قديما كنا نجتمع كل مساء حول مائدة صغيرة مستديرة لندرس ونتحدث ونقتات بعض الزاد...طاولة هي رمز التواصل كل يوم ثلاث مراث في الغالب من الاحيان ..
ومن سنة الدهر تقلب الايام وتغير الظروف وها نحن أولاء قلما نجتمع مثلما كنا اتراها الأيام قد غيرتنا..؟؟ أن نحن الذين أصابنا ما أصاب الحضارة من تغير ...
ولكن العلم هذا الغازي القديم والجديد يطرق بابنا الموارب ليحمل لنا المذياع الصغير ثم الشاشة ذات اللونين... ثم هاهي المنازل تتحزم بأسلاك وخيوط بعضها من تبر والآخر من تراب لتحمل الى الآخر قريبا كان م بعيدا أمالنا وأحلامنا أشجاننا ومسراتنا لتحكي للغد جميل الحكايا ولتعلن للعالم أننا هنا بشخصياتنا الجديدة ومزاجاتنا التي تحاول مسايرة العصر ومجارات الزمن والتاريخ الذي يمر مرور البرق مخلفا شتى الآثار في عقولنا وذاكراتنا...
هاو عالم الفيسبوك يحل ضيفا عزيزا لدى بعضنا وثقيل الظل عند البعض الآخر كثرت فيه الأوصاف لكنه لا يلتفت لأحد همه ايصال هذا المعنى أو ذاك بغض النظر عن قيمته ومدى تأثيره ..
فمن الطاولة الصغيرة المستديرة والشمعة ذات الأنوار والأطياف العليلة الى صفحات لا تعرف بداية ولا نهاية حقا لا نهاية للكمال...
ونحن في القرن العشرين لم تكن عقولنا الشابة الفتية تدرك أسباب النهضة الأوربية التي راحت بعيدا في التقدم فالفكرة لديهم فعل والمبدأ قانون واللحظة أغلى من الذهب...
وإن هي الا لحظات حتى اقتبلنا الزائر الجديد الفيسبوك فرحبنا وهللنا وبعد أن كان لنا صديق واحد نكن له أغلى ما نملك من المشاعر ونتبادل معه قواسم مشتركة من الخواطر الانسانية والمواقف الحياتية فنفيد ونستفيد ونعلم ونتعلم وليس المهم أن نعلم وإنما كيف نتعلم ..اليوم للواحد عشرات المعارف والأصدقاء وكبرت بين عشية وضحاها العائلة الكبيرة وتلك سنة الحياة لا مؤاخذة لنا عليها ...
إنما العبرة في فلسفة التعامل مع الزائر الجديد فبقدر إكرام ضيافتنا له تكون منزلتنا في عين المجتمع فهو عيننا على العالم وصوتنا وقلبنا الثاني أحيانا ...اعرف أن الهم واحد والفرح واحد لكن مما كان يخفف عنا قديما ونحن في بداية الشباب تواصلنا وبوحنا ليس للغريب وإنما للقريب القريب وكنا ننام قريرين العين يومها ...
وحتى تكتمل الصورة اليوم نجدد العهد مع فن التواصل بطريقة تساير العصر وتحسسنا بأقدارنا ومنازلنا في عين أنفسنا أولا وفي عين الآخر ثانيا يقول المثل كما تراني أراك نعم فلنحسن الرؤية ولنتقن فن الاحساس والخطاب فالعمر أقصر مما نتصور وللدرب نهاية ...
وأجمل ما نملك اليوم قلب يحس بجمال الحياة والأحياء وعقل يميز الأمور والأشياء فلجتمع كل مساء مع العائلة الكبيرة أغصانها ولنحكي أمالنا آلامنا نتكلم بصوت لطيف تارة ومرتفع تارة أخرى وما قيمة الطعام إذا خلا منه بعض الملح لنكن كما نحب فالكلمة رسولنا أيا كان شكلها وصيغتها لقد علمنا الله ما لم نكن نعلم فلنكن في المستوى المطلوب ولعل هذا يكفي ...
عبد الكريم لراك
الاحد 16-06-2013
23.31