الأزمة الاقتصادية
إن الأزمة المالية بدأت نتيجة لارتفاع مغال فيه في أسعار العقارات بما لا يتناسب مع العرض والطلب الحقيقي في أمريكا نتيجة سهولة الحصول على القروض، وعندما عجز المقترضون عن سداد الدين أعادوا المنازل إلى البنوك التي لم تجد من يشتريها، وتفاقمت المشكلة مع عجز الشركات عن تسويق وإعادة بيع هذه العقارات نتيجة لارتفاع أسعارها بشكل مبالغ, وكذلك إلى تراجع القدرة الشرائية لمشتري العقارات من ناحية أخرى ما أدى إلى انتقال العدوى إلى سائر المؤسسات المثيلة.
إنه كان من الطبيعي أن يتأثر السوق الأمريكي بشدة في هذه الحالة, ولكن نتيجة للأوراق التي باعتها البنوك إلى مؤسسات أخرى أو ما يسمى (توريق الديون) وهي الديون المدعومة بالرهون العقارية والتي بدأت تتحول إلى (الرهون عالية المخاطر) بدأ المستثمرون في جميع أنحاء العالم أكثر حذرا في استخدام هذه الأوراق المالية ولم يعد هناك مشترون لها.
تابع للأزمة الاقتصادية
وقد أدى ذلك إلى شبه تجميد في توافر الائتمان في جميع أنحاءالعالم، يمكن تحديد تلك الأسباب كما يلي:
1- أن الأزمة المالية بدأت نتيجةتوفر ما يعرف بالأموال الرخيصة (انخفاض سعر الفائدة حتى وصل إلى 1% في عام 2003ممما رفع الطلب على القروض وخاصة القروض العقارية، ومع سهولة وتيسير هذه القروضتزايد الطلب عليها مما أدى إلى رفع سعر العقار في الولايات المتحدة.
هذه الفقاعة في قطاع العقار الأمريكي أغرت البنوك الكبرىوصناديق الاستثمار على الدخول في سوق القروض العقارية الأمريكي، ما أدى إلى نشرمخاطرها على نطاق أوسع.
2- الرهون العقارية الأقل جودة subprime، وهذا يأتيمن أن المواطن الأمريكي يشتري عقاره بالدين من البنك مقابل رهن هذا العقار، حينيرتفع ثمن العقار المرهون يحاول صاحب العقار ونتيجة لسهولة الحصول على قرض فإن صاحبالرهن يسعى للحصول على قرض جديد، وذلك مقابل رهن جديد من الدرجة الثانية، ومن هناتسمى الرهون الأقل جودة، لأنها رهونات من الدرجة الثانية، أي أنها أكثر خطورة فيحال انخفاض ثمن العقار، وتوسعت البنوك في هذا النوع من القروض الأقل جودة مما رفعدرجة المخاطرة في تحصيل تلك القروض.
3- الزيادة الهائلة في توريق الديونالعقارية Securitization، وهو ما قام به المهندسون الماليون في الولايات المتحدةوأنه يمكن تحويل تلك القروض إلى أوراق مالية معقدة (توريق الديون) يمكن عن طريقهاتوليد موجات متتالية من الأصول المالية بناء على أصل واحد.
تابع للأزمة الاقتصادية
________________________________________
البنوك لم تكتفبالتوسع في القروض الأقل جودة، بل استخدمت (المشتقات المالية) لتوليد مصادر جديدةللتمويل، وبالتالي للتوسع في الإقراض.. وذلك عندما يتجمع لدى البنك محفظة كبيرة منالرهونات العقارية، فإنه يلجأ إلى استخدام هذه (المحفظة من الرهونات العقارية) لإصدار أوراق مالية جديدة يقترض بها من المؤسسات المالية الأخرى بضمان هذه المحفظة،وهو ما يطلق عليه التوريق، فكأن البنك لم يكتف بالإقراض الأولي بضمان هذه العقاراتبل استخدم هذه القروض كرهن على قروض أخرى.
4- نقص أو انعدام الرقابة أوالإشراف الكافي على المؤسسات المالية الوسيطة. حيث لا تخضع البنوك الاستثماريةللمنتجات المالية الجديدة مثل المشتقات المالية أو الرقابة على الهيئات الماليةالتي تصدر شهادات الجدارة الائتمانية كانت دورات الزيادة والهبوط في أسعار العقارمقصورة في السابق على الدول التي تمر بها من قبل، لكن الفقاعة الأخيرة في قطاعالعقار الأمريكي أغرت البنوك الكبرى وصناديق الاستثمار من دول أخرى على الدخول فيسوق القروض العقارية الأمريكي، ما أدى إلى نشر مخاطرها على نطاق أوسع.
وذلكما جعل انهيار القطاع العقاري الأمريكي وأزمة القروض العقارية السيئة تنتشر حولالعالم وتقود إلى انكماش ائتماني وصعوبة في الإقراض وركود في الاقتصاد تطلب تدخلالبنوك المركزية، بضخ المليارات من السيولة النقدية في القطاع المصرفي، وذلك لشراءأصول فاسدة من البنوك، كما تضمنته خطة الإنقاذ الأمريكية على سبيل المثال ورفع مبلغالضمان الحكومي على المدخرات، كما ورد في خطة الإنقاذ الأمريكية بحيث تضمن ودائعالأفراد من 100 ألف إلى 250 ألف دولار لمنع أي خوف على الودائعالبنكية.
تأثير الأزمة الاقتصادية على المغرب
________________________________________
لقد أدت التأثيرات السيكولوجية وحدها في البداية على تراجع مؤشر البورصة ب 13.5% بالنسبة لمؤشر مازي، .13.4 لماديكس (الأول عام، والثاني يهم الشركات الأكثر تداولا)، وانخفضت رأسمالة البورصة ب9.9%، بمقدار مالي وصل إلى 55.7 مليار درهم.
وقد أثرت الأزمة المالية العالمية على الاستثمارات والبورصة والبنوك في المغرب، ومن الانعكاسات المباشرة تراجع الطلب على الصادرات المغربية كالفوسفاط (- 59.5%) والمواد الغذائية، فقد انخفضت مجمل الصادرات ب 31.8% في شهري يناير وفبراير (08) بالمقارنة مع نفس الفترة في السنة المنصرمة (07)، أي ما مقداره 94.6 مليار درهم كضرر حسب ما نشره "مكتب الصرف المغربي"، وانخفضت قيمة السلع الكهربائية والإلكترونية ب 47.5%، وكذلك تصدير المنتوجات الجلدية والنسيج، ونقصت عائدات السياحة ب 3.5%، وتعرف هذه الفترة تراجعا ملحوظا في الإقبال السياحي يقدره المهنيون ما بين 20 و 40%، وانخفضت تحويلات العمال المغاربة المقيمين بالخارج ب 2.4% سن 2008 بالمقارن مع 2007، وانخفضت أكثر في الشهور الأولى من 2009 ب14.8%، بسبب تضرر دول أوربا بالأزمة المالية وخاصة إسبانيا الذي فاق فيها عدد العاطلين 17% حسب آخر إحصائيات، مما يهدد العمال المغاربة بعدم تجديد بطائق الإقامة والتهديد بالطرد.
وحسب بنك المغرب فقد تراجعت الاستثمارات الأجنبية ب 28.7%، وانسحبت مقاولات معروفة من بعض المشاريع كما وقع بالنسبة لمشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق…، وانخفضت احتياطات الصرف ب 3.4%، بحيث انحدرت إلى 181.5 مليار درهم، تغطي واردات 6 أو 7 أشهر، بينما في السابق كانت هناك احتياطات تكفي لتسعة أشهر، ويعرف المختصون أن النزول إل مستوى 3 أشهر هو دق لناقوس الخطر.
وأكيد أن هذه الأزمات يضيف المحاضر لها فاتورة اجتماعية على مستوى ازدياد عدد العاطلين وتوسع التهميش وتدهور القدرة الشرائية… نسبة التضخم وصلت على 3.9% سنة 2008، رغم أن الأسلوب المتبع في الإحصاء فيه نقاش، وتستعد المفوضية العليا للتخطيط قصد إعادة النظر في المؤشرات المعتمدة لتحديد كلفة المعيشة، ومن المرتقب أن تصدر أرقام غير سارة حول الأزمة الاقتصادية وتكلفتها الاجتماعية