشمل كل القضايا المدنية والعقارية والجنائية والاجتماعية. وتدخل كل المسائل المرتبطة بالأحوال الشخصية والعائلية والإرث أيضا في اختصاص المحاكم الابتدائية سواء تعلق الأمر بالمواطنين المسلمين أو الإسرائيليين أو الأجانب.
وتختص المحاكم الابتدائية في القضايا إما ابتدائيا وانتهائيا أو ابتدائيا مع حق الاستئناف طبقا للشروط المحددة في قانوني المسطرة المدنية والجنائية أو النصوص الخاصة عند الاقتضاء.
في القضايا المدنية تختص المحاكم الابتدائية ابتدائيا وانتهائيا بالنظر إلى غاية ثلاثة آلاف درهم مع حفظ حق الاستئناف في الطلبات التي تتجاوز هذا المبلغ. على أنه يمكن لحكمها أن يكون موضوع نقض أمام المجلس الأعلى، وتبت المحكمة فقط ابتدائيا إذا كان القدر المتنازع عليه يفوق هذا القدر.
وتجدر الإشارة إلى أن اليهود المغاربة يخضعون في أحوالهم الشخصية إلى قواعد الأحوال الشخصية العبرية المغربية. ويتولى قضاة عبريون بالمحاكم النظر في هذا النوع من القضايا .
1-3 -محاكم الاستئناف
ينص القانون الصادر بتاريخ 15 يوليوز 1974 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة على تنظيم وتأليف محاكم الاستئناف.
التنظيم :
تتكون محاكم الاستئناف من عدة غرف متخصصة، من بينها غرفة الأحوال الشخصية والميراث والغرفة الجنائية.
وتشمل هذه المحاكم على رئيس أول يساعده رؤساء الغرف ومستشارين وكتابة الضبط إضافة إلى نيابة عامة تضم وكيلا عاما للملك ونوابه العامين وقاض أو عدة قضاة مكلفين بالتحقيق وقاض أو عدة قضاة للأحداث وكتابة ضبط لكل من الرئاسة والنيابة العامة.
تعقد الجلسات في جميع القضايا وتصدر القرارات عن طريق هيئة مكونة من ثلاثة مستشارين يحتفظ بها بالنظر لأهمية المهام الموكلة إليهم.
وبالنظر إلى خطورة القضايا المعروضة عليها تتألف الغرفة الجنائية من خمس قضاة : رئيس غرفة وأربعة مستشارين.
الاختصاصات:
تقوم المحاكم الاستئنافية بصفتها محكمة من درجة ثانية للتقاضي بدراسة القضايا التي تم البت فيها ابتدائيا من قبل المحاكم الابتدائية للمرة الثانية . وبذلك تنظر استئنافيا في الأحكام التي تصدر عن هذه المحاكم أو عن رؤسائها. إضافة إلى تخصص النظر في طلبات الفصل في تنازع الاختصاص.
إن التأليف المتميز للغرف الجنائية بمحاكم الاستئناف يؤهلها للبت في الجرائم ابتدائيا وانتهائيا.
1-4 المحاكم الإدارية
أحدثت بمقتضى ظهير 10شتنبر 1993م، وذلك رغبة في إلزام الإدارة على احترام القانون عن طريق مراقبة قراراتها قضائيا.
تنظيمها
تتكون المحاكم الإدارية من رئيس وعدة قضاة وكتابة الضبط مع مفوض ملكي يعينه رئيس المحكمة من بين قضاة المحكمة باقتراح من الجمعية العامة. ويمكن تقسيم المحكمة إلى عدة أقسام بحيث لا يسمح لقسم بالنظر في اختصاص القسم الآخر. وتعقد هذه المحاكم جلساتها وهي مكونة من ثلاثة قضاة ويرأسها رئيس المحكمة أو قاض تعينه الجمعية العمومية السنوية بمساعدة كاتب ضبط وبحضور المفوض الملكي.
اختصاصاتها
تختص المحاكم الإدارية وفقا للقانون بالبت ابتدائيا في المجالات التالية:
• طلبات إلغاء قرارات السلطة الإدارية بسبب تجاوز السلطة.
• النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية.
• دعاوى التعويض عن الأضرار التي تسببها مركبات يملكها شخص من أشخاص القانون العام في الطريق العام.
• النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمعاشات ومنح الوفاة المستحقة للعاملين في مرافق الدولة والجماعات والمؤسسات العامة وموظفي مجلسي النواب والمستشارين.
• النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالانتخابات والضرائب ونزع الملكية في إطار المنفعة العامة.
• دعوى تحصيل الديون العامة.
• فحص شرعية القرارات الإدارية.
1-5 محاكم الاستئناف الإدارية
ظلت أحكام المحاكم الإدارية تستأنف أمام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى، إلى غاية صدور قانون يقضي بإحداث محاكم استئناف إدارية مؤخرا.
تنظيمها
تكون محاكم الاستئناف الإدارية من : رئيس أول ورؤساء غرف ومستشارين، كتابة الضبط، المفوض الملكي.
ويعين الرئيس من بين المستشارين مفوضا ملكيا أو أكثر للدفاع عن القانون باقتراح من الجمعية العمومية لمدة سنتين قابلة للتجديد.
وسمح القانون بتقسيم هذه المحاكم إلى غرف حسب أنواع القضايا المعروضة عليها. وتعقد محاكم الاستئناف الإدارية جلساتها وتصدر الأحكام علانية بحضور المفوض الملكي وثلاثة مستشارين.
اختصاصها
تختص هذه المحاكم في النظر في استئناف أحكام المحاكم الإدارية وأوامر رؤسائها. وتقبل أحكامها للنقض أمام المجلس الأعلى باستثناء أحكام المنازعات الانتخابية و تقدير شرعية القرارات الإدارية.
1-5 المحاكم التجارية
أحدثت بمقتضى ظهير 12 فبراير 1997م وذلك رغبة لتسريع الإجراءات وتسريع إصدار الأحكام.
تنظيمها
تتألف هذه المحاكم بمقتضى قانون إحداثها من رئيس ونواب له، قضاة، نيابة عامة ثم قاض مكلف بمتابعة إجراءات التنفيذ والذي يعينه رئيس المحكمة باقتراح من الجمعية العامة. ويجوز تقسيمها إلى عدة غرف متخصصة مع إمكانية بث هذه الغرف بجميع القضايا المعروضة على المحكمة.
اختصاصاتها
تختص هذه المحاكم في البت في:
• الدعاوى المتعلقة بالعقود التجارية.
• الدعاوى المرفوعة من قبل التجار بخصوص أعمال تجارية.
• الدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية.
• النزاعات الناشئة بين شركاء تجاريين.
• النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية.
1 - 6 محاكم الاستئناف التجارية
تتكون من رئيس أول ورؤساء غرف ومستشارين الى جانب نيابة عامة مكونة من وكيل ملك ونوابه، كتابة الضبط ثم كتابة للنيابة العامة. كما يمكن تقسيمها الى عدة غرف متخصصة.
وتختص هذه المحاكم بالنظر في الأحكام الصادرة عن المحاكم التجارية التي تتجاوز قيمة النزاع فيها 20000 درهم . وتجدر الإشارة إلى أن النزاعات التي تقل قيمتها عن هذا المبلغ أصبحت من اختصاص المحاكم الابتدائية.
1-7 المجلس الأعلى
أحدث المجلس الأعلى غداة الاستقلال بظهير رقم 1.57.223 بتاريخ ربيع الثاني 1377 الموافق ل 27 سبتمبر 1957. وهو يوجد في أعلى الهرم القضائي ويشرف على جميع محاكم الموضوع بالمملكة. أما تنظيمه واختصاصه فيحددهما قانون 15 يوليوز 1974 المحدد للتنظيم القضائي للمملكة وكذا قانون المسطرة المدنية وبعض مقتضيات قانون المسطرة الجنائية و العدل العسكري.
تنظيم المجلس الأعلى :
يترأس المجلس الأعلى رئيس أول. وتمثل النيابة العامة فيه بوكيل عام للملك يساعده المحامون العامون.
يشتمل المجلس الأعلى على ست غرف : غرفة مدنية (تسمى الغرفة الأولى) ، وغرفة للأحوال الشخصية والميراث وغرفة تجارية وغرفة إدارية وغرفة اجتماعية وغرفة جنائية. يرأس كل غرفة رئيس غرفة. ويمكن أن تقسم هذه الغرف إلى أقسام.
يبت المجلس الأعلى في إطار قضاء جماعي ، فالجلسات تعقد وتصدر القرارات من طرف خمسة قضاة بمساعدة كاتب الضبط وبحضور النيابة العامة أثناء إصدار الأحكام. وفي بعض الحالات تعزز هذه الصفة الجماعية ، فتصدر الأحكام بواسطة غرفتين مجتمعتين وفي بعض القضايا تبت جميع الغرف مجتمعة في جلسة عامة.
الاختصاصات
إن اختصاصات المجلس الأعلى كثيرة ومتنوعة . وقد حدد القانون - مع ذلك - دوره في مراقبة المسائل المتعلقة بالقانون فقط ، فهو يراقب شرعية القرارات التي تصدرها محاكم الموضوع ويضمن بذلك توحيد الاجتهاد القضائي.
وبهذه الصفة ينظر المجلس الأعلى في القضايا التالية :
• الطعون بالنقض ضد الأحكام الانتهائية التي تصدرها جميع محاكم المملكة؛
• الطعون المقدمة ضد القرارات التي يتجاوز بواسطتها القضاة سلطاتهم؛
• البت في تنازع الاختصاص بين محاكم لا توجد محكمة أعلى درجة مشتركة بينها غير المجلس الأعلى؛
• مخاصمة القضاة والمحاكم غير المجلس الأعلى؛
• الإحالة من أجل التشكك المشروع؛
• الإحالة من أجل الأمن العمومي أو لصالح حسن سير العدالة؛
• الاستئناف ضد قرارات المحاكم الإدارية باعتبار المجلس محكمة من درجة ثانية؛
• اللجوء ابتدائيا وانتهائيا إلى طلب الإلغاء من أجل الشطط في استعمال السلطة ضد المقررات التنظيمية أو الفردية للوزير الأول ، والطعن في قرارات السلطات الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة اختصاص المحكمة الإدارية؛
ومن جهة أخرى يبت المجلس الأعلى بصفته محكمة موضوع في :
القضايا الجنائية : مسطرة المراجعة تسمح له بإصلاح خطأ قضائي ارتكب على حق شخص وقعت إدانته ظلما من أجل جريمة أو جنحة.
2- المحاكم الاستثنائية
أوكل القانون إلى هذه المحاكم النظر في بعض الحالات الخاصة، وهي نوعين حاليا: المحكمة العسكرية، المحكمة العليا.
أ- المحكمة العسكرية
أحدثت بمقتضى ظهير 10نونبر 1956م، وهو بمثابة قانون القضاء العسكري، وتم تغييره بمقتضى قانون صدر في 26يوليوز 1971م.
تنظيم المحكمة العسكرية:
تتكون هذه المحكمة من هيئتين: الأولى تشكل هيئة الحكم وتتكون من مستشار بمحكمة الاستئناف بصفة رئيس، ومستشارين عسكريين فيما يخص الجنح والمخالفات، أو من أربعة عسكريين أعضاء فيما يخص البت في الجنايات.
ويعين رؤساء المحكمة عند بداية كل سنة قضائية بمرسوم باقتراح من وزير العدل، إلى جانب قاضيان يعينان بنفس الكيفية.
أما الهيئة الثانية؛ فتتكون من هيئة القضاة العسكريين، وإطار الضباط كتاب الضبط وإطار ضباط مستكتبي الضبط. وتتكون هيئة القضاة من من قضاة حكم عسكريين وقضاة النيابة العامة وعلى رأسهم وكيل الملك لدى المحكمة العسكرية وقضاة التحقيق الذين يعينون بظهير باقتراح من لجنة الدفاع الوطني بالحكومة.
وتختص هذه المحكمة بالنظر في الجرائم المرتكبة من طرف الجنود والضباط العسكريين، كما تختص بالنظر في الجرائم المرتكبة ضد أفراد القوات المسلحة من أي طرف، كما تنظر في كل ما يعتبر تهديدا للأمن العام للدولة أيا كان مقترفها.
ب- المحكمة العليا
هي مؤسسة نص عليها الدستور(ف88 إلى ف92)، كما صدر قانون تنظيمي لها بتاريخ 8أكتوبر 1977م والذي يحدد المسطرة الواجب إتباعها أمامها.
وتتكون هذه المحكمة من نيابة عامة يرأسها الوكيل العام للملك بالمجلس الأعلى، ويساعده المحامي العام الأول، إضافة إلى كتابة الضبط. كما تضم المحكمة لجنة تحقيق من ثلاثة قضاة للأحكام بالمجلس الأعلى يعين أحدهما بظهير شريف والآخر ينتخبهما البرلمان. ولكن إجراءات المحكمة تمر عبر تصويت البرلمان بالثلثين.
وتختص المحكمة العليا بالنظر في الجرائم المرتكبة من طرف أعضاء الحكومة، سواء الجنايات والجنح المرتكبة أثناء ممارستهم لمهامهم كوزراء أو تلك المرتكبة بعد انتهاء مهامهم في الحكومة.