العلامة الدكتور الطبيب
محمـد نزار الـدقر
اختصاصي بالأمراض الجلدية والتناسلية والعلاج التجميلي
دكتور " فلسفة " في العلوم الطبية كاتب متخصص في الطب الإسلامي
الحمد لله الخالق البارئ المصور، خالق هذا الجسد وهو نفسه جل جلاله، وضع له منهج حياة يتضمن أوامر ونواهٍ، وهو سبحانه أعرف بما يصلح له، ومن البدهي الذي لا مراء فيه، أن تطبيق هذا المنهج باتباع أوامره واجتناب نواهيه سيؤدي حتماً إلى صلاح هذا الجسد. والحجامة من أوامر الله عز وجلّ التي أوحى بها إلى نبيه فهي بلا شك تصلح من فساد البدن. فقد حدث رسول الله : أنه ليلة أسري به، ما مر على ملأ من الملائكة إلا أمروه :أن مر أمتك بالحجامة / أخرجه الترمذي بسند حسن.
الصلاة والسلام عليك يا نبي الله، معلم الناس الخير. ألم يرو عنك إمام المحدثين – البخاري – رحمه الله في صحيحه قولك يا سيدي " إن أمثل ما تداويتم به الحجامة "
في مقابلة على الانترنيت مع الأستاذ الدكتور أمير محمد صالح الحائز على البورد الأمريكي في الطب البديل والأستاذ الزائر في جامعة شيكاغو سُئل عن الحجامة فرد بقوله :" الحجامة، هذا العلاج النبوي الرائع، أصبح علاجاً متداولاً في كثير من عواصم العالم، لقد درست الحجامة بعمق وطبقتها في الغرب قبل أن أعرف أنها علاج نبوي، فهي طريقة علاجية تثمنها عالياً عدد من جامعات العالم وتدخل ضمن طرق العلاج بالطب البديل إذ يسمونهاCupping Therapy وعندما سئل ماذا نقول للذين يهاجمون الحجامة أجاب بقوله: أقول لهم افتحوا على الانترنت واقرؤوا واطلعوا فليس الأمر منا تعصباً للسنة النبوية بل هي مسألة علمية بحتة، فلم هذا التشكيك والغرب كله اليوم يلهث وراء هذا الطريقة البسيطة والمفيدة " .
وفي قطرنا العربي السوري ومنذ أكثر من عامين روج للحجامة بشكل غير مسبوق وأعلن في ضجة مشبوهة عن فوائد غير واقعية كمعالجة السرطان وسواه بالحجامة مما قد يسيء لهذه السنة النبوية الطاهرة بتوجيه أصابع الاتهام إليها من بعض الأطباء، وقد دعت نقابة أطباء سورية إلى عقد ندوتين في دمشق حول الحجامة نوقشت فيهما واقع الحجامة في القطر (1). وأشار الدكتور رمضان رمضان نقيب الأطباء في سورية في مستهل الندوة إلى ما ادعي من دراسة علمية نشرت حول الحجامة في الإعلام وفي بعض الكتب المتفرقة (2) فهي تفتقد بالكلية لمنهجية البحث العلمي .. وبما أنه لا توجد معايير أو استطبابات للحجامة بالمفهوم الطبي الحديث وبالتالي فإن انتشار الحجامة بالشكل الحالي يشكل خطراً على الصحة العامة، وإذا ما كان هناك بعض الاستطبابات الطبية فيجب أن تحدد حسب دراسات علمية تقوم بها جهات علمية مسؤولة /إهـ
وفي نفس الندوة تكلم العلامة الدكتور سعيد رمضان البوطي عن هذا الموضوع فأكد أن الحجامة وسيلة استطبابية قديمة، وجاء رسول الله فتحدث عن هذا الذي عرفه الناس من قبل فقال كلمة فيها قدر كبير من الإقرار وقدر أكبر من التحفظ في حديث صحيح متفق عليه " إن كان في شيء من أدويتكم من خير ففي شرطه محجم أو شربة عسل أو لذعة بنار "
الحديث موجود منذ 14 قرناً، ولكن الشيء الذي أذهلني أن هياجاً غير متوقع وضجيجاً غير مرتقب قام في السنتين الماضيتين أحدث إشكالات غريبة وعجيبة جداً. تساءلت في نفسي ألم يكن الناس قد سمعوا بكلام الرسول هذا الذي تناقلته الأجيال إلى يومنا هذا، فما الذي جعل الناس ينتقلون من النقيض إلى النقيض فيهتاجوا ويقوم ضجيج كبير بهذا الموضوع .
قلت في نفسي لعل النبي لم يكن قد حظي بعد بشهادة التزكية من هؤلاء الذين أعلنوا عن جدوى الحجامة وعن أهميتها، فلما حظي المصطفى بهذا التزكية منهم التفت الناس إلى هذا الأمر وأقبلوا عليه، لكني نظرت فوجدت أن النبي لم يبق له موقع بين هذا الضجيح واتجهت أجهزة الإعلام وأضواء الدعاية إلى أشخاص آخرين، ورسول الله آخر من ترتبط العلاقة بينه وبين هذا الحديث وتساءلت في نفسي لماذا يقوم الصخب وهذا الضجيج العجيب بالنسبة لمسألة واحدة تلتقط من الطب النبوي كله مع الإعراض التام على الأمور الأخرى ( العجوة، الحبة السوداء .....) هذا السؤال لم أجد عليه جواباً في ذاكرتي إلا أنني أظن أن هنالك من يتصيد من هذه المسألة دعاية ومن ثم هناك من أراد أن يقطف ثمار هذه الدعاية" .
ويتابع الأستاذ البوطي فيقول: " وإذا لاحظنا كلام النبي عن الأدوية التي أقرها ولفت النظر إليها نجد أنه يستعمل أداة الإطلاق ولا يستعمل أداة التعميم مثل: إن كان في شيء من أدويتكم من خير ففي شرطة محجم .... الخ. إذاً وليس فيها تعميم. فما الفرق بين الإطلاق والتعميم ؟ الإطلاق يعني أن هذا فيه دواء إذا صح أن تكون الحجامة دواء في مرة من المرات، لمرض من الإمراض فقد صدق هذا الكلام وليس في كلام النبي ما يعني أن الحجامة دواء لكل داء. ندرك من هذا أن النبي عندما يلفت نظرنا إلى الحجامة وأن فيها دواء من مرض ما فإن تنفيذ ذلك مرده إلى الطب، متى وكيف وبأي نظام وبأي طريق نستعمل. وأشد ما نخشاه من ردود الفعل التي تتولد من المبالغة والتي لا تزال تخلف الإفراط والتفريط /إهـ
وأكد الدكتور عبد الغني عرفة أن الحجامة تطبيق للنظرية العلمية القائلة بوجود جهاز مناعي ذاتي في الجسم وأن هذا الجهاز يصيبه الكسل أحياناً فهو بحاجة إلى إعادة تنشيطه، وقد أكدت التجارب الكثيرة أن الحجامة كفيلة بذلك. أما استطباباتها العلاجية فهي تطبق في الحالات التي يكون فيها الجهاز المناعي متراخياً، ولا أقول معطلاً، كما في حالات الشقيقة والآلام العصبية المختلفة وفي أمراض اضطرابات التغذية كالسكري وفي ارتفاع الضغط الدموي، لكني أقول أن هنالك مبالغة في إمكانية الشفاء إذ لا يوجد دواء عجائبي يمكنه أن يشفي كل ما خلق الله من الأمراض، وإن منظمة الصحة العالمية تدعو إلى نبش التراث العالمي للشعوب وتقول بأننا قد نجد في بعضه ما يفيد في علاج بعض ما استعصى على العلم الحديث من أمراض .
وبين الدكتور عبد المالك الشالاتي أن الحجامة تفيد بدون شك في بعض الأمراض وليس في كل الأمراض، وهي شائعة في كل أنحاء العالم، وهي نوع من الطب البديل الذي له جمعياته المنتشرة هنا وهناك إلا أنني أؤكد أن عملية الحجامة يجب أن تضبط من قبل جهات مسؤولة وأن يكون من يقوم بها مرخصاً له من قبل السلطات الصحية .
وتساءل الدكتور أحمد ديب دشاش: لماذا الحجامة الآن ، وهل عجز الطب عن مداواة بعض الأمراض ونريد تجربة الحجامة ، وهل تفضل الحجامة مثلاً لأنها أكثر فعالية ؟ ثم هل يتم تطبيقها في أماكن أو بأيد ووسائل عقيمة نظيفة تضمن سلامة المريض من انتقال العدوى بمرض خطير كالإيدز مثلاً ؟ إذن لابد من إجراء دراسة تقيم فعالية الحجامة حسب المنهج العلمي .
وأحب أن أؤكد للقارئ الكريم أني لم أكتب هذا الكتاب رداً على أحد فقد بدأت بجمع مواده منذ سنوات، لكن الضجة الإعلامية الحالية حول الحجامة ومبالغة أصحابها في الفوائد المنسوبة إليها، ومن ثم ردود الفعل من هنا وهناك وخاصة ما تكلم به العديد من الأطباء في ندوة نقابتهم جعلتني أسرع في إنجاز هذا الكتاب مع الإحاطة ما أمكن بما تقدمه لنا شبكة الإنترنت من أحدث المعلومات ليجد فيها كل من الفريقين- إن كان منصفاً – حقائق علمية وطبية مثبتة يمكن أن تكون جواباً لتساؤلاته وتمكنه بعد ذلك من الحكم الصحيح .
وقد طورت بعض المراكز الطبية في العالم الحجامة بإضافة عناصر أخرى إليها وأطلقوا عليها اسم "الحجامة الحديثة". وتصف الدكتورة هيلينا عبد الله(1) هذا المصطلح فتقول :" تعتبر الحجامة الحديثة وسيلة لاستخلاص العوادم السمية والعناصر المدمّرة الزائدة من أجسامنا عبر سطح الجلد، ومن ثم تجنيب الكليتين والكبد تبعات العمل الشاق، وهي عملية مأمونة للغاية، غير ضارة، وغير مؤلمة، وخالية من الآثار الجانبية، لكنها رغم ذلك شديدة الفعالية لدى استخدامها العلاجي بهدف تخفيف الآلام أو تنشيط الوظائف الحيوية للجسم، وكذا في الوقاية من بعض الأمراض كآفات القلب والفشل الكلوي وغيرها . والحجامة تحتل مكانة هامة في مجمعنا المعاصر ، ولقد شاهدت على امتداد سنوات، نتائج بالغة الأهمية وتحسناً كبيراً لدى كثير من مرضاي وحتى الحالات العديدة من الإعاقات الجسمية الطويلة الأمد .
لمحة تاريخية
الحجامة علاج عرفته كثير من الشعوب القديمة كالصينيين والبابليين واليونان والفراعنة إذ أن أقدم الوثائق عن الحجامة وجدت منذ 1500 ق.م عند قدامى المصريين تمثلت في نقوش تظهر أدوات طبية استخدموها لهذه العملية (1)
ويرى أبقراط (2) أن الفراعنة قسموا الطب العلاجي إلى نوعين: طب الصوم وطب الإخراج ويعنون به الحجامة عن طريق شرطات يحدثونها في الجلد . وإن ما كتبه أبقراط ( حوالي 400ق.م ) هو أقدم النصوص المكتوبة حيث كان وأتباعه يطبقون الحجامة لمعالجة المصابين بالتهاب اللوزيتن وعسرة الطمث، وكان يشترط في المحاجم أن تكون صغيرة القطر، مخروطية الشكل وخفيفة الوزن وخاصة عندما يكون المرض المعالج متركزاً في الأعماق .
وتؤكد بروس بينتلي(3) أن أبقراط عرف الحجامة بشكليها الجافة والرطبة . وأن الحجامة بقيت معروفة في الممارسة الطبية في كل أنحاء أوربا وطبقها العالم اليوناني غالن (150ق.م) وبراسيلوس(1500م) وأمبروس بار(1590م).
لقد تطورت الحجامة عبر الزمن واستخدمها بعض الأقوام لسحب السموم من لسعات الحيات وغيرها من الإصابات الجلدية باستخدامهم لقرون الحيوانات المجوفة بعد تفريغها من الهواء بمصه عن طريق الفم ثم تطورت باستخدام كؤوس من خشب الخيرزان صنعت من الزجاج(1)
كؤوس الحجامة
ومع تطور الكؤوس تطورت أيضاً التطبيقات السريرية للحجامة وكذا مع تنوع الثقافات التي هيات الحجامة لتكون آلية ممتازة لحفظ الصحة. ويبدو أن الصينيين هم الذين وسعوا الانتفاع بالحجامة. وترى أنيتا شانون أن أول تقرير طبي علمي كتب عام 28 م فيه مقولة صينية مفادها أن المعالجة بوخز الإبر مع الحجامة تشفيان أكثر من نصف أمراض البشر، وتوضح معطيات الطب الصيني أن الحجامة تبدد الركودة الدموية، والتي بسببها تعمل مؤثرات خارجية تدخل العضوية في حالات مرضية مختلفة .
جي هونغ ( عام 340م )أول من وصف في كتابه " وصفات الطوارئ " الحجامة وقررها كعلاج إسعافي واستعمل لها القرون الحيوانية .
وفي كتاب Tang Dynasty وصفت الحجامة لمعالجة السل الرئوي والأمراض المشابهة. بعد ذلك تحدث Zhao Xuemin عن أهمية الحجامة باستعمال محاجم مسخنة بحرق قطعة من الصوف فيها تصنع من الخشب أو الخزف ويصفها لمعالجة الصداع الناجم عن البرد، والدوار، والآلام البطنية وأوجاع المفاصل(1) .
وهناك نصوص من طب الفراعنة تؤكد استعمالهم للحجامة في معالجة حالات مرضية متعددة كالحمى والآلام والدوار واضطراب الطمث وضعف الشهية من أجل تعجيل شفائهم. ومن عند المصريين انطلقت الحجامة إلى اليونانيين ومنهم انتقلت إلى الشعوب الأوربية وحتى إلى الأمريكيين(1)
كما أثبتت المصادر التاريخية معرفة العرب في جاهليتهم للحجامة (2) وقد أقر النبي قومه على الانتفاع بهذه الطريقة العلاجية، بل واستخدمها النبي للوقاية من العديد من الأمراض كتبيغ الدم ولمعالجة بعضها الآخر كما سنجد ذلك مفصلاً في فصول قادمة من هذا الكتاب .
ومنذ مطلع القرن التاسع عشر (1)ظهرت أوراق بحث تفيد تطبيق الأطباء الأوربيين والأمريكيين للحجامة في الممارسة العملية. كما أثمرت جهود التعاون بين الأطباء السوفيت والصينين عن نتائج طيبة في التطبيقات السريرية للحجامة وأصبحت من المعالجات الأساسية هناك حيث تجدها مطبقة في معظم مشافي الصين. كما أن حجامة الثديين أصبحت تمارس لمعالجة الأثداء الملتهبة( الشكل 2) وفي اضطرابات الرضاعة حيث طبقت ممصات الثدي العائلية Breast Pumb .
وفي أواخر القرن العشرين (2)دخلت تطورات مهمة على تقنية الحجامة إذ ظهرت نوعيات من الكؤوس مجهزة بمضخات يدوية عوضاً عن استعمال النار في تفريغ الهواء حيث يوجد لها مدك وصمام يتم غلقه أثناء سحب المدكّ ثم يعاد فتحه بعد الانتهاء من عمل الحجامة فيتسلل الهواء إلى داخل الكأس ويمكن بذلك رفعه بسهولة ثم ظهرت بعد ذلك محاجم مزودة بمضخات كهربائية لتفريغ الهواء .
وفي تحقيقه لكتاب " الطب من الكتاب والسنة (3) " كتب د. عبد المعطي قلعجي مؤكداً أنه حتى عام 1960 لم تكن تصدر مجلة طبية أو كتاب في علم وظائف الأعضاء أو العلاج إلا وللحجامة فيه ذكر وفوائد وآلات. و ذكر أن بعض الشركات المختصة بإنتاج الأجهزة الطبية أنتجت حقيبة خاصة لأدوات الحجامة. وفي عام 1973 وقع بيدي كتاب عن علاج الروماتيزم والتهاب المفاصل لمؤلفه د.فورستر لنغ فوجدته يشير إلى الحجامة كمخفف للآلام الرثوية الشديدة .
و في عام 1975 ذكرها الأستاذ زكي سويدان في آخر طبعة من كتابه "التمريض و الإسعاف" القاهرة, حيث ذكر مواضع الحجامة و أنها وسيلة ناجحة لعلاج حالات هبوط القلب المترافق مع ارتشاح في الرئتين و ببعض أمراض القلب و آلام المفاصل.
و في عام 1978 ذكر الحجامة د.عبد العظيم رفعت أستاذ الجراحة في جامعة القاهرة في كتابه Surgery كطريقة لمعالجة عسر التبول الناتجة عن التهاب الكليتين و تطبق الحجامة هنا على الخاصرة.
يدل هذا على أن الطب إن أغفل الحجامة في مطلع القرن العشرين إلا أنه عاد و اعتمدها كعلاج من العلاجات النافعة يتعاضد معها للوصول إلى الشفاء و من ناحية أخرى ترى بعض الأبحاث أن الحجامة تنفرد في معالجات تنفع فيها و تخفف الآلام و ليس لها أي مضاعفات جانبية .
يقول د.أيمن الحسيني(1) في مقدمة كتابه عن الحجامة و الذي صدر عام 2003:
"الحجامة وسيلة علاجية قديمة جدا عادت للظهور و الانتشار من جديد و أصبح تعليمها و القيام بها يستهوي كثيرا من الأطباء بعدما أثبتت دراسات علمية في دول مختلفة من العالم فعالية هذه الوسيلة العلاجية القديمة في مداواة و تخفيف كثير من متاعبنا الصحية" .
الحجامة
في السنة النبوية المطهرة
1-روى البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي قال :" الشفاء في ثلاثة: شربة عسل وشرطة محجم وكية بنار وأنهى أمتي عن الكي ".
2-وروى البخاري ومسلم في الصحيحين عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي قال :" إن كان في شيء من أدويتكم من خير ففي شرطة محجم أو شربة عسل أو لذعة بنار توافق الداء وما أحب أن أكتوي ".
3 -عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قال :" إن خير ما تداويتم به السعوط واللدود والحجامة والمشي " رواه الترمذي وحسنه .
4-عن مالك بن أنس بلغه أن رسول الله قال : "إن كان دواء يبلغ الداء فإن الحجامة تبلغه " أخرجه مالك في الموطأ وقال الأرناؤوط :إسناده معضل .
5 -عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : "نعم العبد الحجام يذهب الدم ويجفف الصلب ويجلو عن البصر " وقال : "إن رسول الله حيث عرج به، ما مر على ملأ من الملائكة إلا قالوا:عليك بالحجامة"رواه الترمذي وحسنه وهو كما قال ( الأرناؤوط ).
6 -عن عاصم بن عمر بن قتادة، أن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عاد المقنع بن سنان فقال:لا أبرح حتى تحتجم فإني سمعت رسول الله يقول :"إن فيه شفاء " رواه البخاري .
7-وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي " احتجم وهو محرم في رأسه من شقيقة كانت به " رواه البخاري.
8- وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن أم سلمة استأذنت رسول الله في الحجامة، فأمر النبي أبا طيبة أن يحجمها. قال حسبت أنه قال :" كان أخاها من الرضاع، أو غلاماً لم يحتلم " رواه الإمام مسلم .
9-وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:حدث رسول الله أنه ليلة أسري به ما مر على ملأ من الملائكة إلا أمروه:أن مر أمتك بالحجامة. أخرجه الترمذي وحسنه.
10-وعن سلمى – خادم رسول الله – رضي الله عنها قالت: ما كان أحد يشتكي وجعاً في رأسه إلا قال:احتجم، ولا وجعاً في رجليه إلا قال:اخضبهما " أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وهو حديث حسن.
11-عن سمرة بن جندب قال :"رأيت رسول الله وهو يحتجم بقرن ويشرط بطرف سكين فدخل رجل من شمخ فقال له:لم تمكن ظهرك أو عنقك من هذا يفعل بها ما أرى:فقال : هذا الحجم وهو من خير ما تداويتم به " رواه الإمام أحمد .
12-عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما "أن النبي احتجم وهو محرم " رواه مسلم
وعن ابن بحينة رضي الله عنه " أن النبي احتجم بطريق مكة وهو محرم وسط رأسه " رواه الإمام مسلم .
13-عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما " أن النبي احتجم وأعطى الحجام أجره واستعط " رواه البخاري .
14-عن عكرمة عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال " احتجم النبي وهو صائم " رواه البخاري .
15-وعن انس رضي الله عنه قال: احتجم رسول الله حجمه أبو طيبة وأعطاه صاعين من طعام وكلم مواليه فخفف عنه وقال: إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري " رواه البخاري .
16-وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : "أخبرني أبو القاسم أن جبريل أخبره أن الحجم أنفع ما تداوي به الناس" أخرجه البخاري في تاريخه والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي .
أوردنا هذه الأحاديث النبوية التي هي في مرتبة الصحيح أو الحسن وأكثرها مما رواه واتفق عليه الشيخان:البخاري ومسلم ويوجد غيرها أيضاً أثبتناه في مواضع أخرى من فصول الكتاب وكلها تدل أن النبي تداوى بالحجامة، بل وفعلها من غير سبب واضح أحياناً وهذا ما يفترضه علم الطب من قبيل الطب الوقائي ، كما أمر أصحابه بالحجم وأنه عليه الصلاة والسلام قد أُمِرَ به من الملأ الأعلى. ومع هذا كله فقد اختلفت آراء العلماء من أمتنا المسلمة من حيث تقييم الحجامة وهل أنها سنة نبوية يثاب عليها من فعلها اقتداء برسول الله أم أنها من الأعمال الدنيوية المباحة حيث لا ثواب ولا عقاب؟
هذا وسننقل أقوال العلماء والمذاهب الإسلامية حول حكم الحجامة في مبحث الأحكام الفقهية للحجامة .
أوقات الحجامة
في الهدى النبوي
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي كان يحتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرون " أخرجه الترمذي وحسنه .
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي قال : "إن خير ما تحتجمون فيه يوم سبع عشرة ويوم تسع عشرة ويوم إحدى وعشرين " أخرجه الترمذي وحسنه .
( وهو كما قال:الأرناؤوط)(1).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال : "من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء " أخرجه أبو داود وإسناده حسن.
عن أبي بكرة قال:أخبرتني عمتي كيَسة بنت أبي بكرة أن أباها كان ينهى عن الحجامة يوم الثلاثاء ويزعم عن رسول الله أن يوم الثلاثاء يوم الدم وفيه ساعة لا يرقأ" أخرجه أبو داود وإسناده ضعيف لضعف راويه أبي بكرة بكار بن عبد العزيز و لحالة عمته كيسة إذ لا يعرف حالها ( الحافظ ابن حجر في التقريب )
وأما ما يروى عن أبي هريرة يرفعه " من احتجم يوم الأربعاء أو يومَ السبت فأصابه وضح أو بياض فلا يلومن إلا نفسه " أخرجه الحاكم والبيهقي وفي سنده سليمان بن أرقم وهو متروك، فهو حديث ضعيف جداً / لا يصح (1)وكذا ما يروى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله يقول :"فاحتجموا على اسم الله ولا تحتجموا الخميس والجمعة والسبت والأحد، واحتجموا الأثنين، وما كان من جذام ولا برص إلا نزل يوم الأربعاء " رواه ابن ماجه من طريقين ضعفهما ابن ماجه نفسه .
قال ابن القيم في الطب النبوي:الحجامة في النصف الثاني وما يليه من الربع الثالث من أرباعه أنفع من أوله وآخره، وإذا استعملت عند الحاجة إليها نفعت أي وقت من أول الشهر وآخره "... ويرى ابن القيم أن " اختيار هذه الأوقات فيما إذا كان على سبيل
الاحتياط و التحرز من الأذى، وأما في مداواة الأمراض فحيثما وجدت الحاجة إليها وجب استعمالها ".
ويقول ابن القيم: وكل الأحاديث التي ذكرت فيها الأيام ضعيفة، ولقد قال الفيروزبادي في سفر السعادة: وباب الحجامة واختيارها في بعض الأيام و كراهتها في بعضها ما ثبت منه شيء، أي في السنة .
قال الإمام ابن حجر(1)وورد في الأوقات اللائقة بالحجامة أحاديث ليس فيها شيء( أي من الصحة ) على شرطه، فكأنه أشار إلى أنها تصنع عند الاحتياج ولا تتقيد بوقت دون وقت. وينقل ابن حجر عن أطباء زمانه أن أنفع الحجامة ما يقع في الساعة الثانية أو الثالثة وألا يقع عقب استفراغ أو جماع أو حمام ولا عقب جوع ولا شبع.
وأما الندب للحجامة لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين فقد قال ابن حجر: ولكون هذه الأحاديث لم يصح منها شيء فقد قال حنبل بن اسحق أن أحمد ( ابن حنبل) رحمه الله كان يحتجم في أي وقت هاج به الدم وأي ساعة كانت ...
قال ابن القيم (1) وتستحب الحجامة في وسط الشهر لأن الدم في أول الشهر لم يكن قد هاج وتبيغ وفي آخره يكون قد سكن أما في وسطه فيكون في نهاية التزايد ".
ويقول الدكتور محمد علي البار (2) في هذا المعنى: ظهرت في الآونة الأخيرة أبحاث مفادها أن القمر عندما يكون بدراً يزداد التهيج العصبي والتوتر النفسي إلى درجة بالغة. ويؤكد الدكتور ليبر ( عالم النفس الأمريكي في ميامي) أن هناك علاقة قوية بين العدوان البشري والدورة القمرية وخاصة بين مدمني الكحول والميالين إلى الحوادث وذوي النزاعات الإجرامية ثم إنه يشرح نظريته قائلاً:" إن جسم الإنسان مثل سطح الأرض يتكون من 80% من الماء والباقي هو من المواد الصلبة، ومن ثم فهو يعتقد أن قوة الجاذبية القمرية التي تسبب المد والجزر في البحر والمحيطات تسبب هذا المد أيضاُ في أجسامنا عندما يبلغ القمر أوج اكتماله، وهو ما عبر عنه القدماء بتهيج الأخلاط وتبيغ الدم، وكما يحدث المدُ في البحر عند اكتمال البدر يحدث هياج الدم وتبيغه في الجسم عند اكتمال القمر ..."
وفي هذا المعنى نقل عن ابن سينا (1) قوله:ويؤمر باستعمال الحجامة، لا في أول الشهر لأن الأخلاط لا تكون قد تحركت أو هاجت ولا في آخره لأنها تكون قد نقصت، بل في وسط الشهر حين تكون الأخلاط هائجة تابعة في تزايدها لتزايد النور في جرم القمر ".
ويرى الدكتور محمود ناظم النسيمي (2) أن الحجامة الجافة ليس لها وقت معين لإجرائها وإنما تنفذ لدى وجود استطباب لها، أما الحجامة الدامية ( المبزغة ) فلها أوقات مفضلة في الطب النبوي إذا استعملت بشكل وقائي، أما في حالات الاستطباب العلاجي فإنها تجرى كذلك في أي وقت. فلقد مر معنا أن النبي احتجم بعدما سُمَّ واحتجم في وركه من وثء كان به واحتجم وهو محرم على ظهر قدمه من وجع كان به، وفي رأسه من شقيقة ألمت به. ولم يرد عنه عليه الصلاة والسلام أنه انتظر في تلك الأحوال يوماً معيناً أو ساعة معينة من اليوم ولذا تحمل أحاديث تفضيل أيام معينة من الشهر لإجراء الحجامة الدامية على إجرائها لأغراض وقائية كما في الدمويين عند اشتداد الحر والله تعالى أعلم.
وخلاصة القول في توقيت الحجامة أنه لم يصح عن النبي حديث يأمر أو ينهى عن الحجامة في يوم أو وقت معين، إلا ما كان من استحباب لعملها أيام السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين من الشهر القمري حيث بلغت أحاديثها درجة الحسن ( أي دون مرتبة الصحيح )، فالمسلم الذي يرغب في الحجامة لمجرد الوقاية أو تطبيق ما ورد في السنة المطهرة يمكن أن يتحرى هذه الأيام وأما من أراد الحجامة علاجاً لمرض حاضر فليس له أن ينتظر وإنما يجريها زمن الحاجة إليها. وهذا ما اتفق عليه الجمهور من علماء الأمة ،كما يوافق الرأي الطبي السديد.
مواضع الحجامة
في الهدى النبوي
عن أنس بن مالك رضي الله عنه " أن رسول الله كان يحتجم في الأخدعين والكاهل" أخرجه الترمذي وأبو داود وإسناده صحيح(1) .
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي كان يحتجم في الأخدعين والكاهل وكان يحتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين " أخرجه الترمذي وحسنه .
وعن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه أن رسول الله كان يحتجم على هامته وبين كتفيه وهو يقول:من أهراق من هذه الدماء فلا يضره أن لا يتداوى بشيء لشيء " أخرجه أبو داود بإسناد حسن .
وعن أنس رضي الله عنه :" كان رسول الله يحتجم ثلاثاً:واحدة على كاهله واثنتين في الأخدعين " أخرجه أحمد وأصحاب السنن وإسناده صحيح .
وعن أنس أيضاً " أنه احتجم وهو محرم في رأسه لصداع كان به" رواه البخاري في صحيحه .
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما " أن رسول الله احتجم على وركه من وثء كان به " أخرجه أبو داود والنسائي وإسناده حسن، والوثء شبيه بالخلع وليس به.
وعن عبد الله بن بحينة أن رسول الله احتجم بلحي جبل عن طريق مكة وهو محرم وسط رأسه " رواه البخاري، ولحي جمل بقعة معروفة في الحجاز وهي عقبة الجحفة على سبعة أميال من السقيا( ابن حجر في فتح الباري ) .
وعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما " أن رسول الله احتجم في رأسه " رواه البخاري ".
وعن قتادة عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله احتجم وهو محرم على ظهر القدم من وثء كان به " أخرجه النسائي في سننه .
والأخدعان العرقان المكتنفان للعنق في جانبيه والكاهل ما بين الكتفين وهو مقدم الظهر والهامة الرأس وجمعها هام[ الشكل –3] .
قال ابن القيم:الحجامة على الكاهل تنفع من وجع المنكب والحلق، والحجامة على الأخدعين تنفع من أمراض الرأس وأجزائه كالوجه والأسنان والأذن والعين والأنف والحلق إذا كان حدوث ذلك عن كثرة الدم أو فساده أو عنهما جميعاً .... والحجامة تحت الذقن تنفع في وجع الأسنان والوجه والحلقوم وتنقي الرأس والكتف ... والحجامة على ظهر القدم تنوب عن فصد الصافن وتنفع من قروح الفخذين والساق وانقطاع الطمث والحكة العارضة في الأنثيين والحجامة أسفل الصدر نافعة في دماميل الفخذ وفي النقرس والبواسير والفيل وحكة الظهر ...../هـ.
يقول د. محمود ناظم النسيمي (1): يسمى الأخدع في المصطلح الطبي الحديث الوريد الوداجي الخارجي الخلفي وهو يصُبُ في الوريد الوداجي الظاهر، وعلى هذا فإن الحجامة في الأخدعين تحتاج إلى دقة متناهية وبأن تكون الشرطة سطحية غير عميقة وتقوم مقامها الحجامة في الكاهل وهذه أبعد علىالعروق الكبيرة وأسلم ... وقد احتجم النبي في الأخدعين والكاهل، واستمر تطبيق الحجامة فيهما في عهد النهضة العربية وذكرها مع استطباباتها الرئيس ابن سينا
ومن دراستنا للأحاديث النبوية التي نقلت المواضع التي طبقها النبي حين احتجامه يبدو أنها تتعلق بالمرض المعالج، بمعنى أنها ليست أموراً تعبدية وإنما هي أمور يتدخل الطب في تحديدها، فهي بدون شك أمر اجتهادي يعلمها الناس بالخبرة .
ويرى الأستاذ د. أحمد لطفي (1) أن الحجامة تعمل على خطوط الطاقة وهي نفسها التي تستخدما طريقة المعالجة بالإبر الصينية. ويرى أن الحجامة تأتي بنتائج أفضل عشرة أضعاف من الإبر الصينية، فهي تعمل على مواضع الأعصاب الخاصة بردود الأفعال، كما تعمل على الغدد اللمفاوية حيث تقوم على تنشيطها، كما تعمل أيضاً على الأوعية الدموية وعلى الأعصاب أيضاً .
ويرى البروفسور أمير محمد صالح (2) أن الأسس التي يتم من خلالها تحديد منطقة الحجامة فهي ثلاثة أسس:
1- التطبيق على مناطق الألم المتصلة مباشرة بالجلد .
2- تنبيه مناطق الوصل العصبية المشتركة مع الجلد في مراكز واحدة مثل تنبيه مناطق معينة من الكتف لمعالجة آفات القلب، وتنبيه أماكن عند أسفل الظهر لمعالجة آفات البروستات ( الموثة ) حيث يكون الجلد مشتركا مع هذه الأعضاء بردود حسية عصبية واحدة .
3-تنبيه مناطق معينة من الجلد يحدث رد فعلها إفرازات في غدد معينة – وهذه الأمور الثلاثة تحتاج من الطبيب المعالج الذي يجرى الحجامة معرفة دقيقة مفصلة لهذه الأمور التشريحية .
الأحكام الفقهية
للحجامة
أوردنا عدداً كبيراً مما صح عن رسول الله من أحاديث حول دعوة أمته للحجامة، وقاية وعلاجاً ، تجاوز الثلاثين حديثاً أغلبها عند البخاري ومسلم وأصحاب السنن. فماذا استنبط علماء الأمة وفقهاء مذاهبها من أحكام حول الحجامة . وما هو الحكم الفقهي للحجامة ، وهل يثاب فاعلها أم لا ، ثم هل تجوز الحجامة للمحرم، وللصائم، ثم هل يجوز للحجام أخذ أجرة على عمله؟ هذا ما نجيب عليه في مباحث هذا الفصل .
حكم الحجامة:
في الندوة التي دعت إليها نقابة الأطباء في دمشق(1) تحدث الأستاذ د.وهبة الزحيلي حول ما يراه الحكم الشرعي للحجامة فقال :
" في الوقت الحاضر وردت بعض الكتابات والمقولات التي تشيد بالحجامة، ولكن مع الأسف لم يكن المتحدثون أمناء في نقل الصورة الصحيحة عن الحجامة فاعتمدوا على ثمانية أحاديث كلها إما ضعيفة أو موضوعة.. هناك ثلاثة أحاديث صحيحة فقط، تدل على أن الحجامة سنة فعلية ثابتة وعلى أن النبي احتجم وأعطى الحجام أجره، لكن هذه الأحاديث التي تدل على الحجامة ليس على المستوى الذي يتداوله الناس الآن، وأن المشروعية ترقى إلى مستوى السنة النبوية ، ليست الحجامة من السنة أصلاً بمعنى أنها ليست قربى من القرب التي يتقرب بها من الله عز وجل ، إنما هي من قبيل الأفعال الطبيعية والتي نسميها في علم أصول الفقه:الجبلية كالقيام والقعود والأكل والشرب، والعلاجات هذه كلها في الواقع ليست سنناً وإنما الذي ورد فيها يدل على أنها مباحة، فالحجامة بالتعبير الفقهي الشرعي الدقيق مجرد عمل مباح، وفعل النبي دل على مشروعيتها ولكن لا ترقى إلى أن تكون عبادة أو قربى أو سنة من السنن" /إهـ.
أما الأستاذ د.سعيد رمضان البوطي(1) فيقول في ختام حديثه عن الحجامة والذي ذكرنا مقتطفات منه في مقدمة كتابنا :" أما ما هي الأدواء التي يمكن للحجامة أن تكون علاجاً لها والطريقة التي ينبغي أن تسلك لذلك فهي تخضع للقوانين الطبية التي يتناولها التطور والتقدم وهذا يعني أن الحجامة ليست سنة مثل ركعتي الضحى وغيرها من السنن فهي ليست قربى بشكل من الأشكال. هذا الأمر بديهي والذي يقول أنها سنة وقربى يتقرب بها الإنسان إلى الله يخالف البديهات في الواقع … أنا لا أنكر فائدة الحجامة وإلا لما قال الرسول الصادق المصدوق هذا الكلام بحديث صحيح متفق عليه، لكني أقول أن الحجامة تخضع للشروط والأنظمة الطبية، هذا شيء يقيني، والذي يمارسها إن لم يكن طبيباً وحصل محذور للمريض (المحجوم) فهو ضامن له/إهـ.
ومحاولة منا للوصول إلى الحقيقة طرحنا الموضوع على عدد من علماء دمشق الأجلاء . وسؤالنا كان صريحاً: ما هو حكم الحجامة في الشريعة الإسلامية ؟
ثم هل يثاب المسلم إذا فعلها بنية الاقتداء بفعل النبي ؟
كتب إلينا الأستاذ الشيخ أسامة عبد الكريم الرفاعي يقول :
تعقيباً على ما جرى بيننا من حديث حول الحجامة وما يشيع من الحديث حول تحميلها في شرع الله مالا تحمله إلى درجة أن جعلها البعض شعيرة من شعائر الدين، شافية من كل داء بلا استثناء إلى غير ذلك من المبالغات المشينة التي يصلح أن يقال لأصحابها، أتريدون أن يكذب الله ورسوله …ثم نسمع عن آخرين جردوا الحجامة من كل صفة شرعية فلا استجابة في فعلها لشرع الله ولا أجر ولا ثواب لفاعلها … ما تباعدت فيه الأنظار واختلفت فيه الأحكام .
وسأنقل هنا أقوال بعض العلماء التي تزيد في ثراء هذا البحث. فالموضوع ما يزال مطروحاً للنظر والتمحيص ومحاولة معرفة الأحكام الشرعية للوقوف على مراد الله تعالى من عباده وما يرتبه سبحانه من الثواب والعقاب على أفعالهم وتصرفاتهم .
الإمام الرازي يقول في كتابه " المحصول" : قال الأصوليون، صيغة ( إفعل)مستعملة في خمسة عشر وجهاً …." ثم قال :
الثاني :الندب كقوله تعالى:" فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً "، ويقرب منه التأديب كقوله"كل مما يليك" فإن الأدب مندوب إليه.ثم قال :
الثالث:الإرشاد كقوله تعالى "واستشهدوا شهيدين من رجالكم " وقوله " إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه "والفرق بين الندب والإرشاد أن الندب لثواب الآخرة والإرشاد لمنافع الدنيا، فإنه لا ينقص الثواب بترك الاستشهاد في المداينات ولا يزيد بفعله".
وتكلم الإمام الإسنوي بما يشبه كلام " المحصول" كما أني رأيت في كلام الإمام السبكي في كتابه " الإبهاج " الذي شرح به منهاج البيضاوي في علم الأصول ، تدقيقاً مفيداً ينبغي الوقوف عليه لما فيه من تحرير لهذه المسألة التي نحن بصددها. يقول رحمه الله في الجزء الثاني من كتابه :"….الثالث الإرشاد كقوله تعالى " واستشهدوا شهيدين من رجالكم" والفرق بين الندب والإرشاد أن المندوب مطلوب لثواب الآخرة والإرشاد لمنافع الدنيا ولا يتعلق به ثواب البتة لأنه فعل متعلق بغرض الفاعل ومصلحة نفسه. وقد يقال إنه يثاب عليه لكونه ممتثلاً، لكن ثوابه أنقص من ثواب الندب لأن امتثاله مشوب بحظ نفسه. ويكون الفارق إذن بين الندب والإرشاد إنما هو مجرد أن أحدهما مطلوب لثواب الآخرة والآخر لمنافع الدنيا والتحقيق أن الذي فعل ما أمر به إرشاداً، إن فعله لمجرد غرضه (أي الدينوي ) فلا ثواب له، وإن أتى به لمجرد الامتثال، غير ناظر إلى مصلحته ولا قاض سوى مجرد الانقياد لأمر ربه يثاب، وإن قصد الأمرين أثيب على أحدهما دون الآخر ولكن ثوابه أنقض من ثواب من لم يقصد غير مجرد الامتثال /إهـ.كلام التاج السبكي رضي الله عنه.
وأنت ترى – أخي الكريم – هذا التحقيق الرائع فيما ينطبق على ما نحن بصدده من الحديث عن الحجامة والتي كانت زمنه هي الدواء المتاح للناس لمعالجة بعض الأمراض لا جميعها فهي من منافع الدنيا ومصالح الناس فيها ويصدق عليها أنها من خطاب الإرشاد لا من خطاب الندب والذي لا يثاب عليه صاحبه إلا أن يقصد الاستجابة لأمر الشرع كما مر في تحقيق الإمام السبكي ولا مزيد على كلامه/إهـ.
أما الأستاذ الدكتور محمد هشام البرهاني فقد كتب إلينا جوابه حول الحكم الشرعي للحجامة يقول: الحجامة سنة نبوية، وكيف لا تكون سنة وقد فعلها النبي مراراً وندب إليها وفعلها أصحابه رضوان الله عليهم والسلف الصالح اقتداء به صلى الله عليه وسلم.
أما تعاطيه الحجامة فما جاء في الصحيحين: كان رسول الله يحتجم ثلاثاً واحدة على كاهله واثنتين على الأخدعين" وأخرج الترمذي في الشمائل والنسائي وابن خزيمة وابن حيان في صحيحيهما أن رسول الله " احتجم وهو محرم في رأسه لصداع كان به " وفي رواية " احتجم وهو محرم على ظهر القدم من وجع " وفي الصحيحين أن النبي احتجم وأعطى الحجام أجره" وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه " أن رسول الله حجمه أبو طيبة فأمر له بصاعين من الطعام وكلم مواليه فخفضوا عنه ضريبته وقال :" خير ما تداويتم به الحجامة".وهذا يدل على استحبابهما والندب إليها. ففي صحيح البخاري عن النبي : " الشفاء في ثلاثة ......الخ الحديث. وأما فعل الصحابة : ففي الترمذي عن عباد بن منصور قال:سمعت عكرمة يقول:كان لابن عباس غلمة ثلاثة حجامون فكان اثنان يغلان عليه يعملان للناس بالغلة أي بالأجرة – وعلى أهله وواحد لحجمه وحجم أهله "
ولا يزال الناس يمارسون الحجامة من عصر الصحابة إلى يومنا هذا جيلاً بعد جيل دون نكير.
ويتابع الدكتور البرهاني قوله " وما دام الإنسان يفعلها – أي الحجامة – تأسياً بالنبي واقتداء به وبأصحابه فإنه يثاب على فعلها كما يثاب على أي عمل يقوم به متأسياً بالنبي ومقتدياً بالسلف الصالح يقصد الثواب والقرب من الله تعالى، كيف لا وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يتحرون أفعال النبي في بيته وخارجه وفي حله وترحاله في عبادته ومعاملته، في نومه وطعامه وشرابه ولباسه، وخير مثال على ذلك ابن عمر رضي الله عنهما فقد كان يتحرى التأسي بالنبي حتى في الأمور التي لا تبدو فيها أية حكمة إلا لمجرد المحاكاة الظاهرة، فكيف لا يثاب من يجتحم مقتدياً بالأسوة العظمى سيدنا محمد . وقد ورد استحباب الحجامة وطلبها في تراثنا العظيم على اختلاف مشاربه ومذاهبه وفي مصادر عديدة نكتفي منها بما جاء في الموسوعة الفقهية الصادرة في الكويت تحت لفظ الحجامة " التداوي بالحجامة مندوب إليه".
أما الأستاذ المحدث الشيخ عبد القادر الأرناؤوط فقد كتب إلينا يقول :
إن الأحاديث النبوية التي جاءت ترغب بالحجامة كثيرة (ونقل العديد من الأحاديث والتي ذكرناها سابقاً ) ثم قال :
يفيد قول الإمام ابن قيم الجوزية في زاد المعاد (4/53) قال: في ضمن هذه الأحاديث يعني التي ساقها حول الحجامة: استحباب التداوي، واستحباب الحجامة وفيها دليل على جواز التكسب بصناعة الحجامة .
أقول :
( وفعله صلى الله عليه وسلم الحجامة والاقتداء به في فعلها يثاب عليها فاعلها وهي سنة عملية لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلها فالاقتداء به فيها يستحب/إهـ .
وأما الشيخ العلامة محمد سكر فقد كتب إلينا يقول في حكم الحجامة :
- ذكر ملاعلي القاري (وهو حنفي): والأمر للندب وقد تجب الحجامة في بعض المواضع (مرقاة المفاتيح ،شرح المشكاة 4/505)
- وذكر ابن القيم (وهو حنبلي): أنه مستحب: واستحباب الحجامة... انظر زاد المعاد3/82
- وفي الموسوعة الفقهية 17/14التداوي بالحجامة مندوب إليها ،انتهى.
- وذكر علماء الأصول في كتب السنة النبوية المطهرة أن السنة التي لم يثبت بها الأمر أو كونها مخصوصة به صلى الله عليه وآله وسلم وكانت جبلية حياتية ،اختلف رأي العلماء فيها بين السنية والاستحباب .
- وقال العلامة ابن أبي جمرة (وهو مالكي) في بهجة التقوى شرح مختصر البخاري4/127هل الشفاء في الحجامة على العموم في المؤمن والكافر أم لا : ظاهر محتمل لكن قد جاء من طريق " شفاء أمتي.... " فيكون خاصاً بأمته صلى الله عليه وآله وسلم.
وهل يكون ذلك شفاء من كل داء أو هو من أدواء مخصوصة ، فاللفظ محتمل لكن الأظهر العموم لأنه من الرحمة والمنن وما هو من هذا الباب ، فالعموم أظهر فيه .
-وقد تكلم بعض الباحثين في هذه الأحاديث وعللوا الفائدة فيها بأن جعلوها بنظرهم راجعة إلى التجربة وما يقول فيها أهل الطب وأهل الاختصاص ، فإذا اعتمدنا قولهم، معنى هذا أنه لم يبق لقول الصادق صلى الله عليه وآله وسلم فائدة أصلاً، وهذا قول فاسد وغلط فالله عز وجل يقول: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ، وقال تعالى : " وما ينطق عن الهوى " فإذا صدقنا قول أهل التجربة وأهل الطب وكلا القولين تقدير وتخمين وظن غالب ، فيجب من باب أولى تصديق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم الذي يخبر عن جاعل وخالق الأشياء واخترعها بقدرته وحكمته ، فالتوفيق لا ينال إلا من طريق النعم علينا ... وأما قولنا هل يحتاج إلى نية عند استعماله فكل ما هو من طريق النبوة فالنية أصل فيه، وأما الذي يأخذه على طريق التجربة والشك فلا يزيد بذلك إلا شدَّة ..إلى آخر ما قاله رحمه الله/ إ هـ.
وخير ما أختم به هذا البحث الملاحظات حول الحجامة التي كتبها الأستاذ إياد نقشبندي مدير أوقاف دير الزور في مجلة نهج الإسلام* :
" يقبل المسلمون هذه الأيام وبشكل واسع على تطبيق سنة نبوية طيبة ألا وهي (سنة الحجامة)التي ورد ذكرها في الكثير من الأحاديث الصحيحة متناً وسنداً والتي تشير إلى فوائدها الجلية سواء للأصحاء من الناس وقاية لهم من الأمراض أو المرضى منهم علاجاً لما يعانونه من أمراض شتى ، إلا أن ذلك يجب أن يتم من قبل أهل الخبرة والاختصاص وأن يراعوا فيه القواعد الصحية السليمة والآمنة أثناء عملهم . فالحجامة بمثابة عمل جراحي يجب أن تطبق على الأدوات المستعملة فيه كل الشروط التي تطبق على الأدوات الجراحية حين تحضيرها للاستعمال .
فالحجامة سنة نبوية يطبقها الإنسان المؤمن طاعة لله ولرسوله وتيمناً ببركة هذه السنة آملاً أن يحقق الله عز وجل عندها الفائدة المرجوة إن شاء ، أو يؤجل ذلك إلى وقت آخر ، ولا رادّ لمشيئته عز وجل لذا لا يجوز التآلي على الله مسبقاً وإعطاء الناس الوعود القاطعة بأنهم إن طبقوا الحجامة فسيشفون من أمراضهم لأن ذلك مرتبط بمشيئة الله عز وجل إن شاء شفى وإن شاء أخر ذلك إلى أمد هو يعلمه وحسبنا عندئذ أن ما نناله من الأجر والمثوبة بتطبيق هذه السنة النبوية المباركة (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا –الحشر 6)( من يطع الرسول فقد أطاع الله) النساء 78 وهذه الحقيقة هي مسألة هامة في عقيدة المؤمن قد لا يدركها الكثير من العامة، لذا عندما لا يتحقق الشفاء بعد الحجامة مباشرة يتأثر إيمانهم وتحدث شبهات وربما فتن والعياذ بالله .
والحجامة سنة نبوية يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها. وإن شأنها شأن كل أمر يهرع إليه المؤمن وقت الشدة أن يسبقها إقرانها بالتوبة النصوح إلى الله عز وجل والعود الصادق إليه والتزام أوامره واجتناب نواهيه ثم بعد ذلك قد نكون مؤهلين لنيل المنفعة التي يهبها الباري عز وجل للصادقين معه.
الصوم والحجامة:
عن عكرمة عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال :" احتجم النبي وهو صائم " رواه البخاري
ويلخص د. وهبة الزحيلي (1) آراء المذاهب الإسلامية بقوله: تكره الحجامة للصائم عند الشافعية والمالكية والحنفية لكنها لا تفطره، بينما يفطر بها عند الحنابلة ويلزمه القضاء فقط .
قال ابن حجر (2):وأما قوله " واحتجم أبو موسى ليلاً " وفيه امتناعه عن الحجامة نهاراً كان بسبب الصيام لئلا يدخله خلل وإلى هذا ذهب مالك فكره الحجامة للصائم لئلا يغرر بصومه لا لكون الحجامة تفطر الصائم .....
وعن ثابت البناني، سئل أنس بن مالك رضي الله عنه: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم على عهد رسول الله ؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف " رواه البخاري وأبو داود .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما " أنه كان يحتجم وهو صائم ثم ترك ذلك بعد فكان إذا صام لم يحتجم حتى يفطر ".
وأما ما رواه رافع بن خديج رضي الله عنه أن النبي قال :" أفطر الحاجم والمحجوم " رواه الترمذي وأبو داود (عن شداد بن أوس) وابن ماجه والدارمي. فقد قال الأستاذ الأرناؤوط (1) إسناده صحيح ولكنه منسوخ فقد ثبت أن رسول الله رخص في الحجامة للصائم .
قال الإمام مجد الدين بن الأثير الجزري(2) في شرح هذا الحديث [ أفطر الحاجم والمحجوم ] من ذهب إلى أن الحجامة تفطر فهو ظاهر ومن قال إنها لا تفطر فمعناه: أنهما تعرضا للإفطار، أما المحجوم فللضعف الذي يلحقه من ذلك فربما أعجزه عن الصوم. وأما الحاجم فلا يأمن أن يصل إلى حلقه شيء من دم المحجوم فيبلعه وهذا كما يقال: أهلك فلان نفسه إذا كان يتعرض للمهالك ....
أما من الوجهة الطبية فنحن مع د. أحمد كنعان (1) إذ يقول: فبما أن الحجامة لا تعد علاجاً إسعافياً ولا تصل الحاجة لها إلى حد الضرورة، فإننا نرى خروجاً من الخلاف إرجاءها إلى الليل، أي إلى ما بعد الفطر حيث يكون المريض أقوى على تحمل الحجامة .
الحجامة والطهارة
ذهب المالكية والشافعية إلى أن الحجامة لا تنقض الوضوء، وذهب الحنفية إلى انتقاض الوضوء بالحجامة لأن الوضوء عندهم واجب بخروج النجس، أما الحنابلة فقد ذهبوا إلى أن ما خرج من الدم إن كان فاحشاً فإنه ينقض الوضوء (2) ويندب الغسل من الحجامة عند الحنفية خروجاً من خلاف من ألزمه – وتكره الحجامة في المسجد عند المالكية، هذا إذا أمن تلوثه وإلا حرمت(3) .
الحجامة للمحرم
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : "احتجم النبي وهو محرم" رواه البخاري ومسلم، وفي رواية للبخاري قال : " احتجم النبي في رأسه وهو محرم من وجع كان به بماء يقال له لحي جمل" .
وعن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول: "لا يحتجم المحرم إلا أن يضطر إليه مما لابد منه " أخرجه مالك في الموطأ وإسناده صحيح .
قال الإمام النووي في شرحه صحيح مسلم وفي هذا الحديث دليل على جواز الحجامة للمحرم. وقد أجمع العلماء على جوازها في رأسه وغيره إذا كان له عذر في ذلك وإن قطع الشعر حينئذ، لكن عليه الفدية لقطع الشعر، فإن لم يقطع فلا فدية عليه. وهذا الحديث محمول على أن النبي كان له عذر في الحجامة في وسط الرأس لأنه لا ينفك عن قطع الشعر. أما إذا أراد المحرم الحجامة لغير حاجة، فإن تضمنت قلع شعر فهي حرام كتحريم قطع الشعر، وإن لم تتضمن ذلك بأن كانت في موضع لا شعر فيه، فهي جائزة عندنا ( الشافعية) وعند الجمهور ولا فدية فيها، وعن ابن عمر ومالك كراهتها ".
قال الحافظ في الفتح:وعن الحسن فيها الفدية وإن لم يقطع شعراً، وإن كان لضرورة جاز قطع الشعر وتجب الفدية.
جواز أخذ الحجام أجره
عن أنس رضي الله أنه سئل عن أجر الحجام فقال : " احتجم رسول الله حجمه أبو طيبة وأعطاه صاعين من طعام وكلم مواليه فخففوا عنه وقال :" إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري " رواه البخاري ومسلم .
قال أبو عيسى: حديث أنس حسن صحيح وقد رخص بعض أهل العلم من أصحاب ا