مقـدمة
منثول للافادة
فرضت الملكية الفكرية أهميتها على الساحة الدولية وكانت من أولى المواضيع التي نسجت خيوط العولمة من خلال الإتفاقيات الدولية سواء المتعددة الأطراف أو الثنائية، وذلك للحيلولة دون الإعتداء على حقوق مكرسة لطاقات إنسانية ومجهودات بشرية.
ومن هنا قسم بعض الفقه الملكية الفكرية إلى 3 أقسام :
- الملكية التجارية : وتهتم بكل ما يرتبط بالعلامات التجارية والتسميات المستعملة من طرف التجار بالإضافة إلى القواعد المنظمة للمنافسة.
- الملكية الأدبية والفنية : وتضم الإبداعات الفكرية من حقوق المؤلف والحقوق المجاورة بالإضافة إلى برامج الحاسوب.
- الملكية الصناعية : وتشتمل على الحقوق المتعلقة بالإبداعات التقنية المجسدة ماديا من خلال التطبيق الصناعي كالرسوم والنماذج الصناعية والدوائر المندمجة وبراءات الإختراع والمعرفة الفنية.
ووعيا منها من خطورة عدم حماية الملكية الفكرية قامت العديد من الدول بتنسيق جهودها لوضع حد أدنى من المقتضيات القانونية الموحدة والتي يمكن اتخاذها كأرضية قانونية من طرف التشريعات الوطنية عند تنظيمها.
فخرجت اتفاقية باريس المؤرخة في 20 مارس 1883 المتعلقة بحماية الملكية الصناعية إلى حيز الوجود والتي أفرزت جهازا دوليا يؤطر الدول الأعضاء في الإتفاقية وهو الإتحاد الدولي للملكية الصناعية بعد ذلك جاءت اتفاقية لندن المؤرخة في 2 يونيو 1934 والتي صادق عليها المغرب بمقتضى ظهير 10 غشت 1940.
بعد ذلك تم التوقيع على اتفاقية الكات في مراكش في 15 أبريل 1994 هذه الأخيرة التي وضعت نظاما عالميا جديدا لحماية حقوق الملكية الفكرية. لذلك عمل المغرب على تعزيز ترسانته التشريعية في مجال حماية الملكية الصناعية تماشيا مع ما يلائم الظرفية الإقتصادية الراهنة لذلك، فقانون 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية يصب في هذا الإتجاه، ومن بين المواضيع المهمة في مجال الملكية الصناعية، نجد براءة الإختراع باعتبارها أحد منتوجات الملكية الصناعية والتي حظت باهتمام تشريعي وطني ودولي مدعم من طرف جل الفاعلين الإقتصاديين وخاصة مع هيمنة المفاهيم الليبرالية على جل اقتصاديات دول العالم.
وقد اختلفت التعريفات التي تطرقت إلى براءة الإختراع بالدراسة فالبعض عرفها بأنها سند ملكية صناعية تسلمه السلطات العمومية المختصة للمخترع أو لذوي حقوقه فيخول لصاحبه حقا استئثاريا لاستغلال اختراعه لمدة زمنية مؤقتة – 20 سنة – نظرا لما بدله من جهد ومال في سبيل التوصل إليه، والبعض الآخر عرفها بأنها : «الحجة أو البينة التي تمنحها الدولة في شخص المكتب المغربي للملكية الصناعية في شكل شهادة اختراع حيث يخول لصاحبها الحماية وحق تنفيذ واستغلال اختراعه ماديا ولمدة معينة.
ومن خلال التعريفات السابقة يمكن أن نستنتج أن براءة الإختراع وثيقة رسمية تعكس عقدا بين الدولة والمخترع تخول بمقتضاه احتكارا لاختراعه لمدة معينة لكن هذا العقد أو الإتفاق لا تحكمه المقتضيات العامة لنظرية العقد وإنما له خصوصيات تطبعه يرجع بعضها إلى حق براءة الإختراع الدولي والبعض الآخر لطبيعة هذا الحق المؤقتة.
- وقد لحق القانون رقم 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية التعديل والتتميم بموجب قانون رقم 05/31 المؤرخ في 14 فبراير 2006 ومن بين التعديلات التي لحقته وبالضبط الباب المتعلق ببراءات الإختراع، هناك التغيير والتتميم الذي لحق : المادة 1 – المادة 26 – المادة 27 – المادة 34 – المادة 44.
كما تمت إضافة المادة 14/1، والمواد من 17/1 إلى 17/6.
لذلك وعند محاولتنا التطرق إلى هذا الموضوع كان لزاما طرح بعض الإشكاليات ومنها :
- ما مدى ملائمة النظام القانوني الوطني لبراءة الإختراع للواقع الاقتصادي الاجتماعي المغربي، وهل الثقافة الصناعية المغربية مستعدة لاستيعاب مثل هذه القوانين والتعامل معها.
- ما هو موقع براءة الإختراع على اعتبار أنها نظام يعتمد على الإحتكار القانوني ومدى تضاربه مع مفاهيم وأنظمة جديدة كحرية المبادرة والمنافسة الحرة والتبادل الحر.
- مدى إمكانية خلق توازن بين دور الدولة التدخلي والحمائي في مجال براءة الإختراع والتيارات الدولية التي تنادي بالحرية كأساس لجميع المعاملات على ضوء وضع نظام عالمي موحد تتساوى فيه الفرص ويضمن حق الإستمرارية لمن يتوفر على مؤهلات وكفاءات اقتصادية.
كلها إشكاليات سنحاول التطرق إليها من خلال المنهجية التالية :
تقديم
المبحث الأول : ماهية براءة الإختراع
المطلب الأول : مفهوم براءة الإختراع
المطلب الثاني : الشروط اللازمة لاستصدار لبراءة الإختراع
الفرع الأول : الشروط الموضوعية
الفرع الثاني : الشروط الشكلية
المبحث الثاني : الآثار المترتبة على براءة الإختراع وانقضاؤها
المطلب الأول : الآثار المترتبة على براءة الإختراع
الفقرة الأولى : حقوق مالك البراءة
الفقرة الثانية : التزامات مالك البراءة
الفقرة الثالثة : الحماية القانونية لبراءة الإختراع
المطلب الثاني : انقضاء براءة الإختراع
الفقرة الأولى : الانتهاء الطبيعي لبراءة الإختراع
الفقرة الثانية : فقدان الحق في براءة الإختراع
الفقرة الثالثة : بطلان براءة الإختراع
المبحث الأول : ماهية براءة الاختراع
المطلب الأول : مفهوم براءة الاختراع
براءة الإختراع : هي عدم وجود عيب في الإختراع أو هي شهادة الثقة في الإختراع، وقد عرفها المشرع المغربي من خلال المادة 16 من القانون 97/17 "يمكن أن يكون كل اختراع محل سند ملكية صناعية مسلم من الهيئة المكلفة بالملكية الصناعية، ويخول السند المذكور صاحبه أو ذوي حقوقه حقا استئثاريا لاستغلال الاختراع ويملك الحق في سند الملكية الصناعية المخترع أو ذوو حقوقه مع مراعاة أحكام المادة 18 أدناه".
ويعرفها الأستاذ هداية الله "الرخصة أو الإجازة التي يمنحها القانون لصاحب ابتكار لإنتاج صناعي جديد أو اكتشاف لوسائل جديدة على إنتاج صناعي قائم، أو نتيجة صناعة موجودة، أو تطبيق جديد لوسائل معروفة للحصول على نتيجة أو إنتاج صناعي"( ).
ويعرفها الأستاذ بنستي "الشهادة التي تمنحها الدولة في شخص المكتب المغربي للملكية الصناعية لمن توصل إلى اختراع جديد لمنتوج جديد أو اكتشاف لطريقة جديدة للحصول على إنتاج قديم"( ).
وتعرفها الأستاذة القليوبي "الشهادة التي تمنحها الدولة للمخترع، ويكون له بمقتضاها حق احتكار واستغلال اختراعه لمدة محددة"( ).
ونستخلص من هذه التعاريف أن براءة الإختراع هي الشهادة التي تمنحها الدولة في شخص المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية لمن توصل إلى اختراع، سواء كان إنتاج صناعي جديد أو طريقة جديدة لإنتاج صناعي قديم وتمنحه حقا استئثاريا لاختراعه، وتوفر له الحماية القانونية المقررة.
وتجدر الإشارة إلى أن حق الإختراع الذي يعتبر من الحقوق الواردة على المبتكرات الجديدة يكون محلا للحماية القانونية، وذلك بمنح صاحب الإختراع سندا للحماية بإحدى الوسيلتين :
• بمنح براءة اختراع تخوله الحق المانح في الإستئثار باستغلال اختراعه خلال مدة معينة.
• بمنح شهادة مخترع لا تخول صاحبها الحق الإستئثاري كما هو الحال بالنسبة لبراءة الإختراع إذ يؤول هذا الحق للدولة وحدها( ).
وبراءة الإختراع على ثلاثة أنواع :
البراءة الأصلية : الوثيقة التي يقدمها المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية إلى من توصل إلى اختراع جديد وبها يثبت حقه في استغلاله ماليا، وبمقتضاها تتوفر له الحماية القانونية.
* البراءة الإضافية : سند تبعي يتضمن التعديلات أو التحسينات التي يضيفها المخترع إلى اختراع سبق إنجازه للوصول إلى اختراع دون تغيير أصله وتبقى البراءة الإضافية مكملة وتابعة للبراءة الأصلية( ) تنتهي مدتها بانتهاء مدة البراءة الأصلية، وهي مقصورة على صاحب الإختراع فقط. المادة 29 من ق. 97/17 – شهادة الإضافة.
* البراءة المشتركة : هي التي يتوصل إليها عدة أشخاص كرسوا مجهوداتهم في البحث، وتوصلوا بفضلها إلى إنتاج جديد أو طريقة صناعية جديدة، وهنا يجب التمييز في هذه العلاقة بين وجود عنصر التبعية من عدمه.
بالنسبة للإنتفاء علاقة التبعية، يكون لهم الحق في الحصول على براءة مشتركة عن الإختراع تخول لكل واحد منهم حق استغلاله بالكيفية التي يراها مناسبة لتحقيق مصالحه، دون الإضرار بمصالح الآخرين( ).
أما في حالة توافر عنصر التبعية والمتجلي في وجود عقد عمل وقت الوصول إلى اختراع وجب التمييز بين الحالتين :
الحالة الأولى : الإختراعات المتوصل بها في نطاق العمل تكون براءة الإختراع للمشغل مع تعويض الأجير.
الحالة الثانية : يتمتع الأجير بجميع الحقوق المخولة له قانونا على الإختراع، وليس للمشغل إلا سلوك مسطرة خاصة للإستفادة من ذلك الإختراع، إذ نتج هذا الأخير عن قيام الأجير بمهامه أو في إطار نشاط المنشأة أو تمت الإستعانة بتقنيات أو وسائل أو معطيات توفرها المنشأة.
وتتمثل هذه المسطرة في شراء براءة الإختراع واستغلالها مقابل أداء تعويض عادل للعامل المخترع داخل ستة أشهر من تبليغه بالإختراع من لدن الأجير برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، وكل اتفاق في هذا الصدد وجب توثيقه كتابة تحت طائلة البطلان – المادة 18 من ق. 97/17.
والتعويض يدخل ضمن السلطة التقديرية للمحكمة وتأخذ بعين الإعتبار مدى مساهمة كل طرف في الإختراع.
المطلب الثاني : الشروط اللازمة لاستصدار براءة الاختراع
الفقرة الأولى : الشروط الموضوعية
1- وجود الإختراع :
لم يعرف المشرع المغربي في ق. 97/17 "الإختراع" ويمكن تعريفه بأنه "إيجاد شيء جديد لم يكن موجودا من قبل"( ). أو أنه "حل تقني لمشكلة تقنية". وقد أشارت إليه المادة 22 من ق. 97/17 في أصله، ومعظم التشريعات توسعت في مفهوم الإختراع واعتبرت الطريقة الجديدة في استعمال الإختراع القديم اختراعا، كما تعتبر اختراعا التطبيق الجديد لوسائل أو طرق صناعية معروفة نتج عنها نتيجة جديدة لم تكن في متناول الناس.
والأصل في الإختراع كما أسلفنا إيجاد شيء جديد لم يكن من قبل، والتشريعات تسمح استثناءا في إضفاء صفة الإختراع على الطريقة والنتيجة أيضا لتشجيع الإختراعات، أما التحسينات أو التعديلات المدخلة على الإختراع فلا تعتبرها اختراعا.
* المنتجات الصناعية الجديدة : ويقصد بالمنتجات الصناعية الجديدة، خلق شيء مادي جديد لم يكن موجودا من قبل، يتوفر على خصائص تميزه عن الأشياء المماثلة له، مما يخول للمبتكر براءة إنتاج على الإنتاج الصناعي الجديد.
* طريقة صناعية جديدة : ابتكار لطرق جديدة ولوسائل صناعية جديدة للإنتاج شيء موجود ومعروف من قبل على ألا تكون هذه الوسيلة قد استعملت من قبل.
* التطبيق الجديد لوسائل أو طرق صناعية معروفة : مما يؤدي إلى نتيجة تشكل معرفة جديدة لم يسبق أن كانت في متناول العموم قبل إيداع طلب البراءة.
وحسب المادة 22 من ق. 97/17 "كل اختراع سيلزم نشاط إبداعي ويكون قابلا للتطبيق الصناعي يعتبر قابلا للاستصدار براءة الإختراع، وقد أوردت المادة 23 استثناء على المادة 22.
إذ لا تعتبر الإكتشافات أو النظريات العلمية ومناهج الرياضيات والإبداعات التجميلية ... اختراعات بالمفهوم القانوني أو الصناعي، بالرغم من أنها اختراعات واقعية، وذلك لأنها أمور معنوية غير ملموسة.
أما بالنسبة للإبداعات التجميلية يذهب القضاء المقارن إلى اعتبارها مجرد تحسينات وليست اختراعات، لأن الشيء المخترع يكون صالحا في مجالات أخرى، فاستعمالها لشيء جديد ليس جديدا، وبالتالي لا تستلزم استصدار براءة الإختراع.
2- الجدة :
يشترط للإستصدار براءة الإختراع أن يكون الإختراع جديدا لتتوفر له الحماية القانونية، والجدة إما أن تكون موضوعية أو شكلية.
والجدة الموضوعية تتحقق إذا ما كان الإختراع لا يدخل ضمن حالة التقنية الصناعية القائمة، أما الجدة الشخصية فتتحقق بعدم الكشف عن الإختراع قبل إيداع طلب البراءة لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية.
وقد حددت المادة 26 من 97/17 الحالات التي يفقد فيها الإختراع جدته.
- العلانية السابقة عن الإختراع لفائدة الجمهور، والإعلان هنا يكون إما عن طريق وصف كتابي أو شفوي أو أية وسيلة أخرى.
- إيداع طلب سابق لبراءة الإختراع فإذا ثبت وجود طلب سابق يخص نفس الإختراع، أو اكتملت مسطرة طلب البراءة وحصل بمقتضاها شخص على سند ملكية نفس الإختراع، فإن ذلك يعتبر مسا بعنصر الجدة.
ونشير أنه إذا كان الأصل لتوافر الجدة عدم كشف المعلومات المتعلقة بالإختراع للجمهور، فإن المشرع سمح استثناء في المادة 27 بأن يصطبغ الإختراع بالجدة في حالة عرضه في معارض وطنية أو دولية منظمة في أراضي إحدى دول الإتحاد الدولي لحماية الملكية الصناعية أو الكشف عن الإختراع الحاصل خلال 12 شهر السابقة لتاريخ إيداع طلب براءة الإختراع، والذي تم أو رخص له أو سلم من طرف المالك الأصلي، أو الكشف الناتج عن نشر طلب للبراءة سابق بعد أيداعه.
3- قابلية الإختراع للتطبيق الصناعي :
تنص المادة 22 من ق. 97/17 "يعتبر قابلا للإستصدار البراءة كل اختراع جديد يستلزم نشاطا إبداعيا ويكون قابلا للتطبيق الصناعي". وقد حددت المادة 28 المقصود بالقابلية للتطبيق الصناعي يعتبر الإختراع قابلا للتطبيق الصناعي إذا كانت له منفعة خاصة وذات قيمة ومصداقية".
وقابلية الإختراع للتطبيق الصناعي، يقصد بها أن يمكن الإختراع من الوصول إلى نتيجة صناعية ملموسة والنشاط الصناعي يؤخذ به على عمومه ويمكن أن يشمل مجموعة من الأنشطة كالفلاحة والصناعة الإستخراجية ...
4- عدم مخالفة النظام العام أو الآداب العامة :
تنص المادة 24 من ق. 97/17 "لا تعتبر قابلة لإستصدار البراءة :
أ) الإختراعات التي يكون نشرها أو استعمالها منافيا للنظام العام أو الآداب العامة.
ب) المستنبطات النباتية الخاضعة لأحكام القانون رقم 4.94 المتعلق بحماية المستنبطات النباتية.
وبالقراءة المتأنية للمادة 24 أعلاه نستشف بأن المشرع اعتبرها ضمنيا اختراعات، لكن لمخالفتها للنظام العام أو الآداب العامة فلا تكون هذه الإختراعات قابلة لإستصدار البراءة.
ويظل تحديد مفهوم النظام العام من اختصاص السلطة التقديرية للمحكمة.
الفقرة الثانية : الشروط الشكلية
لا يكفي فقط لاستصدار براءة الإختراع التوصل إلى اختراع يتوفر على جميع الشروط الموضوعية، وإنما يلزم القيام بإيداع طلب براءة الإختراع للهيئة المكلفة قانونا بذلك – المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية -.
وتجدر الإشارة إلى أن المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية يأخذ بنظام تسجيلي – نظام عدم الفحص السابق – لأن هذا الأخير ليس له مؤهلات تقنية وعلمية للبث في مشروعية الإختراع.
وسوف نتناول هذا الشق المسطري من حيث مشتملات ملف طلب براءة الإختراع، ومن حيث الأشخاص المؤهلين للقيام بإيداع طلب براءة الإختراع، ثم الهيئة المكلفة بدراسة ملف طلب براءة الإختراع.
أ- مشتملات ملف طلب براءة الإختراع :
تنص المادة 31 من ق. 97/17 "يجب على كل شخص يرغب في الحصول على براءة اختراع أن يودع لدى الهيئة المكلفة بالملكية الصناعية ملفا لطلب البراءة وفق الشروط المبينة بعده :
يجب أن يشتمل ملف طلب البراءة في تاريخ إيداعه على :
أ) طلب براءة يتضمن عنوان الإختراع ويحدد مضمونه بنص تنظيمي.
ب) إثبات دفع الرسوم المستحقة.
بقراءة هذه المادة يستنتج أن الملف المتقدم به يجب أن يشتمل على وثيقتين أساسيتين، طلب براءة يتضمن عنوان الإختراع المعني بالأمر، وما يفيد إثبات دفع الرسوم المستحقة.
وقد صدر مرسوم 368-00-2 بتاريخ 7 يونيو، وحدد مضمون طلب براءة الإختراع والإجراءات الواجب القيام بها بهذا الخصوص والوثائق التي يجب إرفاقها بالطلب.
وقد نصت المادة الرابعة منه على أن يشتمل طلب براءة الإختراع أو شهادة الإضافة على المعلومات التالية :
1- هوية المودع وهوية وكيله عند الاقتضاء.
2- هوية مجموع الملاك الشركاء في حالة تقديم طلب ملكية مشتركة، ومع الإشارة إلى عنوان واحد لغرض المراسلة مع الهيئة المكلفة بالملكية الصناعية، ويمكن للملاك الشركاء أن يمثلوا بواحد من بينهم يكون وجوبا حاملا لتفويض أو يعينوا وكيلا مشتركا يتوفر وجوبا على التفويض.
3- عنوان الإختراع.
4- عند الاقتضاء تعيين المخترع أو المخترعين الذين أنجزوا الإختراع أو المبتكر أو المبتكرين لتصميم تشكل طبوغرافية الدولة المندمجة.
5- عند الاقتضاء، المراجع المتعلقة بأولوية إيداع سابق مطالب بها بوجه صحيح.
6- الإشارة عند الاقتضاء إلى العقد المؤثر في الإنتفاع بحقوق الأولوية.
7- عند الاقتضاء المراجع المتعلقة بشهادة الضمان المسلمة في المعارض الدولية المشار إليها في الماد 188 من القانون رقم 97/17.
8- الإشارة إلى الوثائق المرفقة بالطلب.
كما حددت المادة 5 من نفس المرسوم الوثائق التي يجب إرفاقها بطلب براءة الإختراع.
أ) وصف الإختراع أو الإبتكار.
ب) مطلب واحد أو عدة مطالبه.
ج) موجز المضمون التقني للإختراع أو الإبتكار.
هـ) تفويض الوكيل، إذا ما تم تعيينه.
و) النسخة الرسمية للإيداع السابق في حالة المطالبة بالأولوية يمنح من طرف مالك الطلب السابق.
ز) عند الاقتضاء شهادة الضمان، عندما يكون الإختراع القابل للإستصدار براءة أو التحسينات أو الإضافات المرتبطة باختراع سبق أن استصدرت براءة في شأنه.
كما أشارت المادة 6 من نفس المرسوم إلى كيفية تحرير المطالب، كما أشارت المادة 34 من ق 17/17 إلى ضرورة تضمين طلب إيداع البراءة وصفا للإختراع بحيث ينبغي :
1- بيان الميدان التقني الذي يتعلق به الإختراع.
2- بيان الحالة التقنية السابقة المعروضة من قبل الطالب والممكن اعتبارها مفيدة لفهم الإختراع.
3- عرض للإختراع، كما هو محدد في المطالب، يساعد على فهم المشكل التقني والحل الموجد له ...
4- وصف موجز للرسوم إن وجدت.
5- عرض مفصل لطريقة على الأقل من طرائق إنجاز الإختراع ويشفع العرض مبدئيا بنسخ ومراجعة للرسوم إن وجدت.
6- بيان الطريقة التي يكون بها الإختراع قابلا للتطبيق الصناعي، إذا كان التطبيق المذكور لا ينتج بصورة بديهية عن وصف الإختراع أو طبيعته.
وقد أتى قانون 05/31 بمستجد جديد يتمثل في وصف الإختراع بصورة واضحة وتامة، وذلك بالإفصاح عن معلومات كافية تتيح تتبع لرجل المهنة، دون إجراء تجارب بشكل مفرط، أن ينفذ الإختراع المعروف لدى المخترع في تاريخ إيداع الطلب، كما يجب حسب المادة 35 من ق. 97/17 أن يحدد طلب براءة الإختراع الغرض من الحماية المطلوب مع بيان مميزات الإختراع التقنية.
وفيما يرتبط بعنوان الإختراع، يجب أن يبرز العنوان مميزات الغرض من الإختراع، ويبين فيه بوضوح وإيجاز الاسم التقني للإختراع وألا يتضمن أية تسمية خيالية – المادة 36 من ق 97/17، كما أوجبت المادة 37 على أن لا يتضمن طلب البراءة أي عناصر أو رسوم يتنافى نشرها أو استعمالها مع النظام العام أو الآداب العامة، أو أية تصاريح مغرضة تتعلق بمنتجات أو طرائق للغير أو باستحقاق أو صحة طلبات البراءات أو براءات الغير، كما نص المشرع في المادة 38 من نفس القانون على أن لا يتعلق طلب البراءة إلا باختراع واحدا واختراعات متعددة مرتبطة فيما بينهما بحيث لا تشكل إلا تصورا إبداعيا عاما.
كما أنه في حالة ورود أخطاء في إحدى الوثائق المودعة، أعطى المشرع إمكانية تصحيحها بناء على طلب معلل يتم الرد عليه من خلال رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل داخل 15 يوما من تاريخ الإيداع ويشار للتصميم لاحقا في السجل الوطني للبراءات ويبلغ لصاحبه – المادة 16 من نفس المرسوم –
ولم يحدد المشرع المغربي في ق. 97/17 اللغة التي تحرر بها الطلبات، بينما كان القانون القديم يفرض أن يكون الطلب مكتوبا باللغة الفرنسية، وقد تدارك هذه الثغرة، ونص المرسوم على إمكانية تحرير طلبات سندات الملكية الصناعية باللغتين العربية والفرنسية.
وتنص المادة 32 من 97/17 على منح المودع أو وكيله أجل ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعه الملف إذا كان لا يشتمل على واحدة أو أكثر من الوثائق المطلوبة مقابل الإحتفاظ بتاريخ الإيداع الأصلي.
كما يجوز للمودع أو وكيله بناء على طلب مبرر أن يلتمس قبل تسليم البراءة تصحيح أخطاء التعبير أو النقل والأغلاط المالية الواردة في المستندات والوثائق المودعة – المادة 39 – كما يجوز لصاحب طلب براءة أو وكيله الحامل لتفويض خاص، أن يسحب ابتداءا من تاريخ إيداع طلبه، وقبل تسليم البراءة، طلبه بتصريح مكتوب مع مراعاة القاعدتين الآتيتين :
القاعدة 1 : لزوم الموافقة الكتابية لأصحاب حقوق عينية تتعلق بالترخيص أو الرهن، وكذا حالة البراءات المشتركة.
القاعدة 2 : يلزم ورود طلب من جميع الملاك الشركاء.
كما حددت المادة 11 من نفس القانون حالات رفض طلب براءة الإختراع، كما يمنع تسليم واستغلال براءة الإختراع بصورة نهائية أو مؤقتة حسب المادة 42 إذا كان من شأن الإختراع أن يضر بأمن الدولة.
كما تشير المادة 44 من نفس القانون إلى عدم كشف ملفات طلبات البراءة للعموم ما لم ينصرم أجل 18 شهرا من إيداعها.
وبالنسبة لتسليم البراءات فقد نصت المادة 46 أن أجل تسليم البراءة هو انصرام 18 شهرا من تاريخ إيداع الطلب، كما نصت المادة 47 إلى تسليم البراءات التي لم يرخص طلبها دون فحص سابق لها، مع تحمل الطالبين تبعات ذلك ومن غير أي ضمان سواء فيما يتعلق بحقيقة الإختراع أو بأمانة الوصف أو دقته أو بقيمة الإختراع.
وقد أشارت المادتين 48 و49 إلى إمكانية استفادة العموم من البراءة بعدما يتم تقييد رقمها وتاريخ تسليمها في السجل الوطني للبراءات.
ب- الأشخاص الملزمون بالقيام بإيداع طلب براءة الإختراع
بالرجوع إلى المادة 16 من 97/17، نستنتج أن المشرع أعطى الحق في سند الملكية الصناعية للمخترع الذي كانت له الأسبقية في إيداع طلب البراءة، هذا هو الأصل، لكن يمكن أن يتم الإيداع من طرف أي شخص آخر يكون قد آل إليه الإختراع عن طريق الترخيص أو التنازل أو الشراء ... سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا. كما يمكن أن يتم هذا الإيداع من طرف وكيل المخترع كلما كان هذا الأخير يتوفر على موطن أو مقر اجتماعي بالمغرب، وهذا الإجراء لا يعدو أن يكون سوى إجراء اختياريا بالنسبة للمخترع الذي يتوفر على موطن أو مقر اجتماعي بالمغرب، فحين أمرا إلزاميا بالنسبة للمخترع الذي لا يتوفر على موطن أو مقر اجتماعي بالمغرب.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا يفرض على رعايا الدول الأعضاء في الإتحاد الدولي لحماية الملكية الصناعية أي التزام يتعلق بالموطن، وذلك لكون رعايا البلدان المشتركة في كل معاهدة مبرمة في مجال الملكية الصناعية يكون المغرب طرفا فيها ينص في أحكامها على شرط المعاملة بالمثل بين المواطنين ورعايا الدول المنخرطة في المعاهدة.
ج- الهيئة المؤهلة لدراسة ملف طلب براءة الإختراع
يودع ملف طلب براءة الإختراع لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، ويتولى هذا الأخير دراسة ملف طلب براءة الإختراع، وتجدر الإشارة إلى أن المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية لا يملك مؤهلات تقنية وعلمية للبث في مشروعية الإختراع لذلك يأخذ بنظام تسجيلي – نظام عدم الفحص السابق –
وتختلف نظم الفحص من دولة إلى أخرى ما بين الفحص السابق ونظام عدم الفحص السابق ونظام الإيداع المفيد( ).
* نظام الفحص السابق :
يعتمد هذا النظام على التأكد من الشروط الموضوعية والشكلية على حد السواء، حيث يتم فحص الإختراع بالوقوف على عنصر الجدة وقابلية التطبيق بالإستغلال الصناعي وعدم مخالفة النظام العام، بالإضافة إلى فحص الشروط الشكلية من بعد، ومن الدول التي تأخذ بهذا النظام التشريع الأمريكي والإنجليزي.
* نظام عدم الفحص السابق :
مؤدى هذا النظام هو الإقتصار فقط على التأكد من توافر الشروط الشكلية لطلب البراءة دون فحص الشروط الموضوعية، وهذا النظام هو المعمول به بالمغرب، إذ يقتصر دور المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية من التحقق من دفع الرسوم المستحقة، وأن طلب البراءة قدم وفقا للشكليات المنصوص عليها في قانون 97/17.
* نظام الإيداع المقيد :
يتمركز هذا النظام وسط النظامين السابقين إذ يحاول التوفيق بينهما، مؤدى هذا النظام فحص الطلبات من حيث الشروط الشكلية، دون الشروط الموضوعية، ويترك مدة الاعتراض على طلب البراءة من لدن من له مصلحة في ذلك داخل أجل محدد، ومن بين الدول التي تبنت هذا النظام مصر وسويسرا.
المبحث الثاني : الآثار المترتبة على براءة الإختراع وإنقضاؤها
المطلب الأول : الآثار المترتبة على براءة الإختراع
سنتعرض في هذا المطلب، إلى كل من حقوق مالك براءة الإختراع، والالتزامات الواقعة على عاتقه، وكذا الحماية المقررة لبراءة الإختراع.
الفقرة الأولى : حقوق مالك البراءة
أولا : حق الإستغلال الإستئثاري
جاء في الفقرة الأولى من المادة 16 من القانون رقم 17.97 :
«يمكن أن يكون كل اختراع محل سند ملكية صناعية مسلم من الهيئة المكلفة بالملكية الصناعية، ويخول السند المذكور صاحبه أو ذوي حقوقه حقا استئثاريا لاستغلال الإختراع».
ونصت المادة 51 من نفس القانون على ما يلي : «تسري آثار الحقوق المرتبطة بطلب براءة أو ببراءة اختراع من تاريخ إيداع طلب البراءة، وتخول لأصحابها أو ذوي حقوقهم حق الإستغلال الإستئثاري المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 16 أعلاه».
يتضح من خلال نص هاتين المادتين، أن حق الإستغلال الإستئثاري يعتبر أهم الحقوق المتولدة عن براءة الإختراع أو طلب براءة، ويقصد بهذا الحق انفراد المخترع أو من ينوب عنه باستغلالها دون غيرهم، سواء كانت مشتركة أو نتيجة عقد مشترك بين عدة مخترعين أو كانت للورثة أو ذوي حقوقهم، ما دام أنها محمية من طرف القانون لفائدة شخص واحد أو لعدة أشخاص، والإفادة من البراءة ماليا بالإستعمال أو الصنع أو البيع أو منح الترخيص للغير بالإستغلال في إطار مشروع وبدون قيد أو شرط( ).
وإذا كان حق الإستغلال الإستئثاري يمنع على الغير استغلال البراءة بأية وسيلة كانت، فإن مدة التمتع بهذا الحق محددة في 20 سنة من تاريخ إيداع طلب البراءة استنادا للبنذ (أ) من المادة 17 من القانون 17.97، وبالتالي يكون هذا الحق مؤقتا لا مؤبدا، وبانتهاء المدة المحددة قانونا يصبح الإختراع مباحا للجميع.
وتتجلى مظاهر الإستغلال الإستئثاري في ضرورة موافقة مالك البراءة، حيث حدد المشرع مشتملات الحقوق التي تخولها براءة الإختراع والتي تتطلب موافقة مالك البراءة، والأعمال التي لا تشملها الحقوق التي تخولها براءة الإختراع.
1- مشتملات الحقوق التي تخولها براءة الإختراع :
وهي المحددة بمقتضى المادتين 53 و54 من القانون رقم 17.97، والتي يمنع القيام بها في حالة عدم موافقة مالك البراءة، وهاته الأعمال هي كالآتي :
أ) صنع المنتج المسلمة عنه البراءة أو عرضه أو تقديمه للإتجار فيه أو استعماله أو استيراده أو حيازته للأغراض السالفة الذكر ؛
ب) استعمال طريقة مسلمة عنها البراءة أو عرض استعمالها في التراب المغربي إذا كان الغير يعلم أو كانت الظروف تؤكد أن استعمال الطريقة المذكورة ممنوع دون موافقة مالك البراءة ؛
ج) عرض المنتج المحصل عليه مباشرة بالطريقة المسلمة عنها البراءة أو تقديمه للإتجار فيه أو استعماله أو استيراده أو حيازته للأغراض السالفة الذكر ؛
د) التسليم أو العرض قصد التسليم في التراب المغربي إلى شخص غير الأشخاص المؤهلين لاستغلال الإختراع المسلمة عنه البراءة الوسائل المعدة لاستخدام( ) الإختراع المذكور في هذا التراب والمتعلقة بعنصر هام من عناصر الإختراع إذا كان الغير يعلم أو كانت الظروف تؤكد أن الوسائل المذكورة صالحة ومعدة لهذا الإستخدام.
2- الأعمال التي لا تشملها الحقوق المخولة ببراءة الإختراع :
هذه الأعمال، أوردها المشرع على سبيل الحصر في المادة 55 من القانون رقم 17.97، وهي كالآتي :
أ) الأعمال المنجزة في إطار خاص ولأغراض غير تجارية ؛
ب) الأعمال المنجزة على سبيل التجربة والمتعلقة بموضوع الإختراع المسلمة عنه البراءة ؛
ج) تحضير الأدوية في حينه وبحسب كل وحدة في الصيدليات بناء على وصفة طبية أو الأعمال المرتبطة بالأدوية المحضرة بهذه الطريقة ؛
د) الأعمال المتعلقة بالمنتج المسلمة عنه هذه البراءة والمنجزة في التراب المغربي بعد أن قام مالك البراءة بعرض المنتج المذكور للإتجار فيه بالمغرب أو وافق على ذلك بصريح العبارة ؛
هـ) استعمال أشياء مسلمة البراءة عنها على متن طائرات أو عربات برية أو سفن تابعة لبلدان أعضاء في الإتحاد الدولي لحماية الملكية الصناعية عندما تدخل مؤقتا أو عرضيا في المجال الجوي أو التراب المغربي أو المياه الإقليمية المغربية ؛
و) الأعمال التي ينجزها كل شخص يقدم، عن حسن نية في تاريخ إيداع الطلب أو عندما يطالب بأولوية ما في تاريخ أولوية الطلب المسلمة البراءة على أساسه في التراب المغربي، على استعمال الإختراع أو يقوم بأعمال تحضيرية فعلية وجدية لاستعماله ما دامت هذه الأعمال غير مخالفة بطبيعتها والغاية منها للإستعمال الفعلي السابق أو المزمع القيام به. ولا يجوز نقل حق المستعمل السابق إلا مع المنشأة التي هو مرتبط بها.
ثانيا : حق التصرف
تنص الفقرتين الأولى والثانية من المادة 56 من القانون رقم 17.97 على ما يلي: «يمكن نقل جميع أو بعض الحقوق المرتبطة بطلب براءة أو ببراءة.
يمكن أن يمنح في شأن مجموعها أو بعضها ترخيص بالإستغلال يكتسي أو لا يكتسي طابعا استئثاريا كما يمكن أن تكون محل رهن».
وعليه يعتبر حق البراءة كسائر الحقوق ينتقل كغيره من الأموال المعنوية بكافة أسباب انتقال الملكية كالميراث والتعاقد والترخيص بالإستغلال والبيع والرهن والهبة والتنازل عنها بمقابل أو بدونه إلى الغير إما كليا أو جزئيا لمدة محددة أو دائمة وفي مكان معين ومحدد ... مع احتفاظ المخترع ببقية الحقوق غير المتنازل عنها، كما يمكن تقديم براءة الإختراع كحصة عينية في شركة أو مقاولة( ).
وقد اشترط المشرع أن تثبت كتابة تحت طائلة البطلان العقود المتضمنة للنقل أو الترخيص سواء بالنسبة لجميع أو بعض الحقوق المرتبطة بطلب براءة أو ببراءة( )، كما أوجب تضمين جميع العقود الناقلة والمغيرة بموجبها الحقوق المرتبطة بطلب براءة أو ببراءة أو المؤثرة فيها في سجل يسمى "السجل الوطني للبراءات" الممسوك من طرف المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية حتى يتأتى الإحتجاج بها على الأغيار( ). كما سمح لكل شخص يعنيه الأمر أن يطلب تسليمه مستخرجا من السجل الوطني للبراءات( ).
ولا يحد من حرية التصرف في الحقوق المرتبطة ببراءة الإختراع سوى التراخيص التلقائية، حيث تمنح التراخيص التلقائية، إما لمصلحة الصحة العمومية، أو لأجل حاجات الإقتصاد الوطني، أو لأجل حاجات الدفاع الوطني.
1- التراخيص التلقائية الممنوحة لمصلحة الصحة العمومية :
تمنح التراخيص التلقائية كلما دعت مصلحة الصحة العمومية إلى ذلك، في شأن البراءات المسلمة عن :
- الأدوية ؛
- طرائق للحصول على أدوية ؛
- منتجات ضرورية للحصول على هذه الأدوية ؛
- طرائق لصنع مثل هذه المنتجات.
ويقصد بكل ما دعت مصلحة الصحة العمومية إلى ذلك، أي في حالة ما إذا لم توضع الأدوية المذكورة رهن تصرف الجمهور إلا بكمية أو جودة غير كافية أو بأثمان مرتفعة بصورة غير عادية، ويصدر في شأن الإستغلال التلقائي مرسوم بطلب من الإدارة المكلفة بالصحة العمومية.
أما عن إجراءات طلب هذا النوع من التراخيص التلقائية، وكذا كيفيات منحه، فهي محددة بمقتضى المادتين 28 و29 من المرسوم رقم 2.00.368 (كما تم تعديله وتتميمه)، كما يمنح وفق شروط محددة ولا سيما فيما يتعلق بمدته ونطاق تطبيقه، وللمحكمة الصلاحية في تحديد مبلغ الأتاوى المترتبة عليه، ما لم تحدد باتفاق بين الأطراف.
وتقضي الفقرة الأخيرة من المادة 69 من القانون 17.97 كما تم تعديله وتتميمه، بأن أثر الترخيص التلقائي يسري من تاريخ تبليغ القرار الصادر بمنحه إلى الأطراف ويضمن هذا القرار تلقائيا في السجل الوطني للبراءات. كما تضفي على الترخيص التلقائي الطابع غير الإستئثاري، وتخضعه لمبدأ عدم جواز التصرف (بيع أو نقل أو رهن) في الحقوق المرتبطة بهذا الترخيص التلقائي.
ويبقى الترخيص التلقائي المذكور قابلا لإدخال تغييرات على بنوذه وكذا سحبه، إما من لدن مالك البراءة وإما من لدن صاحب هذا الترخيص في الحالة الأولى، ومن لدن مالك البراءة بسبب عدم الوفاء بالإلتزامات المفروضة على صاحب الترخيص في الحالة الثانية. وسواء تعلق الأمر بتغيير مقتضيات الترخيص التلقائي أو سحب هذا الأخير فإنه تتخذ وتنشر بحسب المسطرة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 28 والمادة 29 من المرسوم رقم 2.00.368 السابق ذكره، والمتعلقة بإجراءات طلب ومنح الترخيص التلقائي.
2- التراخيص التلقائية الممنوحة لأجل حاجات الإقتصاد الوطني :
حسب المادة 71 من القانون رقم 17.97، والمادة 31 من المرسوم رقم 2.00.368 السابق ذكره، يجوز للسلطة الحكومية المكلفة بالصناعة والتجارة بناء على طلب من السلطة الحكومية المعنية مباشرة بموضوع براءة إختراع ما، أن توجه إعذارا يتخذ شكل قرار معلل إلى ملاك براءات الإختراع غير المشار إليها في المادة 67 من القانون رقم 17.97، وذلك قصد الشروع في استغلالها بكيفية تتأتى معها تلبية حاجات الإقتصاد الوطني، ولو كانت هذه البراءات محل تراخيص مسبقة.
وتستغل بصفة تلقائية البراءات الموجبة الإعذار في شأنها، إذا ظل الإعذار عديم الجدوى خلال أجل سنة من يوم تسلم تبليغه وكان من شأن عدم الإستغلال أو النقص الملاحظ في الإستغلال المشروع فيه من حيث الجودة أو الكمية إلحاق ضرر جسيم بالتنمية الإقتصادية والمصلحة العامة. وفي جميع الأحوال، يصدر ويمنح الترخيص التلقائي بمرسوم، غير أن الإختلاف بين صدور الإستغلال التلقائي لبراءات الإختراع ومنحه، يكمن في صدور المرسوم القاضي بالإستغلال التلقائي يتخذ باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالصناعة والتجارة بناء على طلب من السلطة المعنية مباشرة بموضوع براءة الإختراع، بينما المرسوم المانح للترخيص التلقائي يصدر باقتراح مشترك للسلطتين المذكورتين. والمرسومين معا ينشران بالجريدة الرسمية، ويبلغان في رسالة مضمونة مع إشعار بالتسلم إلى مالك أو مالكي براءة الإختراع، وعند الإقتضاء، إلى مالك أو مالكي ترخيص بشأن براءة الإختراع المذكورة مضمن في السجل الوطني للبراءات، أو إلى وكيلهم، بالإضافة إلى تبليغه إلى المستفيدين من الترخيص الآنف الذكر، وكذا إلى المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية الذي يضمنه تلقائيا في السجل الوطني للبراءات.
وكما هو الحال بالنسبة للتراخيص التلقائية الممنوحة لمصلحة الصحة العمومية، يمكن تغيير مقتضيات الترخيص التلقائي الممنوح لأجل حاجات الإقتصاد الوطني سواء بطلب من طرف مالك براءة الإختراع أو من طرف مالك هذا الترخيص، أو سحب الترخيص المطلوب من لدن مالك براءة الإختراع بسبب عدم الوفاء بالإلتزامات المفروضة على صاحب الترخيص. وكل هذه التغييرات باستثناء التغييرات المتعلقة بمبلغ الأتاوى تتخذ وتنشر بحسب الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 35 و36 من المرسوم رقم 2.00.368 السابق ذكره.
3- التراخيص التلقائية الممنوحة لأجل حاجات الدفاع الوطني :
على خلاف النوعين السابقين من التراخيصس التلقائية، للدولة أن تحصل تلقائيا ودون توجيه إعذار لمالك أو مالكي براءات الإختراع، وفي أي وقت من الأوقات لأجل حاجات الدفاع الوطني على ترخيص باستغلال اختراع يتعلق بطلب براءة أو ببراءة، ولا يهم إن كان هذا الإستغلال منجزا من لدنها أو لحسابها.
ويمنح الترخيص التلقائي لأجل حاجات الدفاع الوطني بمرسوم يصدر باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالصناعة والتجارة بناء على طلب من السلطة المكلفة بالدفاع الوطني، ويكون هذا المرسوم محددا لشروط الترخيص باستثناء الشروط المتعلقة بالأتاوى المترتبة عليه.
ينشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية، ويسري أثر الترخيص ابتداءا من تاريخ طلب الترخيص التلقائي، وفي حالة عدم الإنفاق على مبلغ الأتاوى بالمراضاة بين مالك البراءة والإدارة المعنية، تتولى المحكمة الإدارية بالرباط تحديد هذا المبلغ.
والمرسوم القاضي بمنح الترخيص التلقائي لأجل حاجات الدفاع الوطني يبلغ في الحال إلى السلطة المكلفة بالدفاع الوطني وإلى مالك أو مالكي طلب براءة الإختراع أو البراءة، وعند الإقتضاء، إلى مالك أو مالكي ترخيص بشأن الطلب أو البراءة مضمن في السجل الوطني للبراءات، وكذا إلى المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية الذي يضمنه تلقائيا في السجل المذكور.
بناء على ما سبق، يلاحظ أن التراخيص التلقائية يمكن أن تشمل وتمتد إلى جميع أنواع الإختراعات، سواء لمصلحة الصحة العمومية أو لأجل حاجات الإقتصاد أو الدفاع الوطني.
الفقرة الثانية : الإلتزامات المترتبة على براءة الإختراع
من خلال المواد المنظمة لبراءات الإختراع في القانون رقم 17.97، يمكن أن نستخرج إلتزامين أساسيين يقعان على عاتق مالك البراءة، الأول يتعلق بدفع الرسوم المستحقة للإبقاء على سريان العمل بالبراءة، والثاني يهم استغلال البراءة، ولكلا هذين الإلتزامين آثار مهمة.
أولا : الإلتزام بدفع الرسوم
يلتزم صاحب البراءة بدفع الرسوم المستحقة داخل الآجال المقررة للإبقاء على سريان العمل بها، وإلا تعرضت حقوقه للسقوط( )، وتؤدى الرسوم المذكورة عن كل فقرة خمس سنوات من مدة حماية براءات الإختراع، وإذا كان اليوم المذكور يوم عطلة أو يوما من غير أيام العمل، يجب أن يتم الأداء في اليوم التالي من أيام العمل( ).
وبالإضافة إلى هذا الأجل الأصلي، هناك أجل إضافي نصت عليه الفقرة 2 من المادة 82 من القانون رقم 17.97، والتي جاء فيها ما يلي : «غير أن دفع الرسوم المستحقة يمكن أن يتم بوجه صحيح خلال أجل إضافي مدته ستة أشهر من تاريخ حلول أجله».
ثانيا : الإلتزام باستغلال البراءة
إذا كان الإلتزام بالإستغلال هو التعويض الذي يعطيه المخترع للمجتمع من أجل احتكاره للإختراع خلال 20 سنة( )، فإن هذا الإستغلال يمكن أن يكون عن طريق نقل جميع أو بعض الحقوق المرتبطة بطلب براءة أو ببراءة، أو بمنح في شأن مجموعها أو بعضها ترخيص بالإستغلال، أو بوضعها محل رهن( ).
ويترتب عن عدم استغلال البراءة أو تقاعس صاحبها عن ذلك، إمكانية منح تراخيص إجبارية باستغلال هذه البراءة، حيث يمكن للمحكمة أن تمنح ترخيصا إجباريا باستغلال براءة ما، وذلك في حالتين: إحداهما عامة والثانية خاصة.
1- الحالة العامة :
وهي المنصوص عليها في المادة 60 من القانون رقم 17.97، حيث يجوز لكل شخص من أشخاص القانون العام أو الخاص أن يحصل من المحكمة على ترخيص إجباري لهذه البراءة بعد مرور 3 سنوات على تسليم البراءة أو 4 سنوات على تاريخ إيداع طلب البراءة، إذا لم يقم مالك البراءة أو خلفه بما يلي حين تقديم العريضة ما لم تكن هناك أعذار مشروعة :
أ) الشروع في استغلال محل البراءة أو القيام بأعمال تحضيرية فعلية وجادة لاستغلاله في تراب المملكة المغربية ؛
ب) أو تسويق المنتج محل البراءة بكمية كافية لتلبية حاجات السوق المغربية ؛
ج) أو إذا وقع التخلي عن استغلال أو تسويق البراءة في المغرب منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وهذا الترخيص يبقى مقيدا حسب الظروف التي أدت إلى منحه، حيث يجوز سحب الترخيص الإجباري بالإستغلال عندما تنهي الظروف التي أدت إلى منحه ولا يتوقع طروؤها مرة أخرى، بشرط أن تكون مصالح المرخص لهم المشروعة محمية حماية ملائمة، أو في حالة عدم تقيد صاحب الترخيص الإجباري بالشروط الممنوح الترخيص من أجلها. كما يتوقف كل بيع للحقوق المرتبطة بترخيص إجباري على إذن من المحكمة وإلا اعتبر باطلا.
2- الحالة الخاصة :
وهي الحالة التي تعرض إليها المشرع في المادة 66 من القانون رقم 17.97، والتي تتجسد في توقف استغلال اختراع محمي ببراءة على ترخيص باستغلال حقوق مرتبطة ببراءة سابقة، حيث يجوز لمالك البراءة اللاحقة أن يحصل من المحكمة على ترخيص إجباري إذا لم يتأت له إستغلال اختراعه المحمي ببراءة دون المس بالحقوق المرتبطة ببراءة سابقة يرفض مالكها الترخيص باستغلالها وفق شروط وإجراءات تجارية معقولة، ويشترط المشرع في هذه الحالة ما يلي :
أ) أن يفترض في الإختراع المطالب به في البراءة اللاحقة تقدم تقني هام ينطوي على مصلحة اقتصادية هائلة بالنسبة إلى الإختراع المطالب به في البراءة السابقة.
ب) أن يكون لصاحب البراءة السابقة الحق في ترخيص مماثل وفق شروط معقولة لأجل استعمال الإختراع المطالب به في البراءة اللاحقة ؛
ج) أن يكون الترخيص المرتبط بالبراءة السابقة غير قابل للبيع ما عدا إذا بيعت البراءة اللاحقة كذلك.
أما عن شروط الحصول على ترخيص إجباري في الحالتين معا، فقد حددها المشرع في المادتين 61 و62 من القانون رقم 17.97، والتي يمكن تقسيمها إلى شروط تهم طالب الترخيص الإجباري، وأخرى تهم المحكمة مانحة الترخيص المذكور.
* الشروط الواجب إحترامها من طرف طالب الترخيص الإجباري :
تقديم طلب الترخيص الإجباري إلى المحكمة ؛
إرفاق الطلب بما يثبت أن الطالب لم يستطع الحصول من مالك البراءة على ترخيص بالإستغلال عن طريق التراضي، ولا سيما بشروط تجارية معقولة.
تعزيز الطلب بما يثبت أن طالب الترخيص الإجباري قادر على استغلال الإختراع بكيفية تلبي حاجات السوق المغربية.
* الشروط الواجب احترامها في منح الترخيص الإجباري :
ضرورة تحديد المحكمة لشروط منح الترخيص الإجباري، ولا سيما فيما يتعلق بمدته ومجال تطبيقه اللذين ينحصران في الأغراض الممنوح الترخيص من أجلها، وكذا مبلغ الأتاوى المترتبة عليه ؛
منح المحكمة الترخيص الإجباري على أساس تموين السوق المغربية ؛
عدم جواز منح المحكمة ترخيصا إجباريا يكتسي طابعا استئثاريا.
وتبقى للمحكمة إمكانية تغيير الشروط المذكورة بطلب من المالك أو المرخص له، مع الإشارة إلى ضرورة قيام كتابة الضبط في الحال بتبليغ الأحكام القضائية التي صارت نهائية والصادرة تطبيقا لأحكام هذا القسم الفرعي إلى المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية التي تضمنها في السجل الوطني للبراءات( ).
كما تجدر الإشارة إلى أن التراخيص الإجبارية لا تشمل نقط البراءة وإنما أيضا شهادات الإضافة، حيث يمكن في حالة عدم حصول اتفاق ودي، أن تمنح المحكمة لصاحب ترخيص إجباري وفق نفس الشروط السابق التعرض إليها ترخيصا إجباريا لشهادة إضافة مرتبطة بالبراءة حتى ولو سلمت هذه الشهادة قبل انصرام مدة 3 سنوات على تسليم البراءة أو 4 سنوات على تاريخ إيداع طلب البراءة( ).
الفقرة الثالثة : الحماية القانونية لبراءة "الإختراع"
إذا كان المشرع المغربي قد اعترف لصاحب براءة الإختراع بحق استئثاري لاستغلال الإختراع الذي تسلم عنه البراءة متى توافرت شروطها، وذلك تشجيعا ومكافأة له على مجهوداته وأبحاثه فإن الإعتراف بهذا الحق يستلزم تلقائيا توفير الحماية القانونية لهذا الإختراع، والحماية القانونية المقررة في هذا الصدد نجدها في الباب 8 المتعلق بالدعاوي القضائية والذي قسم إلى 8 فصول، حيث تناول الفصل 1 مقتضيات عامة من المواد 201 و209 يتعلق بكافة أنواع الملكية الصناعية بما في ذلك براءة الإختراع والشهادات الإضافية المرتبطة بها.
ويستنتج من مقتضيات هذه المواد أنه من بين الجرائم التي يمكن أن تطال براءة الإختراع جريمة التزييف لكن المشرع المغربي لم يقم بتحديد مدلول التزييف بحيث عمل على إعطاء تعريف عام له من خلال مقتضيات المادة 201 حيث قال: «يعتبر تزييفا كل مساس بحقوق مالك براءة أو شهادة إضافية ...».
هذا وبالرجوع إلى المادتين 53 و54 من قانون 17.97 نجد أنهما تتضمنان الأفعال المادية المكونة للركن المادي لجريمة تزييف براءة الإختراع بينما نصت الفقرة 2 من المادة 201 على الركن المعنوي، وهو العلم بأنه يعرض أو يستعمل أو يحوز منتجات مزيفة، أما المادة 202 فقد نصت على الأشخاص الذين يحق لهم تقديم دعوى التزييف قصد الحصول على تعويض للضرر، وتكون المحكمة المختصة تطبيقا لمقتضيات المادة 204 هي محكمة موطن المدعى عليه المقتضى أو المختار أو مقر وكيله أو مقرا لمكتب المغربي للملكية الصناعية إذا كان موطن هذا الأخير في الخارج.
ولحماية المخترع صاحب البراءة من هذه الجرائم منحه المشرع إمكانية رفع دعوى جنائية بعد استنفاذه لإمكانية رفعه دعوى مدنية، حيث يكون قد صار حكم مكتب لقوة الشيء المقضي به تصنيفا لمقتضيات المادة 205 وهذا يدل على أنه يمتنع على مالك البراءة أن يدفع دعوى مباشرة أمام المحكمة الزجرية لتحريك المتابعة الجنائية إلا بعد تحريك الدعوى المدنية وصدور حكم تهاني بشأنها.
وتتق