سعيد الزعيم Admin
عدد المساهمات : 320 تاريخ التسجيل : 08/11/2012 العمر : 36
| موضوع: التأميـن البحـري الأربعاء أغسطس 21, 2013 12:53 pm | |
|
التأميـن البحـري
إعـداد الـطـالـب: تحت إشراف الأستاذ: كــمــال ياســـر الدكتور محمد أفـركــوس أنــس أبـو خصيب
بسم الله الرحمان الرحيم مقدمة: يتميز عقد التأمين البحري عن غيره من عقود التأمين بطبيعة الحادث الذي يضمنه. ذلك أن عقد التأمين البحري هو العقد الذي يلتزم المؤمن بموجبه بضمان الضرر الناتج عن تحقق حادث بحري أو أية خسارة قد تنشأ خلال الرحلة البحرية أو الأعمال المرتبطة بها كعمليات نقل البضاعة إلى السفينة وتفريغها إذا اتفق على تأمين الخسارة التي تلحق المؤمن له خلال هذه العمليات بنص صريح في وثيقة التأمين. وإذا كان صلاح السفينة للملاحة البحرية شرط لاكتساب صفة السفينة، فإنه لا يشترط أن تكون فوق البحر، وإنما يكفي أن تكون معدة للملاحة البحرية أثناء تعرضها للحادث البحري، أي أن المؤمن قد يلتزم بتغطية السفينة أثناء تعاطيها للملاحة البحرية بالمعنى المنصوص عليه في المادة الأولى من ظهير 31 مارس 1919 كما يغطيها أثناء ترميمها وإقامتها في الأحواض الجافة. أما البضاعة فإنها تكون بدورها مشمولة بالتأمين أثناء نقلها بحرا أو برا أو جوا أو في الأنهار المالحة إذا كان النقل تابعا لنقل بحري، وكما لو تضمنت وثيقة التأمين البحري على البضاعة شرط من المخزن إلى المخزن، وذلك عملا بوحدة النقل البحري إذ تحكم عملية النقل في مجموعها قواعد قانونية واحدة. وهذا المبدأ في صالح المؤمن له إذ يجنبه عناء إبرام عدة عقود تأمين على نفس البضاعة. وإذا كان التأمين البحري محله ضمان الحوادث البحرية، أي الحوادث التي تقع أثناء الرحلة البحرية، فإن هذا التأمين لا يضمن بالضرورة جميع أخطار الرحلة البحرية ذلك أنه قد تكون هناك حوادث يلتزم المؤمن بضمان نتائجها وأخرى مستبعدة من نطاق التزامات المؤمن ولضمان الحوادث واستبعادها مصدران: القانون والوثيقة. لأن القانون قد ينص على أخطار يستبعدها الأطراف ـ المؤمن والمؤمن له ـ في الوثيقة، كما أن وثيقة التأمين البحري قد تدخل في نطاق التزامات المؤمن حوادث يستبعدها القانون أو على العكس تستبعد حوادث تعتبر مضمونة من المؤمن وفقا لأحكام القانون. وهكذا ستكون دراستنا لموضوع التأمين البحري وفق مبحثين، نتناول في الأول الحوادث التي يلتزم المؤمن بضمانها، على أن نتناول في المبحث الثاني التعويض والحلول القانوني وذلك وفق ما يلي: المبحث الأول: الحوادث التي يلتزم المؤمن بضمانها. المبحث الثاني: التعويض والحلول القانوني.
المبحث الأول: الحوادث التي يلتزم المؤمن بضمانها. إن الحوادث البحرية التي يلتزم المؤمن بتغطيتها تحدد إما بمقتضى وثيقة التأمين البحري على السفن أو وثيقة التأمين البحري على البضائع، وهو ما سنتناوله في مطلبين. المطلب الأول: الحوادث التي يلتزم المؤمن بضمانها بمقتضى وثيقة التأمين البحري على السفن. يلتزم المؤمن بمقتضى المادة الأولى من وثيقة التأمين البحري على السفن لسنة 1972 المعمول بها في المغرب بضمان كل هلاك أو ضرر يلحق بالسفينة المؤمن عليها بسبب عاصفة أو غرق أو جنوح أو تصادم أو رمي في البحر أو حريق أو انفجار أو نهب وعموما بسبب جميع الحوادث. وقد أضيفت كلمة حوادث لتغطي الوثيقة ما يحدث للمؤمن له من خسارات والسفينة في نهر أو حوض جاف أو عائم. كما ويلتزم المؤمن وفق الفقرة الثانية من المادة الأولى بضمان الأضرار أو الخسائر الناتجة عن التغيير القهري للطريق البحري أو الرحلة، وعند حصول خطأ من الربان أو البحارة، أو المرشدين وتضيف المادة الأولى من الوثيقة الفرنسية للتأمين البحري على سفن الصيد لسنة 1963 إلى نطاق التزام المؤمن ما ينتج عن أخطاء التابعين البريين للمؤمن له على أن لا يكون لهذه الأخطاء طابع الغش والتدليس. كما ويضمن المؤمن الهلاك والضرر المترتب على العيب الخفي في جسم السفينة أو أجهزتها المحركة على أن لا يكون هذا الهلاك أو الضرر نتيجة خطأ جسيم من المجهزين أو أحدهم أو المديرين أو رؤساء التوكيلات أو قباطنة التجهيز أو رؤساء الخدمات الفنية. وفي جميع هذه الحالات لا يقع على عاتق المؤمن استبدال أو إصلاح الأجزاء التي يشوبها عيب خفي. ويلاحظ أن الوثيقة الحالية للتأمين البحري على السفن لم تدرج خيانة الربان بين الحوادث البحرية المضمونة، في حين أن وثيقة التأمين البحري على السفن لسنة 1928 أوردت خيانة الربان بين الحوادث المضمونة. أما وثيقة التأمين البحري على سفن الصيد لسنة 1963 فقد نصت في الفقرة الثانية من المادة الأولى على أن الخسارات المضمونة تظل كذلك ولو كانت هناك خيانة من الربان. ومن مميزات هذه الصياغة أن التأمين إذا انعقد بشرط من شروط الإعفاء من الخسارة فإن هذا الإعفاء ينصرف إلى أحكام الفقرة الأولى، ومن ثم يلتزم المؤمن بضمان ما بقي من خسارات تغطيها الوثيقة حتى ولو حدثت خيانة من الربان وذلك إعمالا لحكم الفقرة الثانية. كما أن المادة الأولى من وثيقة التأمين البحري على السفن لسنة 1972 لا تنص صراحة على ضمان المؤمن للخسارات التي تنشأ عن الأخطاء الشخصية للمؤمن له ولكن هذا الالتزام بالضمان يستفاد ضمنا من صياغة هذه المادة التي تقضي بضمان الخسارة المترتبة على أخطاء التابعين البريين للمجهز. ومن المقرر أن مسؤولية المتبوع عن أفعال تابعيه تنبني على قرينة خطأ المتبوع في اختيار تابعيه ومن ثم يضمن المؤمن من باب أولى الخسارة المترتبة على خطأ المؤمن له نفسه. ـ ضمان رجوع الغير على المؤمن له: يلتزم المؤمن بمقتضى المادة الثانية من وثيقة التأمين البحري على السفن لسنة 1972 بضمان ما يرجع به الغير على المؤمن له، بما في ذلك الحالات المشار إليها في الفقرة الثالثة من المادة الأولى والتي تدخل في نطاق التزام المؤمن الخسارة المترتبة على أخطاء التابعين البريين للمؤمن له وعلى العيب الخفي إذا كان الرجوع على السفينة المؤمن عليها بسبب تصادمها بسفينة أخرى أو اصطدامها بمنشآت عائمة أو سدود أو أرصفة أو أية أجسام ثابتة أو متحركة أو عائمة كما ويلتزم المؤمن بضمان رجوع الغير على السفينة المؤمنة بسبب الضرار التي تحدث من أهلابها وسلاسلها طالما أنها متصلة بالسفينة. هذا ولا يسأل المؤمن عن رجوع الغير على المؤمن له إلا في حدود مبلغ التأمين على السفينة لأن هذا الرجوع ليس تأمينا على مسؤولية المؤمن له المدنية، وإنما تأمين على مسؤولية السفينة، كما تتقيد هذه المسؤولية بأن يكون الرجوع بسبب تصادم السفينة المؤمن عليها بسفينة أخرى أو اصطدامها بأجسام ثابتة أو متحركة أو عائمة. ويستثنى من ضمان رجوع الغير ما يرجع به أي شخص لأي سبب كان بأضرار تلحق أشخاصا تربطهم بالمجهز أو الربان التزامات تعاقدية أيا كان الأساس القانوني للمطالبة بهذا الضرر، وبالرجوع بسبب الموت أو الإصابات وبسبب كل حادث أو ضرر بدني. إلا أن هذا لا يحول دون اتفاق المتعاقدين على تحديد نطاق أوسع للتأمين بحيث يلتزم المؤمن بتغطية كل ما يسأل عنه المؤمن له من أضرار مادية تصيب أشخاصا تربطهم بالمجهز أو الشاحن التزامات تعاقدية، والرجوع على المؤمن له بما يلحق الغير من أضرار بدنية بما في ذلك الموت، كما يجوز امتداد التأمين ليغطي مسؤولية المجهز قبل الغير ولو زادت قيمة هذه المسؤولية عن القيمة الاتفاقية للسفينة. المطلب الثاني: الحوادث التي يلتزم المؤمن بضمانها بمقتضى وثيقة التأمين البحري على البضائع. تضمنت وثيقة التأمين البحري لسنة 1960 المعمول بها في المغرب صورتين للتأمين. التأمين من جميع الخسارات، والتأمين بشرط الإعفاء من الخسارات إلا ما يترتب على حوادث معينة. ونصت المادة الثانية من نفس الوثيقة على أن الأصل في التأمين البحري أن يتم على الصورة الثانية، إلا إذا ورد في الوثيقة شرط صريح يقضي بأن التأمين قد انعقد بشرط ضمان جميع الخسارات. وفي هذه الحالة كما تقضي بذلك الفقرة الثانية من المادة الثانية يلتزم المؤمن بضمان الهلاك والتلف المادي وفقد الوزن أو الكمية التي تلحق بالأشياء المؤمن عليها سواء نشأ ذلك عن حادث من الحوادث المحددة في الفقرة الثانية ـ وهي الحوادث التي يلتزم المؤمن بضمان الخسارة المترتبة عليها إذا انعقد التأمين بشرط أو ترتب على حوادث بحرية أو قاهرة. والهلاك والتلف المادي يتحقق إذا لحق البضاعة نقص أو تلف ولو لم يترتب على ذلك نقص في وزنها أو كميتها، كالبلل الذي يصيب حبوبا أو كسر مصنوعات زجاجية، وهذا الهلاك أو التلف يرد على نفس الشيء المؤمن عليه أثناء نقله، ومن ثم يخرج من نطاق التزام المؤمن الثار التجارية المحضة للنقص أو التلف لأن محل التأمين هو الأضرار المادية التي تتعرض لها البضاعة المؤمن عليها أثناء نقلها لا ما يلحق المؤمن له من خسارة عند تحقق الحادث المضمون. ولهذا وصف هذا النقص والتلف في الوثيقة بأنه الهلاك والتلف المادي. لكن ما المقصود بالنقص في البضاعة؟ يرى بعض شراح القانون البحري أن نقص البضاعة حجما أو وزنا أثناء الطريق ينشأ عن طبيعة البضاعة أو عيب خاص بها وينطبق على البضاعة التي تشحن صبا En vrac دون تغليف كالحبوب والتي تجف مع الزمن كاللحوم أو تبخر كالسوائل، كما أن نقص البضاعة أو عجز الطريق يختلف باختلاف طبيعة البضاعة وطول الرحلة ومدى التغيرات الجوية التي حدثت أثناء الطريق وكذلك الطريقة المستعملة في شحن البضاعة وفي تفريغها. والنقص في الوزن أو الكمية يتحقق إذا وجد فرق بين كمية البضاعة أو وزنها أو عدد الطرود التي تتكون منها الشحنة، وتثير البضائع المشحونة في طرود متعددة صعوبة مرجعها أن اختفاء بعض أو جزء من الأشياء المؤمن عليها يعد خسارة مستثناة من نطاق الضمان إعمالا للفقرة الأخيرة من المادة الثامنة ما لم يرد شرط يقضي بضمانها، فقد يبدو أن ثمة تعارض بين هذا الحكم وبين ما تقضي به المادة الثانية من أن المؤمن بشرط ضمان جميع الخسارات يضمن أي نقص في وزن أو كمية البضاعة المؤمن عليها، ذلك أن اختفاء بعض أو جزء من الأشياء المؤمن عليها يكون حتما نقصا في وزنها أو كميتها، إلا أن هذا التعارض بين الحكمين تعارض ظاهري لأن المؤمن يلتزم بضمان النقص في الوزن أو الكمية طالما اثبت المؤمن له تحقق حادث بحري أو قوة قاهرة خلال النقل البحري، فإذا عجز عن إثبات ذلك فإن المؤمن لا يضمن فقد أي طرد ما لم يرد في الوثيقة شرط يقرر هذا الالتزام، أي أن المشكلة تنحصر أخيرا في عبء الإثبات الذي يقع على عاتق كل من الطرفين. ولكن ما حكم البضاعة التي يزيد وزنها بسبب تشربها بالمياه؟ ذلك أن بعض السلع كالصوف والجلد والتبغ وما شاكلها، يزيد وزنها بسبب تشربها بالماء. فهل يتحمل المؤمن مسؤولية ما يترتب على هذه الزيادة في الوزن؟ الواقع أن المؤمن لا يتحمل هذه المسؤولية. وللوصول إلى قيمة البضاعة سليمة على الجزء التالف، فإنه يجب أن تستنزل الزيادة في الوزن من وزن الجزء التالف. هذا وتنص الفقرة الثالثة من المادة الثانية من وثيقة التأمين البحري على البضاعة بأنه في حالة التأمين بشرط يلتزم المؤمن بضمان الهلاك والضرر المادي وفقد الوزن أو الكمية اللاحقة بالبضاعة المؤمن عليها نتيجة الحوادث التالية وهي: التصادم والجنوح أو غرق القارب أو السفينة الناقلة واصطدام السفينة أو القارب بجسم ثابت أو متحرك أو طاف بما فيها الجليد، وتسرب ماء البحر إلى داخل السفينة إذا ما اضطرها لدخول ميناء التجار، حيث تفرغ ثلاثة أرباع شحنتها على الأقل، وسقوط الطرود المؤمن عليها خلال العمليات البحرية المتعلقة بالشحن، والنقل من سفينة لأخرى والتفريغ، وخروج القاطرات على قضبانها، واصطدام وانقلاب وسقوط أو كسر الناقلة وانهيار المباني والانفاق وغيرها من المنشآت الفنية، وسقوط الأشجار، وكسر السدود وأنابيب المياه، وانهيار الثلوج والصواعق، وفيضان الأنهار والروافد وانهيار الجليد، وارتفاع ماء البحر، والأعاصير والعواصف ذات الطابع المتميز والثورات البركانية والزلازل الأرضية. وتقضي الفقرة الرابعة من المادة الثانية بأن التزام المؤمن يشمل كذلك الصعوبات التي تنفق على إثر حادث مضمون بقصد حماية الأشياء المؤمن عليها من الضرر أو من خسارة مادية تضمنها وثيقة التأمين. ويتحمل المؤمن كذلك الحصة التي تساهم بها الأشياء المؤمن عليها في الخسارات البحرية المشتركة، التي تنشأ عن أي حادث مضمون إلا ما استثني صراحة. وتظل كذلك الحوادث المضمونة وبنفس الشروط في حالة الرسو القهري أو التغيير الجبري للطريق أو السفرة والسفينة وكذا في حالة صدور خيانة من الربان. المبحث الثاني: التعويض والحلول القانوني. سوف نتناول في هذا المبحث كلا من التعويض كمطلب أول، والحلول كمطلب ثان. المطلب الأول: التعويض. متى تحدد المستفيد من التعويض في عقد التأمين البحري والملتزم به، وثبت الضرر أو الخسارة اللاحقة بالأول ولم يكن هناك دفع بعدم قبول دعوى الخسارة أو لم تتقادم وجب على المؤمن دفع التعويض للمؤمن له داخل ثلاثين يوما الموالية لليوم الذي تسلم فيه جميع الأوراق الثبوتية. ولا يمكن بحال من الأحوال التزام المؤمن بالأداء قبل انقضاء هذه المدة. وفي هذا تنص الفقرة الأولى من المادة 385 من القانون البحري المغربي بأنه:"يتعين على المؤمن له أن يؤدي التعويضات الواقعة على كاهله داخل الثلاثين يوما الموالية لليوم الذي يسلم فيه المؤمن له جميع الوثائق المثبتة ولا يمكن متابعته من أجل الأداء قبل انصرام هذا الأجل". وقررت وثيقة التأمين البحري على البضائع في الفقرة الأولى من المادة 25 على أن التعويضات الواقعة على عاتق المؤمنين تؤدى داخل ثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ تسليم الوثائق الثبوتية وذلك إلى حامل هذه الوثائق دون حاجة إلى وكالة مقابل تقديمه أصل وثيقة التأمين البحري أو الملحق الواجب التطبيق أو بعد التأشيرة بالأداء على وثيقة التأمين أو الملحق. أما وثيقة التأمين البحري على السفن فتقضي بأن التعويض على الأضرار أو الخسائر التي يلتزم المؤمنون بتغطيتها تؤدى دفعة واحدة أو جملة لحامل الوثائق الثبوتية ووثيقة التأمين البحري وذلك دون حاجة إلى وكالة. هذا ولا يخلو الأمر إما أن يتفق المؤمن والمؤمن له على تسوية الخسارة وليس في الأمر إشكال. أما في حالة عدم الاتفاق على تسوية النزاع بالطرق الحبية فإن للمؤمن له ملاحقة المؤمن أمام السلطة القضائية. وقد يجادل المؤمن في الوثائق المقدمة من المؤمن له الذي يطالب بالتعويض عن الأضرار اللاحقة به. ويطلب من المحكمة أن يقدم الدليل على وقائع تخالف الوقائع المدونة في الأوراق الثبوتية حتى يحول دون الحكم عليه بدفع التعويضات التي يطلب بها المؤمن له. لكن قبول طلب المؤمن هذا لا يوقف الحكم بدفع التعويضات المتوجبة عليه وذلك بصورة مؤقتة شريطة أن يقدم المؤمن له كفيلا ويبقى مفعول هذه الكفالة ساريا خلال سنتين من تاريخ تقديمها. وتنقضي بعد انصرام هذا الأجل إذا لم تقع ملاحقته خلال هذه الفترة، وفي هذا تنص الفقرة الثانية من المادة 385 من القانون البحري المغربي على ما يلي:"...وإذا قبل من المؤمن إثبات الوقائع المعاكسة للوقائع المصرح بها في الوثيقة المثبتة للحادث فإن هذا القبول لا يوقف الحكم عليه بأداء التعويضات التي يتحمل بها أداء مؤقتا على شرط أن يقدم المؤمن له كفيلا". هذا ويلاحظ أن القانون البحري المغربي كغيره من القوانين البحرية لم يتعرض لقواعد خاصة يتعين على الأطراف المعنيين بالأمر سلوكها للحصول على حقوقهم. وفي هذا المجال لا يبقى أمام المؤمن والمؤمن له سوى اللجوء إلى القواعد العامة في المسطرة إذا لم تحدد وثائق التأمين الجهة التي يتعين الرجوع إليها عند حدوث النزاع. ولن نتعرض للقواعد العامة مكتفين بما ورد في وثائق التأمين البحري المعمول بها في المغرب. وفي هذا الإطار نجد وثائق التأمين على البضائع والسفن تحدد الجهة التي يتعين الرجوع إليها عند قيام نزاع بين المؤمن والمؤمن له. فهكذا تذهب المادة 33 من وثيقة التأمين البحري على السفن لسنة 1972 على أنه خروجا على جميع القواعد المتعلقة بالاختصاص فإنه لا يمكن مقاضاة المؤمن إلا أمام محكمة مكان توقيع وثيقة التأمين، ولكن إذا حصل ووقعت وثيقة التأمين من طرف وكيل فإن للمؤمن له الخيار بين رفع الدعوى على المؤمن أمام المحكمة التي يقع بها المقر الاجتماعي للشركة أو أمام محكمة موطن المؤمن. وإذا وقع في مكان واحد على أكثر من نصف القيمة المقبولة للسفينة، فللمؤمن أن يقاضي المؤمن أمام محكمة هذا المكان. وتنص الفقرة الثالثة من المادة المذكورة أعلاه على أن المؤمن يمكنه مقاضاة المؤمن له غير التاجر أمام المحكمة التي حصل في دائرتها توقيع العقد. أما المادة 31 من وثيقة التأمين البحري على البضائع لسنة 1960 فتنص بدورها على أنه خروجا على جميع الأحكام المخالفة للقوانين المتعلقة بالاختصاص، فإن المؤمنين في حالة تعددهم أو تعدد دعاوى التأمين لا يمكن مقاضاتهم إلا أمام محكمة مكان توقيع العقد، وإذا وقع وثيقة التأمين وكيل، فإن المحكمة المختصة هي تلك التي يوجد بها المقر الاجتماعي للشركة. وإذا أمضي في مكان واحد على أكثر من نصف قيمة تأمين الأشياء المضمونة، فإن للمؤمن له أن يقاضي المؤمن أمام المحكمة التجارية لهذا المكان. وجاءت الفقرة الثالثة من المادة المذكورة تقضي بأن المؤمن يمكنه أن يرفع دعواه على المؤمن له حتى ولو لم يكن هذا الأخير تاجرا أمام محكمة المكان الذي حصل فيه توقيع وثيقة التأمين. المطلب الثاني: الحلول. إذا أقدم المؤمن على أداء التعويض للمؤمن له فهل يحل بما دفعه من تعويض التأمين في حقوق المؤمن له والدعاوى التي تكون له قبل من تسبب بفعله في الضرر الذي نجمت عنه مسؤوليته؟. لقد أتت المادة 367 من القانون البحري المغربي تنص على ما يلي:"إن أداء المؤمن التعويضات الملقاة على عاتقه ينقل إليه بقوة القانون وعن طريق الحلول جميع الحقوق والدعاوى والمتابعات التي يملكها المؤمن له ضد الغير بسبب الخسائر والعواريات التي استوجبت هذا الأداء. كما أنه يجوز أيضا للمؤمن الملزم بأداء الخسائر والعواريات التي تقع مسؤوليتها على الغير أن يطالب هذا الأخير باسمه الخاص حتى ولو كان الأداء من طرفه لم يقع بعد". فانطلاقا من هذا النص يتضح أن أساس دعوى المؤمن هو عقد التأمين الذي يجمع المؤمن ومن له مصلحة في عقد التأمين البحري. والمؤمن الذي يؤدي تعويض التأمين للمؤمن له الذي لحقه الضرر يحل محل هذا الأخير في حقوقه ودعواه. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما فائدة القاعدة التي أوردتها الفقرة الأولى من المادة 367 من القانون البحري مادام الفصل 214 من قانون الالتزامات والعقود سبق أن سن وحدد قاعدة الحلول القانوني. الجواب يجد نفسه في الطبيعة القانونية لكل من الحلولين. فبمقتضى الفقرة الثالثة من الفصل 214 من ق.ل.ع، يقع الحلول القانوني في الحالات الآتية: 3 ـ لفائدة من وفى دينا كان ملتزما به مع المدين أو عنه، كمدين متضامن، أو كفيل يفي عن المدين أو كفيل يفي عن غيره من الكفلاء أو وكيل بالعمولة. وطبيعي أن المؤمن عندما يوفي الدين لا يكون ملتزما لا مع الناقل ولا من أجله، ذلك أنه عندما يؤدي تعويض التأمين فهو يقوم بالتزام يفرضه عليه عقد التأمين الذي يربطه مع المؤمن له، وعليه فإن كلا المدينين لا يكونان ملتزمان بمقتضى نفس الأساس القانوني، ومن ثم لا يمكن تطبيق الفصل 214 من ق.ل.ع، في هذا المجال. وعلى هذا الأساس فإن الحلول المنصوص عليه في المادة 367 من القانون البحري المغربي يختلف عن نظيره في الفصل 214 من ق.ل.ع. ويمكن القول بأن المادة 367 بحري مغربي قد وضعت أساس حلول قانوني لم تكن القواعد المنصوص عليها في الفصل 214 من ق.ل.ع تتسع له من قبل، أو بعبارة أخرى فإن المادة 367 وسعت من نطاق تطبيق الفصل 214 من ق.ل.ع. وعليه فإن المؤمن ليس في حاجة لإبلاغ الغير حتى يسري حقه تجاههم ومن ثم لا مجال لتطبيق الفصل 195 من ق.ل.ع. ولما كان التأمين على السفن هو في الأصل تأمين على الأشياء فإن ضمان المؤمن لمسؤولية المؤمن له عما يصيب الغير من أضرار ليس ضمانا مطلقا وإنما وردت عليه قيود ترجع إلى فكرة الثروة المخصصة للاستغلال البحري وإلى تحديد أسباب الأضرار التي تبيح للغير الرجوع على المؤمن له، ومن ثم لا يسأل المؤمن عن رجوع الغير إلا في حدود مبلغ التأمين على السفينة، لأن رجوع الغير ليس تأمينا على مسؤولية المؤمن له المدنية وإنما تأمين على مسؤولية السفينة. وتتقيد هذه المسؤولية بأن يكون سبب الرجوع تصادم السفينة المؤمن عليها بسفينة أخرى أو اصطدامها بأجسام ثابتة أو متحركة أو عائمة. وعليه فإن حلول المؤمن محل المؤمن له في حقوقه ودعاواه يتقيد بهذه الحدود ولا يتعداها. ومن الجدير بالذكر الشروط النموذجية لعقود التأمين من الحريق والانفجار تنص على ما يلي:"إن الشركة التي دفعت التعويض المترتب على التأمين تحل إلى غاية مقدار هذا التعويض محل المؤمن له في حقوقه ودعاواه على الأشخاص الذين تسببوا بفعلهم في الضرر الناجمة عنه مسؤولية الشركة". ونعتقد أن حكم هذه المادة لا يقتصر على التأمين من الحريق، بل يمتد إلى حالات التأمين من الأضرار بوجه عام والتأمين البحري من بينها. وإذا قام المؤمن بوفاء التعويض فإنه لا يوفي دينا في ذمة الغير وإنما يؤدي دينه الخاص الذي ترتب في ذمته بموجب عقد التأمين. وفي رأي بعض شراح القانون البحري أنه يشترط قانونا لحلول المؤمن محل المؤمن له في الحقوق والدعاوى التي تكون له قبل الشخص المسؤول أن يكون المؤمن قد قام فعلا بدفع مبلغ التعويض للمؤمن له أو صاحب المصلحة في التأمين، أي أن دفع التعويض وليس مجرد الشرط الوارد في الوثيقة هو الذي يستتبع الحلول. هذا وتنص المادة 367 من القانون البحري المغربي على ما يلي:"إن أداء المؤمن التعويضات الملقاة على عاتقه ينقل إليه بقوة القانون وعن طريق الحلول جميع الحقوق والدعاوى والمتابعات التي يملك المؤمن له ضد الغير بسبب الخسائر والعواريات التي استوجبت هذا الأداء. كما أنه يجوز أيضا للمؤمن الملزم بأداء الخسائر والعواريات التي تقع مسؤوليتها على الغير أن يطالب هذا الأخير باسمه الخاص حتى ولو كان الأداء من طرفه لم يقع بعد". فانطلاقا من الفقرة الأولى من المادة المذكورة فإن المؤمن عندما يؤدي التعويضات الملقاة على عاتقه فإن هذا الأداء ينقل إليه بقوة القانون وعن طريق الحلول جميع الحقوق والدعاوى والمتابعات العائدة للمؤمن له. وإذا كانت حقوق ودعاوى المؤمن له لا تنتقل إلى المؤمن إلا بعد عملية أداء التعويضات للمؤمن له، لأن الحلول يفترض ضرورة الأداء، فإن المشرع المغربي خروجا منه عن القواعد العامة قرر في الفقرة الثانية من المادة 367 المشار إليها أعلاه أن جميع الحقوق والدعاوى العائدة للمؤمن له تنتقل إلى المؤمن قبل أداء التعويضات الملقاة على عاتقه. ولقد أراد المشرع المغربي أن يقرر للمؤمن حق الحلول قبل الأداء وذلك حتى يتمكن من اتخاذ جميع التدابير النافعة والضرورية للمحافظة على حقوقه ودعاواه الخاضعة لشكليات معينة وآجال قصيرة. وعليه فإن للمؤمن في القانون المغربي الحق في الحلول محل المؤمن له في حقوقه ودعاواه سواء بعد عملية أداء التعويض أو قبلها. والغالب أن تنص وثائق التأمين على حق المؤمن في الحلول في الدعاوى والحقوق التي تكون للمؤمن له قبل الغير المسؤول عن الضرر ويعرف هذا الاتفاق بشرط الحلول. وهكذا تنص المادة 17 من وثيقة التأمين البحري على البضائع على أن المؤمنين الذين يؤدون تعويض التأمين يحلون محل المؤمن له في حقوقه ودعاواه، وذلك ضد جميع الأشخاص المسؤولين عن هذا الضرر. كما أن المؤمن له يلتزم إذا ما طلب منه ذلك المؤمنون بتضمين شرط الحلول هذا بوثيقة المخالصة أو بعقد منفصل. وهكذا جاء في حكم لمحكمة الإسكندرية الابتدائية بأن من حق المؤمن له أن يتنازل إلى الشركة المؤمن لديها عن حقه في مقاضاة المسؤول عن الضرر، سواء في بوليصة التأمين نفسها أو بعقد لاحق... ومتى حل المؤمن محل المؤمن له في حقوقه ودعاواه أمكن للغير أن يحتج بالدفوع التي تكون له، ومن تم يجوز مثلا للناقل البحري أن يتمسك في مواجهة مؤمن البضاعة بشروط الإعفاء من المسؤولية الواردة في سند الشحن التي في صالحه. وإذا زاد المبلغ المحصل عنه عند الحلول عن المبلغ المدفوع كتعويض وجب على المؤمن دفع الفرق إلى المؤمن له الذي لحقته الخسارة. ويلاحظ أن الاجتهاد القضائي المغربي مستقر على أنه يلزم لقبول دعوى المؤمن من حيث الشكل، أن يكون المؤمن قد عزز طلبه بالوثائق اللازمة ومنها وصل الحلول المثبت لأدائه مبلغ التأمين. كما جاء في حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء:"...وحيث إن مقال المدعية (شركة التأمين) مرفق بكل الوثائق التي تبرره بما في ذلك وصل الحلول الذي يثبت أداءها مبلغ التعويض بين يدي المؤمن له...". ونستخلص مما سبق أنه إذا كان للمؤمن ـ بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 367 من القانون البحري المغربي ـ الحلول محل المؤمن له في حقوقه ودعاواه حتى قبل أداء مبلغ التعويض فإن القضاء في المغرب يجعل من شروط قبول دعوى المؤمن أن يقوم هذا الأخير فعلا بالأداء، وليس قبله وإلا كانت دعواه غير مقبولة". كما أن المؤمن لا يستطيع أن يمتنع عن دفع التعويض بحجة أنه بإمكان المؤمن له الرجوع على المتسبب في الضرر كناقل البضاعة مثلا، لأن المؤمن له لا يلتزم بمقاضاة هذا الغير، بل يعتبر تعويض التأمين مستحقا له بمجرد وقوع الضرر ولو كانت هناك لدى المؤمن له وسيلة أخرى لجبره، مثال ذلك أن تستولي حكومة أجنبية على البضاعة المؤمن عليها مقابل سندات تستحق بعد أجل معين، ففي هذه الحالات يستحق مبلغ التأمين فورا دون مناقشة ما لم يكن متفقا على خلاف ذلك.
خــاتــمــة: صفوة القول إن التزامات المؤمن تهدف إلى تعويض المؤمن له عن الخسارة التي قد تصيب الشيء المؤمن نتيجة سبب معين، وهذا السبب هو الحادث المؤمن منه. ولا يكون للمؤمن له الحق في التعويض إلا إذا كان الضرر راجعا إلى هذا السبب المعين في القانون أو في وثيقة التامين البحري بوصفه الخطر المؤمن منه، كما لا يكون محلا للتعويض إلا الخطر البحري أو الخطر المرتبط به. والتزامات المؤمن بضمان نتائج الحوادث البحرية تشغل مركزا بالغ الأهمية في مجال التجارة الدولية وتتطور مع زيادة العلاقات التجارية وما يستحدثه العلم في وسائل النقل. ويلاحظ أن القواعد المنظمة لهذه الالتزامات في بلدنا أصبحت غير قادرة على مسايرة التطورات الحاصلة في هذا اليدان نتيجة الاتفاقيات الدولية والتعديلات التي حصلت في التشريعات البحرية في البلدان المختلفة. لهذا ننادي بضرورة وضع قانون تأمين بحري جديد ووثائق تأمين بحرية جديدة وذلك على هدي التشريعات المقارنة، مع جعل الصياغة العربية المصدر الأول لحل النزاع. ولا يسعنا قبل أن ننهي هذا البحث، إلا أن نضم صوتنا إلى من نادوا بأن يستقل تشريعنا وفقهنا، عن القانون والفقه الأجنبيين، وأن نفرغ فقهنا في إطار مغربي صميم متميز بمقوماته الذاتية، وإن كان المصدر التاريخي لبعض تشريعاتنا أجنبيا، ذلك أن النصوص المغربية يجب أن تعيش في البيئة التي تطبق فيها وتتطور تبعا لمقتضياتها منفصلة عن مصدرها التاريخي.
المراجع المعتمدة: أولا ـ المؤلفات العربية: بهاء بهيج سلطان، التأمين البحري، دار الثقافة، الأردن، 2009. مصطفى كمال طه، أساسيات القانون البحري، منشورات الحلبي، 2006. جودة حسنين جودة، جغرافية البحار والمحيطات، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1989. علي البارودي، مبادئ القانون البحري، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1975. علي جمال الدين عوض، القانون البحري، دار النهضة العربية، 1998. نجاة بضراني، القانون البحري، مطبعة النجاح الجديدة، 1993. هشام فرعون، القانون البحري، دار النهضة العربية، 1999. ثانيا ـ المؤلفات الفرنسية: 1- ouvrages:
René RODIERE, droit maritime, Précis DALLOZ, 1980. Francis Lefebvre, Assurances des risques d'entreprise, Edition Francis Lefebvre, 1994 P.ROUBIER, La méthode depuis le code civil de 1804 au point de vie de la technique juridique, in travaux de l'association Capitant, 1952. J.GHESTIN, Traité de droit civil, les obligations, L.G.D.J, 2éme éd, 1988. Hubert GROUTEL, le contrat d'assurance, Dalloz, 1995. Jean BIGOT et autres, Traité de droit des Assurances, Tome 3, le contra d'assurance, L.G.D.J, 2000. M.Planiol/ G.Ripert, Traité pratique de droit civil français, Tome 2, 1932. Yvonne LAMBERT- FAIVRE,Droit des assurances, Dalloz, 1998. Zoulikha Nasri, Le droit de L'assurance au Maroc, ed. la porte, 1984. Henri, Jean, Léon MAZEAUD, Leçons de droit civil, T 3, 5 ed. Montchrestien, 1976. 2 – Articles:
Hassan OUAZZANI CHAHDI, le rôle de l'état et des autorités de tutelle dans le développement de l'assurance, cas du Maroc, Revue Marocaine de droit et d'économie du développement, n° 24, 1991.
الفهرس: مقدمة: 1 المبحث الأول: الحوادث التي يلتزم المؤمن بضمانها. 3 المطلب الأول: الحوادث التي يلتزم المؤمن بضمانها بمقتضى وثيقة التأمين البحري على السفن. 3 المطلب الثاني: الحوادث التي يلتزم المؤمن بضمانها بمقتضى وثيقة التأمين البحري على البضائع. 5 المبحث الثاني: التعويض والحلول القانوني. 8 المطلب الأول: التعويض. 8 المطلب الثاني: الحلول. 10 خــاتــمــة: 15 المراجع المعتمدة: 16 الفهرس: 18
| |
|