سعيد الزعيم Admin
عدد المساهمات : 320 تاريخ التسجيل : 08/11/2012 العمر : 36
| موضوع: النظام الاشتراكي والجريمة الخميس أغسطس 22, 2013 11:08 am | |
| تقديم: الاشتراكية، هي نظام اقتصادي يمتاز بالملكية الاشتراكية لوسائل الإنتاج والإدارة التعاونية للاقتصاد؛ أو هي فلسفة سياسية تدافع عن هذا النظام الاقتصادي، فالاقتصاديات الاشتراكية تعتمد على الإنتاج من أجل الاستخدام والتخصيص المباشر لمدخلات الاقتصاد لإشباع المتطلبات الاقتصادية والحاجات البشرية. ومما لاشك فيه أن دراسة الفكر الاشتراكي بشكل عام، ليس من قبيل سرد الأفكار والمبادئ، بقدر ما يتجلى ذلك في أهميته التاريخية وتميزه عن كل المذاهب الفلسفية الكبرى السابقة له، ويمكن إجمال هذا التميز في: إن التاريخ الفلسفي الطويل للبشرية كان قد اتجه للبحث عن شكل النظام السياسي الأمثل لتنظيم الحياة الاجتماعية بواسطة التحليل والتعمق، في أشكال الحكومات وأنواع الدساتير، وكذلك طبيعة الأنظمة ( ملكية، جمهورية، ارستقراطية...) غير أن الفكر الاشتراكي سيتجه في منحى مغاير وسيبحث في أسباب اللاعدالة واللامساواة، بعيدا عن إطار الدولة وشكلها السياسي، ووجد جلها في نمط الإنتاج الاقتصادي، على اعتبار أن هذا الأخير هو المحدد لكل الأشكال السياسية والقانونية والثقافية وكذا الدينية. ولدراسة موضوع النظام الاشتراكي والجريمة، لا بد من إبراز مرتكزات الفكر الاشتراكي وكذا نظرته للقانون من أجل الوصول في الأخير إلى نظرة النظام الاشتراكي للجريمة. ولذلك ارتأينا تقسيم الموضوع كما يلي: المطلب الأول: مرتكزات الفكر الاشتراكي المطلب الثاني: مفهوم الجريمة على ضوء قوانين الإتحاد السوفياتي
المطلب الأول: مرتكزات الفكر الاشتراكي الاشتراكية العلمية هي جملة أفكار ومذهب ماركس، وبكلمة مختصرة، هي الماركسية أو فكر وإيديولوجية الطبقة العاملة على حد تعبير ماركس، فبعـــد ما حاول أن يكمل بشكل عبقري كل هـــفوات الفكر الاشتراكي الطوباوي، وكذلك استخراج اللب العقلي من دياليكتيك هيغل، والدراسات النقدية المعمقة للاقتصاد الإنجليزي، سيخلص بشكل نهائي إلي صياغة نظرية حول الصراع الطبقي، وما سيؤول إليه التاريخ بشكل حتمي، ليقدم لنا بعد ذلك تصوره المجتمعي الجديد، الخالي من كل تناقض طبقي واستغلال مادي. فما هي مرتكزات الاشتراكية العلمية ؟ وما هي انعكاسات هذا الفهم الفلسفي والسياسي لبنى المجتمع بما فيها البناء القانوني ؟ الفقرة الأولى: المادية الجدلية أو الفلسفة الماركسية موضوعها إنتاج المعارف، أي دراسة بنية وسير عملية التفكير. وموضوع المادية الجدلية هو بعبارة أدق نظرية الإنتاج العلمي . يقول ماركس: "عند هيغل نجده واقفا على رأسه، يجب أن نقلبه إلى وضعه الصحيح، ونستشف اللب العقلاني من القشرة الصوفية" . إن الأمر هنا يتعلق بالجدل، باعتباره سيظهر لأول مرة، وسيصاغ بشكل علمي لأول مرة مع هيغل، إلا أنه قد وضع بشكل مقلوب، حيث يؤكد أن الفكرة، بما هي معطى سابق عن الموضوع وعن التاريخ، هي التي تحدد الصيرورة وتحدد المادة. لهذا نجد ماركس، دعي إلى ضرورة جعل الجدل يستقيم مرة أخرى، في إعادة الاعتبار للجانب المادي والاقتصادي بالخصوص، باعتباره هو المحدد لحركة الأفكار وحركة التاريخ كذلك. ويبدو أنه هو القصد، جعل الجدل يقف على رجليه، وللإشارة فقط، فإن كل الأفكار الفلسفية، التي كانت قبل هيغل، ومن بينهم رواد الفكر الاشتراكي، كانوا يعتقدون بأن التاريخ، ينتقل عبر حركة تدريجية، بالاستناد إلى التغيرات الكمية التي تطرأ على الشيء موضوع البحث، حتى حدود هيغل، بحيث سيكون هو أول من سيسخر من هذه الفكرة، ويعلن بشكل حازم بأن التبادلات التي تطرأ في الوجود، لا تستقيم في التغير من الكمية الواحدة بل من الكمية إلى الكيفية أي أن التغيرات الكمية دائما تتوج بنقلات نوعية. أما فيما يتعلق بالفترة الصوفية فكان يقصد بها، الفلسفة المثالية الألمانية، على اعتبار أن الموضوع الحادي عشر عن "فيورباخ" والتي يعتبر فيها بأن: "جل الفلاسفة حاولوا تفسير العالم بيد أن المهمة هو كيفية تغييره". فهذا الموضوع كان فيه دعوة صريحة إلى الابتعاد عن كل فلسفة تأملية موجودة في التجرد الصوفي الخيالي ليستعيض عنها بالفلسفة المادية أي فلسفة الممارسة والتغيير. ومجمل القول أن المادية الجدلية تهتم بدراسة التناقض في ذاتية الشيء، عن طريق الاستعانة بالقوانين المؤطرة لها والأساسية، كترابط الصيرورات، والتغير من الكم إلى الكيف، وبهذا تصبح كل الموضوعات: الأفكار، والدين، والأخلاق، وبصفة عامة الوجدان، لها أساسها العلمي الحقيقي في وجودها المادي، ولعل ماركس كان صريحا في هذا ويؤكد أن: معيشة الناس هي التي تحدد وجودهم، وليس وجودهم هو الذي يحدد معيشتهم. الفقرة الثانية: المرتكز الاقتصادي (فائض القيمة) لقد حاول ماركس من أجل أن يصوغ نظريته الاقتصادية ـ بالاعتماد على المنهج التاريخي والمنهج المادي ـ تشخيص بنية المجتمع الاقتصادي في "إنكلترا"، وذلك بهدف صياغة القوانين العامة التي كانت تحكم المجتمع البورجوازي الإنكليزي، ونتيجة لكل المجتمعات البورجوازية الموجودة والتي ستوجد على سطح المعمورة لأن هذه القوانين الاقتصادية التي سيستخلصها ماركس تعتبر الجوهر الثابت للرأسمالية، والقوانين الملازمة لها . ولقد حاول ماركس أثناء البدء في صياغة مؤلفه "رأس المال" الإشارة إلى هذه الملاحظة، فيؤكد في مقدمته: " لقد اعتمدت في تحليلي للمجتمع البورجوازي على نموذج بريطانيا باعتبارها الدولة التي بلغ فيها الاقتصاد البورجوازي تطورا كبيرا، وبالتالي فإن أي عامل ألماني أو أوروبي أو مصري، يقول بأن القضية لا تهمني بل تخص الإنجليز، ينبغي أن تصرخ في وجهه و تقول له اصمت فالقضية قضيتك أنت ". إن الأمر يتعلق بالقانون العام الذي يحكم بنية المجتمع البورجوازي، إذا فما هو هذا القانون؟ يرى ماركس أن العامل الذي يشتغل في كل يوم لمدة 12 ساعة، كيوم عمل يتم فيه أداء وظيفتين من طرف العامل: الوظيفة الأولى هي إنتاج السلعة في وقتها الضروري، مثلا الذي هو 6 ساعات، وإنتاج القيمة الزائدة في 6 ساعات المتبقية، فالست الساعات الأولى هي التي يدفع أجرها أما الست ساعات الأخرى فتكون بدون قيمة ليستفيد منها رب العمل بشكل قيمة زائدة، وبالتالي فإن الموضوع يتعلق بالربح، واستغلال الطبقة العاملة، فهنا يرى ماركس الخلل الاجتماعي الذي يدفع المجتمع شيئا فشيئا إلى تعاظم الهوة ما بين الطبقتين، فبقدر ما يزيد الإنتاج بقدر ما تتطور القوى المنتجة، وبقدر ما تتطور القوى المنتجة والآلات بشكل خاص، يزداد جيش العمال الاحتياطيين المستغنى عنهم، بفعل التقدم التقني. وبالتالي نجد كارل ماركس يصوغ هذا القانون بصياغة بسيطة ويؤكد: "أن الرأسمال يخاف من انعدام الربح كما تخاف الطبيعة من الفراغ"، فإذا أمنوا له 10% من الربح تراه ينشط، 30% يتحرك في كل مكان، 50% تمتلكه جرأة غريبة، 100% يدوس على قوانين البشرية، 300% لا يمكن أن توقفه أية جريمة ولو أدت به إلى حبل المشنقة "، وبالتالي فإن المذهب الماركسي يعتبر هذه المرتكزات الثلاث من بين الأدوات الأساسية التي يستعملها في نقد المجتمع البرجوازي، واستقصاء تاريخ المجتمعات السابقة له، وعن طريقها كذلك سيعمل من أجل فهم حركة التاريخ في الصيرورة ويقر بشكل حتمي الوصول للمجتمع الشيوعي الذي تنتفي فيه كل الطبقات. الفقرة الثالثة: المرتكز السياسي (أي التفسير المادي التاريخي للمجتمعات السياسية) وهي تصور التاريخ من خلال دراسة مختلف أساليب الإنتاج، والتكوينات الاجتماعية، أي دراسة بنيتها وتكوينها وصيروراتها، ودراسة أشكال الانتقال من تكوين اجتماعي إلى تكوين اجتماعي آخر . ويعتبر هذا العلم هو من بين المرتكزات الأساسية في الفكر الماركسي، على اعتبار أن كل الأبحاث التي اعتمدها لاستقصاء التاريخ وفهم طبيعة العلاقات الاجتماعية التي كانت سائدة، في أي مرحلة من التاريخ، كان يعتمد فيها على بحث طبيعة الإنتاج الذي كان سائدا والوسائل الإنتاجية أو على حد تعبير ماركس الدقيق، القوى المنتجة. ووفقا لهذا الفهم قسمت الماركسية المجتمعات الى خمس: المجتمع المشاعي، المجتمع العبودي، المجتمع الاقطاعي، المجتمع الرأسمالي، المجتمع الاشتراكي. ويرى ماركس أن الصراع التناقضي بين الطبقات المالكة لوسائل الانتاج والطبقات التي لا تملك سوى قوة عملها هو أساس التغيير والتقدم التاريخي. وبما أن موضوع المادية التاريخية يتجاوز حدود هذه المعرفة لكل الأشكال السياسية والقانونية والحقوقية التي توافق مرحلة معينة من أسلوب الإنتاج في حركيته وتطوره، فإنه لا بد وأن نشير أن حركة الانتقال من بنية إلى بنية اجتماعية أخرى أو بتعبير أدق من أسلوب إنتاج إلى أسلوب آخر، بما أنها موضوع المادية التاريخية، أنها لا يمكن أن تتم، إلا بعد بلوغ مستوى تطور القوى المنتجة حدا تصبح فيها في تعارض قوي مع العلاقة الإنتاجية، مما يستدعي معه الضرورة، بروز الوعي بالتغيير الانتقالي إلى الأسلوب الإنتاجي الجديد، الذي سيفسح المجال أمام تطور القوى المنتجة. وهذا ما يعبر عنه ماركس بصريح العبارة فنجده يقول : "إن قوى المجتمع الإنتاجية المادية تدخل في مرحلة معينة من نموها في نزاع مع علاقات الإنتاج القائمة، أو علاقات الملكية - التي لا تعدو أن تكون سوى التعبير الحقوقي عن الأمر نفسه – التي كانت فعالة ضمنها حتى ذلك الحين. وعندئذ تتحول هذه العلاقات من أشكال تطور القوى المنتجة إلى قيود لها فيبدأ عصر الثورات الاجتماعية" .
المطلب الثاني: مفهوم الجريمة على ضوء قوانين الاتحاد السوفياتي لفهم نظرة النظام الاشتراكي للجريمة ينبغي معرفة نظرته للقانون قبل التطرق لمفهوم الجريمة، وهذا ما سنقوم بدراسته في ما يلي: الفقرة الأولى: إنتاج القوانين كبناء فوقي تابع للبنية التحتية إن إنتاج القوانين كبناء فوقي تابع للبنية التحتية في ظل النظام الاشتراكي يتميز بالخصوصيات التالية: أولا: القانون نتيجة للقوى الاقتصادية إن القانون في نظر ماركس هو نتيجة للقوى الاقتصادية، وانعكاس للظروف الاقتصادية وقوى الإنتاج، التي تنشأ عنها مختلف العلاقات والنظم السياسية والاجتماعية، التي تعبر عنها البنية الفوقية، التي تشمل الفكر والقانون والتشريع ومختلف الأجهزة الإيديولوجية للدولة. ومن ثم، فالعلاقات القانونية لا تدرك لذاتها ولا تستشف من التطور العام للعقل الإنساني، بل ترتبط بالظروف المادية والاقتصادية للمجتمع، لدرجة افتقارها لأي استقلال عنها. ثانيا: القانون أداة من أدوات السيطرة إن القانون أداة من أدوات السيطرة والقمع التي توظفها الطبقة المسيطرة لاستغلال الطبقة المسيطر عليها، فهو مثله مثل باقي الأدوات الرادعة، كالشرطة والمحاكم و القضاة والسجون، تفرضه السلطة العامة على الطبقة المسيطر عليها، للحفاظ على غاياتها، ولإضفاء الشرعية على وجودها وأفعالها. وفي البيان الشيوعي رقم 1848، يقول كارل ماركس: "بأفكاركم البرجوازية حول الحرية والثقافة والقانون ... فأفكاركم نفسها نتاج النظام البرجوازي للإنتاج والملكية، وكذلك قانونكم ليس سوى إرادة طبقتكم التي نصبت قانونا، لاشيء آخر في هذه الإرادة إلا الضرورات المادية لطبقتكم" . فالقانون ظهر بظهور الطبقات والدولة، وعرف تاريخ المجتمعات عدد من أنماط القوانين تبعا لطبيعة الطبقة المسيطرة، هكذا نجد، قانون العبودية، القانون الفيودالي، القانون البورجوازي. ثالثا: القانون سيزول بقيام الثورة الشيوعية إن القانون كأداة للسيطرة سيزول بقيام الثورة الشيوعية، وتأسيس دولة البروليتاريا، بحيث سيحل النظام الاشتراكي محل الملكية الخاصة، ولن تكون هناك حاجة إلى قانون ولا إلى إجبار، لأن اشتراكية اللادولة واللاقانون سوف تسود إلى الأبد. والملاحظ أن كارل ماركس تناول عددا من المواضيع، التي تشكل أهم الإشكاليات في علم الاجتماع القانوني، فهو اهتم بأصل ومصدر القانون، و بالعلاقة بين القانون والمجتمع من خلال فرضيته عن تحديد البنية التحتية للبنية الفوقية، وبتغير القوانين تبعا للتطور الحتمي الذي يحدث في قوى وعلاقات الإنتاج، بالإضافة إلى ربطه القانون بمصلحة الطبقة المسيطرة والصراع الطبقي، وبذلك يمكن القول، إن ماركس ساهم بشكل كبير في إنشاء الشكل القانوني لعلم الاجتماع وأشكاله الأخرى، رغم عدم تأسيسه لنظرية في القانون على غرار نظريته في الاقتصاد السياسي . الفقرة الثانية: مفهوم الجريمة بالرجوع إلى قوانين الإتحاد الروسي نجد كل اعتداء على حقوق المواطنين وحرياتهم الفردية وعلى مصالحهم الشرعية كيفما كانت يعتبر مخالفة للقوانين. ففي هذه الحالة تتحمل الدولة والمجتمع مسؤولية الدفاع عن الأشخاص الذين اعتدي على حقوقهم. فحسب التشريع الحالي وكذا ممارسات أعضاء الحكومة فالإجتهاد القضائي السوفياتي يذهب إلى اعتبار أن حماية الحقوق والمصالح الشرعية للمواطنين الروس هي من الإختصاصات الأكثر أهمية التي تضطلع بها الدولة. فالحقوق الشخصية التي يتمتع بها المواطنين ليست حقوقا ممنوحة من طرف الدولة، أي أنه ليس للدولة حق في تحديد معيار هذه الحقوق أو سحبها، فحسب التوجه السائد فالحقوق الشخصية ما هي إلا انعكاس للحقوق الموضوعية. غير أنه بحسب الدولة والإجتهاد القضائي السوفياتي، فهذه النظرية غير مقبولة بتاتا لكونها بطبيعتها غير ديمقراطية. فحقوق المواطنين وحريات الأشخاص ما هي في روسيا إلا تعبير قانوني عن وضعية العامل التي يحتلها داخل المجتمع الاجتماعي كإنسان لديه كل الإمكانيات من أجل تطوير إمكانياته وملكاته. إن الحقوق الأساسية للمواطنين منصوص عليها في الفصل 10 من الدستور الروسي، فحق التصويت مثلا يعتبر من أبرز الحقوق التي أقرها الدستور بعدما لم يكن معمما، بحيث أن العمال في الصناعات لم يكن لهم الحق في التصويت. لكن في سنة 1936 لما تكون المجتمع الإشتراكي ووضع خطوطه العريضة في ظل روسيا الإتحادية وكذا الدستور الجديد بحيث صار حق التصويت معمما على الجميع دون تمييز، بحيث صار للمحكمة وحدها الحق في حرمان شخص ما من التصويت وذلك في إطار عقوبة جنائية. إلا أنه في ظل قانون 1958 في 25 ديسمبر لم يعد يحرم من التصويت إلا المعتوه، وثم تجريم أي فعل يهدف إلى منع شخص من التصويت بسبب عرقه أو ثروته بحيث يعاقب عليها القانون الجنائي. فحسب مبادئ القانون السوفياتي فإن أعضاء الحكومة في إطار اختصاصاتهم يتوجب عليهم تسليط الضوء وتصفية كل مخالفة للقوانين والشرعية دون انتظار الشخص المعني بالأمر من أن يتوجه إليهم، وأن تتخذ تدابير من أجل تصفية أي اعتداء على القوانين ولو أن الشخص المتضرر لم يطلب ذلك . أما على مستوى القانون الجنائي السوفياتي السابق (1924) الذي كان يعتبر الجريمة كل عمل خطر، ويعتبر خطرا من الوجهة الإجتماعية كل فعل أو امتناع عن فعل موجه ضد النظام السوفياتي أو منتهك لحرمات النظام القانوني الذي أسسته سلطة العمال والفلاحين في مرحلة الإنتقال إلى النظام الشيوعي. فهذا التعريف يقوم على المبادئ الفلسفية التي يؤمن بها واضعوه، فالمشرع الروسي ترجم في تعريفه السابق فكرة ماركس القائلة بضرورة مقاومة البروليتاريا بعنف لكل ما يهدد مكتسباتها إلى أن تصل إلى المرحلة المنشودة وهي اختفاء الدولة. ومن غير شك أنه في كل ما سبق لا يبدو الركن القانوني للجريمة واضحا فالأفعال التي من شأنها أن تهدد النظام القانوني الذي أسسته سلطة العمال والفلاحين تستعصي على الحصر والتحديد في نصوص قانونية معلنة. فهذا التعريف وما يماثله يحدد الجريمة بمفهومها الإجتماعي، أي على أساس أنها تمثل سلوكا يعاكس التعايش الإجتماعي المرغوب فيه بصرف النظر عن وجود نص تشريعي يعاقب عليها أو عدم وجوده .
خــــــــاتـــــــــــــمة: من خلال دراستنا لموضوع الجريمة في النظام الاشتراكي يتضح أن المدرسة الاشتراكية قامت على كتابات ماركس وأنجلز بهدف دراسة الروابط بين الجريمة من ناحية وبين الوسط الاقتصادي الذي يحيا فيه الفرد من ناحية أخرى. ويعتبر الإجرام في مفهوم هذه المدرسة منتجا رأسماليا شأنه في ذلك شأن مظاهر الانحراف الاجتماعي الأخرى الذي يعاني منها المجتمع الرأسمالي، فالجريمة في هذا المجتمع رد فعل طبيعي ضد أشكال الظلم الاجتماعي ولا سيما الطبقات الكادحة. ولقد سادت أفكار هذه المدرسة معظم الدراسات الإجرامية في الإتحاد السوفيتي وكذا الديمقراطيات الشعبية . وفي ضوء هذا الفهم لطبيعة المجتمع الصناعي الرأسمالي يرى أنصار المدرسة الاشتراكية أن ما يعتري علاقات العمل والأسرة والوطن من خلل هو ما يفسر ارتكاب جرائم الأموال والأشخاص، يضاف إلى ذلك أن القانون نفسه يعتبر ظاهرة طبقية وأن القانون الجنائي على وجه الخصوص يمثل وسيلة الطبقة البرجوازية في الصراع ضد أفعال طبقة العمال التي تعتدي على العلاقات الاجتماعية التي صاغتها البرجوازية بنفسها عن طريق تدخل الدولة بهدف إشباع مصالحها، وتلخص هذه المدرسة إلى أنه في ظل مجتمع اشتراكي سوف تختفي ظاهرة الإجرام ولن تكون الأفعال المناهضة لسعادة المجتمع وغيره إلا نتيجة أمراض معينة يعاني منها بعض أفراد الجماعة.
قائمة المراجع:
1ـ نيكوس بولاند زاس، السلطة السياسية والطبقات الاجتماعية، ترجمة غنيم عادل، دار بن خلدون. 2ـ كارل ماركس، الرأسمال، الطبعة الفرنسية، دار دمشق. 3ـ ماركس وانجلز، إسهام في نقد الاقتصاد السياسي، دراسات اقتصادية، منشورات دار دمشق 1964. 4ـ ماركس وأنجلز، مختارات، الجزء الرابع، دار التقدم موسكو، رسالة ماركس، يوسف فيديامير. 5ـ ماركس وانجلز ، نقد برنامج غوتا، دار التقدم موسكو. 6- محمد الرضواني، علم الإجتماع القانوني، دار القلم، الرباط، الطبعة الأولى، 2007. 7- أحمد الخمليشي، شرح القانون الجنائي (القسم العام)، الطبعة الثانية، 1989. 8- M.S Strogovitch, La protection des droits des citoyens en U.R.S.S, In: Revue internationale de droit comparé. Vol. 16 N°2, Avril-juin 1964, pp. 297-306. منشور بالموقع الإلكتروني: www.persee.fr/web/revues/home/prescript/author/author_ridc_113
الفهرس مقدمة........................................................................................01 المطلب الأول: مرتكزات الفكر الاشتراكي ..............................................02 الفقرة الأولى: المادية الجدلية أو الفلسفة الماركسية.......................................02 الفقرة الثانية: المرتكز الاقتصادي (فائض القيمة).........................................03 الفقرة الثالثة: المرتكز السياسي (أي التفسير المادي التاريخي للمجتمعات السياسية)...04 المطلب الثاني: مفهوم الجريمة على ضوء قوانين الاتحاد السوفياتي...................06 الفقرة الأولى: إنتاج القوانين كبناء فوقي تابع للبنية التحتية..............................06 الفقرة الثانية: مفهوم الجريمة..............................................................07 خاتمة.......................................................................................10 قائمة المراجع.............................................................................11 الفهرس....................................................................................12
منقول للافادة
| |
|