جامعة محمد الخامس السويسي كلية العلوم القانونيـة
الاقتصادية والاجتماعية
- سلا-
ماستر العلوم والمهن الجنائية
تقرير حول :
إعداد الطالب : رشيد ادريسي
مقدمة:
إن النيابة العامة حسب قانون المسطرة الجنائية هي الجهاز أو الهيئة التي عهد إليها المشرع بتحريك الدعوى العمومية ومراقبة سيرها الى حين صدور الحكم فيها وتنفيذه عن طريق تسخير القوة العمومية مباشرة أثناء ممارسة مهامها،وتعمل النيابة العامة تحت إشراف وزير العدل،حيث نجد على رأس كل محكمة ابتدائية وكيل الملك الذي يمثل النيابة العامة شخصيا أو بواسطة نوابه في دائرة نفوذ المحكمة الابتدائية المعين بها وهو يمارس عدة مهام أهمها: ممارسة الدعوى العمومية- الشكايات- الوشايات- الأمر بالضبط والأمر بالتقديم- استقبال المحاضر والتقارير تسيير ومراقبة الشرطة القضائية….كما ان النيابة العامة تمارس مجموعة من المهام من بينها تتبع القضايا داخل الجلسات وكذلك الملتمسات التي تدلي بها في جميع الاجراءات التي يقوم السيد قاضي التحقيق،كما أن النيابة النيابة تتدخل في العديد من القضايا بصفتها ممثلة المجتمع وتدلي بملتمساتها الكتابية إذا لم يكن حضورها إلزاميا.
ويعتبر وكيل الملك ضابطا ساميا للشرطة القضائية وله الحق بمقتضى هذه الصفة في القيام بجميع الأبحاث والتحقيقات للتثبت من الجرائم وجمع الأدلة والحجج التي من شأنها إثبات تلك الجرائم والكشف عن مرتكبيها، سواء في أحوال التلبس او في الأحوال العادية.
ما يهمنا في الموضوع هو علاقة النيابة العامة بضباط الشرطة القضائية من خلال عملية التسيير والمراقبة ،ذلك ما سنحاول التطرق اليه من خلال هذا التقرير.
• أولا :مهام الشرطة القضائية والنيابة العامة :
إن الشرطة القضائية كجهاز امني يسهر على التثبت من وقوع الجرائم وجمع الادلة بشأنها يعمل بشكل موازي تحت إشراف الرئيس المباشر المتمثل في مؤسسة النيابة العامة التي تسير وتراقب أعمالها بشكل دقيق ووفق ما يقتضيه القانون،لذلك سنحاول من خلال الموضوع التطرق الى الشرطة القضائية وبعض المهام الموكولة اليها وكذلك الى جهاز النيابة العامة وبعض صلاحياتها.
أ. الشرطة القضائية:
ب. إن أعضاء الشرطة القضائية موظفون منحهم القانون صفة الضبطية القضائية وخولهم بموجب هذه الصفة حقوقاً وفرض عليهم واجبات في إطار البحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الإستدلالات عنها حيث يبدأ دورهم بعد وقوع الجريمة وينتهي عند فتح ملف البحث القضائي أو إحالة المتهم إلى النيابة العامة.وقد نص المشرع في الفصل 78 من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي " يقوم ضابط الشرطة القضائية بأبحاث تمهيدية بناءا على تعليمات النيابة العامة أو تلقائيا..." .
ت. أما المهام التي يقوم بها ضباط الشرطة القضائية فهي تنقسم الى ثلاث حالات:
الحالة الاولى : وهي يقومون بها بمقتضى البحث التمهيدي وما يصاحبه من تلقي الشكايات والوشايات،وكذلك استدعاء والاستماع إلى المشتبه فيهم،إضافة إلى الاستماع إلى الشهود.كذلك الانتقال إلى عين المكان للقيام بالتحريات اللازمة.
الحالة الثانية: وهي التي يجرى فيها البحث بمقتضى حالة التلبس،وهنا يكون الحضور الفوري الى عين المكان كل ابلغ بوقوع جريمة معينة، والعمل على توقيف الأشخاص والتأكد من هويتهم،وحجز الأشياء،وتحرير المحاضر بشأن ما قاموا به من تحريات.
الحالة الثالثة : تتمثل في تنفيذ الانابات القضائية سواء من طرف السيد قاضي التحقيق او من طرف المحكمة.
ب. النيابة العامة:
تعتبر النيابة العامة جزءا من الهيئة القضائية، وهي خصم شريف في الدعوى الجنائية ومن أعرافها أن ممثلها بالجلسة يترافع واقفا، وبذلك سميت بالقضاء الواقف، ولها دور مهم جدا في استقرار المجتمع وطمأنينته، فهي تساهم مساهمة فعالة في رقيه وازدهاره وهي ضامنة لحقوقه في جميع المجالات وساهر على تطبيق القانون ومتابعة ومسائلة كل شخص سولت له نفسه تعكير صفو أمن المجتمع وعرقلة رقيه بانتهاكه حرمة القوانين التي تنظمه.
ويعرف بعض الفقه النيابة العامة بكونها المؤسسة التي تمثل المجتمع في توجيه الاتهام ومباشرته، وهي بذلك طرف شريف في الدعوى العمومية، في حين يعرفها البعض تعريفا آخر بأنها هيئة قضائية من نوع خاص تسمى بالقضاء الواقف، وللنيابة العامة دور مزدوج، فهي جزء من السلطة التنفيذية قبل إجراء المتابعة وجزء من الهيئة القضائية منذ مباشرة الاتهام بكيفية رسمية إلى حين النطق بالحكم في موضوع القضية، وتستمر لها هذه الصفة أيضا عندما تمارس حقها في الطعن في الحكم الذي يصدر ولا يستجيب لما تقدمت به من طلبات وملتمسات.
و تبدو النيابة العامة دائما كطرف أصلي رئيسي في القضايا الجنائية بحيث هي التي تثير الدعوة العمومية (المتابعة) وتتابع ممارستها بتقديم ملتمساتها وإبداء آرائها.بالاضافة الى كل ما سبق فإن النيابة تمارس مهام اخرى إدارية وأخرى مرتبطة بمراقبة وتسيير ضباط الشرطة القضائية وكذلك حضور الجلسات وتقديم الملتمسات وتسهر على ما بعد صدور الاحكام لان هي المكلفة بتنفيذها.
• ثانيا: دور النيابة العامة في تسيير و مراقبة ضباط الشرطة القضائية:
أ. التسيير:
بالرجوع إلى قانون المسطرة الجنائية خاصة الفصل 42 منها نجد بأن هذا الفصل هو الأساس القانوني الذي يستمد منه سلطة النيابة العامة على ضباط الشرطة القضائية،وتسيير أعمال الشرطة القضائية هنا يعني تكليفهم بالقيام بالبحث وإعطاء التعليمات حول سير عملها،ومن ناحية أخرى إلزام ضباط الشرطة القضائية بإطلاع النيابة العامة بما يصل إلى علمهم من مخالفات للقانون الجنائي،كما تلزم بإرسال أصول المحاضر التي يحررونها مرفقة بنسخ مصادق عليها من رئيسهم المباشر" رئيس مركز الدرك أو رئيس المنطقة الأمنية" موفقة بالوثائق والمستندات المتعلقة بالملف،حتى يتسنى لهم تلقي التوجيهات والتعليمات اللازمة بشانها.
وتتلقى النيابة العامة كل المعلومات التي تصل إلى علم ضباط الشرطة القضائية العاملين في دائرة نفوذها بشأن الجرائم، المرتكبة ضمن حدود هذه الدائرة، أو الوفيات المشكوك فيها، مع مراعاة الاختصاص المحلي والثلاثي للنيابة العامة والمتمثل في:
* مكان ارتكاب الجريمة
* مكان إلقاء القبض على المتهم
* مكان إقامة مرتكب الجريمة أو المتهم بارتكابها.
- والمحاضر المشار إليها سابقا قد تكون بناء على شكاية أو وشاية قدمت للنيابة العامة أو أمام الضابطة القضائية وقد تكون منجزة في حالة الجريمة المتلبس بها. وإذا كان ضابط الشرطة القضائية غير ملزم بالحصول على إذن من النيابة العامة المتمثلة في وكيل الملك أو نوابه بشأن إجراء التفتيش ، سواء في مسطرة التلبس بالجريمة أو في مسطرة البحث التمهيدي، وكان مقيدا فقط بضرورة مراعاة الشروط الشكلية للتفتيش في كل الأحوال، فإنه على العكس من ذلك ملزم بالحصول على إذن لتمديد فترة إبقاء مشتبه فيه تحت الحراسة النظرية. وتعطي النيابة العامة هذ الإذن إذا تضح لها ضرورة البحث تقتضي ذلك من أجل استكمال إجراءات البحث.
ب. المراقبة :
تقوم النيابة العامة بتقييم عمل كل ضابط شرطة قضائية على حدة، من خلال مراقبة المحاضر التي ينجزها وكذلك مدى احترامه للإجراءات القانونية كشكليات المحضر والدقة في تحريرها. وتنحصر رقابة النيابة العامة على التصرفات التي يقوم بها ضباط الشرطة القضائية بصفتهم هذه،إذ انه بمجرد ما يلاحظ بأن أحدهم أخلا بواجبه المهني او تجاوز سلطته التي منحه القانون تثار في حقه مسطرة المتابعة التأديبية المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية،وتمارس هذه المهمة حاليا من طرف الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف.وقد تكتفي النيابة العامة بإرسال استفسار الى الضابط المخل بواجبه على اعتبار النيابة العامة هي التي تسهر على تنقيط ضباط الشرطة القضائية ،مع العمل على إرسال تقارير إلى الجهة التي ينتمي إليها الضابط إما الإدارة العامة للأمن الوطني،أو القيادة العليا للدرك الملكي.
خاتمة :
و في الختام نستشف من خلال تحليلنا لهذا الموضوع مجموعة من التناقضات و الإشكالات التي تطرحها الممارسة العملية لضباط الشرطة القضائية التي تتداخل فيها اختصاصات كل من النيابة العامة وسلطتها في تسيير ومراقبة رجال الضابطة القضائية وما يواجه الضباط من إكراهات تتعلق بأوامر وتعليمات رئيس المؤسسة التي ينتمي اليها لكونه يتوفر على صفتين مزدوجتين.
وفي الختام لابد من الاشارة الى الدور الكبير الذي تلعبه الشرطة في إنارة طريق العدالة من خلال ما تقوم به من ابحاث وتحريات وذلك تحت إشراف النيابة العامة بصفتها ممثلة المجتمع.