لا يُدرِكُ المَجدَ إلاّ سَيّدٌ فَطِنٌ*** لِمَا يَشُقُّ عَلى السّاداتِ فَعّالُ
البيت كما نرى لأبي الطيب المتنبي وهو يمثل المجد هذه المكانة الرفيعة التي يصبو اليها العديد من الناس ذوي الهمة العالية والارادة القوية بالمرتفع من الأشياء والذي يتطلب اضافة الى ما أشرنا اليه آنفا جانبا من الفطانة غير قليل فطانة الفكر والنباهة والشجاعة وذكاء الفؤاد ؛وأجمل من هذا وذاك قوة الشخصية فالمتنبي بعبقريته انتبه لقوة الشخصية وما تعنيه للمرء والمجتمع والأحداث من قدر وفعالية يقول :الا سيد فطن كلمتان خفيفتان لكنهما قويتان قوة المتنبي ومن كان على شاكلته ؛ في هذا المجال يقول الراحل جمال عبد الناصر:
إن الخائفين لا يصنعون الحرية، والضعفاء لا يخلقون الكرامة، والمترددين لن تقوى أيديهم المرتعشة على البناء ؛ ربما هذا ما كان يعنيه الكتنبي في قوله :
لا يُدرِكُ المَجدَ إلاّ سَيّدٌ فَطِنٌ*** لِمَا يَشُقُّ عَلى السّاداتِ فَعّالُ
هذا البيت من قصيدة طويلة رثى بها صديقه أبو شجاع حين كان بمصر يبتغي الولاية من كافور وقد ماطله هذا الاخير كما نعلم جميعا وأبو شجاع وفى لأبي الطيب وأحبه هذا الاخير ولكن سرعان ما رحل وبلغ ذلك الشاعر فرثاه في قصيد يقول في مطلعها :
لا خيل عندك تهديها ولا مال *** فليسعف النطق إن لم تسعف الحال
تَدرِي القَنَاةُ إذا اهْتَزّتْ برَاحَتِهِ*** أنّ الشقيَّ بهَا خَيْلٌ وَأبْطَالُ
أبُو شُجاعٍ أبو الشّجعانِ قاطِبَةً*** هَوْلٌ نَمَتْهُ مِنَ الهَيجاءِ أهوَالُ
إنْ كنتَ تكبُرُ أنْ تَخْتَالَ في بَشَرٍ*** فإنّ قَدْرَكَ في الأقْدارِ يَخْتَالُ
كأنّ نَفْسَكَ لا تَرْضَاكَ صَاحِبَهَا ***إلاّ وَأنْتَ على المِفضَالِ مِفضَالُ
ذِكْرُ الفتى عُمْرُهُ الثّاني وَحاجَتُهُ مَا قَاتَهُ ***وَفُضُولُ العَيشِ أشغَالُ
رحم الله أبا الطيب المتنبي
عبد الكريم لراك