ذ /خـالد بنمومن
قاض بالمحكمة الابتدائية بميدلت
لا يخفى ان المقصد والمبتغى من الزواج ان ينشأ على وجه الدوام لضمان استقرار الأسرة، ولذلك فإن إنهاءه لا ينبغي أي يلجأ إليه إلا استثناء وفي حدود الأخذ بقاعدة أخف الضررين لما في ذلك في تفكيك للأسرة والإضرار بالأطفال وهو ما حرصت مدونة الأسرة على التنبيه إليه في المادة 70 منها .
وعقد الزواج ينحل وينتهي بعدة أسباب منها التطليق، الذي خصصت له المدونة المذكورة القسم الرابع من الكتاب الثاني المتعلق بانحلال ميثاق الزوجية وآثاره، حيث عالجت في إطاره التطليق بسبب الشقاق في باب أول وخصصت الباب الثاني للتطرق للأسباب الأخرى للتطليق .
وإذا كانت دراسة القواعد الموضوعية لدعاوى التطليق كثيرا ما أسالت مداد الفقه، فإن الجانب المسطري منها قلما يتم التركيز عليه رغم ما يطرحه من أهمية بالغة لما له من تأثير مباشر وأكيد على الحق موضوع الدعوى وكذا في تجسيد التطبيق السليم لمدونة الأسرة وتحقيق أهدافها بتوفير كل شروط العدل والإنصاف، مع السرعة في البت في القضايا والتعجيل بتنفيذها .
ومعلوم أن الإجراءات المسطرية لدعاوى التطليق تخضع من حيث المبدأ للقانون العام المسطري ، غير ان المشرع وعيا منه بأهمية هذا النوع من الدعاوى فقد حرص على أفرادها بقواعد مسطرية خاصة ومتميزة في مدونة الأسرة بشكل خاص، كما لم يهمل التطرق اليها بشكل مستقل في قانون المسطرة المدنية ، وهو ما يحمل على القول بان هذه القواعد تعرف ازدواجية من حيث مصدرها. والسؤال الذي يطرح بشأنها هو الى أي حد استطاع المشرع أن يحقق من خلال هذه القواعد المسطرية مقاصد واهداف مدونة الأسرة فيما يخص إنهاء العلاقة الزوجية بالتطليق ؟ ثم كيف تعامل القضاء في تطبيقه لهذه القواعد ؟ .
يمكن القول بداية ان المشرع وان كانت رغبته واضحة في تخصيص قواعد مسطرية خاصة لدعاوى التطليق لتحقيق أهداف ومقاصد مدونة الأسرة وفق ما أشير إليه أعلاه، فإن أعمال هذه القواعد على صعيد الممارسة العملية كثيرا ما كشف عن قصور وبطء في الفصل في هذه الدعاوى، وهو ما من شأنه إفراغ هذه القواعد من محتواها. على أن السبب في ذلك لا يرجع بالضرورة إلى التطبيق القضائي، وانما راجع في كثير من الحالات الى النص التشريعي في حد ذاته.
ولعل مقاربة هذه الموضوع وبحث الإشكالات التي يطرحها، يقتضي ان نتناوله بدء من تقديم الطلب الى القضاء الى حين صدور الحكم، وهو ما سنعمل على التطرق إليه في ضوء خطة البحث الاتية:
*المبحث الأول: تقديم طلب التطليق
-فقرة اولى: كيفية تقديم طلب التطليق
-فقرة ثانية: الجهة المختصة للبت في طلب التطليق
*المبحث الثاني: البت في طلب التطليق
-فقرة اولى: إجراء الصلح بين الأطراف
-فقرة ثانية: صدور الحكم في طلب التطليق
*المبحث الاول: تقديم طلب التطليق
إن تقديم دعوى التطليق كغيرها من الدعاوى تستلزم تقديم الطلب الى القضاء، غير أن هذا الطلب ينفرد بخصوصيات معينة، وهو ما سنعمل على إبرازها من خلال بحث كيفية تقديمه (فقرة أولى ) ثم الجهة المخول لها الفصل فيه نوعيا ومكانيا (فقرة ثانية).
-فقرة اولى: كيفية تقديم طلب التطليق .
يخضع تقديم طلب التطليق من حيث المبدأ لمقتضيات قانون المسطرة المدنية على أن هذا الطلب يتميز بضرورة إرفاقه بما يثبت صفة طالب التطليق كزوج، بحيث يتعين الأداء في هذا الإطار بعقد زواج او حكم بثبوت الزوجية طبقا للمادة 16 من مدونة الأسرة تحت طائلة عدم قبول الدعوى ويدخل في حكم عقد الزواج عقد الرجعة والمراجعة.
ومن جهة أخرى، يتعين إرفاق طلب التطليق برسوم ولادة الزوجين ما دام ان المحكمة ملزمة طبقا للمادة 141 من مدونة الأسرة –بتوجيه ملخص الحكم بالتطليق إلى ضابط الحالة المدنية لمحل ولادة الزوجين حتى يتأتى لهذا الأخير تضمين بياناته بهامش رسم ولادة الزوجين، واذا لم يكن للزوجين او احدهما محل ولادة بالمغرب ، فيوجه الملخص الى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط.
والسؤال، ما العمل في حالة عدم ارفاق الطلب برسوم ولادة الزوجين ؟
أن المحكمة تكون ملزمة في هذه الحالة بإنذار الطرف المدعي بتصحيح المقال واستكمال البيانات الناقصة طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 32 من قانون المسطرة المدنية والا قضي بعدم قبول الطلب. غير انه في اعتقادي، فالزوجة المدعية وان كانت ملزمة بالإدلاء برسم ولادتها، فانه يتعذر عليها أحيانا الإدلاء برسم ولادة زوجها المدعى عليه إما لجهلها بمكان ولادته ورقم رسم ازدياده أو أن مكان ولادة الزوج يتواجد بعيدا عنها او غير ذلك من الأسباب .
وإذا كان الأصل ان المحكمة لا تضع يدها على أي نزاع إلا عن طريق طلب يقدم إليها، فإن مدونة الأسرة سمحت –بصفة استثنائية- للمحكمة أن تبت تلقائيا وبدون طلب في دعوى التطليق، وهذا الأمر ينسحب بشكل خاص على دعوى التطليق للشقاق.
هكذا، فقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة 45 من مدونة الأسرة على أنه " إذا تمسك الزوج بطلب الإذن بالتعدد ولم توافق الزوجة المراد التزوج عليها ولم تطلب التطليق طبقت المحكمة تلقائيا مسطرة الشقاق المنصوص عليها في المواد 94 إلى 97 بعده".
على ان الأشكال العملي الذي يثار بصدد هذه الحالة، هو ان لجوء المحكمة تلقائيا لتطبيق مسطرة الشقاق يؤدي إلى الأضرار بالزوجة المراد التزوج عليها والتي قد ترفض إنهاء علاقتها الزوجية رغم كونها أيضا تمانع في زواج زوجها بغيرها. ومن هنا، فمن الضروري التريث في التطبيق التلقائي لمسطرة الشقاق سيما عند وجود أبناء ، بحيث يتعين تنبيه الزوجة إلى هذه المسطرة حتى تكون على علم بها.
والحالة الأخرى التي خولت للمحكمة دورا إيجابيا في الخصومة دون المس بمبدأ الحياد، هو ما جاء في الدليل العملي لوزارة العدل في شرحه لمقتضيات مدونة الأسرة، الذي اعتبر في قراءته للفقرة الأخيرة من المادة 120 من المدونة على انه " في حالة إصرار الزوجة على طلب الخلع وعدم استجابة الزوج لذلك، فيمكن البت في الطلب عل أساس الشقاق بدون حاجة إلى فتح ملف جديد في الموضوع" .
وقد ذهب بعض الفقه إلى أن هذه الحالة الأخيرة لا تشكل تطبيقا تلقائيا لمسطرة الشقاق من طرف المحكمة لكون المادة 120 المذكورة لم تنص على هذه الإمكانية بصفة صريحة كما هو الحال بالنسبة للصياغة المعتمدة في المادة 45 المذكورة أعلاه. غير انه يبدو ان شرح وزارة العدل للمادة 120 من مدونة الأسرة كان موفقــا، إذا أن موضوع الطلب كان منذ بدايته يرمي إلى إنهاء العلاقة الزوجية بالخلع ، غير أن الزوج مانع في ذلك، والمحكمة بأعمالها لمسطرة الشقاق لا تكون قد غيرت موضوع او سبب الدعوى، وانما تكون قد سايرت واعملت بشكل إيجابي هذا السبب، إذ سبب وموضوع الدعوى، وان كان ملكا للخصوم ، فإن التكييف القانوني وإعطاء الوصف الصحيح للدعوى هو من اختصاص المحكمة . يضاف إلى ذلك، أن في هذا التوجه حماية حقيقية للزوجة التي تصر على إنهاء العلاقة الزوجية والتي بادرت إلى تقديم طلب الطلاق بالخلع.
واستناء أيضا من القواعد العامة المسطرية التي تستلزم توفر المدعي على أهلية التقاضي فان تقديم طلب التطليق يقبل حتى من القاصر الذي لم يبلغ بعد سن الأهلية المحدد في ثمان عشرة سنة، فقد سبق للمجلس الأعلى أن أتجاز تقديم دعوى التطليق للضرر ضد الزوج القاصر شخصيا ما دام أن النزاع لا يتعلق بتصرفات مالية، وانما بعلاقة شخصية لا دخل للحاجر فيها ، كما أجاز رفعها من طرف الزوجة القاصرة وذلك دون تدخل من وليها في المطالبة بالتطليق للضرر .
على أن بعض الفقه لم يكن ليقبل موقف المجلس الأعلى المومأ إليه أعلاه، معتبرا أن ليس لمقتضيات قانون الأحوال الشخصية المتعلقة بقواعد الموضوع أن تخالف مقتضيات القواعد المسطرية خاصة ما يتعلق بأهلية التقاضي التي تعتبر من النظام العام طبقا للفصل الأول من قانون المسطرة المدنية ، فالطلاق او التطليق-بحسب هذا الرأي-مؤسسة قانونية قائمة بذاتها ، لها آثارها القانونية الخاصة بها ، ولا تعد نتيجة مباشرة للزواج.
وقد حسمت مدونة الأسرة هذا الموضوع، وكرست ما سار عليه الاجتهاد القضائي للمجلس الأعلى، حيث نصت المادة 22 منها على أن " المتزوجان يكتسبان طبقا للمادة 20 أعلاه، الأهلية المدنية في ممارسة حق التقاضي في كل ما يتعلق بآثار عقد الزواج من حقوق والتزامات .
وبخصوص مدى إعفاء طلب التطليق من أداء الرسوم القضائية، فان الفصل 2 من الملحق الأول بالمرسوم رقم 2.58.1151 الصادر في 24/12/1958 بتدوين النصوص المتعلقة برسوم التسجيل والتمبر المتمم بالمادة 22 من القانون المالي للسنة المالية 1998-1999 ينص على انه يتمتع بالمجانية بحكم القانون جميع الدعاوى المرتبطة بقضايا الأحوال الشخصية التي تقدمها النساء المطلقات أو المهجورات.
وحسب وزارة العدل فان الفصل المذكور أعلاه، يطرح إشكالية عند تطبيقه بخصوص المقصود من النساء المهجورات، حيث أن هناك اختلافا بين صناديق كتابات الضبط . إذ هناك من يتوسع في تفسير مدلول الهجر بجعله يشمل جميع أنواع الإهمال التي قد تتعرض لها حقوق الزوجة ومنها طلبات التطليق بجميع أنواعه، وهناك من يضيق من مدلوله، ويعتبر أن المرأة المهجورة هي التي تركت بدون نفقة من طرف الملزم بالإنفاق عليها قانونا.
وطلب التطليق يمكن تقديمه بصفة شخصية من المعني بالأمر بدون حاجة لتنصيب مـحام ، ذلك أن الفصل 31 من الظهير بمثابة قانون المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة الصادر بتاريخ 10/09/1993 ، ولئن أوجب تقديم المقالات في جميع القضايا بواسطة محام فانه استثنى بالمقابل، عدة قضايا منها القضايا التي تخص المحاكم الابتدائية بالنظر فيها ابتدائيا وانتهائنا، ومعلوم ان قضايا التطليق تكون غير قابلة لأي طعن في جزئها القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية وبالتالي فان المحكمة الابتدائية تنظر في هذا الجانب بصفة ابتدائية وانتهائية.
وقد يحتج هنا بكون هذه القضايا قد تقبل الطعن في جزئها المحدد لمستحقات الزوجة والأطفال وفي هذه الحالة يلزم بتنصيب محام لكن يرد على ذلك، بان جوهر دعوى
التطليق هو إنهاء العلاقة الزوجية، أما تحديد المستحقات فهو أمر تابع للحكم الذي يقضي بالتطليق، لذلك فالعبرة بالجزء من الحكم الذي يقضي بحل ميثاق الزوجية .
وفي سياق تنصيب محام في قضايا الأحوال الشخصية، فان المجلس الأعلى اصدر قرار اعتبر انه " لا يقبل لمؤازرة الخصوم وتمثيلهم لدى الغرف المختصة بالنظر في قضايا الأحوال الشخصية والميراث الإسلامي إلا المحامون المغاربة المسلمون وقد أسس المجلس الأعلى هذا القرار على مقتضيات الفصل الثالث من القانون القديم الملغى لمهنة المحاماة الصادر بتاريخ 18/05/1959.
والسؤال الذي يطرح في هذا الصدد هو هل هذا الاجتهاد الذي سار عليه المجلس الأعلى ما يزال قابلا للتطبيق حاليا في ضوء القانون الجديد لمهنة المحاماة ؟
بالرجوع إلى قانون المحاماة الجديد، نجد انه لا يتضمن نفس المقتضى الذي كان ينص عليه القانون القديم. كما انه بالمقابل، ليس به نص صريح يجيز للمحامي غير المسلم الترافع في قضايا الأحوال الشخصية والميراث الإسلامي. وأمام سكوت النص التشريعي، فانه يتعين في هذه الحالة الرجوع إلى أحكام الفقه المالكي الذي تحيل عليه مقتضيات المادة 400 من مدونة الأسرة، وفي إطاره نجده متفق على منع توكيل المسلم للذمي في أي خصومة، وهوما أشار اليه ابن عاصم في تحفته بقوله :
ومنع التوكيل للذمي وليس ان وكل بالمرضى
وقد جاء في شرح الشيخ محمد بن يوسف الكافي لهذا القول ما يلي: " ان توكيل المسلم للذمي على ان ينوب عنه في خصومة او غيرها ممنوع شرعا" .
فقرة ثانية : الجهة المختصة للبت في طلب التطليق
في سياق تخصيص المشرع لدعاوى التطليق بقواعد مسطرية خاصة، نجده قد ميز هذا النوع من الدعاوى من حيث تحديده للجهة التي تخص بالنظر فيها نوعيا ومكانيا.
فمن حيث الاختصاص النوعي، تم أحداث جهة مختصة للبت في النزاعات الأسرية ويتعلق الأمر بقسم قضاء الأسرة، الصادر بشأنه القانون رقم 73.03 الذي غير وتمم ظهير التنظيم القضائي، وخاصة الفصل الثاني منه، الذي جاء في فقريته الخامسة والسادسة مايلي : " تنظر أقسام قضاء الأسرة في قضايا الأحوال الشخصية والميراث والحالة المدنية وشؤون التوثيق والقاصرين والكفالة وكل ما له علاقة برعاية وحماية الاسرة.
يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في كل القضايا المعروضة على المحكمة كيفما كان نوعها باستثناء ما يتعلق بأقسام قضاء الأسرة ".
وقد ذهب البعض في قراءته لهذا التعديل إلي أن المشرع قد اقر اختصاصا نوعيا استثنائيا خاصا بقسم قضاء الأسرة، وهو من صميم النظام العام ويمكن التمسك به في أية مرحلة من مراحل التقاضي بل وللمحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها حيادا عن الفصل 16 من قانون المسطرة المدنية.
ويطرح تساؤل بخصوص هذا الاختصاص الذي أضحى لقسم قضاء الأسرة، فهل يمكن اتارة الدفع بعدم الاختصاص النوعي عند نظر إحدى غرف المحكمة الابتدائية غير قسم قضاء الاسرة في قضية هي من اختصاص هذا القسم الاخير ؟
نبادر الى القول الى انه لا يمكن التمسك بالدفع بعدم الاختصاص النوعي في هذه الحالة وذلك للاعتبارات آلاتية:
-اولها ان الفصل 16 من قانون المسطرة المدنية الذي حدد كيفية إثارة الدفع بعدم الاختصاص النوعي، أوجب على من يثير هذا الدفع أن يبين المحكمة التي ترفع إليها القضية والا كان الطلب غير مقبول، وبالتالي فهذا الدفع يهم المحكمة وليس قسم من أقسامها.
-ثانيها أن الفصل الثاني من ظهير التنظيم القضائي لم يرتب جزاء البطلان في حالة بت إحدى غرف المحكمة في قضية هي من اختصاص قسم قضاء الأسرة .
وإما من جهة الاختصاص المحلي أو المكاني، فان قانون المسطرة المدنية وخلافا للأحكام العامة التي حددها لقواعد هذا الاختصاص في الفصول من 27 الى 29، فانه قد افرد لبيان الاختصاص المحلي لدعاوى التطليق فصلا مستقلا هو الفصل 212 الذي عدل بمقتضى القانون رقم : 03-72 المشار إليه آنفا، وقد جاء فيه ما يلي : " يقدم وفقا للإجراءات العادية مقال التطليق الى المحكمة الابتدائية التي يوجد بدائرة نفوذها ببيت الزوجية او موطن الزوجة أو التي ابرم بها عقد الزواج "
فمن خلال هذا الفصل، يتضح أن المشرع قد خير الزوجة والزوج في حالة التطليق للشقاق في رفع طلب التطليق لإحدى المحاكم الثلاث المذكورة وهي في ذلك غير مقيدة بمراعاة الترتيب الوارد بالنص المذكور. ويتبين من ذلك أن المشرع قد اقر مرونة ملحوظة بالنسبة للزوجة التي تتقدم بطلب التطليق وهذا على خلاف الزوج الذي يتقدم بطلب الإذن من المحكمة للإشهاد على الطلاق، حيث ألزمت المادة 79 من مدونة الأسرة بمراعاة الترتيب الذي حددته في بيانها للمحكمة المختصة مكانيا في تقديم هذا الطلب .
ومن خلال ما سبق يتبين ان المشرع قد مكن الزوجة من مقتضيات مسطرية فعالة تمكنها من تقديم طلب التطليق بشكل مبسط وبعيد كل البعد عن التعقيد لكن هل هذا المنحى هو نفسه الذي بقي مستمرا عند بت المحكمة في هذا الطلب ؟.
*المبحث الثاني : البت في طلب التطليق
يستلزم البت في طلب التطليق إجراء محاولة الصلح بين الزوجين (فقرة اولى) وبعد فشل هذه المحاولة يتم إصدار الحكم بالتطليق (فقرة ثانية)
الفقرة الاولى : اجراء الصلح بين الزوجين .
ان إجراء محاولة التصالح بين الزوجين هو أمر ضروري وحتمي في جميع قضايا التطليق باستثناء التطليق للغيبة، وهو ما أكدت عليه المادتين 94 و 113 من مدونة الأسرة ، ورغم ان المشرع لم ينص على الجزاء المترتب عن الإخلال بمسطرة الصلح ، فان الصياغة التي جاءت بها المادتين المذكورتين توحي على أن هذه المسطرة من النظام العــام ، وهو ما يستشف من الدليل العملي لمدونة الأسرة عند شرح المادة 82 من المدونة، حيث اعتبر أن " محاولة الصلح أجراء جوهري ولا يمكن إنجازه في غياب الزوجين المعنيين ، ولذلك أوجب المشرع حضورهما الشخصي في جلسة المصالحة" .
وإذا ثبتت الطبيعة القانونية لمحاولة الصلح ، فما هو الجزاء القانوني في حالة تخلف أحد الزوجين عن الحضور لاجرائها ؟ .
يبدو في هذا الإطار، انه يتعين التمييز بين حالتين : حالة تخلف الزوجة أو الزوج عندما يتقدم أحدهما بطلب التطليق، وحالة تخلف أحدهما عند يكون طرف مدعى عليه.
ففي الحالة نميز في إطارها بين التخلف عن الحضور لأول جلسة وبين التخلف عن الحضور للجلسات التي تلي الجلسة الأولى: فالتخلف عن الحضور لأول جلسة على ان طالب التطليق قد تراجع عن طلبه قياسيا على ما نصت عليه المادة 81 من مدونة الأسرة التي اعتبرت الزوج متراجعا عن طلب الإذن بالإشهاد على الطلاق إذا توصل شخصيا بالاستدعاء ولم يحضر، كما انه لا مانع من الحكم بعدم قبول الدعوى ما دام ان إجراء محاولة الصلح هي من النظام العام -كما سبق بيانه- وهي من الإجراءات الجوهرية التي لا غنى عنها عند البت في هذا النوع من الدعاوى.
أما في حالة تخلف الزوج أو الزوجة عن الحضور لجلسات الصلح الموالية للجلسة الأولى فهنا يتم الإعلان عن فشل محاولة الصلح لتعذرها. على أن المحكمة قد تجد نفسها في حيرة من أمرها عندما يتخلف كلا من الطرفين المدعي والمدعى عليه عن الحضور رغم الإعلام ودون عذر مقبول، فهل يعتبر موقفهما دليل على فشل محاولة الصلح، وبالتالي البت في الطلب على ضوء هذا المعطى أم يفسر هذا الموقف على وجود صلح بينهما ؟
اعتقد أن على المحكمة في هذه الحالة، أن تتريث كثيرا في الإعلان عن فشل محاولة الصلح والحكم بالتطليق، فوجود احتمال ولو بسيط على إمكانية وقوع صلح بين الزوجين أمر لا ينبغي تجاهله لما في بقاء عقد الزواج من صيانة واستقرار للأسرة ، وبالتالي فللمحكمة أن تكيف هذه الموقف على انه تراجع عن طلب التطليق.
أما بالنسبة لحالة تخلف الزوج كطرف مدعى عليه عن الحضور لجلسة الصلح رغم استدعائه بصفة قانونية ، فهذا دليل على رفضه إجراء محاولة الصلح وبالتالي يتم الإشهاد على تعذر إجراء الصلح ويبت في الطلب.
والملاحظ أن المشرع في مدونة الأسرة لم يسو بين جميع قضايا التطليق في تحديده لكيفية اجراء محاولة الصلح فدعوى التطليق للشقاق أحال بشان إجراء محاولة الصلح فيها على المادة 82 كما خصص لذلك المادتين 95 و 96. أما باقي دعاوى التطليق الأخرى، فان المادة 113 قد اوجبت إجراء هذه المحاولة دون ان تحدد لذلك مسطرة معينة على ان هذا الأمر لايمكن ان يفسر على انه استبعاد لمسطرة الصلح كما هي محددة في دعوى التطليق للشقاق ، اذا المحكمة لها الصلاحية في اعتماد أية طريقة للصلح تراها اكثر نجاعة في تسوية الخلاف بين الزوجين ومن ضمنها تلك المنصوص عليها في إطار دعوى التطليق للشقاق.
هكذا، فمسطرة الصلح في دعوى التطليق للشقاق تجري وفقا لما نصت عليه المادة 82 من مدونة الأسرة " فعند حضور الطرفين تجري المناقشات بغرفة المشورة بما في ذلك الاستماع إلى الشهود ولمن ترى المحكمة فائدة في الاستماع إليه.
للمحكمة ان تقوم بكل الإجراءات بما فيها انتداب حكمين أو مجلي العائلة أو من تراه مؤهلا لاصلاح ذات البين وفي حالة وجود أطفال تقوم المحكمة بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوما.
إذا تم الإصلاح بين الزوجين حرر به محضر وتم الإشهاد به من طرف المحكمة ".
ويتضح من خلال هذه المادة ان المحكمة أمامها ثلاث طرق في سبيل إصلاحها لذات البين، وهي اما انتداب حكمين او مجلس العائلة او من تراه مؤهلا للصلح.
فبخصوص انتداب الحكمين نجد ان هناك من يعتبر هذا الإجراء إلزاميا، في دعوى التطليق للشقاق طالما أن لتقريرهما النهائي بشان محاولة الصلح أثار قانونية حددتها المادتين 95 و 96 من مدونة الأسرة غير ان هذا الرأي لا يبدو منسجما مع موقف مدونة الأسرة التي لم تجعل من تعيين الحكمين اجراء إلزاميا فالمادة 94 من المدونة أحالت بشان اجراء الصلح على المادة 82 قبلها وهذه الأخيرة كما سبق الإشارة إليها استعملت عبارة "للمحكمة " وهي تفيد التخيير لا الإلزام، كما ان جعل هذا الإجراء إلزاميا من شانه انه يطيل أمد الفصل في دعوى التطليق بالنظر لما يطرحه هذا الإجراء عند تفعيله عمليا من صعوبات، اذ كثيرا ما يتم تأخير الملف لحضور الحكمين أو يصرحا هذين الآخرين بعد تعيينهما بأنهما لم يلتقيا أصلا لاستقصاء أسباب الخلاف والقيام بمحاولة الصلح بل وقد يرفض الطرفين أو احدهما إحضار حكم عنه بعد تكليفه بذلك ... ومن ثم فتعيين الحكمين يجب ان يبقى أمرا اختياريا للمحكمة ويخضع لسلطتها التقديرية حسب ظروف كل قضية.
أما مجلس العائلة، فرغم صدور المرسوم المتعلق به بتاريخ 14 يونيو 2004 ،فانه لم يتم لحد الآن تفعيله بالشكل المطلوب، ولعل السبب في ذلك يرجع الى الصعوبات التي يطرحها هذا المجلس في تكوين أعضائه فضلا عن كون الغاية منه قد تتحقق بشكل افضل عند انتداب حكمين او انتداب من تراه المحكمة مؤهلا لإصلاح ذات البين .
وبخصوص الطريقة الثالثة التي للمحكمة أن تقوم بها في سبيل راب الصدع بين
الزوجين فهي انتداب من تراه مناسبا لذلك، فالمشرع في هذه الحالة ترك الباب واسعا أمام المحكمة لتعيين من تراه اقدر على التوفيق بين الزوجين بما في ذلك تعيين احد أعضائها للقيام بهذه المهمة اذ ثبت من خلال الممارسة العملية ان الزوجين كثيرا ما يكشفا عن الأسباب الحقيقة للخلاف القائم بينهما وهو ما يسهل إيجاد الحل وتحقيق الصلح.
ومما تبغي الإشارة اليه ، انه في حالة فشل الصلح بين الزوجين وتعذر المساكنة بينهما، فان للمحكمة طبقا للمادة 121 من مدونة الأسرة ان تتخذ التدابير المؤقتة التي تراها مناسبة بالنسبة للزوجة والأطفال تلقائيا او بناء على طلب وذلك في انتظار صدور حكم في الموضوع بما فيها اختيار السكن مع احد أقاربها، او أقارب الزوج وتنفذ تلك التدابير فورا على الأصل عن طريق النيابة العامة.
ويرى البعض انه بالرغم من ان هذه التدابير المؤقتة تكون مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون، فان عدة مشاكل تثور بهذا الخصوص خاصة ما يتعلق بإيقاف تنفيذها وإثارة صعوبة ما بشان هذا التنفيذ.
فبخصوص مشكل إيقاف التنفيذ، فقد سبق للمجلس الأعلى في ظل مدونة الأحوال الشخصية الملغاة أن قرر نقض قرار محكمة الاستئناف الذي قضى بايقاف تنفيذ التدابير المؤقتة، حيث جاء في قراره ما يلي " وحيث ان التدبير الذي أمر به القاضي الابتدائي.
وان كان قابلا للاستئناف للنظر في جوهر الدعوى، فانه يبقى قابلا للتنفيذ رغم كل طعن ينفذ بقوة القانون، ولا يملك القضاة في نطاق سلطتهم التقديرية حق ايقافه"
أما اثارة صعوبة بشان تنفيذ التدابير المؤقتة، فهو أمر جائز ومقبول خاصة إذا تعلق الأمر بالنظام العام. وفي هذا الصدد فقد أمر رئيس المحكمة الابتدائية بفاس بإيقاف تنفيذ أمر قاضي التوثيق الذي حدد توابع الطلاق بالنسبة للمطلقة ومولودها بعلة أن ما أثاره الطالب بكونه رفع دعوى ضد مطلقته التي وضعت حملها بعد شهرين من زواجه بها هو أمر يطرح مشكلا قانونيا وشرعيا معروضا على القضاء وهو ما يحول دون الاستمرار في تنفيذ امر قاضي التوثيق .
أذن، فبعد استنفاد كافة السبل لإصلاح ذات البين بين الزوجين دون أن تسفر عن نتيجة تذكر،فانه يتم الإعلان عن فشل محاولة الصلح ويبت في طلب التطليق وهو ما سنتولى بحثه في الفقرة الموالية.
الفقرة الثانية : البت في طلب التطليق
بعد فشل محاولة الصلح، فان البث في طلب التطليق يختلف بحسب أسبابه، فمنها ما يتطلب القيام ببعض الإجراءات القانونية حتى إذا ما تم استفاؤها يحكم بالتطليق ومنها يقتضي المرور مباشرة للحكم بالتطليق.
فبخصوص دعاوى التطليق التي تتطلب من المحكمة استيفاء بعض الإجراءات القانونية قبل الحكم بالتطليق، نذكر ما حددته المادة 102 من مدونة الأسرة بالنسبة لدعوى التطليق لعدم الإنفاق حيث جاء في هذه المادة انه " اذا كان للزوج مال يمكن اخذ النفقة منه قررت المحكمة طريقة تنفيذ نفقة الزوجة عليه ولا تستجيب لطلب التطليق في الأحوال التالية:
-في حالة ثبوت العجز، تحدد المحكمة حسب الظروف أجلا للزوج لا يتعدى ثلاثين يوما لينفق خلاله والا طلقت عليه الا في حالة ظرف قاهر او استثنائي
-تطلق المحكمة الزوجة حالا إذا امتنع الزوج عن الإنفاق ولم يثبت العجز "
اما بخصوص الصنف الآخر من الدعاوى التي يلزم ان يصدر الحكم فيها بالتطليق بشكل مباشر بعد فشل محاولة الصلح ، فهي دعوى التطليق للشقاق، فقد نصت المادة 97 من مدونة الاسرة على انه " في حالة تعذر الإصلاح واستمرار الشقاق تثبت المحكمة ذلك في محضر وتحكم بالتطليق وبالمستحقات ..."
واصدار الحكم بالتطليق يقتضي البت أيضا في مستحقات الزوجة والأطفال، لكن هل هذا التحديد يتم بشكل تلقائي من المحكمة ام يلزم تقديم طلب بشأنها ؟
يختلف الجواب عن هذا التساؤل بحسب ما إذا تعلق الأمر بدعوى التطليق للشقاق او بباقي دعاوى التطليق الأخرى. فالدعوى الأولى ، كما تبين من خلال الصياغة التي جاءت بها المادة 97 المومأ إليها أعلاه، فان المحكمة تحكم بمستحقات الزوجة والأطفال تلقائيا ومن دون طلب، اما باقي دعاوى التطليق الأخرى فقد نظمتها المادة 113 التي استعملت مصطلح الأطفال، ولم تستعمل مصطلح الأولاد كما هو الحال في المواد من 198 الى 202 من المدونة وهو ما يحمل على القول بان المشرع قصد حماية الأطفال دون سن الأهلية حيث تكون المحكمة ملزمة بتحديد مستحقاتهم تلقائيا او بناء على طلب الزوجة. وينبني على ذلك، أن الأولاد إذا كانوا بالغين سن الرشد القانوني فانهم يكونون غير مشمولين بحكم المادة 85 من المدونة، وبالتالي ينبغي صرف النظر عن تحديد مستحقاتهم في الحكم القاضي بالتطليق ما لم يقدم الطلب منهم بصفة شخصية طالما ان لهم الصفة والمصلحة والأهلية في التقاضي .
وفي إطار تحديد مستحقات الزوجة والأطفال فان المادة 97 من مدونة الأسرة صرحت إشكالا عمليا عندما أحالت على مقتضيات المادة 83 التي تلزم الزوج عند تعذر الإصلاح بإيداع المستحقات المذكورة بكتابة الضبط بالمحكمة داخل اجل أقصاه ثلاثون يوما فهل هذا الإجراء يسري على طلب التطليق للشقاق الذي تتقدم به الزوجة ام يسري على طلب التطليق الذي يتقدم به الزوج ام يسري على هذين الطلبين معا ؟ ثم ما هو الجزاء المترتب عند عدم إيداع الزوج لهذه المستحقات داخل الأجل المعين ؟
مبدئيا يؤخذ من إحالة المادة 97 على المادة 83 أنها لم تفرق بين من يتقدم بطلب التطليق للشقاق لكن مع ذلك فان هذا الحكم لا يمكن أن يسري إلا على الطلب الذي يتقدم به الزوج لأنه هو الذي يكون احرص على إصدار الحكم بالتطليق أما إلزام الزوج بهذا الإجراء عندما تتقدم الزوجة بطلب التطليق فليس له معنى لانه قد يتقاعس عن القيام بهذا الإجراء ويسعى إلى عرقلة إصدار الحكم وبالتالي فليس من مصلحته إيداع المستحقات داخل الأجل المضروب له.
أما عن الجزء المترتب عند إخلال الزوج بإيداع المستحقات خلال الثلاثين يوما فان مدونة الأسرة لم تحدده، يحث لم تحل على المادة 86 منها، هذه الأخيرة التي اعتبرت أن عدم إيداع الزوج المبلغ المنصوص عليه في المادة 83 داخل الآجل المحدد له يعتبر متراجعا عن طلبه، وبالتالي فيبدو من غير المستساغ، أن نلزم الزوج بإيداع مستحقـات الزوجة والأطفال عندما يتقدم بطلب التطليق للشقاق ما دام أن مدونة الأسرة لم ترتب جزاء عن إخلاله بعدم الإيداع .
وتجاوز للمساطر القانونية المعقدة التي كانت سائدة في ظل مدونة الأحوال الشخصية الملغاة حيث كانت دعوى التطليق تستغرق عشر سنوات او ما ينيف بين مختلف درجات التقاضي ، فان مدونة الأسرة أقرت قواعد مسطرية جديدة وفعالة كفيلة بحماية الزوجة، فاستثناء من القواعد العامة المسطرية التي تجيز الطعن بالاستئناف في جميع الأحكام فان المادة 128 من مدونة الأسرة جعلت من قضايا التطليق غير قابلة لأي طعن في جزئها المتعلق بإنهاء العلاقة الزوجية وبمفهوم المخالفة لهذه المادة، فان باقي أجزاء الحكم القاضي بالتطليق تكون قابلة للاستئناف داخل اجل 15 يوما طبقا للفصل 134 من قانون المسطرة المدنية المعدل والمتمم بمقتضى القانون رقم 03-72.
وتأكيدا لمقتضيات المادة 128 من مدونة الأسرة، فان المجلس الأعلى قضى بعدم قبول طلب النقض المرفوع إليه بعدما تبين له أن القرار الاستئنافي القاضي بالتطليق صدر بعد دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ .
على أن المشرع لم يذهب بعيدا من توفير الحماية القانونية للزوجة المطلقة من الطعون الكيدية لبعض الأزواج، فالزوجة المغربية المطلقة بالخارج بمقتضى حكم أجنبي وبعد تذييل هذا الحكم بالصيغة التنفيذية فإنها لن تستفيد من حكم المادة 128 التي تقضي بعدم قابلية الحكم الصادر بالتطليق للطعن في الجزء القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية، لكون هذه المادة في فقرتها الأولى لم تنص على اعتبار الأحكام الصادرة عن المحاكم الوطنية بشان تذييل الأحكام بالصيغة التنفيذية غير قابلة للطعن مما تظل معه خاضعة لمقتضيات قانون المسطرة المدنية التي تجيز الطعن بالاستئناف كما سبق القول.
والمجلس الأعلى يسير بدوره في هذا الاتجاه فقد قبل الطعن بالنقض في قرار استئنافي قضى بتذييل حكم أجنبي بالصيغة التنفيذية أنهى العلاقة الزوجية بالتطليق ويفهم من ذلك أن المجلس الأعلى لا يعتبر مثل هذه الأحكام مشمولة بمقتضيات المادة 128 من مدونة الأسرة على الرغم من أن هذه الأحكام هي بدورها مقررات قضائية صادرة أو أنها تنهي العلاقة الزوجية بصفة عامة.
ويطرح إشكال بخصوص الحكم القاضي بالتطليق غيابيا بواسطة قيم فهل يجب تبليغ هذا الحكم للقيم عملا بمقتضيات الفصل 441 من قانون المسطرة المدنية ؟ .
لقد جاء في التقرير الختامي عن الأيام الدراسية التي نظمتها وزارة العدل بخصوص الإشكالات العملية في مجال قضاء الأسرة بافران سنة 2004، إن هذه الأحكام وبالرغم من كونها غير قابلة لأي طعن طبقا للمادة 128 من مدونة الأسرة، فانه يجب تبليغها إلى القيم سواء كانت مقتصرة على التطليق فقط أم مشتملة على ما هو قابل للطعن كالنفقة والحضانة طبقا للفصلين 433 و 441 من قانون المسطرة المدنية .
وتبقى الإشارة في الأخير، إلى أن المشرع ولئن كان قد توخى السرعة في البت في دعوى التطليق وحدد لذلك أجلا وهو ستة اشهر، فانه لم يرتب عن عدم احترام هذا الأجل أي جزاء يذكر، وهو ما يفسر على انه قصد بهذا الأجل حث المحاكم على الإسراع بالبت في هذه الدعوى، وقد ثبت من خلال الممارسة العملية ان احترام الأجل المذكور لا يتم في بعض الدعاوى ولعل السبب في ذلك يرجع بالأساس للمشاكل القانونية والواقعية التي يطرحها التبليغ، فضلا عن التأخير الذي قد ينتج عند تفعيل بعض إجراءات الصلح كتعيين الحكمي مثلا .
ونخلص مما سبق ان المشرع قد حرص في سنه لمقتضيات مدونة الأسرة والتعديلات التي عرفها قانون المسطرة المدنية لمواكبة مستجدات هذه المدونة على توفير قواعد مسطرية مبسطة وخالية من التعقيد بخصوص دعاوى التطليق، على أن هذا الأمر لم يمنع كما سبق القول من وجود بعض الثغرات القانونية التي افرزها التطبيق العملي لهذه القواعد المسطرية وهو ما ينبغي العمل على تداركه عبر سن تعديلات تشريعية، كما أن القضاء مدعو بدوره لتكريس اجتهاد قضائي يواكب فلسفة وأهداف مدونة الأسرة كفيل برفع الضرر عن الزوجة التي تعيش علاقة زوجية فاشلة، وفي ذلك يقول عز وجل "ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه "