منتدى زِدْنِي عِلماً القانوني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى زِدْنِي عِلماً القانوني

لطالب العلم عز الدنيا وفوز الآخرة وخير الناس من نفع الناس
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أحكام الرجعة في الفقه الإسلامي ومدونة الأسرة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سعيد الزعيم
Admin
سعيد الزعيم


عدد المساهمات : 320
تاريخ التسجيل : 08/11/2012
العمر : 36

أحكام الرجعة في الفقه الإسلامي ومدونة الأسرة Empty
مُساهمةموضوع: أحكام الرجعة في الفقه الإسلامي ومدونة الأسرة   أحكام الرجعة في الفقه الإسلامي ومدونة الأسرة Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 20, 2013 7:39 pm







الأستاذ : عبد العالي طهطوه
قاضي بالمحكمة الابتدائية بميدلت
تقديم :
الحمد لله رب العالمين، حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، والصلاة والسلام الاتمان الاكملان على رسول الرحمة ومعلم الامة محمد ابن عبد الله، وعلى آله وصحبه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فلقد رسم الله عز وجل لتكوين الأسرة منهجا محكما مبنيا على تحصيل المصالح ودرء المفاسد، كما أن الله سحانه وتعالى قد وضع لعباده الأحكام الشرعية في جميع جوانب ومراحل العلاقة الزوجية.ومن بين هذه التشريعات الدائرة في فلك أحكام الأسـرة، تأتي أحكام الرجعة في الفقه الإسلامي ، وقد سنها الشارع الحيم تداركا للعلائق بين الزوجـين إلا إذا رجح – بيقين- التسريح بإحسان على الإمساك بمعروف.
ولما كانت مسائل الرجعة لا تقل خطورة عن مسائل النكاح والطلاق، فان الغرض من دراسة موضوع أحكام الرجعة في الفقه الإسلامي ومدونة الأسرة هو تسليط الضوء على هذه المرحلة الحرجة من العلاقات الزوجية ومحاولة تقريب أحكامها للمهتمين بها سواء القارئ المتخصص أو العامي.
وقد تناولت الموضوع في خمسة مباحث تطرقت في الأول لتعريف الرجعـة وأدلة مشروعيتها وحكمتها وخصصت الثاني لأركان الرجعة وما تحصل به، وفي الثالث لشروط الطلاق الرجعي وشروط الرجعة و في الرابع تناولت إجراءات الرجعة في مدونة الأسرة. وقد اكتفيت بالأحكام المذكورة على أن أتناول في مقام آخر أحكاما أخرى للرجعة من مثيل حكمها الشرعي والاختلاف حولها. ثم ختمت الدراسة بخلاصة عامة .
هذا و أسال الله تعالى أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه وان ينفع به الجميع.
*المبحث الأول – تعريف الرجعة ومشروعيتها والحكمة منها
سنتناول أولا تعريف الرجعة في مطلب أول ثم مشروعيتها في مطلب ثاني
المطلب الأول: تعريف الرجعة.
1-في اللغة: إن اصل كلمة ( رجعة ) في كتب اللغة إنما يؤول إلى الثلاثي في مادة( رجع).
فيقال: رجع يرجع رجوعا ورجعة ورجعة فهو راجع ومرجوع ورجيع، بمعنى العود والرد ولمادة رجع عدة تصاريف منها.
* أولا الرجعة: وقد رويت بفتح الراء و كسرها والفتح افصح إلا أن مذهب اللغويين هو ترجيح رواية الكسر .
وللرجعة معنيان في اللسان العربي:
أ – رجعة المرأة المطلقة: جاء في لسان العرب ( وفي الحديث رجعة الطلاق في غير موضع تفتح راؤه و تكسر على المرة والحالة، وهو ارتجاع الزوجة المطلقة غير البائن إلى النكاح من غير استئناف عقد).
ب: عقيدة الرجعة: جاء في لسان العرب: الرجعة: مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف عندهم. ومذهب طائفة من فرق المسلمين من أولي البدع والأهواء).
*ثانيا الرجع: وهو المطر، حيث انه ماء صادر من الأرض تبخر ثم صعد ثم تكثف في صورة غمام ثم عاد ورجع إلى الأرض ثانيا، ومنها قوله تعالى ( والسماء ذات الرجع) .
*ثالثا الرجيع: بمعنى مرجوع على وزن فعيل بمعنى مفعول، والمعنى انه مردود معاد: فلان رجيع أي مردود عما أراد فعله ، ويقال : رجيع الدابة ، وهو ما يرجعه البهائم من الطعام بعد أن تحول وصار أذى و خبثا.
* رابعا الترجيع: على وزن تفعيل، وهو الترديد في الصوت كما في الأذان والقراءة، وهو إحداث تردد في الصوت والحروف إما بفعل المتكلم نفسه، أو بسبب سيره على مركوب لارض متعرجة.
-في الاصطلاح: إن تعريف الرجعة في الاصطلاح.يختلف باختلاف المذاهب الفقهية:
فالرجعة عند الحنفية هي:" استدامة الملك القائم ومنعه من الزوال، وفسخ السبب المنعقد لزواج الملك فالاستدامة بمعنى الإبقاء على الأصل والمراد بالملك: حل الاستمتاع بالزوجة بالوط ء وما دونه في عدة الطلاق الرجعي. وهذا يعني أن الرجعة تدل على بقاء الزواج بعد الطلاق الرجعي و أنها استدامة له و ليس إنشاء عقد جديد".
بينما عرف المالكية الرجعة على أنها" عود الزوجة المطلقة للعصمة في غير تجديد عقد"
والعود هو الرجوع إلى الأمر الأول، والزوجة تعني المرأة المدخول بها دخولا حقيقيا صحيحا والعصمة لفظ مرادف للملك عند الحنفية.
وأما عند الشافعية، فقد جاء في نهاية المحتاج للرملي بأنها " رد المرأة إلى النكاح من طلاق غير بائن في العدة على وجه مخصوص" أي اشتراط وقوع الرجعه في زمن العدة.
أما عند الحنابلة فقد جاء في الروض المربع لصاحبه منصور بن يونس البهوتي بان الرجعة هي " إعادة مطلقة – غير بائن – إلى ما كانت عليه بغير عقد".
ومما سبق نخلص إلى أن الرجعة هي إعادة المطلقة طلاقا غير بائن إلى عصمة الزوجية في العدة بغير عقد.
المطلب الثاني : أدلة مشروعيتها و حكمتها.
نتكلم أولا عن أدلة مشروعية الرجعة تم ثانية عن حكمتها:
*اولا : ادلة مشروعية الرجعة : في الكتاب قال الباري عز وجل: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن أن كن يومن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك أن أرادوا إصلاحا و لهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم )
وقد فسر الإمام الشافعي قوله تعالى ( إن أرادوا إصلاحا) وهو موضع الشاهد، فقال إصلاح الطلاق: الرجعة .
ومن السنة النبوية الشريفة عن عمر بن الخطاب -رضي الله عن- ان النبي (ص) طلق حفصة ثم راجعها .
وهكذا يتبن من خلال كتاب الله تعالى وسنة نبيه الكريم، مشروعية الرجعة في الإسلام هذا وقد أجمع العلماء على ان الرجل اذا طلق دون الثلاث له الرجعة في العدة.
* ثانيا : حكمة مشروعية الرجعة : وتتجسد في حكمتها في تمكين النادم على الطلاق من اعادة الزوجة واصلاح سبب الخلاف في فترة قريبة وهي العدة ، فتكون العدة لاعطاء الفرصة للزوج للنظر في امر الزوجة ، والتفكير في مصيرها، فهل من الخير والمصلحة عودة الحياة الزوجية فيراجعها قبل انقضاء عدتها، أم أن الخير في الطلاق ، فيتركها حتى تنتهي عدتها و تبين منه.
*المبحث الثاني: اركان الرجعة وما تحصل به.
نتناول في هذا المبحث اركان الرجعة ف(مطلب اول) فيما نخصص ( المطلب الثاني) لدراسة ما تحصل به الرجعة.
المطلب الاول: اركان الرجعة
الاركان جمع ركن وركن الشيء لغة هو جانبه الاقوى واصطلاحا هو الجزء المهم الذي لاتقوم الماهية بدونه ، فالاركان في العقود والعبادات والمعاملات لا تقوم اذا تخلفت احدى اركانها ، وكذلك الامر بالنسبة للرجعة فانها لا تصح لاعتبارها عقدا اذا تخلف احد اركانها وهي كالاتي:
1-الصيغة: ويراد بها الالفاظ الدالة على وقوع الرجعة، و تلحق بها الافعال التي تقوم مقام الأقوال احيانا، والصيغة في الرجعة ليست كغالب العقود تتكون من جانبين ايجاب وقبول بل ان ركن الصيغة في الرجعة هو الايجاب من طرف الزوج إذ لا اعتبار لرفض المرأة في الرجعة اتفاقا، ذلك لانها باقية في عصمته وتحت قوامته.
وهذا الركن قد نص عليه الحنفية بقولهم [ وأما ركن الرجعة فهو قول او فعل يدل على الرجعة ].
– المرتجع: وهو اسم فاعل من ارتجع ، بمعنى طالب الرجوع او طالب الرجعة والمراد به الزوج او من يقوم مقامه كالوكيل او نحوه.
- المرتجعة: اسم مفعول بمعنى من وقع عليه الارتجاع او الرجعة فقد سمي المحل أي محل حصول الرجعة وهي الزوجة المطلقة بشروط مخصوصة ، كأن يكون الطلاق غير بائن وقت العدة ومدخول بها دخولا حقيقيا.
المطلب الثاني: ما تحصل به الرجعة
وهذه احدى النقط الكبرى التي دار حولها الخلاف الفقهي؛ فقد تكون الرجعة بالقول وقد تحصل بالفعل. وسنعرض لهما معا عن النحو الاتي :
1- الرجعة بالقول: تحصل هذه الرجعة من ناطق عند الشافعية بالقول فقط سواء كان صريحا او كناية و يدل هذا القول على ارادته ارجاع زوجته الى عصمته.
ومثال الصريح كأن يقول : راجعتك ورجعتك وارتجعتك ورددتك وامسكتك ، و بمعنى هذه الالفاظ و نحوها في سائر اللغات وسواء اضاف الر جعة اليه او الى نكاحه ولابد من اضافة الرجعة الى ظاهر كراجعت فلانة او مضمركراجعتك او مشار اليه كراجعت هذه .
وأما الكناية وهي ما دلت على حصول الرجعة بشرط النية ، ومثالها قول المرتجع تزوجتك او نكحتك ولابد ان يقول المرتجع في كناية رددتها الي او الى نكاحي.
2-الرجعة بالفعل: يراد بالفعل في الرجعة ما كان قسيما للقول باللسان وعموما كل ما يوجب حرمه المصاهرة كلمس بشهوة ووطء ولو في الدبر مع المعتمد،مع انه حرام وتقبيل بشهوة على موضع ولو اختلاسا او نائما او مكرها او مجنونا او معتوها سواء نوى المطلق الرجعة ام لا؛ لان حصول هذا الفعل يدل بوضوح على رغبته في امساك زوجته ولان الزوجية عند الحنفية باقية لان الله سمى المطلق بعلا والبعل هو الزوج .
وتحصل الرجعة بصدور هذه الافعال من الزوجة كالتقبيل بشهوة ان صدقها الزوج او ورثثه بعد موته في وجود الشهوة فان انكر لا تثبت الرجعة.
وقد اتفق اهل العلم على صحة الرجعة بالقول اما الرجعة بالفعل ففيها خلاف بين الائمة وهذا الخلاف على أقوال :
– لا تصح مطلقا وقال بهذا الشافعية وابن حزم الظاهري. هو رواية عن احمد.
– تصح مطلقا ولو بلا نية رجعة وقال به الحنفية وجمع من أهل العلم وهو رواية لاحمد.
– تصح مقيدة بشرط قصد الرجعة وارادتها بالوطء ، وبه قال مالك واسحاق وابن تيمية .
وخلاصة القول ، ان الرجعة تحصل بالقول اتفاقا ن او بالكناية بشرط النية عند الحنابلة، واشترط المالكي النية في القول او الفعل وتحصل ايضا عند غير الشافعية بالوطء، وكدا بكل ما يوجب حرمة المسارعة عند الحانفية والمالكية، ولا تحصل لغير الوطء والمناية عند الحنابل، ولا بأي فعل عند الشافعية .
هذا عما تحصل به الرجعة ، ونتحدث عن شروطها الشرعية .
*المبحث الثالث: شروط الرجعة
لقد وضع الفقهاء للرجعة حدودها وضوابطها وشروطها التي تحقق الغاية من تشريعها والحديث عن شروط الرجعة يقتضي أولا الكلام عن شروط صحة الطلاق الرجعي ، تم عن شروط الرجعة ثانيا . اذ ان الرجعة جزء من الطلاق واحكامها فرع من احكامه وبالتالي فان تقسيم هذا المبحث الى مطلبين يبقى فارضا نفسه.
المطلب الأول: شروط الطلاق الرجعي
لقد وضع الشارع الحكيم مهلة مؤقتة لمن طلق زوجته ، لتكون له فسحة في اتخاد القرار الصائب بعد تفكير عميق وتامل وترتيب . وهذه المهلة هي ما يطلق عليه شرعا بعدة الطلاق الرجعي .وقد جاءت الشريعة بمقتضيات مضبوطة لتطبيق الطلاق الرجعي ، وذلك لاهمية هذه المرحلة في حياة الاسرة كما هي شروط الطلاق الرجعي:
*الشرط الأول: ان يكون الطلاق دون الثلاث
من المعلوم شرعا ان الزوج اذا طلق زوجته ثلاث مرات لا يستطيع ارجاعها الا بشروط خاصة ، وهو ما يسمى بالبينونة الكبرى، ومن هذه الشروط انها لا تحل له
من بعد حتى تنكح زوجا غيره بوط ء شرعي صحيح بغير قصد التحليل و دليل ذلك قوله تعالى(الطلاق مرتان) (وان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) .
اما بالنسبة للطلاق الرجعي، فهو الذي يملك الزوج بعده اعادة المطلقة الى الزوجية من غير حاجة الى عقد جديد مادام في العدة، سواء من الطلقة الاولى او الثانية.
*الشرط الثاني: ان يتم العقد على المرأة بنكاح صحيح
ومعنى ذلك انه ينبغي ان يكون العقد على المرأة عقدا صحيحا لا عقدا فاسدا، اذ لو وقع العقد على المرأة بعقد فاسد ، فانه لا اثر له على الطلاق لانه ما بني على فاسد فهو فاسد.
وكذلك الامربالنسبة للرجعة التي تعتبر فرعا من الطلاق و من صور النكاح الفاسد نكاح التحليل.
*الشرط الثالث: ان يتم الدخول بالمرأة دخولا حقيقيا
هناك تباين كبير حول تحديد مفهوم الدخول الحقيقي ، و يمكن القول انه هو المباشرة في الفرج كما ثبت من خلال حديث الرسول (ص) المومأ اليه. اعلاه
وقد ينتفي الدخول الحقيقي مثلا في حالة طلاق الزوجة قبل الخلوة بها سواء كان الخلوة خلوة اهتداء ام خلوة زيارة ، فقداجمع اهل العلم ان المطلقة غير المدخول بها تبين بطلقة واحدة.
وقد ينتفي من طلاق من طلاق الزوجة بعد الخلوة بها قبل الدخول . وهذه فيها خلاف بين ائمة المذاهب.
*الشرط الرابع: الا يكون الطلاق بعوض
وصورة ذلك ان تفتدي الزوجة بنفسها لقاء تطليقها من زوجها فاذا كان الطلاق ببذل او عوض،كان ذلك دليلا على شدة طلبها للفراق ذلك ان اعطاء الرجل حق الرجعة يفوت عليها فائدة المفاداة بعوض ، بحيث لا يكون للعوض اية فائدة ، بل هو تغريم بدون مقابل ، وبالتالي فان الخلع طلاق بائن لا يملك معه الزوج حق الرجعة .
*الشرط الخامس :ان يكون الطلاق بلفط يقع به رجعيا
بمعنى يجب ان الطلاق الرجعي بلفظ صريح ولا تلزمه النية. ويخرج عن ذلك ما يختلج في صدر الرجل عن ارادة الطلاق ودليل ذلك قوله (ص) " ان الله تجاوز لا لامتي عما حدثت به انفسها ما لم تتكلم او تعمل"
المطلب الثاني : شروط الرجعة
لقد اشترط الفقهاء مجموعة من الشروط لابد من توافرها لصحة الرجعة ، و يمكن تقسيم ذلك إلى اربعة شروط.
*الشرط الاول : شرط بقاء زمن الرجعة
وهذا الشرط معناه ان تقع الرجعة في زمن سريان العدة الرجعية للمرأة وفق الشريعة الاسلامية ، بمعنى ان الرجعة لا تصح اذا كانت الزوجة خرجت من عدتها والعدد في الشريعة الاسلامية عدة احوال .
1): ان تكون المرأة من ذوات الاقراء ،فعدتها ثلاث قروء لقول الله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) .
2) : ان تكون المرأة حاملا فعدتها ان تضع حملها لقوله ( واولات الحمل أجلهن ان يضعن حملهن) .
3): الآيسة وعدتها ثلاث اشهر ، الآيسة نوعان :من انقطع حيضها لكبر ، او الصغيرة التي لم تحض ، لقول الله تعالى (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة اشهر واللائي لم يحضن) .
4) : ان تكون المرأة غير مدخول بها ، فهذه لاعدة لها ، لقوله تعالى(فمالكم عليهن من عدة تعتدونها .
5): ان تكون المرأة قد توفى عنها زوجها ، فعدتها أربعة اشهر وعشر لقوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويدرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة اشهر وعشرا) .
ودليل هذا الشرط قوله تعالى (وبعولتهن احق بردهن في ذلك )، وقال ابن العربي في أحكام القران (من ذلك ) بمعنى في وقت التربص ، وهو أمد العدة.
-اما المفهوم الثاني: ان تكون المرأة بائنا والبينونة بينونتان:
*بينونة صغرى: وهي ان تطلق المرأة الطلقة الأولى أو الثانية ثم تبقى حتى تخرج من عدتها وانذاك يكون حق الزوج بإرجاعها الى عصمته قد سقط لزواج الملك المؤقت ولا تحل له الا بعد العقد عليها من جديد وصداق جديد .
*بينونةكبرى: وهي التي طلقت ثلاث طلقات اوقبل الدخول أو بعوض، فتطليق المرأة في هذه الأحوال، يسقط حق الزوج في الرجعة بالاجماع في الحالة الأولى والثانية وعلى الراجح في الحالة الثالثة.
وخلاصة القول، انه يقصد بهذا الشرط ان لا تكون المرأة قد خرجت من عدتها على نحو ما ذكر ، والا فخروجها من زمن العدة يجعل إرجاعها مرتبط بالعقد عليها من جديد وبصداق جديد وهو ما يسمى بالمراجعة.
*الشرط الثاني: الإشهاد على الرجعة:
يشكل موضوع الإشهاد على الرجعة النقطة الخلافية بين الفقهاء بين من يعتبر انه واجب ، وبين قائل بأنه مستحب ومندوب ولكل اتجاه مؤيداته الشرعية.
الاتجاه الأول: ذهب الحنفية في المشهور عنهم والشافعية في الجديد والمالكية في المشهور من المذهب والحنابلة في اصح الروايتين ، إلى ان الإشهاد على الرجعة غيرواجب ولا يشترط لصحتها ، وأدلة هذا الاتجاه قوله تعالى (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف او تسريح بإحسان) وقال تعالى (فامسكوهن بمعروف) وقال تعالى (ولا جناح عليهما ان يتراجعا) وهي آيات جاءت لبيان مشروعية الرجعة بصورة مطلقة ولم تقيدها باشتراط الإشهاد، ومن المقرر في أصول الفقه على وجوب العمل ما لم يرد ما يقيده.
وفي السنة ما تبث من صحيح مسلم والبخاري وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما انه طلق امرأته وهي حائض –فأمره النبي (ص) ان يراجعها، ووجه الدلالة في ذلك ان رسول الله (ص)امر ابن عمر ان يراجع زوجته من غير ان يأمره بضرورة الإشهاد على مراجعته لزوجته المطلقة ، وهذا دليل على ان الإشهاد غير واجب.
ويبقى الإشهاد بالتالي مستحب فقط وتقع الرجعة بدونه صحيحة.
الاتجاه الثاني: ذهب الظاهرية والشافعية في القديم الى انه يجب الإشهاد على الرجعة وإلا لم تصح وادلة هذا الاتجاه هوحمل قوله تعالى (واشهدوا ذوي عدل منكم) على الوجوب.ومن الأدلة أيضا ماروي عن عمران بن حصين – رضي الله عنه – انه سئل عن الرجل يطلق امرأته ، ثم يقع بها ، ولم يشهد على طلاقها ولا على رجعتها فقال طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة ،اشهد على طلاقهاوعلى رجعتها .
هذا وقد حمل الجمهور الأمر في الاية المذكورة على الندب والاستحباب، لان قوله تعالى (واشهدوا ذوي عدل منكم ) ورد عقب قوله تعالى (وامسكوهن بمعروف).
وقد اجمع العلماء على عدم وجوب الإشهاد على الطلاق ، فتكون الرجعة مثله هذا ونحن نميل الى الرأي الأول لاستناده على دلائل قوية ، غير ان الاخد بالرأي الثاني
فيه مصلحة راجحة لارتباطه بحفظ حقوق ثابتة للغير أي حفظ العرض باعتباره من الكليات الخمس .
*الشرط الثالث: الإعلام
ذهب الظاهرية أيضا الى وجوب إعلام الزوجة برجعتها ، وهذه من المسائل الخلافية مع الجمهور من الفقهاء.
وقد استدل الظاهرية على ضرورة اشتراط إعلام الزوجة لصحة الرجعة بقوله تعالى (يخادعون الله والذين آمنوا) ولقوله تعالى (لاتضاروهن لتضيقوا عليهن) ومعناه ان عدم اعلام المرأة بالرجعة مخادعة لها واضرار بها وهو الامر المنهي عنه بالايات فوجب إذن رفع الضرر ورفع المخادعة عن الرجعية باعلامها.
ومن جهة أخرى ، فادلة القائلين بعدم ضرورة إعلام المرأة في الرجعة منها ان العلماء مجموعون على ان الرجعة لا يشترط لها إعلام الرجعية لان الرجعة حق خالص للزوج لا يتوقف على رضا المرأة كالطلاق .
*الشرط الرابع: إرادة الإصلاح.
مفهوم هذا الشرط ، ان يتم النظر الى حقيقة ارادة المرتجع ، ونيته من وراء ارجاع زوجته ، هل فعلا يقصد الإحسان والإصلاح بمراجعته لزوجته ام غير ذلك؟
وصور الإضرار من الأزواج كثيرة ومثالها حمل الزوجة مثلا على الافتداء بنفسها كما هو الشأن في الطلاق بالخلع ، او مجرد قصد إهانة الزوجة واذلالها.
ومن الادلة الشرعية على ارادة الإصلاح قوله تعالى(وبعولتهن احق بردهن في ذلك ان ارادو إصلاحا) ووجه دلالة الاية هو اشتراط ارادة الإصلاح في الرجعة.
وأيضا قوله تعالى (واذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف او سرحوهن بمعروف ولاتمسكوهن ضررا لتعتدوا) ، ووجه دلالتها ان الاية نهت بصراحة عن إمساك الزوجة بنية الاضرار بها، والنهي كما يقول الاصوليون يقتضي التحريم ، أي تحريم الرجعة اذا كانت بقصد الإضرار.
وقد فسر ابن العربي قوله تعالى ( ان ارادوا اصلاحا) "ان قصد الرجعة إصلاح حاله معها، وإزالة الوحشية بينهما، لا على وجه الإضرار والقطع بها عن الخلاص من ربقة النكاح، فذلك له حلال، والا لم تحل له ، ولما كان هذا أمرا باطنا جعل الله تعالى الثلاث علما عليه ، ولو تحققنا نحن من ذلك المقصد لطلقنا عليه" وقال أيضا في أية ( لا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا) "هذا يدل على ان الرجعة لاتكون الا بقصد الرغبة ، فان قصد ان يمنعها النكاح، ويقطع بها أملها من غير رغبة اعتداء عليها فهو ظالم لنفسه ، فلو عرفنا ذلك لنقضنا عليه رجعته، وان لم نعرف نفدت ، والله حسيبه"
مما يعني ان مسالة النية امر باطني لا يعلم به الا الله تعالى، والحاكم ملزم بالحكم بظواهر الامور والله يتولى السرائر، ومتى ثبت قصد الإضرار أو اثبتته الزوجة يحكم ببطلان الرجعة.
وقد جاء في تفسير ابن كثير (وهذه الآية رافعة لما عليه الأمر في ابتداء الإسلام من ان الرجل كان احق برجعة امرأته وان طلقها مائة مرة ، مادامت في العدة فلما كان هذا فيه ضرر على الزوجات قصرهم الله الى ثلاث طلقات فاباح في المرة والثنتين ، وابانها بالكلية في الثالثة).
*المبحث الرابع : إجراءات الرجعة في مدونة الاسرة.
لقد خصصت مدونة الأسرة على خلاف مدونة الأحوال الشخصية الملغاة –إجراءات دقيقة حسمت مجموعة من المشاكل التي كانت تعترض القضاء من قبل فما هي هذه الإجراءات ؟
المطلب الأول – الإشهاد على الرجعة.
لقد اختلف الفقهاء – كما مر معنا – اختلافا كبيرا بشان مسألة الإشهاد على الرجعة أمام عدلين : وقد كانت مدونة لاحوال الشخصية الملغاة تعكس ذلك الاختلاف اذ لم
تكن تتضمن الا المادة 68 التي كانت تنص على ان ( للزوج في الطلاق الرجعي ان يراجع مطلقته بدون صداق ولاولي أثناء العدة ، ولا يسقط هذا الحق بالإسقاط).
وكان يتعين على القضاء الرجوع الى أحكام الفقه المالكي والمشهور عنه الذي لم يكن يوجب الإشهاد على الرجعة كما تقدم ذكره ، وقد أدى عدم التنصيص في مدونة الأحوال الشخصية على ضرورة الإشهاد على الرجعة او عدم ضرورته الى اختلاف قرارات المجلس الأعلى ففي قراره عدد 828 الصادر بتاريخ 07/12/1984، والذي ساير فيه المشهور في المذهب المالكي واعتبر فيه أن الإشهاد على الرجعة مستحب وغير واجب ، بينما ذهب القرار الصادر بتاريخ 16 مارس 1981، الى اعتبار أن الإشهاد على الرجعة أمام العدول ضروري لأنها كالنكاح لا تثبت إلا بعدلين .
وبصدور مدونة الأسرة ، التي نصت في المادة 124 منها (إذا رغب الزوج في إرجاع زوجته المطلقة طلاقا رجعيا اشهد على ذلك أمام عدلين...) تكون المدونة قد خالفت المشهور من مذهب الإمام مالك وذلك بعدم الاعتداد بأي رجعة لم يتم الإشهاد عليها لدى عدلين وانما ينبغي ان تنصب الرجعة في وثيقة رسمية. وموقف المدونة هذا يحقق غايات جليلة تتمثل في :
1-إعطاء مكانه عظيمة لتوثيق عقد الرجعة على غرار عقد النكاح والطلاق .
2-تلافي إنكار الزوج للرجعة ، وتفادي الحرام بين الطرفين.
صفوة القول ، ان الزوج الراغب في الرجعة يجب عليه ان يشهد عليها لدى عدلين اللذان يقومان بإخبار القاضي بذلك الذي يتولى إعلام الزوجة باستدعائها قبل الخطاب على وثيقة الرجعة.
وهكذا يتبين ان المشرع قد حول الرجعة الى تصرف قانوني شكلي – على غرار النكاح والطلاق.
المطلب الثاني: موقف الزوجة الرجعية بعد إعلامها من طرف القاضي
اذا كانت المادة 68 من مدونة الأحوال الشخصية لم تتحدث عن إعلام الزوجة او عدم إعلامها كما مر معنا فان الفقهاء انقسموا بشان اعلام الزوجة بالرجعة، وان كان الراجح هو اتفاقهم على عدم إعلام الرجعية. أما مدونة الأسرة فقد نصت في المادة 124 في فقرتها الثالثة على أنه (يجب على القاضي قبل الخطاب على وثيقة الرجعة استدعاء الزوجة لإخبارها بذلك، فان امتنعت ورفضت الرجوع، يمكنها اللجوء الى مسطرة الشقاق المنصوص عليها في المادة 94 اعلاه.)
اول ما يلاحظ على هذه المادة ان المشرع أوجب على السيد قاضي التوثيق قبل ان يخاطب على رسم الرجعة ، ان يستدعي المطلقة طلاقا رجعيا ، ويخبرها ان زوجها يريد مراجعتها ، وفي هذا الأمر إيذانا يكون المشرع اعتبر إعلام الزوجة بالرجعة أمر ضروري لا تقوم بدونه وفي هذا مخالفة للجمهور والمالكية الدين اعتبروا ان للزوج ان يراجع زوجته ولو بدون علمها ولان حق الرجعة حق خالص له .
وبذلك يكون المشرع قد حسم الخلاف الذي كان في ظل مدونة الأحوال الشخصية بشان إعلام الزوجة ، بل لقد أعطى هذه الأخيرة الحق – في حالة رفضها الرجوع- إمكانيةا للجوء إلى مسطرة الشقاق المنصوص عليها في المادة 94 من مدونة الأسرة ، والمشرع لم يلزم الزوجة باللجوء الى مسطرة الشقاق حتما ، بل هي مجرد إمكانية لها من ان تستعملها اولا تستعملها.
هذا وقد ارتأى البعض انه كان على مشرع مدونة الأسرة ان يحذو حذو المسطرة التي شرعها في الزواج والطلاق بان يقوم الزوج بإيداع طلب الى المحكمة من اجل طلب الإذن بالإشهاد على الرجعة –بعد الاستماع للزوجة وبيان موقفها من الرجعة وبعد ذلك يعطي قاضي الأسرة الإذن بالإشهاد على الرجعة او يصدر قرارا بالرفض.
ونحن لانتفق مع الأستاذ بادن بإعطاء الاختصاص لقاضي الأسرة ، لان نص المادة 124 من المدونة لا يتيح له إمكانية الرفض لانه في حالة إصرار الزوج على الارتجاع ورفض الزوجة ، فقد منح لها المشرع إمكانية سلوك مسطرة الشقاق فضلا على ان قاضي الأسرة لايمكن له ان يعلم نوايا الزوج هل يريد الإضرار بزوجته ام لا ، لان هذه الأمور من السرائر التي لا يطلع عليها الا الباري سبحانه وتعالى ، ونحن مطالبون بالحكم بالظاهر والله يتولى السرائر، ثم ان موافقة الزوجة ليست شرطا في الرجعة التي تعتبر حقا خالصا للزوج لانه هو الذي يملك العصمة.
لكن لكل ذلك يبقى موقف مدونة الأسرة موقفا حكيما ، عندما لم يقرر ان القاضي يمتنع عن الخطاب على وثيقة الرجعة ، اذا لم توافق الزوجة.
بقى ان نشير إلى ان الكتابة في الرجعة لاتعتبر شرطا لصحتها ، وانما تعتبر وسيلة من وسائل اثباتها وبالتالي فيمكن اثباتها بكافة وسائل الاثبات على غرار إثبات الزواج إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق رسم الرجعة حسب ما نصت عليه المادة 16 من المدونة.





خاتـــــــــــمة :
حاولنا من خلال هذا البحث المتواضع ان نقارب أحكام الرجعة في الفقه الإسلامي وادلته وابراز وموقف مدونة الأسرة، من الخلاصات التي توصلنا إليها.
اولا : ان المدونة خرجت على راي الجمهور والمالكية – فيما يخص الإشهاد على الرجعة واعلام الزوجة ، وأخذت بمذهب الظاهرية ، وهو موقف حسن سيحل لا محالة عدة مشاكل واقعية كانت تثقل كاهل القضاء وتخلق مشاكل عملية جمة .
ثانيا: ان إعطاء المشرع للزوجة المراد ارتجاعها إمكانية اللجوء إلى مسطرة الشقاق في حالة رفضها الرجوع اليه ، فيه إنصاف للمرأة التي تكون أدرى من غيرها على معرفة زوجها من أي شخص اخر وفيه تحقيق لأبعاد الآية الكريمة (إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)
نسأل الله تعالى ، ان يفقهنا في ديننا ويبصرنا بأحكام شريعتنا وان لا يجعل الدنيا اكبر همنا .
ونصلي ونسلم على افضل المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

وتم بحمد الله


















المراجع المعتمدة

1. القران الكريم.
2. صحيح مختصر تفسير بن كثير، للحافظ عماد الدين ابن الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير، الطبعة الأولى 2001، دار السلام للصناعة والنشر والتوزيع،
3. أحكام القران، ابو بكر محمد بن العربي –دار الكتب العلمية بيروت ) الطبعة –1- 1988.
4. الفقه الإسلامي و أدلته، د وهبة الزحيلي دار الفكر دمشق .الطبعة - 8 -2005
5. لسان العرب، جمال الدين محمد بن منضور دار بيروت 1968.
6. بداية المجتهد ونهاية المقنصد ابو الوليد محمد بن رشد القرطبي دار المعرفة بيروت الطبعة 2 1974.
7. حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ، شمس الدين محمد عرفة الدسوقي
8. نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، شمس الدين محمد الرملي -المكتبة الإسلامية.
9. المحلى بالآثار، ابو محمد على بن احمد بن حزم، دار احياء التراث العربي بيروت،1997.
10. الام ، أبو عبد الله محمد ادريس الشافعي – الدار المصرية للتأليف والنشر 1321 هجرية.
11. أصول الفقه الإسلامي – احمد فراج حسين، منشورات الحلبي الحقوقية 2004.
12. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني- دار الكتاب
العربي –بيروت الطبعة - 2- 1974.
13. تاج العروس –محمد مرتضى الزبيدي – دار مكتبة الحياة بيروت.
14. محمد الكشبور. شرح مدونة الأسرة الجزء الثاني انحلال ميثاق الزوجية الطبعة الاولى 2006
15. مدونة الاسرة المغربية
16. احكام الرجعة في الفقه الاسلامي – رياض منصور الخليفي – مجلة الشريعة والدراسات الاسلامية عدد 61 يونيو 2005
17. الاشهاد على الرجعة – محمد بادن - مجلة محكمة - العدد 4

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://zidni3ilma.arabepro.com
 
أحكام الرجعة في الفقه الإسلامي ومدونة الأسرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مستجدات مدونة الأسرة
» النسب لغة وإصطلاحا المحاضرة الأولى لمادة قانون الأسرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى زِدْنِي عِلماً القانوني :: مواضيع قانون خاص. :: مواضيع خاصة بالاسرة-
انتقل الى: