منقول للافادة
المقدمة :
المبحث الأول : الطبيعة القانونية لشرط الإحتفاظ بالملكية
المطلب الأول : طبيعة لشرط الإحتفاظ بالملكية في التشريع الوضعي.
الفقرة الأولى : شرط الإحتفاظ بالملكية في القانون المغربي.
الفقرة الثانية : شرط الإحتفاظ بالملكية في القانون المقارن.
المطلب الثاني : شرط الإحتفاظ بالملكية بين الفقه و القضاء.
الفقرة الأولى : موقف الفقه .
الفقرة الثانية: موقف القضاء .
المبحث الثاني: آثار شرط الاحتفاظ بالملكية في المادة التجارية.
المطلب الأول : آثار اشتراط الاحتفاظ بالملكية فيما بين الأطراف.
الفقرة الأولى: نقل الملكية.
الفقرة الثانية : تبعة هلاك المبيع.
المطلب الثاني :آثار شرط الاحتفاظ في مواجهة الدائنين.
الفقرة الأولى : نفاذ شرط الاحتفاظ بالملكية .
الفقرة الثانية : حجية الشرط أمام الغير المتصرف إليه.
خاتمة :
المـــقـدمــة :
تعتبر مؤسسة الملكية مؤسسة قائمة الذات عرفت تطورا عبر محطات تاريخية مختلفة وذلك كنتيجة للتطور الذي شهده المجال القانوني على المستويين النظري و العملي بفعل الحركية التي تعرفها التصرفات القانونية يوما بعد يوم و بفعل تطور مفهوم الإلتزام في الرابطة العقدية التي تجمع أطراف العقد كأصل عام.
و الاحتفاظ بشرط الملكية ما هو إلى ناتج عن هذا التطور الذي فرضته الحياة العملية و العلمية حيث كان لهذا أثره في ضرورة البحث عن وسيلة لضمان تنفيذ الالتزام يمكن من خلالها مواجهة المخاطر التي تهدد أحد مراكز العقد مما هو أصلا طرفا فيه و تبلور حماية تستجيب للتقلبات و التطورات الاقتصادية في الميدان التجاري.
و عليه فإذا كان شرط الاحتفاظ بالملكية يشكل إستثناءا يستند إلى إرادة المتعاقدين عن المبدأ الذي يقرر إنتقال الملكية كأثر فوري للعقد الذي يؤطر هذا الانتقال, فإن جوازه يتصل بقاعدة مفادها هل هذا التصرف العقدي مرتبط بالنظام العام أم لا,مما يفسح المجال في حالة العدم أمام نفاذ هذا الشرط بين أطرافه على أساس إتفاقي هدفه الأساسي و الأسمى توفير التأمين المناسب للمالك من خلال ضمان تنفيذ الإلتزام المقابل لإنتقال حق الملكية من يد المالك الأصلى إلى المالك الجديد.
الأمر الذي يجعلنا نتسأل و بحق عن الطبيعة القانونية لشرط الاحتفاظ بالملكية ؟
و الآثار التي يمكن أن تنتج عن هذا الشرط ؟
المبحث الأول : الطبيعة القانونية لشرط الإحتفاظ بالملكية .
إن دراسة الطبيعة القانونية لشرط الإحتفاظ بالملكية يقتضي الأمر التطرق إلى موقف التشريع من هذا الشرط (المطلب الأول)، على أن نتطرق فيما بعد إلى الإتجاهات الفقهية والقضائية التي حاولت تحديد الطبيعة القانونية لهذا الشرط (المطلب الثاني).
المطلب الأول : طبيعة شرط الإحتفاظ بالملكية في التشريع الوضعية.
الفقرة الأولى : شرط الإحتفاظ بالملكية في القانون المغربي :
انطلاقا من نصوص قانون الإلتزامات والعقود، يتبين لنا أن المشرع المغربي لم يشر صراحة إلى شرط الإحتفاظ بالملكية وبالتالي نفترض أن المشرع إما أنه لم ينتبه إلى هذا الشرط، وإما أنه فضل الإكتفاء بالقواعد العامة للشرط في ق.ل.ع لتنظيـمه، بحيث إذا اعتبر شرطا فاسخا تم تطبيق الأحكام المتعلقة بالشرط الفاسخ، أم إذا اعتبر بيع مضاف إلى أجل أخضع لأحكام هذا البيع.
لكن بالرجوع إلى القواعد العامة لعقد البيع نجد أنه بمجرد تراضي الطرفين تنتقل الملكية إلى المشتري، وبالتالي قد يظهر من الوهلة الأولى أن إعمال شرط الإحتفاظ بالملكية مخالف لهذه القواعد، لكن بما أن هذا الشرط لا يخالف النظام العام، ولا يتنافى مع إرادة المشرع الذي أعطى الإمكانية للأطراف أن يضمنوا عقودهم ما أرادوا من شروط باعتبار العقد شريعة المتعاقدين، شريطة أن لا يخرجوا عن روح القانون والنظام العام.
وما قلناه لا يعني أن القانون المغربي لا وجود فيه لهذا الشرط، إذ نجد عدة تطبيقات لهذا الشرط في عدة قوانين خاصة من بينها ظهيـر 17 يوليوز 1936 المتمم لظهيري 6 يوليوز 1953 و ظهيـر 22 أبريل 1957 المتعلق ببيع السيارات بالطلق الذي جاء في مادته السادسة أنه فيما يرجع لبيع السيارات بالسلف حسب ما هو منصوص عليه في الفصلين 3 و 4 يحتفظ البائع بملكية المبيع وتوابعه حتى نهاية أداء كامل ثمن البيع من طرف المشتري ولو أصبح المدين في حالة إفلاس أو عجز عن الوفاء بالديون، ولو كانت السيارة في حيازة أي كان[1].
كما نجد تطبيقا آخر لشرط الإحتفاظ بالملكية على مستوى مدونة التجارة في إطار عقد الإئتمان الإيجاري والمعروف بالإنجليزية ب Leasing [2] قد نظمه المشرع في الفصول من 431 إلى 442 من مدونة التجارة، ويمكن القول بأنه عقد تقوم فيه شركة مالية متخصصة ومرخص بها، بشراء ما يحتاج إليه المستثمر والمقاولة من معدات وآلات وأدوات النقل للأغراض المهنية، أو عقار في اسمها مشيد أو في طور التشييد، وكل هذا بعد اختيار المستفيد من هذه العملية للمورد وكل ما يحتاج إليه، ثم الإتفاق في الوقت ذاته مع هذا الأخير على كل المواصفات التي يرغب فيها وتاريخ التسليم[3].
إلا أن شرط الإحتفاظ بالملكية يبرز بشكل واضح من خلال المادة 672 من مدونة التجارة التي تنص على أنه " يمكن أيضا استرداد البضائع المبيعة شرط الأداء الكامل للثمن مقابل نقل ملكيتها، إذا كانت هذه البضائع موجودة بعينها وقت فتح المسطرة…"
وقد قيد هذا الفصل فعالية شرط الإحتفاظ بالملكية في إطار مساطر التسوية أو التصفية القضائية بمجموعة من الشروط[4]، كما أن اشتراط الإحتفاظ بالملكية في هذا الإطار يجعل البائع المستفيد منه لا يعتبر دائنا عاديا، وذلك لأنه يستند إلى حق الملكية باعتباره ضمانة عينية يمكنه الإحتجاج بها في مواجهة المساطر الجماعية للمشتري[5].
من هنا يتضح أن المشرع أعطى أهمية كبيرة لشرط الإحتفاظ بالملكية في الميدان التجاري نظرا للدور المهم الذي يمكن أن يلعبه بين التـجار.
الفقرة الثانية: شرط الإحتفاظ بالملكية في القانون المقارن.
نظم المشرع الفرنسي شرط الإحتفاظ بالملكية في قانون 12 ماي 1967 في عقود البيع، لكن اكتفى بتنظيم آثار هذا الشرط بالنسبة للغير في إطار إجراءات التسوية القضائية وتصفية الأموال[6] ودون التطرق لآثاره فيما بين الأطراف. وقد نص في المادة الأولى عن هذا القانون على وقف نقل الملكية إلى غاية الوفاء بكامل الثمن متبنيا بذلك الآثر الواقف لشرط الإحتفاظ بالملكية، وبالتالي تبقى الملكية في يد البائع إلى غـاية أداء مجموع الثمن. لكن ما يعاب على المشرع الفرنسي في هذا الإطار هو عدم تبيان الأساس الذي يستند إليه المشتري في الإستعمال والتصرف في المبيع المحتفظ بملكيته، علما بأنه لم يصبح بعد مالــكاً[7]
ويؤدي التكييف القانوني أعلاه إلى نتيجة مهمة تتمثل في كون البائع هو الذي يتحمل تبعة هلاك الشيء المبيع، رغم أنه يكون في يد المشتري وهنا تكمن الخطورة، وبالتالي كثيرا ما يعمد البائع إلى إضافة شرط آخر لشرط الإحتفاظ بالملكية هو شرط يجعل المشتري يتحمل تبعة هلاك الشيء المبيع خاصة أنه لا يوجد ما يمنع الأطراف من الإتفاق على إدراج هذا الشرط في عقد البيع لكونه يستند إلى إرادة الأطراف الحـرة.
كما أن المشرع الفرنسي لم يتعرض لما إذا كان البائع ملزماً بإرجاع الأقساط التي تلقاها من الثمن، وذلك عندما يسترد البضاعة من المشتري، أما أنه يحتفظ بها على سبيل التعويض[8]
ينص الفصل 430/1 من القانون المدني المصري على أنه " إذا كان البيع مؤجل الثمن، جاز للبائع أن يشترط أن يكون نقل الملكية إلى المشتري موقوفا على استيفاء الثمن كله ولو تم التسليم"
انطلاقا من النص أعلاه يتضح أن المشرع المصري أكثر وضوحاً من نظيره الفرنسي وكذا الألماني [9]، كما أن النص المصري جاء أكثر عمومية ولا يقتصر على بيع المنقول، إنما يمكن إدراجه حتى في بيع العقار.
إلا أن أهمية شرط الإحتفاظ بالملكية تقتصر على المنقول لكونه يهدف إلى استرداد الشيء المبيع من يد المشتري لامتناع ذلك أصلا[10]. أما بالنسبة للعقار فيمكن الإستغناء عن هذا الشرط باتفاق كل من البائع والمشتري على تأخير التسجيل بالمحافظة العقارية إذا كان العقار محفظ.
ورغم صراحة الفصل 430 المذكور نجد أن شرط الإحتفاظ بالملكية عديم الأهمية وذلك لأسباب مختلفة، أبرزها رفض القضاء المصري إعماله في حالة إفلاس المشتري، وبالتالي ليس بإمكان البائع هنا استرداد المبيع.
واستند بعض الفقه إلى الفصل 430 المذكور وذهب إلى أن البيع الذي تنظمه هذه المادة، ليس بات، إنما معلق على شرط واقف يتمثل في وفاء المشتري بالثمن في الميعاد المحدد.
فيما ذهب اتجـاه فقهي آخر إلى أن البيع مع شرط الإحتفاظ بالملكية ينعقد باتا، وغير موقوف على شرط، والثمن فيه يكون مؤجل إضافة إلى أن انتقـال الملكية يرتبط بوفاء المشتري بالثمن.[11]
المطلب الثاني : شرط الإحتفاظ بالملكية بين الفقه والقضاء.
في هذا المطلب سوف نتطرق إلى الإتجاهات الفقهية التي عملت على تحديد الطبيعة القانونية لشرط الإحتفاظ بالملكية (الفقرة الأولى)، على أن نتطرق إلى موقف القضاء أيضا من الطبيعة القانونية لهذا الشرط (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : موقف الفقه .
لقد اختلف الفقه حول تحديد طبيعة شرط الإحتفاظ بالملكية، فالإتجاه الأول يعتبر أن البيع مع شرط الإحتفاظ بالملكية هو بيع مضاف إلى أجل واقف، إذ يتفق الأطراف على تأخير تنفيذ العقد إلى حين حلول الأجل وهو الموعد المحدد لدفع الثمن، وبحلول هذا الموعد فإنه يتم الوفاء بكامل الثمن، فتنتقل الملكية من البائع إلى المشتري إبتداءا من هذا الوقت، وذلك بعكس لو كيف هذا البيع على أنه بيع معلق على شرط واقف.
واعتبارا أن البيع مع شرط الإحتفاظ بالملكية بيعا مضافا إلى أجل واقف، فإن المبيع يظل ضمن عناصر الذمة المالية للبائع وذلك إلى حين حلول الأجل ودفع الثمن.[12]
في حين أن هناك إتجاه ثان يعتبر أن البيع مع شرط الإحتفاظ بالملكية هو بيع معلق على شرط واقف[13].
فشرط الوفاء بالثمن هو شرط واقف يرتبط بتحققه وجود البيع ذاته ولا يعقد البيع قبل الوفاء، وبالتالي فإنه يبقى البائع مالكا للمبيع، ولا تنتقل الملكية للمشتري قبل الوفاء بكامل الثمن.
فالبائع حسب هذه النظرية يكون له الحق في التصرف في المبيع خلال الفترة المحددة لدفع الثمن، ففي حالة الوفاء فإن العقد يرتب آثاره بأثر رجعي أي منذ إبرامه معلقا على شرط.[14]
في حين أن هناك إتجاه ثالث يرى عكس ما يراه الإتجاهان السابقان، إذ أنه يعتبر أن البيع مع الإحتفاظ بالملكية هو بيع معلق على شرط فاسخ وهذا الشرط هو عدم الوفاء بالثمن في الميعاد المتفق عليه في العقد.
هذا يعني أن للمشتري التملك وبكيفية تامة للشيء إلا أن حقه هذا يكون مهددا بالزوال طيلة المدة المتفق عليها بأداء الثمن بحيث إذا تم أداء الثمن أصبح البيع تاما ولم يبق مهددا بالزوال، أما في حالة إذا لم يف المشتري بالثمن في الميعاد المحدد يتحقق الشرط الفاسخ ويترتب عن هذا زوال حق المشتري في المبيع وبأثر رجعي بقوة القانون.
الفقرة الثانية : موقف القضاء .
إن محكمة النقض الفرنسية إعتبرت أن شرط الإحتفاظ بالملكية لحين الوفاء بكامل الثمن هو بيع معلق على نقل الملكية وبالتالي نكون أمام شرط واقف لنقل الملكية وليس لتكوين العقد، وتبنت هذا الإتجاه فيما يعرف بقضية " Affaire Macarose" وذلك بتاريخ 21 نونبر 1979، إذ أن شركة اقتنت من شركة أخرى مجموعة من معدات واحتفظت الشركة الموردة بملكية البضاعة لحين الوفاء بكامل الثمن، تم تسليم كل المعدات وتثبيتها لدى الشركة المشترية، وقد شب حريق قبل الإنتهاء من اللمسات الأخيرة لتركيب وتجربة المعدات فقضى تماما على التجهيزات المقامة بما في ذلك البضاعة المحتفظ بملكيتها، فطلبت الشركة الموردة الجزء المتبقى من الثمن، غير أن الشركة المشترية رفضت الدفع وطلبت استرداد الفرق بين الجزء المدفوع من الثمن ومبلغ التعويض الذي تقاضته من المؤمـن.
فعرض الأمر على محكمة ستراسبورغ التي قضت بتحميل المشتري المخاطر والتزامه بدفع الثمن، وقد أيدت محكمة الإستئناف "كولمار" الحكم استنادا إلى أن البيع معلق على شرط فاسخ، ومن تم فإن المشتري كان مالكا للبضاعة وقت هلاكها ويتحمل بالتالي تبعة المخاطر، ويلتزم بدفع كل الثمن.
فنقضت محكمة النقض الحكم مقررة أن شرط الإحتفاظ بالملكية ليس شرطا فاسخا وإنما هو شرط واقف.[15]
المبحث الثاني : آثار شرط الاحتفاظ بالملكية في المادة التجارية .
إن كان اشتراط الاحتفاظ بالملكية كبند من بنود العقد ، فانه لا محالة سيختلف في آثاره عن العقد البسيط ، و بالتالي تختلف العلاقة التعاقدية بين الأطراف المتعاقدة ، هذه العلاقة إما أن يتناولها الأطراف بالتنظيم عبر الاتفاق المنظم بينهما ، و إما أن يغفلوا عن هذا التنظيم تاركين ذلك للقواعد العامة. [16]مما يستوجب منا دراسة آثار شرط الاحتفاظ بالملكية فيما بين الأطراف (مطلب أول) ، و لما كانت الحيازة مظهرا من مظاهر التملك فان (الأغيار) الدائنين لا محالة سيطالهم آثار هذا الشرط و ذلك ما سنحاول معالجته في (مطلب ثاني) .
المطلب الأول : آثار اشتراط الاحتفاظ بالملكية فيما بين الأطراف .
إن اشتراط الاحتفاظ بالملكية لا يعني عدم تمكين المشتري من الانتفاع بالشيء المبيع لكن الذي يعنيه هو بقاء البائع هو المالك القانوني للشيء موضوع العقد . أما المشتري فله حيازة المبيع و الانتفاع به دون إمكانية التصرف فيه ، و بالتالي نكون أمام موقف خاص يختلف في أبعاده و مضمونه عن العلاقة العادية التي تتولد عن عقد البيع البسيط[17] فيكون المشتري مجرد مالك عرضي ، له الملكية الاقتصادية .
ونظر لتشعب هذه العلاقة فان الاطراف اما ان يتركوا الشرط دون تنظيم و هو ما يعرف بالشرط البسيط أو أن ينظموا العلاقة بينهم فنكون أمام شرط مركب أو متطور[18] ، أما إذا لم ينظموه فان الإشكال يثار . مما يحتم علينا التحدث عنه في مرحلة لاحقة.
•الفقرة الأولى: نقل الملكية.
نظريا يبدو وجود اشتراط الاحتفاظ بالملكية في العقد أمرا بسيطا ، غير أن الواقع العملي يفرز العديد من الإشكاليات التي تمس هاته العملية ، نظرا لكون المشرع المغربي لم ينظم بكيفية دقيقة هذا الشرط.[19]
فمن الناحية النظرية ، الشرط الواقف في العقد لا يرتب آثاره إلا بتحققه. وفي هذه الحالة فان البيع يكون معلقا على شرط واقف ، أي أن البائع يظل محتفظا بالملكية إلى حين استيفاء الثمن كاملا . و يبدو الأمر أكثر يسرا خصوصا إذا كان البائع يحتفظ بالملكية و الحيازة في آن واحد. فيكون له حق التصرف و الاستغلال والاستعمال دون أن يكون مسؤولا جنائيا عن ذلك لأنه يتصرف في نطاق ملكيته ، لكنه يكون معرضا للجزاء المدني المرتكز على الإخلال بالتزام تعاقدي.[20]
غير أن انتقال الحيازة إلى المشتري يطرح عدة إشكالات، خصوصا أن الحيازة لا تمكن من التملك ، خاصة في العقود الشكلية (العقار والأشياء التي يمكن رهنها رهنا رسميا مثلا) أما إذا لم يكن المبيع مشمولا بالشكلية كالمنقولات عموما فان القاعدة السائدة أن "الحيازة في المنقول سند الملكية" .
أما من الناحية العملية:فان الأطراف يلجأوون إلى تنظيم هذه العلاقة فيما بينهم بطريقة تحقق الغاية من البيع و تتناسب مع مصلحة الأطراف في تحديد نطاق أعمال هذا الشرط ، و شروط انتقال الملكية .
و رغم أنه عادة ما يكون شرط الاحتفاظ بالملكية واضح ، الأثر في حالة عدم استيفاء الثمن فيكون للبائع حق الاسترداد تماشيا مع مقتضيات الفصل 582 ق.ل.ع : (إذا ورد البيع على منقولات ولم يمنح أجل لأداء الثمن فانه يجوز ايضا للبائع عند عدم أداء الثمن أن يسترد المنقولات الموجودة في يد المشتري اوان يمنعه من بيعها…) و الفصل 674 من مدونة التجارة. .ومن خلال التمعن في مضمون هذا النص نلاحظ أن المشرع قد خول للبائع امتيازا على المنقول الذي تسلمه المشتري حيث يجوز له استرداده أو منع المشتري من التصرف فيه متى توفرت الشروط التالية :
1.إن يتعلق الأمر بمبيع من المنقولات ، أما البيع الواقع على العقار فلا ينصر ف إليه حكم هذا الفصل
2.أن يكون الثمن دينا في ذمة المشتري المستحق الأداء، إما إذا كان البائع منح للمشتري أجلا للوفاء بالثمن فانه لا مجال لتطبيق مضمون الفصل 582 ق.ل.ع
3.إن يكون الشيء المبيع في حيازة المشتري
4.انه يتعين على البائع ان يتقيد بمهلة الخمسة عشر يوما المنصوص عليها في الفصل أعلاه كأجل أقصى لقبول طلب الاسترداد، ويتم حساب هذه المهلة بتاريخ تسليم المبيع للمشتري وليس من تاريخ إبرام العقد.[21]
غير أن هذا الاسترداد يصطدم بعدة عقبات ناتجة عن الامتناع غير المشروع عن الوفاء الدين من جانب المشتري ، رغم أن المشرع قد خول للبائع ضمانات قانونية لحماية حقه في استيفاء الثمن ، في الاسترداد فله أن يطالب استرداده حسب ما يقضي به القانون و خارج هذين الخيارين فله أن يطالب بالتنفيد العيني لعقد البيع أو المطالبة بفسخه قضائيا [22] غير أن تغير حالة المبيع عن طريق تحويله أو إدماجه في مادة أخرى ، و استهلاك المبيع كالمواد الأولية و التصرف فيه إلى الغير حسن النية ، و هنا يصطدم بواقع انتقال الملكية إلى شخص لا تربطه أي رابطة قانونية و هذا ما يعقد الوضع[23].
•الفقرة الثانية : تبعة هلاك المبيع .
كما هو معلوم فان الامتناع غير المشروع عن الوفاء بالثمن يخول للبائع الحق في حبس المبيع إذا كانت حيازته في يده ، و بالتالي يكون البائع إذ باشر حقه في حبس المبيع وفقا لما هو منصوص عليه في الفصلين 505 و 507 قلع فانه يبقى مسؤولا عن الشيء المبيع مسؤولية الدائن المرتهن رهنا حيازيا لمنقول عن الشيء المرهون الذي في حوزته الفصل 507 ق.ل.ع و يمكن استخلاص هذه المسؤولية في الفصلين 301 و 508ق ل ع .
لكن في الغالب ما تنتقل هذه الحيازة إلى يد المشتري و هذا الوضع يطرح إشكالية هامة تتمثل في تحمل تبعة هلاك الشيء المبيع ، هل تبقى على عاتق المشتري باعتباره الحارس عن الشيء آم أنها تبقى على المالك الحقيقي إلى حين اكتمال انتقال الملكية إلى المشتري . وهذا ما سنحاول دراسته من خلال نقطتين : الأولى في قواعد تحمل تبعة هلاك المبيع و الثانية في اثر شرط الاحتفاظ بالملكية على تبعة الهلاك .
• قواعد تحميل تبعة هلاك المبيع :
وفقا لنص الفصل 493 ق ل ع فان القاعدة العامة هي أنه بمجرد تمام عقد البيع فان المشتري هو الذي يتحمل تبعة الهلاك و الضياع لكون أنه أصبح مالك للشيء المبيع منذ هذا التاريخ ، غير أن هذه القاعدة تخضع لعدة استثناءات اقتصرها بعض الفقه[24] في البيوع الموقوفة على شرط التجربة أو المذاق ، و كان حريا على هذا الجانب من الفقه أن يضيف البيوع المتضمنة لشرط الاحتفاظ و ذلك لشيوعها وبدء انتشارها في الثقافة التجارية والقانونية المغربية.
و من خلال استقراءنا لقانون الالتزامات والعقود (الفصلين 273 و 274ق ل ع) نرى أن الفيصل في تحمل تبعة هلاك الشيء المبيع هي واقعة التسليم ، حيث أن المشتري يصبح مسؤولا عن هلاك الشيء المبيع بتسلمه و تنتفي مسؤولية البائع ، اللهم إذا نتج الهلاك عن تدليس هذا الأخير أو خطئه الجسيم .
بالإضافة إلى ذلك فان البائع لا يلزم إلا برد الثمار لتي جناها فعلا أثناء مطل المشتري ، بل أن له من ناحية أخرى الحق في استرداد المصروفات الضرورية التي اضطر إلى إنفاقها لحفظ الشيء و صيانته و كذلك مصروفات العروض المقدمة منه و ذلك حسب مقتضيات الفصل (274 ق ل ع ).
و برجوعنا إلى الفصل (493 ق ل ع) فان المشتري يتحمل الضرائب و غيرها من الأعباء الأخرى التي كانت مفروضة على الشيء المبيع، إذ أن المشتري يحل محل البائع منذ انتقال الملكية إليه و هو ما يفهم بعبارة " تمام العقد" حسب الفصل أعلاه .
غير أن الذي يتعين لفت الانتباه إليه هو أن المقتضيات أعلاه لا تلزم الطرفين إلا إذا كان المبيع من المنقولات المعينة بالذات التي تنتقل فيها الملكية بمجرد تمام عقد البيع . أما إذا تعلق الأمر ببيع عقار أو منقول معين بالنوع ، فإنها لا تتم إلا باحترام بعض الشكليات التي تؤخر هذا الانتقال إلى أجل لاحق على إبرام عقد البيع ، الأمر الذي يعني أن انتقال هذه الآثار سيتأخر بدوره إلى أجل لاحق أيضا .
أما المشرع الفرنسي فقد سار على أن تحمل تبعة الهلاك بإبرام العقد وانتقال الملكية يتحملها المشتري سواء تسلم هذا المشتري المبيع أم لم يتسلمه ، أما المشرع المصري من خلال المادة 431 فقد حملت تبعة الهلاك قبل التسليم للبائع إلا إذا كان قد اعذر المشتري لتسلم المبيع فان المشتري حينها يتحمل هذه التبعة[25] .
و ننوه بموقف المشرع المغربي بربطه تبعة الهلاك بواقعة التسليم حسب مضمون الفصل 493( ق ل ع) ، غير أن هذه القاعدة غير حتمية إذ يجوز الاتفاق على مخالفتها باتفاق الأطراف .
سبق وقلنا في الفقرة السابقة أن تبعة الهلاك معيارها هو واقعة التسليم و بالتالي فان قواعد تحمل تبعة الهلاك المرصودة أعلاه هي المطبقة ، اللهم إذا كان الهلاك راجع إلى قوة قاهرة أو حادث فجائي فهنا يتم الرجوع إلى المقتضيات القانونية المتعلقة بهذه الواقعة .
يمكن استخلاص انه، إذا وفى المشتري بالتزامه باداءه الثمن و انتقلت الحيازة إليه فان تبعة الهلاك تقع عليه ، أما إذا لم يستلم فان التبعة تقع على البائع الا إذا انذر البائع بوجوب حمل المبيع أو اتفقا على خلاف ذلك .
المطلب الثاني :آثار شرط الاحتفاظ في مواجهة الدائنين .
يمتد شرط الاحتفاظ بالملكية ليتعدى الأطراف إلى الغير الخارج عن العلاقة التعاقدية ، سواء كان هذا الغير دائنا للمشتري المفلس أو متصرفا إليه في المبيع ذاته. كما إن شرط الاحتفاظ بالملكية يمكن إن ينتقل إلى الغير على سبيل الضمان
الفقرة الأولى : نفاذ شرط الاحتفاظ بالملكية.
•أولا : مدى نفاذ شرط الاحتفاظ بالملكية قبل الدائنين .
بالاطلاع على الفصلين 667و 672 مدونة التجارة ، فقد مكنت البائع من استرداد المبيع مع وجوب احترام مجموعة من الشروط يمكن إجمالها في :
•ممارسة حق الاسترداد داخل 3 أشهر التالية لنشر الحكم القاضي بفتح التسوية .أو التصفية القضائية.
•وجوب وجود المبيع بعينه.
•أن يكون الشرط متفقا عليه كتابة.
فشرط الاحتفاظ بالملكية ينطوي على مزية هامة لصالح المستفيد منه ، إذ يحفظ حقه في استرداد الأموال المحتفظ بملكيتها ، متى كان المدين المشترط عليه موضوع حكم قضى في مواجهته بالتسوية أو التصفية القضائية ، و هو ما يجنبه أعباء المسطرة و يجعله خارج نطاق مبدأ المساواة بين الدائنين ، فقد أصبح استعمال الشرط لمذكور ، مرتبطا بالمصطلحات الائتمانية المترادفة مثل الضمان و التأمين المتميز و الفعال؛ و أصبح الشرط جزءا من ظاهرة عامة تتمثل في نمو التصرف الائتماني ككل[26].
و كما سبق وقلنا فان هذا الامتياز رهين بتوفر شروط المادتين 671 و 637 مدونة التجارة.
•و هي ممارسة الاسترداد داخل 3 أشهر من إعلان التسوية أو التصفية
و يرى الاتجاه السائد في الفقه و القضاء الفرنسي أن دعوى الاسترداد تمارس بمعزل عن قاعدة التصريح بالديون و أن البائع المسترد غير ملزم بإدراج دينه ضمن لائحة خصوم المقاولة التي تضم الديون الناشئة، قبل فتح مساطر المعالجة القضائية .لاعتبار أن البائع المستفيد من شرط الاحتفاظ بالملكية ليس دائنا عاديا ، فهو يستند إلى حق الملكية باعتباره ضمانة عينية يحتج بها في مواجهة المساطر الجماعية للمشتري و يضيف هذا الاتجاه أن مبادرة البائع بالتصريح بالدين ضمن لائحة خصوم المقاولة يعتبر تنازلا ضمنيا عن دعوى الاسترداد لأنه يشكل قرينة على أن ملكية الأموال المحتفظ بها قد دخلت إلى الذمة المالية للمقاولة .
رغم ما لهذا الاتجاه من وجاهة يرى الأستاذ جواد الذهبي إلى عدم وجوب الأخذ به على إطلاقه لأن نص المادة 686 مدونة التجارة واضحة فالمشرع يلقي بالتزام التصريح بالديون على كاهل جميع الدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح المسطرة و الاستثناء الوحيد هو ديون الأجراء ، مما يفسر أن التصريح بالديون يعتبر رخصة لجميع الدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح المسطرة و الاستثناء الوحيد هو ديون الإجراء مما يفسر كون التصريح بالديون يعتبر رخصة لجميع الدائنين بما فيهم الدائن البائع المحتفظ بالملكية ، و ذلك كإجراء احترازي يجنبه رفض دعوى الاسترداد أو عدم قبولها .
•أما من ناحية أخرى فيستوجب أن يكون شرط الاحتفاظ بالملكية مكتوبا بحيث لا يجوز للبائع طلب استرداد المبيع في مواجهة جماعة الدائنين إلا إذا كان هناك اتفاق مكتوب ، وفي ذلك خروج عن القاعدة العامة في المادة التجارية في حرية الاثباث .
غير أن النص 672 اكتفى بالكتابة، ولم يحدد طبيعتها هل هو عقد كتابي ؟ إذا كان الجواب بنعم فانه سيمس عنصر السرعة الذي تسعى إليه التجارة و تقوم عليه[27] وفي العمل الفرنسي فان الكتابة يمكن أن تكون في العقد أو عبارة عن فاتورة أو ورقة للتسليم أو الورقة لأجل فالقانون الفرنسي لم يحدد شكلا معينا لورقة[28].
و اشترط المشرع المغربي أن يمكن الاسترداد العيني للأموال المثلية إذا كانت بين يدي المشتري أموال من نفس الصنف و من نفس الجودة 673 سواء كان البائع يستفيد من ضمانات خاصة أم لا.
و لما كان الاسترداد يثير صعوبة في العملية خصوصا إذا ما اندمجت البضاعة أو حولت ، فانه كما سبق و أدرجنا في المطلب السابق ،تماشيا مع رأي الفقه في الأخذ بالمعيار الاقتصادي و المادي كحل .لا بأس أن ندرج رأي الفقه المغربي في هذه المسألة ،حيث ذكر أن استرداد الأموال المثلية ، إذ أمكن تميزها انفراديا عن الأموال الأخرى من ذات الصنف *Même Espèce* و ذات الجودة *Même Qualité* أما إذا استخدمت أو حولت إلى مواد جديدة كتحويل المواد الأولية إلى مواد مصنعة أو نصف مصنعة كتحويل الصوف أو القطن إلى ثياب ، و الحديد إلى دراجات عادية أو نارية أو غيرها ، تعذر الاسترداد لان هذه الأموال المحولة فقدت ذاتيتها و صنفها و جودتها لاندماجها في مواد أخرى[29] .
•الفقرة الثانية : حجية الشرط أمام الغير المتصرف إليه:
•1.مدى امتداد الشرط إلى الغير
قد يحدث أن يقوم المشتري بإعادة التصرف في الشيء رغم عدم انتقال الملكية إليه بناءا على نظرية الأمر الظاهر[30] الشيء الذي قد يمس ضمان البائع و لذلك فقد عمل الفقه و القضاء المقارن على إيجاد حلول عملية ، لضمان دين البائع ، وتلبية لحاجيات المشتري المعرضة للتقلبات الاقتصادية و هذين الحلين هما :
•تمديد شرط الاحتفاظ بالملكية
•الاعتراف للبائع بالحق على الثمن المستحق لمشتري من البيع الثاني
بالنسبة لتمديد شرط الاحتفاظ بالملكية، فقد جاء كحل عملي تلبية لظروف المشتري الاقتصادية ، وذلك بمنح البائع له إمكانية التصرف في المنقولات ولو قبل استيفاء ثمنها بالكامل .
أما بالنسبة للعقار ، فنرى أبهى تجلياته في بيع العقار في طور الانجاز ، فللمشتري إمكانية تخليه عن حقوقه المترتبة عن بيع العقار في طور الانجاز للغير وذلك بعد إعلامه للبائع برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل ، و بمقتضى هذا التخلي فإن الطرف المستفيد ستنتقل إليه بقوة القانون كل الحقوق و الالتزامات الملقاة على المشتري القديم[31].
إذن فان تمديد شرط الاحتفاظ بالملكية يأخذ الصور التالية:
•- الصورة الأولى: و التي سقناها في ميدان العقار ، بان يعلم المشتري البائع بأنه سيحول حقوقه و التزاماته إلى شخص أخر و الملاحظ أن المشرع المغربي لم يستوجب قبول البائع ذلك و إنما استوجب إعلامه 13-618 ق.ل.ع وذلك برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل ،نرى أنها تكون بمثابة حجة يستند إليها البائع في دعوى الاسترداد أو الحبس .
•- الصورة الثانية: تتمثل في اتفاق البائع و المشتري على أن يكون تصرف هذا الأخير في المنقولات محل شرط الاحتفاظ بالملكية مقرونا بنقله إلى البيع الثاني و يطلق عليه في
•هذه الحالة الشرط المنقول أو المتحرك.[32]
•الصورة الثالثة : و هي شرط الاحتفاظ بالملكية المضاعف و الذي يمنح فيه البائع للمشتري بالتصرف في المبيع على أن يكون تصرفه إلى الغير مشروطا أيضا بالاحتفاظ بالملكية لصالح المشتري الأصلي. [33]
2.حقوق البائع على الشيء المتصرف به إلى الغير :
لما كان متعذرا الاسترداد العيني للأموال المثلية خصوصا إذا بيعت هذه الأخيرة ،فان إمكانية الاسترداد الواقع على الثمن في كل الأوقات متاحة ، حتى في حال إذ بقي الثمن بيد مشتري ثاني حسن النية ، أي أن الاسترداد العيني للبضاعة قد يتعطل ، فلا يبقى للبائع المشترط للأداء الكامل للثمن مقابل نقل ملكية البضاعة سوى استرداد الثمن أو الجزء الذي لم يؤدى إذا كان لا يزال بيد هذا المشتري الثاني ، ولكن بشروط و تقييدات مالت هذه المرة إلى حماية الضمان العام على حساب البائع م 676 مدونة التجارة .[34]
أما في حالة كان المشتري من الباطن سيء النية و كان يعلم بوجود شرط الاحتفاظ بالملكية فللبائع حق استرداد البضاعة .و يعتبر محظوظا البائع الذي لم يتصرف في بضاعته و بالتالي يجد هنا شرط الاحتفاظ بالملكية نفاده و حجته القوية.[35]
هذا ولا يجب إغفال أن المشتري من الباطن حسن النية قد حماه القانون و ذلك بعدم مباشرة الاسترداد إلا بالثمن، وهذا ما يفهم من المادة 1163 من القانون المدني الفرنسي .
و رجوع البائع مباشرة على الغير مطالبا إياه بالثمن المستحق في ذمته يجد أساسه في احد الأنظمة التالية:
•إما حوالة الحق.
•الحلول الاتفاقي.
•الدعوى المباشرة .
حوالة الحق : في هذه حالة تتمثل في اتفاق الدائن مع أجنبي على أن يحيل له حقه الموجود في ذمة مدين معين ، و لا تكون هذه الحوالة نافذة إلا إذا اعلم المدين بها و قبلها أو أن يتفق المدين المشتري مع المشتري من الباطن على أن يتحمل الالتزامات بدلا عنه في أداء الأقساط وبالتالي فانه عند عدم أداء المشتري من الباطن بالتزاماته فان البائع الأصلي يكون له الحق في المطالبة بالاسترداد.
الدعوى المباشرة: هذه الدعوى لم يتطرق لها القانون المغربي على خلاف نص القانون الفرنسي.و نرى انه يحق للدائن البائع الرجوع على مدين مدينه مدينه بتوفر الشرطين التاليين :
ـ أن يكون قد اتفق المشتري مع مدينه في ان يحل محله البائع الدائن في المطالبة بتنفيذ التزاماته التعاقدية.
ـ أن يكون المشتري من الباطن عالما بان الشيء المبيع يرجع في ملكيته لبائع غير البائع الذي حول له الشيء المباع .
ـ أن يتبث البائع الدائن سند الملكية وشرط الاحتفاظ بالملكية
ـ أن يحترم البائع الآجال القانونية للمطالبة بالا سترد
يتضح من خلال هذه الدراسة أن شرط الاحتفاظ بالملكية يلعب دورا مهما في تطوير المعاملات المدنية و التجارية خصوصا ، و إنقاذ المشاريع من الإفلاس ،وضمان الثقة و الائتمان الذي تقوم عليه الحياة التجارية و ذلك يمكن تلخيصه في النقط التالية :
ـ ترسيخ مبدأ الائتمان و الثقة في التعامل التجاري بصفة عملية،
ـ التخفيف على القضاء من المنازعات إذ أن شرط الاحتفاظ بالملكية يخول لصاحبه حق الحبس دون اللجوء إلى القضاء كما يمكن الدائن من امتياز ديني في حالة ازدحام الدائنين .
ـ يخول شرط الاحتفاظ بالملكية إنشاء مشاريع برأسمال بسيط حيث إن اغلب الآليات و الإمكانيات و لبضائع المرصودة يقوم المقاول الشاب أو الجديد بسداد أقساطها تدريجيا.
غير أن هذه المؤسسة في المغرب تعرف فراغا قانونيا كبيرا، بحيث لم تنظم بالشكل الدقيق حيث أن الفصول التي تنظم الشرط هي معدودة و تتداخل في مفهومها مع بعض المفاهيم القانونية الأخرى الشئ الذي يحدث في دهن الباحث بعض الخلط واللبس كلما أراد الوقوف على مقتضى قانوني أو تأويله لتفسير بعض الإشكاليات .
خصوصا وان رجال المال و الأعمال و المقاولين الشباب لم يعودوا يقتصروا على التمويل عن طريق القروض البنكية فأصبحت الحاجة متزايدة إلى اللجوء إلى شرط الاحتفاظ بالملكية كوسيلة تخفف أعباء التمويل.
هذا، لا ننسى أن نسجل غياب تنظيم دعوى استرداد الوراق التجارية المسلمة إلى المدين توكيليا قد استخلاصها دون انتقال الملكية إليه ، فهل تخضع هي الأخرى للقواعد العامة لاسترداد المنقول ، خصوصا إذا علمنا أن استرداد الأوراق التجارية و القيم المنقولة يخضع لتقييدات هامة جدا لا يمكن الخروج عنها؟ في انتظار الإجابة على هذا السؤال نأمل إن يتدخل المشرع وينظم هذه العملية بشكل يستجيب وقيمة الأوراق التجارية .
الــخــاتــمــة:
مما تقدم يمكننا القول بأن شرط الاحتفاظ بالملكية ناتج ترسخ مفهومه في العلاقات التعاقدية الناقلة للملكية الهدف منه بالدرجة الأولى ضمان تنفيذ الالتزام كوسيلة تأمينية للمالك أسهم في بلورة تطوره الطبيعة القانونية التي تحتضنه, بالرغم من المشاكل التي يطرحها على الصعيد العملي و النظري و المشرع المغربي إن كان قد أقر قانونية شرط الاحتفاظ بالملكية في غير مرة وعيا منه بالمخاطر التي تهدد حقوق احد طرفي العقد, وكذا بالخدمة التي يحققها هذا الشرط في الحياة العملية فان ذلك يشكل ضربا للسرعة التي يعرفها الواقع العملي والنظري خصوصا في المادة التجارية هاته التي ترتكز مقوماتها على السرعة و الإتمان الأمر الذي يجعلنا نعتقد في ضرورة إعادة صياغة هذا الشرط في مقتضيات قانونية جديدة تتوافق و المستجدات التي عرفتها الساحة الاقتصادية وان ينفض المشرع غبار الماضي الذي لا يزال يتقل كاهله من خلال إعادة هيكلة نظرته في شرط الاحتفاظ بالملكية وما يحققه كمؤسسة تلقى حيزها في الواقع العملي.
لائــــحــة الــمـــراجــع:
باللغة العربية:
1-أمينة ناعمي, أحكام الشرط في القانون المدني المغربي على ضوء الفقه و الاجتهاد القضائي-دراسة مقارنة- سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة,دار الأفاق المغربية للنشر و التوزيع,مطبعة الأمنية الرباط 2009.
2- محمد حسين منصور, شرط الاحتفاظ بالملكية في بيع المنقول المادي, مطبعة المعارف, الإسكندرية, سنة الطبع غير مذكور.
3- عبد القادر العرعاري, الوجيز في النظرية العامة للعقود المسماة عقد البيع,الطبعة الثانية,مطبعة الكرامة الرباط 2009.
4-محمد الماحي,آثار شرط الاحتفاظ بالملكية في البيع التجاري و الائتماني, دار أم القرى للنشر, المنصوري مصر 1995.
5-شكري السباعي, مساطر صعوبة المقاولة,دار نشر المعرفة,مطبعة المعارف الجديدة,الدار البيضاء 2010.
المقالات:
1-جواد الذهبي,مقال بعنوان:الجوانب الإجرائية للاسترداد في مساطر معالجة صعوبات المقاولة, المجلة المغربية للقانون والقضاء,العدد4, 2010.
باللغة الفرنسية:
Harith EDDABAGH , CLAUSE RESERVE LA PROPORITE Dans les vents Mobilier A Crédit ;Presse Universitaire d AIX Marsseille 2004.
ACCOMPAGNER: Clause Reserve La Proprieties MEDEF Direction des affaires juridiques; Paris; Juillet 2005.
المواقع الالكترونية:
Site Chambre de commerce et d’industrie de LYON
www.lyon.cci.fr date 23/12/2010
[1]- للإستفادة من هذه الضمانات يجب على البائع أو مؤسسة الإئتمان التي تحل محله بسبب تمويلها لثمن الشراء تحرير عقد البيع في محرر كتابي ومراعاة البيانات التي اشترطها المشرع في الفصل 4 من هذا الظهير
[2]- أمينة ناعيمي، مرجع سابق، ص 136
[3]- محمد برادة اغزيول : عقد الإئتمان الإيجاري على المنقولات بين الفقه والقضاء، دار نشر المعرفة، الطبعة الأولى 1998، ص 13 و 14، عن أمينة ناعيمي، مرجع سابق، ص 136
[4]- أن تكون الصناعة المبيعة لا زالت موجودة بعينها
- أن يرد هذا الشرط في محرر ينظم المعاملات التجارية المتفق عليها بين الأطراف
- يجب أن يكون متفقا عليه كتابة
- وهذا الإتفاق يجب أن يكون قبل التسليم أو أثناءه
[5]- جواد الذهبي، مقال بعنوان : الجوانب الإجرائية للإسترداد في مساطر معالجة صعوبات المقاولة، ص 184.
[6]- محمد حسين منصور، مرجع سابق ص 258
[7]- أمينة نـاعيمي، مرجع سابق، ص 138
[8]- محمد حسين منصور، مرجع سابق، ص 262
[9]- تنص المادة 455 من القانون المدني الألماني على أنه " إذا احتفظ بائع المنقول بملكيته إلى حين الوفاء بالثمن، فينبغي عند الشك، اعتبار نقل الملكية معلقا على شرط صريح هو دفع كامل ثمن البيع، وللبـائع الحق في فسخ العقد إذا تأخر المشتري عند الوفاء "
[10]- محمد حسين منصور، مرجع سابق، ص 273
[11]- أمينة ناعمي، مرجع سابق، ص 139
[12]- أمينة ناعمي، أحكام الشرط في القانون المدني المغربي على ضوء الفقه والإجتهاد القضائي – دراسة مقارنة – سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة، ص 139
[13]- وعلى هذا الإتجاه يسير القضاء الفرنسي، ونمثل لذلك بقرار صادر عن المحكمة التجارية بنانت بتاريخ 16/12/1994 حيث جاء فيه أن شرط الإحتفاظ بالملكية يعتبر شكلا من أشكال الشرط الفاسخ
[14]- أمينة ناعمي، مرجع سابق، ص 140
[15]- أنظر القرار بتفصيل عند، محمد حسين منصور، شرط الإحتفاظ بالملكية في بيع المنقول المادي، مطبعة المعارف، الإسكندرية ص 308
[16] .محمد حسين منصور ، شرط الاحتفاظ بالملكية، ص78
[17] نفس المرجع ص 78
.ACCOMPAGNER CLAUSE RESERV [18]
[19] على خلاف المشرع البحريني م 171 قانون التجارة .
[20] حسين منصور. متس ص 80.
[21] العرعاري الوجيز ص 241.
[22] الفصل 259 ق.ل.ع.
[23] العرعاري ص243.
[24] .العرعاري ص 145.
[25] .العرعاري ص 146
[26] جواد الذهبي.
[27] الماحي ص 85.
[28] Accompagner p 12 la clause de reserve la propriete peut etre stipulee dans un contrat de vente , un devis, des bons de commande , des bons de livraison en meme une facture , les accuses de reception de la commande
[29] .شكري السباعي ، مساطر صعوبة المقاولة ص282.
[30] Harith EDDABAGH , CLAUSE RESERVE LA PROPIETE
[31] العرعاري ص102.
[32]
www.lyon.cci.fr Site Chambre de commerce et d industrie de LYON date 23/12/2010
[33] حسين الماحي ص 132.
[34] شكري السباعي ص 285