عبد الكريم لراك·الأحد، ٢٩ مارس ٢٠٢٠·
الأنظار معلقة بالأرقام والنفوس متشوفة نحو الأثير؛ تارة تغرف منه ما تشتهي من الأنفاس وتارة تخشى منه كل طيف وخيال ؛ العبئ كبير والصدور في حديث صامت مع ذاتها ؛ فطالما عشقت الحرية ونبذت القيود ؛طالما سبحت في يم الضياع والتيه ولم تزن لحساب اللحظة ولا للزمن حكم إن لها أو عليها .
كم هو مثير أن نستحيل الى كائنات أخرى لا عهد لها بالتي كانت من قبل ؛ الأفكار تتناسل ذات اليمين وذات الشمال في مخاض عسير في فضاء لا حدود له وحيرة لا يفك أسرارها و يسبر أغوارها وحجبها الا من قطع أشواطا لا تحصى من الاختبارات والشفافية الروحية المثلى ؛ فلك السفينة لا يعرف ساحلا بعد ؛ وقدر الخالق يتصرف في الكائنات كما يشاء وأحلام المساكين البسطاء أن يجدوا رغيف خبز قبل النفس الأخيرإن بلغ السيل الزبى ؛ وأقصى منى الموسرين أن ينزلوا من السفينة في أمان الله وحفظه رفقة ما بالأيدي من الدريهمات والحطام الضاحك على الذقون .
يا الله الى أين المسير تنادي البشرية في صمت وبكاء وخشوع ؟ يا الله هل زلزلت الأرض زلزالها ورأت العيون قبل آخرتها قبل دنياها ؟هل توقف سير الحياة وكل ما نرى ونسمع الا من أرقام من أضحى ظلهم في الحياة تتصاعد كل دقيقة وساعة.
يالله هل سيأتي الربيع بعد وتخرج كل عروس لحدائقها في بسمة لم تعرفها شفتاها قبل ؟ تغني البشرية آمالها وتبكي أحلامها وتتصنع الصبر ورباطة الجأش ؛بعضها ينتحب في صمت وآخر يثور ألف مرة على الأوضاع واقف في مكانه .
صعب أن تبدل البشرية زكيبتها صعب أن تستعير وجوها غير التي كانت عليها ؛ آه ما أقسى الحياة يهتف واحد في حلمه ؛ لكن ظلام العتمة لم ينجل بعد والصمت المريب طبق الآفاق وأخذ كل على حين غرة ؛ حتى الآباء وما تبقى من الأجداد لم يحدثوا الحاضرين عن تمرد كهذا عن إعصار لا يعرف التمييز في عمله الموكل اليه بين هذا وذاك .
صعب أن تواجه العاصفة منفردا لا بد من معين وأين المعين في زمن تفرقت فيه السبل والغايات تفرق التفكير في ايجاد حل وسط للكارثة والتفكير يحتاج الى تفكير والحقيقة بنت البحث ؛ المحيط غاضب من القيود ولكن الاعصار لا يقبل التحدي فهو الأقوى والحيلة أحسن من العار كما يقولون ؛ فلتنحني البشرية للعاصفة ولتدع الاعصار يمضي في وقار.
تعب المسير من المسير وتعب العياء من العياء الا الضمير الا حس المسؤولية الا الرجال في المعركة الا الأطباء يحاربون بكل الاسلحة يغيرون الثابت الى متحول والجبال الى وهاد الا الأساتذة والمعلمون يصوغون الدروس والمحاضرات عبر الفضاءات الأثيرية ؛ إلا الآباء والأمهات يلتقون بعد طول غياب وكأنهم عن الزمن والمكان مسافرون وفي يم الحياة مغامرون يلتفتون الى بعضهم في حياء وابتسام وصبر.
وسهل أن تلين الثلوج إذا وجدت بعض الدفئ والدبلوماسية أيضا .
وفي الدور أعين تحدق الى السماء ؛أكف تناجي ربها العلي القديرعلى القدير أن يلهم الصابرين مزيدا من الصبر ويجعل بعد الضيق مخرجا؛ أوليس الله بكاف عبده ؟ صلاة عطلت إلا من البيوت وتكبيرات تنادي خمسا أن الله أكبر من كل كبير ومن الوباء المرير وسهل أن نفهم الحياة بهذا المنظار أن تبنى الشخصيات والقيم والثروات على أرضية لا تقبل العبث والنهيار .
قال أحدهم رب ضارة نافعة قلت بعاميتي البسيطة على الله أسيدي وقال آخر غدا تشرق الشمس على أرض جديدة ومعدلات نمو لابأس بها ولكن ليس على حساب البشر الطيب ولكن شيء ثمن ردد ثالث .
لكن الفقير الى الله يرى بعينين سليمتين أن ما جرى ويجري امتحان لقدرة الانسان والعالم الصغير الى أي مدى يستطيع أن يعيش بماديته بمعزل عن الخوف والتيه والضياع ؟ لا شيء يجري خارج ارادة الله فليكن المعلم ورمز الالهام وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وليعش الانسان بعد ذلك في واحته الرحمانية دون خوف دون أحزان بالقلب والروح والعقل لمن كانت له عينان .
عبد الكريم لراك
29/03/2020