الهيئات القضائية المختصة للنظر في قضايا الاحداث
من انجاز :
سعيد بيرام
كمال معين
محمد لطرش
محمد صالح
نور الدين الكوحل
عبد العالي المقوري
جواد اردوز
إن المغرب كغيره من الدول السائرة في ركب الحداثة واحترام الحق والقانون، سن نصوص قانونية وأحدث أجهزة واليات متخصصة في عدالة الأحداث بهدف السمو بالطفل، حيث انخرط المشرع المغربي في التواجد الدولي بشأن المعاملة القضائية للأحداث متبنيا مبادئ التكريم والعناية ذات الأصل الديني ثم تبنى أحكام الاتفاقيات والصكوك الدولية التي صادق عليها المغرب ، وخصص لقضاء الأحداث ومحاكمتهم المواد من 458 إلى 517 من قانون المسطرة الجنائية.
وإذا كان الهدف الذي توخاه هذا القانون هو حماية الأحداث وتقويم سلوكهم بقصد إعادة إدماجهم في المجتمع، فإنه لم يقصر هذه الحماية على الحدث الجانح أو ضحية الجريمة فقط، وإنما شمل بها كذلك الأحداث في وضعية صعبة، ومن مظاهر هذه الحماية إحداث هيئات قضائية مختصة للنظر في قضايا الأحدث سواء على مستوى المحاكم الابتدائية أو محاكم الاستئناف.
ومن هذا المنطلق فإنه من الضروري البحث في أهم الضمانات القانونية الخاصة بالأحداث التي تطبع هذا الموضوع، سواء على مستوى تشكيلة الهيئات المختصة في قضايا الأحداث أو على مستوى مسطرة محاكمتهم.
هذا ما يدفعنا إلى التساؤل عن الهيئات المختصة للنظر في قضايا الأحداث وطبيعة الإجراءات المسطرية المتبعة أمامهم؟
للإجابة عن هذا التساؤل سنقوم بدراسة الموضوع وفق الشكل التالي:
المطلب الأول: تأليف واختصاص الهيئات المنوط بها النظر في قضايا الأحداث.
المطلب الثاني: مسطرة المحاكمة أمام الهيئات المكلفة بقضايا الأحداث
المطلب الأول: تأليف واختصاص الهيئات المنوط بها النظر في قضايا الأحداث.
تحث الفقرة الثالثة من المادة 40 من اتفاقية حقوق الطفل على تبني مؤسسات وسلطات مختصة للنظر في قضايا الأحداث.
وتؤكد القاعدة رقم 14 من قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضايا الأحداث هذا الاختيار. وقد أوصت اللجنة التابعة للأمم المتحدة الحكومة المغربية بإنشاء قضاء متخصص.
ومن ثمة نص قانون المسطرة الجنائية المغربي على هيئات قضائية مكلفة بالأحداث أما كل من المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف. وهذه الهيئات وفق ما حددتها المادة 462 من ق.م.ج هي كالتالي:
- على مستوى المحاكم الابتدائية: قاضي الأحداث وغرفة الاستئنافات للأحداث.
- أما على مستوى محاكم الاستئناف فهي: غرفة الجنح الاستئنافية للأحداث، وغرفة الجنايات للأحداث، وغرفة الجنايات الاستئنافية للأحداث، ثم الغرفة الجنحية للأحداث.
وبالتالي سنقوم بدراسة تأليف الهيئات المختصة بالنظر في قضايا الأحداث على مستوى المحاكم الابتدائية في فقرة أولى، على أن نخصص الفقرة الثانية لدراسة هذه الهيئات على صعيد محاكم الاستئناف.
الفقرة الأولى: قضاء الأحداث على مستوى المحاكم الابتدائية
لقد أحدث قانون المسطرة الجنائية هيئات خاصة لمحاكمة الأحداث تماشيا مع الاتفاقيات التي صادق عليه المغرب في مجال حقوق الطفل، وبناء عليه فإن الهيئات القضائية المكلفة بالنظر في قضايا الأحداث سواء على مستوى المحاكم الابتدائية هي:
أولا: قاضي الأحداث
تنص المادة 467 من ق.م.ج على أنه: " يعين قاضي أو أكثر من قضاة المحكمة الابتدائية للقيام بمهام قاضي الأحداث لمدة ثلاثة سنوات قابلة للتجديد بموجب قرار لوزير العدل بناء على اقتراح من رئيس المحكمة الابتدائية.
في حالة حدوث عائق يمنع قاضي الأحداث للقيام بمهامه، يكلف رئيس المحكمة الابتدائية من يقوم مقامه بصفة مؤقتة بعد استشارة وكيل الملك..."
ويرأس هيئة محاكمة الأحداث أمام المحكمة الابتدائية قاضي الأحداث بحضور ممثل النيابة العامة ومساعدة كاتب الضبط. ويجب تحث طائلة البطلان أن تراعى تشكيلة هذه الهيئة مقتضيات المادة 297 من ق.م.ج. وهذا بخلاف ما ذهب إليه المشرع المصري حيث ألزم في المادة 28 من قانون الأحداث أن تتشكل محكمة الأحداث من قاضي واحد، يساعده خبيران احدهما على الأقل من النساء، ويكون حضورهما إجراءات المحاكمة وجوبيا، ويعين هؤلاء بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزير الشؤون الاجتماعية .
وتجدر الإشارة أن قاضي الأحداث لدى المحكمة الابتدائية يختص بالبت، وفقا لمقتضيات المواد 375 إلى 382 والفقرة السادسة من المادة 384 من ق.م.ج في قضايا المخالفات المنسوبة إلى الحدث البالغ من العمر ما بين 12 و18 سنة كما يختص في قضايا الجنح المنسوبة إليهم.
والملاحظ أن طريقة تعيين قاضي الأحداث على مستوى المحكمة الابتدائية تهيمن عليه وزارة العدل، وهو ما يشكل خرقا لمقتضيات الدستور، الذي أكد على في الفصل 107 من على أن السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية، وفي نظرنا يجب أن يتم تعيين قاضي الأحداث من طرف الجمعية بالمحكمة الابتدائية.
ويتضح كذلك من خلال هذه المسطرة أن قاضي الأحداث غير مختص من حيث التكوين، إذ لا يوجد ما يوحي بكونه يعين من صنف معين من القضاة، ويتمتع بخصائص معينة، تؤهل صاحبها للقيام بدوره الاجتماعي، وهذا يدل على إغفال المشرع لما تمليه الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب وخاصة المادة 40 من اتفاقية حقوق الطفل. وهذا بخلاف ما سار عليه المشرع التونسي الذي كان أكثر وضوحا بخصوص شخص قاضي الأحداث، فالفصل 81 من مدونة الإجراءات الجزائية التونسية تؤكد على ضرورة أن يكون القضاة الذين تتألف منهم تلك المحاكم مختصة في شؤون الطفولة، وتنص المادة 82 من نفس القانون إن قاضي الأطفال المختص بالنظر في المخالفات والجنح يعتبر قاضي من الرتبة الثانية.
ثانيا :غرفة الاستئنافات للأحداث
بالرجوع إلى المادة 1-484 يلاحظ أن المشرع الجنائي انسجاما مع الأوفاق الدولية المعنية بحقوق الطفل احدث غرفة الاستئنافات للأحداث لدى المحكمة الابتدائية، حيث تتألف هذه الأخيرة تحت طائلة البطلان من قاضي للأحداث بصفته رئيسا ومن قاضيين اثنين وتعقد جلساتها بحضور ممثل النيابة العامة ومساعدة كاتب الضبط.
وتختص هذه الغرفة بالنظر في الاستئنافات الصادرة عن قاضي الأحداث بنفس المحكمة إذا كانت العقوبة المقررة تعادل أو تقل عن سنتين حبسا وغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين فقط.
الفقرة الثانية: قضاء الأحداث على مستوى محاكم الاستئناف
أولا: غرفة الجنح الاستئنافية للأحداث
تختص هذه الغرفة بالنظر في استئناف الأحكام الصادرة عن قاضي الأحداث لدى المحكمة الابتدائية، وهذه الغرفة لا تعتبر من مستحدثات قانون المسطرة الجنائية الجديد، وتتألف هذه الغرفة استنادا للمادة 489 من ق.م.ج تحت طائلة البطلان من مستشار للأحداث بصفته رئيسا ومن مستشارين اثنين وتعقد جلساتها بحضور ممثل النيابة العامة وبمساعدة كاتب للضبط، وتختص بالنظر في استئناف الأحكام الصادرة عن قاضي الأحداث في قضايا الجنح ماعدا تلك المنصوص عليها في المادة 484 من ق.م.ج.
وبناء عليه فاختصاص هذه الغرفة ينحصر فقط في الاستئنافات المرفوعة ضد الأحكام الصادرة عن قاضي الأحداث في الجنح التأديبية.
ثانيا: غرفة الجنايات للأحداث وغرفة الجنايات الاستئنافية للأحداث
تعتبر غرفة الجنايات للأحداث من أهم مستجدات قانون المسطرة الجنائية وذلك إقرارا لمبدأ التقاضي على درجتين، وتتألف هذه الغرفة تحت طائلة البطلان من رئيس و من أربعة مستشارين، وتعقد جلساتها بحضور النيابة العامة ومساعدة كاتب الضبط، وتختص بالنظر في الجنايات والجنح المرتبطة بها المنسوبة للأحداث.
أما غرفة الجنايات الاستئنافية للأحداث فتتكون تحت طائلة البطلان من مستشار للأحداث بصفته رئيسا ومن أربعة مستشارين، وتعقد جلساتها بحضور ممثل النيابة العامة وبمساعدة كاتب الضبط، وتختص في الطعون المقدمة ضد الأحكام الصادرة عن غرفة الجنايات للأحداث.
المطلب الثاني: الإجراءات المسطرية أمام قضاء الأحداث.
تتميز الإجراءات المسطرية المرتبطة بالأحداث عند الإجراءات المسطرية المتعلقة بالرشداء ببعض الخصوصيات. وذلك راجع بالأساس إلى وضعية الحدث وموضوع المتابعة.
هذه الخصوصيات تبرز على مستوى بالجهة التي لها حق تحريك الدعوى العمومية.
الفقرة الأولى: تحريك الدعوى العمومية وخصوصية المسطرة المتبعة
اولا: مسطرة تحريك الدعوى العمومية.
طبقا للمادة 463من ق.م.ج. فإن وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية أو الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف المنتصب في دائراتها قاضي الأحداث أو مستشار الأحداث المختص يمارس الدعوى العمومية مند إجراء متابعة في المخالفات و الجنح و الجنايات التي يقترفها الحدث و لا يمكن بأي حال من الأحوال إقامة الدعوى العمومية في حق حدث من قبل الطرف المدني.
و في حالة ارتكاب جريمة يخول القانون فيها لإدارة عمومية الحق في متابعة مرتكبها الحدث فإن النيابة العامة هي وحدها صاحبة الاختصاص لممارسة هذه المتابعة استنادا على شكاية سابقة تقدمها الإدارة التي يهمها الأمر.
كما و أنه في إطار البحث التمهيدي يمكن لممثل النيابة العامة المختص إذا تعذر تسليم الحدث المتابع لمن يتولى رعايته أو كانت ضرورة البحث أو سلامته تقتضي الاحتفاظ به فإن ضابط الشرطة القضائية المكلف بالأحداث يحتفظ به لمدة لا يمكن أن تتجاوز مدة الحراسة النظرية يشرط ألا يتم ذلك إلا بموافقة النيابة العامة طبعا، كما لهذا الأخير خلال فترة البحث التمهيدي إخضاع الحدث لنظام الحراسة المراقب المنصوص عليما في المادة 471 من ق.م.ج. إذا كانت ضرورة البحث و سلامة الحدث تقتضي ذلك على ألا تتعدى مدته 15 يوما، و في جميع الأحوال يلزم إشعار ولي الحدث أو كل من له سلطة قانونية عليه، و هؤلاء يمنع عليهم إخبار رأي كان بما راجع خلال الاتصال بالحدث قبل انقضاء البحث التمهيدي.
كما يختص ممثل النيابة طبقا للمادة 460 ق.م.ج. بإعطاء الإذن للمكلفين بالحدث و المحامي المنتصب بالاتصال به عند وضعه رهن الحراسة المؤقتة أو عند إخضاعه لنظام الحراسة المؤقتة و ذلك تحت مراقبة ضابط الشرطة القضائية.
و بالرجوع للمادة 461 فإن النيابة العامة تحيل الحدث المشتبه فيه إلى قاضي الأحداث إذا وجد معه مساهمون أو شركاء رشداء فإنها تقوم بفصل متابعتهم عن متابعة الحدث بحيث تكون ملفا خاصا لهذا الأخير تحبله على قاضي الأحداث.
إذن و من خلال ما سبق فإن النيابة العامة هي وحدها التي تشرف على متابعة الحدث و بالتالي لا يمكن إقامة الدعوى العمومية مطلقا من طرف المطالب بالحق المدني هذا بخلاف القواعد العامة التي يمكن فيها كذالك للطرف المدني الحق في تحريك الدعوى العمومية .
ثانيا: خصوصيات المساطر في قضايا الأحداث.
من خلال اطلاعنا على المقتضيات القانونية الخاصة بقضاء الأحداث في قانون المسطرة الجنائية، نلاحظ أن المشرع أفرد لمسطرة الأحداث مجموعة من الخصوصيات تميزها على المسطرة المتعلقة بمحاكمة الرشداء.
و هذه الخصوصيات يمكن إجمالها في الآتي:
1) سرية الجلسات والإجراءات
يتبين من خلال مقتضيات المادة 478 ق.م.ج ان المشرع اشترط ضرورة أن تكون الجلسات المتعلقة بالأحداث سرية أثناء البحث و المناقشة، كما يجب بجلسة سرية يحضر فيما الحدث شخصيا و مساعدا من محامي و ممثله القانوني ما لم تعفيه المحكمة من الحضور، و إذا تغيب الحدث أو ممثله عن الحضور بعدما استدعى بصفة قانونية و لم يبرر تغيبه بأي عذر مقبول فإنه يتم البحث في القضية و يكون الحكم بمثابة حضوري طبقا للمادة 314 من نفس القانون.
و نطبق أثناء محاكمة الحدث مقتضيات المواد من 297 إلى 372 من ق.م.ج. مع مراعاة المواد الخاصة بالأحداث من المادة 476 إلى 484.
و طبقا لمقتضيات المادة 479 فإنه إذا كان في القضية شهود فإنه لا يقبل الحضور في البحث والمناقشات إلا الشهود في القضية و الولي أو الوصي أو الجهة المكلفة بالحدث أو أعضاء هيئات المحاماة و المتعاونين المكلفون بنظام الحرية المحروسة و القضاة و الحدث الذي قد يتقدم بمطالبه بالجلسة.
و يمكن للقاضي أو الرئيس أن يأمر في كل وقت بانسحاب الحدث من البحث و المناقشات كليا أو جزئيا و يعذر الحكم بحضوره ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك.
و مبدأ السرية هذا يمنع نشر أي بيانات عن الجلسات في أي وسيلة من وسائل الإعلام و النشر أو غيرها .
كما يمنع نشر كل نص أو رسم أو صورة تتعلق بالهوية و شخصية الأحداث الجانحين تحت طائلة الحكم على المخالف بالعقوبات المصورة قانونا .
2) ضرورة مؤازرة الحدث من طرف المحامي.
تتم المادة 478 من ق.م.ج. على أن الحدث يجب أن يحضر شخصيا و مساعدا من طرف محامي و ممثله القانوني.
و حافظ المشرع على مؤازرة المحامي للحدث مرتكب الفعل الجرمي في مراحل الدعوى و المحاكمة تحت طائلة البطلان.
و نشير إلى أنه إذا لم يختار الحدث أو ممثله القانوني محاميا فيعينه له قاضي الأحداث تلقائيا أو يدعوا نقيب هيئة لتعيينه .
3) حفظ البت إلى حين البت في قضايا الرشداء
بالرجوع لمقتضيات المادة 461 من ق.م.ج. فإنه إذا وجد مع الحدث مساهمون أو مشاركون رشداء وجب فصل قضيتهم عن القضية المتعلقة بالحدث و تكون النيابة العامة ملفا خاصا للحدث تحيله على قاضي أو المستشار المكلف بالأحداث كل حسب اختصاصه.
ويمكن تبعا لنص المادة 464 من ق.م.ج. للمتضرر من الجريمة التي اقترفها الحدث أن يطالب بالحق المدني و تقام الدعوى المدنية مع إدخاله لممثله القانوني المسؤول مدنيا أمام قاضي الأحداث أو غرفة الأحداث لدى المحكمة الابتدائية في قضايا الجنح أو أمام المستشار المكلف بالأحداث أو أمام غرفة الجنايات للأحداث لدى محكمة الاستئناف في قضايا الجنايات و الجنح و المرتبطة.
وإذا اتهم في القضية الواحدة متهمون رشداء وآخرون أحداث وتم فصل المتابعة في حق هؤلاء الآخرين فإن الدعوى المدنية التي يمارسها المتضرر طبقا للمادة 465 من ق.م.ج. إلى الهيئة الزجرية التي يعهد إليها بمحاكمة الرشداء وفي هذه الحالة لا يحضر الحدث في المناقشات و يحضر بالنيابة عنه في الجلسة ممثله القانوني ويمكن أن يؤجل البحث في الدعوى المدنية إلى حين الفصل نهائيا في حق الأحداث.
الفقرة الثانية: الأحكام الصادرة في حق الحدث
نظرا للوضعية الخاصة للحدث فإنه لا يمكن التعامل معه على أنه مجرد شرير عدو للمجتمع ميؤوس منه، بل يجب اعتباره مخطئا فقط وأنه في وضعية يمكن تدارك علاجها ومحتاج إلى رعاية تعيده نحو طريق الرشد، وأنه إنسان لا يحتاج إلى عقاب بقدر ما يحتاج إلى إصلاح و تهذيب كل ذلك بغية الوصول إلى تقويم شخصيته وإعادة تأهيله نفسيا واجتماعيا كي يصبح عنصرا صالحا لدى المجتمع، لهذا الموضوع المشرع مجموعة من التدابير بقصد الإصلاح.
اولا: التدابير الخاصة بالحدث
1: التدابير الخاصة بالأحداث داخل المحيط الأسري
• التنبيه و التوبيخ
المشرع المغربي من بين التشريعات التي تبنت التوبيخ وذلك بمقتضى المادة 468 من ق.م.ج. في فقرتها الثانية على أنه في حالة ثبوت المخالفة يمكن للقاضي أن يقتصر إما على توبيخ الحدث أو الحكم بالغرامة المنصوص عليها قانونا هذا بالنسبة للحدث الذي يتراوح عمره ما بين 12 و18 سنة، أما الأحداث أقل من 12 سنة فقد عوض المشرع مصطلح التوبيخ بتنبيه الحدث طبقا للمادة 480 من ق.م.ج.، وذلك راجع بالأساس لانعدام التمييز لهذه الفئة.
كما أن التنبيه مشروط بارتكاب الحدث جنحة معاقب علما بأكثر من 2 سنوات لأن المادة 480 في فقرتها الثانية تنص على ذلك.
• التسليم:
أعطى المشرع المغربي لقاضي الأحداث أو المستشار المكلف بالأحداث إمكانية تسليم الحدث إلى أبويه أو الوصي أو المقدم عليه أو كافله أو لحاضنه أو للمؤسسة أو للشخص جدير بالثقة أو للشخص المكلف برعايته و هذا الترتيب إلزامي طبقا للمادة 481 وهو الأمر الذي نصت عليه المادة 493 أمام محاكم الاستئناف.
• الحرية المحروسة:
و يعني نظام الحرية المحروسة إخضاع الحدث للإشراف والتتبع التربوي لإعادة تربيته وتجنبه كل عود إلى الجريمة (المادتان 497 و 498 ) وبذلك يتبين أن الطبيعة القانونية لنظام الحرية المحروسة هي أنه تدبير للحماية والتهذيب، أي تدابير احترازي و تربوي محض .
و يكون الدور المنوط للمندوب على اعتباره أنه المشرف على نظام الحرية المحروسة هو محاولة تدارك الصعوبات التي يعيشها الطفل داخل الأسرة وخلف جو من التعاون بين الحدث و أسرته.
2: التدابير الخاصة بالحدث داخل المحيط المؤسساتي:
هناك مجموعة من المراكز الخاصة لحماية الطفولة نذكر منها:
• فرع الملاحظة: يودع به الحدث بصفة مؤقتة لمدة تتراوح ما بين 3 أسابيع و 3 أشهر، حيث يتم تسليمه إما لأسرهم أو إلى مراكز إعادة التربية أو مؤسسة أخرى متخصصة حسب منطوق الحكم الذي يعتمد في غالب الأحيان على بحث اجتماعي.
• مراكز خاصة بالتعليم: و فيما يقوم المربون بالحفاظ على المستوى التعليمي للأحداث المحاليين تعليما إلى أن يصلوا إلى قسم الشهادة الابتدائية و عندئد يعودون إما إلى أسرهم لإتمام دراستهم وإما إلى أندية العمل الاجتماعي، و إما إلى أحد المراكز المهيئة لذلك.
• مراكز الخاصة بالتكوين المهني: وتتراوح مدة التكوين بهذه المراكز ما بين سنة إلى 3 سنوات تخصص السنة الأولى للاستئناس و السنة الثانية للتخصص و السنة الثالثة للإنتاج و التأهيل و يتابع الأحداث دروسهم في الميكانيك و النجارة و الكهرباء، و يحصلون على دبلومات.
• مراكز خاصة بالتكوين الفلاحي: وهي تستقبل الأحداث الذين لا يتوفرون على مستوى دراسي معين و عادة ما يكون من البادية
• أندية العمل الاجتماعي: تشكل الأندية مرحلة انتقالية بين مؤسسة إعادة التربية ووسط الحدث العائلي وهي عبارة عن مؤسسات مفتوحة في وجه الأحداث الذين غادروا مراكز إعادة التربية حيث واصلوا دراستهم و تكوينهم حتى حصلوا على دبلوم و يكونون في أمس الحاجة إلى مرحلة انتقالية بين نظام الحياة داخل المركز و بين الحياة في وسطهم الطبيعي.
وهدف هذه الأندية تمكين الحدث من مواصلة تعليمه الثانوي إذا كان يدرس.
ثانيا: العقوبات الصادرة ضد الحدث
1: العقوبات الحبسية
يقصد بالعقوبات السالبة للحرية الجزاء البدني الذي يوقعه المشرع على مرتكب الفعل الجرمي وتنفيذ داخل المؤسسات السجنية.
وبقراءة لمقتضيات ق.م.ج. يلاحظ أنه يمنع إيداع الحدث الذي لم يبلغ بعد سن 12 سنة بعكس الأمر بخصوص الأحداث الذي يتراوح سنهم ما بين 12 سنة و 18 سنة الذين يمكن أن يطبق في حقهم عقوبات سالبة للحرية بالإضافة إلى التدبير المتخذ.
وقاضي الأحداث في بعض الأحيان يكون مضطرا لاستبدال التدابير التربوية أو إتمامها بعقوبة حبسية خصوصا إذا كان الحدث المنحرف خطيرا مع مراعاة سنه بحيث لابد من تجاوز 12 سنة وإلا تعرض إجراء القاضي للنقض.
2: الغرامات المالية:
الغرامة هي عقوبة تتصل بالذمة المالية للمحكوم عليه و تتمثل في الالتزام بأداء مبلغ مالي معين لفائدة الخزينة العامة.
وقد جاء في مقتضيات المادة 468 من ق.م.ج. أنه في حالة ثبوت المخالفة يمكن للقاضي أن يقتصر إما على توبيخ الحدث أو الحكم بالغرامة المنصوص عليها قانونا .
ويتبين من خلال مقتضيات هذه المادة أن المشرع جعل من التوبيخ و الغرامة هما الأنسب في التطبيق على الحدث مرتكب المخالفة إلا أن ما يثير الانتباه هو عدم تنصيص المشرع على استثنائية الغرامة بالنسبة للحدث المخالف كما فعل بالنسبة للحدث المرتكب للجنحة، حيث تنص المادة 482 من ق.م.ج. "أنه يمكن لغرفة الأحداث بصفة استثنائية أن تعوض أو تكمل التدابير بعقوبة حبسية أو مالية بالنسبة للأحداث يشرط أن تتراوح أعمارهم بين 12 و 18 سنة بالإضافة إلى تعليل قرار التغيير.
خـــــــــــــــــــــــــــــــــــاتمة
من خلال رصد الإجراءات المسطرية المتعلقة بالأحداث فإننا سجلنا بعض الخصوصيات التي تميزها عن المسطرة المتعلقة بالرشداء، و هذه الخصوصية راجعة بالأساس إلى أن المشرع في إطار التزاماته الدولية كعضو في هيئة الأمم المتحدة و مصادقته على اتفاقية حقوق الطفل، و أخذا كذلك بما جاء في التوصية رقم 12 الموجهة من لجنة حقوق الطفل للأمم المتحدة إلى المغرب، حاول من خلالها المشرع تكييف قواعد المسطرة الجنائية مع ما اعتمدته المنظومة الدولية في مجال قضاء الأحداث.