منتدى زِدْنِي عِلماً القانوني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى زِدْنِي عِلماً القانوني

لطالب العلم عز الدنيا وفوز الآخرة وخير الناس من نفع الناس
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الحساب الجاري للشركاء

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سعيد الزعيم
Admin
سعيد الزعيم


عدد المساهمات : 320
تاريخ التسجيل : 08/11/2012
العمر : 35

الحساب الجاري للشركاء Empty
مُساهمةموضوع: الحساب الجاري للشركاء   الحساب الجاري للشركاء Icon_minitimeالأربعاء أغسطس 21, 2013 12:59 pm

مقدمـة

أصبحت المقاولات في ظل النظام الاقتصادي العالمي الحديث تعرف طرقا عديدة للتمويل، حيث أنها استغنت عن الطرق التقليدية للتمويل المتمثلة في الرأسمال الاجتماعي المتكون أساسا من حصص الشركاء في المقاولة حين إنشائها أو بمناسبة توسيع نشاطها والذي يمثل الضمان العام لدائني المقاولة( )، والتمويل عن طريق الاستدانة من البنوك والذي يحتل مركز الصدارة في تمويل الشركات لما يوفره من قدرة على جمع المدخرات وتدبير طرق توظيفها في صورة ائتمان تراعى فيه ضوابط أقدم المشرع على تنظيمها في قانون 34.03 المتعلق بمؤسسات الائتمان والمؤسسات المعتبرة في حكم مؤسسات الائتمان.
ويضاف إلى هاتين الطريقتين من طرق تمويل الشركات طرق حديثة جاءت في صورتين : صورة منظمة وأخرى غير منظمة، وتظهر الصورة الأولى في التمويل عن طريق بورصة القيم( ) في شكل سندات رأس المال في حالة الزيادة في الرأس مال الاجتماعي أو في شكل سندات القرض في حالة لجوء الشركة إلى الاستدانة( )، كما أن هناك التمويل عن طريق رأس مال المجازفة والذي يجد سنده إضافة إلى القانون المنظم له رقم 41.05( ) في المادة 8 من قانون 34.03 حيث يمكن لوالي بنك المغرب بعد استطلاع رأي لجنة مؤسسات الائتمان أن يسمح للبنوك بالمساهمة في مقاولات موجودة أو مزمع إحداثها وذلك بمنشور يحدد شروط المساهمة.
أما الصورة الثانية للتمويل الحديث والتي تمتاز بطابعها غير المنظم قانونا فتتمثل فيما أطلق عليه بعض الباحثين( ) تسمية النظام العرفي المركب، والذي يعد من أحد ابتكارات المنظومة المقاولاتية،ألا وهو نظام الحساب الجاري للشركاء والذي يعد وليد تطور الأنظمة المحاسباتية والمالية للمقاولات، فماذا نعني بهذه التقنية ؟ وما هي خصائصها وأحكامها ؟ وما هي الوظائف التي يضطلع بها هذا الحساب في إنعاش الخزينة المالية للمقاولة وتعزيز ضمانات هذه الأخيرة عند رغبتها في الحصول على الائتمانات ؟ وأخيرا ما هي الإشكالات التي يطرحها توظيف هذا الحساب من الناحية العملية ؟ هذا ما سنعمل على تناوله بالدرس والتحليل من خلال تقسيم موضوع عرضنا إلى فصلين نتناول في الفصل الأول ماهية الحساب الجاري للشركاء وأحكامه، على أن نتطرق في الفصل الثاني لوظائفه والإشكالات التي يطرحها من الناحية العملية، مع الإشارة إلى أننا سنركز في دراستنا للحساب الجاري للشركاء على الجانب القانوني مع التطرق بين الفينة والأخرى – وكلما سنحت لنا الفرصة- للجانب المحاسبي والضريبي.
وقبل هذا وذاك، فلا بد من التطرق إلى التنيظم القانوني لهذه الوسيلة من وسائل التمويل الذاتية للمقاولة في فصل تمهيدي.

فصل تمهيدي : التنظيم القانوني للحساب الجاري للشركاء

امتاز التنظيم القانوني للحساب الجاري للشركاء بالمغرب بطابعه المحتشم، ذلك أننا نجده منظما في نصوص متناثرة هنا وهناك نوردها كما يلي :
1 – يخضع الحساب الجاري باعتباره اتفاقا بين الشريك الفاتح للحساب والشركة المستفيدة منه إلى الأحكام العامة للعقد وفق ما سطره ظهير الالتزامات والعقود، إضافة إلى الأحكام الواردة به والمتعلقة بالقرض.
2 – الفقرة الثانية من المادة 2 من قانون 34.03 :والتي أدرجته ضمن الأموال التي لا يمكن اعتبارها متلقاة من الجمهور لفائدة مؤسسات الائتمان، حيث جاء فيها :" غير أنه لا تعتبر أموالا متلقاة من الجمهور :
الأموال المقيدة في حساب شركة باسم الشركاء فيها على وجه التضامن والشركاء الموضين في شركات التوصية والشركاء المتضامنين والشركاء والمديرين وأعضاء مجلس الإدارة وأعضاء مجلس الإدارة الجماعية أو مجلس الرقابة والمساهمين الذين يملكون ما لا يقل عن 5% من رأس مال الشركة...".
والملاحظ أن شرط النسبة في امتلاك الرأسمال من أجل فتح حساب جاري للشركاء قد تم تعديله في القانون البنكي الجديد إذ أنه كان محددا في في نسبة 10% في ظهير 1993، وهو تعديل محمود لا سيما إذا علمنا أن المشرع سعى من ورائه إلى تشجيع المساهمين في الشركة على تمويلها بهذه الطريقة بما يخدم مصالح الجميع داخلها، وهو بذلك وسع من دائرة المستفيدين من هذه التقنية ودعم وسائل التمويل الذاتي في اتجاه تقليل فرص اللجوء إلى الاستدانة من مؤسسات الائتمان.
3 – الفقرة الثانية من المادة 12 البند 3: ذلك أن هذه المادة تمنع على كل شخص غير معتمد باعتباره مؤسسة ائتمان أن يحترف بصفة اعتيادية القيام بالعمليات المشار إليها في المادة الأولى من قانون 34.03، غير أن الفقرة الثانية جاءت باستثناءات واردة على سبيل الحصر تجيز القيام بهده العمليات منها :
" مباشرة عمليات الخزينة مع شركات تكون له معها بصفة مباشرة أو غير مباشرة رأس مال تخول لإحداها سلطة مراقبة فعلية على الشركات الأخرى".
فالمشرع هنا اشترط في الشريك الفاتح للحساب الجاري للشركاء أن يكون شخصا معنويا مع ضرورة توافر روابط رأس مال مشترك.
4 – المادة 66 من قانون 5.96 التي تمنع على المسيرين أو الشركاء الطبيعيين تحت طائلة بطلان العقد، الاقتراض بأي شكل من الأشكال من الشركة، كما يمنع عليهم العمل على أن تمنح لهم الشركة دائنية في الحساب الجاري أو بأية طريقة أخرى.....".
وبمفهوم المخالفة فإنه يتحقق ما يلي :
أ – يمكن للشركاء في هذا النوع من الشركات متى كانوا أشخاصا معنويين أن يستفيدوا من دائنية في الحساب الجاري للشركة، والسبب في ذلك يعود للمراقبة المزدوجة بين الشركة الدائنة والشركة المدينة( )، وهو ما لا يمكن تحقيقه متى كان الشريك شخصا ذاتيا.
ب – يمكن للأشخاص الطبيعيين الواردين بالمادة 66 أعلاه أن يستفيدوا من حساب جاري للشركاء دائن تجاه الشركة في شكل حساب دائن وليس مدين، لكن مع الحذر من الوقوع في الحظر وذلك عند إجراء الموازنة بين المبلغ الدائن والمبلغ المدين، وثبوت كونهم مدينين للشركة، مع ما يستتبع ذلك من عقوبات جنائية.
5 – سكوت المشرع في المادة 62 من قانون 17.95 المتعلق بشركات المساهمة وحتى بعد التعديل الأخير بقانون 20.05 عن تمديد هذا المنع –أي منح دائنية في الحساب الجاري- إلى المتصرفين غير الأشخاص المعنويين، وهو ما دفع البعض( ) إلى اعتبار المنع الوارد بالمادة 66 من قانون 5.96 قابلا للتمديد إلى المتصرفين الطبيعين في شركات المساهمة.
6 – المادة 14 من قانون 13.97 المتعلق بالمجموعات ذات النفع الاقتصادي، والتي جاء فيها :" يمكن أن يمنح الأعضاء للمجموعة قروضا أو تسبيقات في حساب جار، ويجوز لهم أيضا أن يقرروا وضع مجموع أو بعض ألرباح إن تحققت رهن تصرف المجموعة في شكل تسبيقات جارية أو لأجل".
والملاحظ أن التسبيقات التي يقدمها أعضاء المجموعة غير مشمولة بالاستثناء الذي تنص عليه الفقرة الثالثة من المادة 2 من قانون 34.03 والتي تتحدث عن الأموال التي تعتبر متلقاة من الجمهور، ولا بالمنع المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 12 والتي تجيز لبعض الأشخاص القيام بعمليات تقترب من عمليات الائتمان لكنها لا تدخل في حكمها، فبماذا يمكننا أن نكيف هذه التسبيقات؟ هل تأخذ شكل قروض توضع رهن إشارة المجموعة أم شكل مساهمات لدعم النشاط الاقتصادي للمجموعة، باعتبار أن الهدف من خلق المجموعة وحسب الفقرة الأخيرة من المادة 1 من قانون 13.97 ليس الربح، وأنها لا تكتسب الصفة التجارية إلا بتحديد غرضها ودون ارتباطها بالقيد بالسجل التجاري ؟
الواقع، أن هذه التسبيقات تأخذ شكل نظام حساب جاري للشركاء يستحق عنها العضو المنضوي تحت لواء المجموعة الفوائد متى سعت هذه الأخيرة إلى تحقيق الربح لصالح أعضائها، والعكس صحيح فلا داعي لاستعمال تقنية الحساب الجاري للشركاء ما دامت هذه المجموعة لم تتجه نحو الاستثمار وبالتالي تحقيق الربح لأعضائها.
7 – الفقرة 10 من المادة 7 من القانون رقم 24.86 المتعلق بالضريبة على الشركات، والتي جاء فيها :" تشمل التكاليف القابلة للخصم بحسب مدلول المادة 5 أعلاه ...
10- المصاريف المالية مثل ...
ب – الفوائد المدفوعة إلى الشركاء عن المبالغ التي دفعوها مقدما إلى الشركة لما يستلزمه الاستغلال بشرط أن يكون رأس مال الشركة قد تم دفعه بالكامل.
على أن مجموع المبالغ المترتبة عليها الفوائد القابلة للخصم لا يجوز أن يفوق مبلغ رأس مال الشركة، كما لا يجوز أن يتعدى سعر الفائدة القابلة للخصم سعرا يحدد كل سنة بقرار للوزير المكلف بالمالية اعتبارا لسعر الفائدة المتوسط للسنة السابقة المستحق عن سندات الخزينة لستة أشهر.
8 – الفقرة 9 من المادة 15 من القانون رقم 17.89 المتعلق بالضريبة العامة على الدخل والتي جاء فيها :
" تشمل التكاليف القابلة للخصم المنصوص عليها في المادة 13 أعلاه :
9 – المصاريف المالية مثل :.....
ب- الفوائد المدفوعة الى الشركاء غير الشريك الرئيسي في شركات التضامن وشركات التوصية البسيطة مكافأة على المبالغ التي أسلفوها الشركة لمواجهة ما يستلزمه استغلالها ، بشرط أن يكون رأس مال الشركة قد تم دفعه بكامله .
على أن مجموع المبالغ المترتبة عليها الفوائد القابلة للخصم لا يجوز أن يفوق مبلغ رأس مال الشركة كما لا يجوز أن يتعدى سعر الفوائد القابلة للخصم سعرا يحدد كل سنة بقرار للوزير المكلف بالمالية اعتبارا لسعر الفائدة المتوسط للسنة السابقة المستحق عن سندات الخزينة لستة أشهر".
وفيما يلي جدول يحدد معدلات الفائدة القصوى القابلة للخصم من الوعاء الضريبي للشركة، والمترتبة عن الحسابات الجارية الدائنة للشركاء من سنة 1997 تاريخ إحداث هذا الخصم إلى سنة 2009.
السنة سعر الأقصى للفائدة القابلة للخصم
1997 9%
1998 8%
1999 6.5 %
2000 6.25%
2001 5.62%
2002 4.87%
2003 2.85%
2004 3.54%
2005 2.65%
2006 2.61%
2007 2.63%
2008 3.48%
2009 3.69%

والملاحظ أن سعر الفائدة الأقصى عن الحسابات الجارية للشركاء قد عرف تراجعا يرجع إلى التراجع الذي عرفته أسعار الفائدة على القروض بمختلف أنواعها، خاصة متى علمنا أنه يحدد اعتبارا لسعر الفائدة المتوسط للسنة السابقة المستحق عن سندات الخزينة لستة أشهر.

الفصل الأول : ماهية الحساب الجاري للشركاء وأحكامه

تنصرف ماهية الحساب الجاري للشركاء إلى تعريفه وبيان خصائصه أولا، ثم تمييزه عن النظم المشابهة له ثانيا، وتبيان طبيعته القانونية ثالثا، وذلك في مبحث أول، على أن نتطرق في المبحث الثاني لتحديد أحكامه.

المبحث الأول : ماهية الحساب الجاري للشركاء

سنقسم هذا المبحث وكما سبقت الإشارة إلى ذلك إلى ثلاثة مطالب، نعرض في المطلب الأول لتعريف الحساب الجاري للشركاء وبيان خصائصه، ثم نعمل في مطلب ثان على تمييزه عن النظم المشابهة له، بينما نتطرق في مطلب ثالث لطبيعته القانونية.

المطلب الأول : تعريف الحساب الجاري للشركاء وبيان خصائصه

يعتبر الحساب الجاري للشركاء من التقنيات التي ولدت في رحم المنظومة الحديثة لتسير المقاولة، لذلك فهو لم يحضى وكما سبق بيانه بتنظيم قانوني واضح المعالم( )، ومن هذا المنطلق كان لزاما علينا وضع تعريف له من ناحية(الفقرة الأولى)، وبيان خصائصه من ناحية ثانية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : تعريف الحساب الجاري للشركاء

أمام غياب تنظيم قانوني لموضع عرضنا – كما سبقت الإشارة إلى ذلك- كان لابد لنا من الرجوع إلى الفقه والقضاء من أجل استجلاء تعريف له، وهكذا، فقد عرفه أستاذنا عز الدين بنستي( )بأنه :" التسبيق في شكل حساب جاري يمثل القرض الذي يمنحه الشريك لفائدة الشركة والذي يخوله صفة مقرض".
وقد عرفه الفقيه المحاسبي ميشال فاندر ليندن( ) بأنه :" الوضعية التي تسجل فيها بكيفية متتالية واعتيادية الديون المتقابلة للشركاء والشركة، والتي يملكون فيها في غالب الأحيان سلطة التسيير".
كما عرفه البعض من الفقهاء المحاسبيين الفرنسيين( ) :" الحساب المفتوح باسم الشريك في الشركة ضمن دفاترها التجارية، والذي يشمل ديونه المضمنة في خانة الخصوم عن الموازنة المالية السنوية والمولدة لفائدة بشرط امتلاك هذا الأخير ل 5% من الرأسمال".
وقد عرفه اتجاه فقهي آخر( ) بأنه :" اتفاق مالي ينجز في شكل حساب جاري للشركاء يجمع بين شريك فأكثر ومقاولة ويكونون مساهمين في رأسمالها، يلتزم من خلاله المقرض بدفع أو ترك أموال في صورة تسبيقات نقدية متتالية على أن يستردها فورا عند المطالبة بها".
وعرفه القضاء المغربي( ) بأنه :"حساب يفتح باسم الشريك في الشركة بالدفاتر التجارية لهذه الأخيرة تدون به العلاقة المالية بين الشريك والشركة، هذه العلاقة التي تتمثل في تمويل الشركة من طرف الشريك إما عن طريق ضخ مبلغ مالي في حسابها لدى البنك أو تغطية بعض ديونها أو اقتناء بعض المواد لفائدتها".
ونعرفه بدورنا بأنه :" الحساب الذي يفتحه الشريك في شكل تسبيق مالي للشركة يفتح له سجل خاص بدفاترها التجارية، ويكون قابلا للتطعيم بمبالغ إضافية، ويمنح للشريك الحق في جني الفوائد وصلاحية السحب الفوري بمجرد الطلب ما لم يتم الاتفاق مع الشركة على خلاف ذلك".

الفقرة الثانية : خصائص الحساب الجاري للشركاء

يتميز الحساب الجاري للشركاء بعدة خصائص نجملها فيما يلي :
1 – من حيث المرونة La Souplesse : ففتحه لا يستدعي انعقاد الجمعية العامة العادية أو الاستثنائية للشركاء، ولا يستدعي كذلك إجراء تعديل في النظام الأساسي للشركة كما هو الشأن في الزيادة أو التخفيض من الرأس مال.
2 – من حيث إجراءاته الشكلية : ذلك أنه يمتاز بعدم توقفه على إجراء شكلي معين من قيد في السجل التجاري أو نشر بالجريدة الرسمية أو الجرائد المخول لها نشر الإعلانات القانونية.
3 – من حيث الالتزامات : فهو يتضمن التزامات متقابلة : التزام الشريك بدفع تسبيقات للشركة وهو ما يعتبر بالنسبة لها وسيلة من وسائل التمويل الذاتية أي الداخلية، والتزام هذه الأخيرة في غالب الأحيان بمنح فوائد عن هذه التسبيقات، على أن تقوم فيما بعد بخصمها من وعائها الضريبي، ولابد من الإشارة أنه يشترط لتحقق هذه الحالة ثلاثة شروط أساسية وهي :
أ – تحرير الرأسمال الاجتماعي للشركة وذلك بأداء جميع الحصص والأسهم، فلا يقبل أن تلجأ الشركة إلى الاستدانة – بالرغم من أنها داخلية- والرأسمال الاجتماعي لها لم يؤد بكامله بعد، وعليه فلا يمكن للشركات في طور التأسيس وشركات التضامن وشركة التوصية البسيطة المؤسسة برأسمال رمزي أن تستفيد من تقنية الحساب الجاري للشركاء .
ب- عدم استغراق المبالغ المدفوعة في الحساب الجاري للشركاء لرأسمال الشركة، وذلك لإقرار نوع من التوازن بين مديونية الشركة ورأسمالها الاجتماعي.
ج – امتلاك الشريك ل 5 % من رأس مال الشركة، وهو ما تم التنصيص عليه صراحة في المادة 2 من قانون 34.03 فيما يخص استثناءات الأموال المتلقاة من الجمهور.
د – أن لا يتعدى سعر الفوائد القابلة للخصم المعدل القانوني المحدد كل سنة بقرار من وزير المالية كما سبقت الإشارة إليه.
4 – من حيث التمويل : يعتبر الحساب الجاري للشركاء من أهم الوسائل التي تلجأ إليها الشركات لتغطية الحاجيات التمويلية للشركة التي تمتاز بطابعها المؤقت، وقد اعتبرها البعض( )طريقة من طرق التمويل بالاستدانة الداخلية تمكن الشركة من تسبيقات نقدية تتميز بضعف نسبة فائدتها مقارنة مع ما هو معمول به في القطاع البنكي، بالإضافة إلى دينامية وقابلية الفوائد المترتبة عليه للخصم من الوعاء الضريبي للشركة، وهو بهذا الوصف يصنف ضمن مصادر التمويل الخارجة عن نطاق الأبناك Extra.bancaires.
5 – من حيث ازدواجية صفة صاحب الحساب الجاري : فهو من جهة شريك في الشركة مساهم في رأسمالها، ومن جهة ثانية دائن مقرض لها، ولعل هذا ما دفع القضاء الفرنسي في العديد من أحكامه وقراراته إلى الإقرار باستقلالية صفة الشريك عن صفة الدائن في الحساب الجاري( )مستندا في ذلك على أن علاقة المشاركة تجد سندها في عقد الشركة، بينما تجد علاقة الدائنية سندها في التسبيقات الممنوحة في شكل قرض تأخذ صورة حساب جاري للشركاء.

المطلب الثاني : تمييز الحساب الجاري للشركاء عن النظم المشابهة له

من أجل إبراز التمييز الحاصل بين الحساب الجاري للشركاء والنظم المشابهة له سوف نعمل على تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين : نتناول في الأولى تمييز الحساب الجاري للشركاء عن الحساب الجاري العادي، وذلك على أساس أن نتناول في الفقرة الثانية تمييز الحساب الجاري للشركاء عن حصة الشريك في الشركة.

الفقرة الأولى : تمييز الحساب الجاري للشركاء عن الحساب الجاري

إذا كان الفقه الفرنسي يعرف كما سبقت الإشارة إلى ذلك( )الحساب الجاري للشركاء على أنه تلك التسبيقات المدفوعة من طرف الشركاء في الشركة سواء بدفع أموال بخزينة المقاولة أو بترك مبالغ مالية تحت تصرفها مؤقتا، فإن أستاذنا عز الدين بنستي يعرف الحساب الجاري العادي بأنه( ):" حساب معد لاستقبال عمليات متعددة تتعاقب بسرعة وعلى التوالي تفقد كل عملية تقيدها في الحساب الجاري ذاتيتها بنوع من التجديد لتصبح مجرد مفرد من مفردات الحساب".
ويذهب الأستاذ شكري السباعي في تعريفه للحساب الجاري على أنه( ): "هو الاتفاق أو العقد الذي يبرمه شخصان يتبادلان فيه علاقة الدائنية والمديونية نتيجة الصفقات والمعاملات القانونية التي تجري بينهما، بحيث لا دائن ولا مدين إلا بعد ختام الحساب la cloture du compte وتحقيق الرصيد، ويتقرر على ضوء هذا الرصيد مركز أطراف العلاقة، فمن كان الرصيد لفائدته كان هو الدائن ومن كان الرصيد ضده كان هو المدين".
أما الفقيه ريبر فيذهب في شرحه للتسمية الحساب بالجاري إلى أن العمليات فيه تمتاز بكونها مسترسلة أو تتم بالتسلسل.
ومن جانب آخر فقد أدخلته المادة 2 من ظهير 6 يوليوز 1993 المتعلق بمؤسسات الائتمان في حكم الأموال المتلقاة من الجمهور، وفق الصيغة التالية :" الأموال المودعة في حساب جار –سواء كان ذلك بإعلام سابق أو بدونه ولو كان من الممكن أن يصير مدينا".
وقد غيرت صياغة هذه الفقرة مع عند إعادة النظر في الظهير السابق بالقانون رقم 34.03 واستعاض عنها المشرع بالصيغة التالية :" .... تعتبر في حكم الأموال المتلقاة من الجمهور :
- الأموال المودعة في حساب لسحبها عند الطلب سوء أكان ذلك بإعلام سابق أو بدونه ولو كان من الممكن أن يصير الحساب مدينا....".
والملاحظ من خلال إعادة النظر في صياغة هذه الفقرة أن العبارات التي طالها التغيير هي تحويل صفة الحساب من جار إلى حساب عند الطلب أو حساب بالاطلاع، والسبب في ذلك راجع – حسب رأينا المتواضع- إلى رغبة المشرع في إحداث تناسق بين هذه الفقرة وبين المواد المنظمة للحساب البنكي بمدونة التجارة( )، والتي تقسمه إلى حساب بالاطلاع وحساب لأجل( )، خاصة متى علمنا أن ظهير 6 يوليوز 1993 سابق من حيث الزمن لتاريخ إصدار مدونة التجارة( ).
بناءً على ما سبق نتوصل إلى خلاصة مفادها أن إرادة الأطراف في الحساب الجاري تتجه إلى فتحه بغية تسوية المعاملات الرابطة بينهما عن طريق تقييد مبلغ المدفوعات كبنود في الحساب بدل تسديد مبلغ كل عملية على حدة.
كما أنه يعتبر عقد بنكيا، بينما الغاية من فتح الحساب الجاري للشركاء هو تمويل الشركة عن طريق الاستدانة الداخلية تتخذ شكل تسبيقات بين الشريك والشركة( )، ولا يعتبر بأي حال من الأحوال عقدا بنكيا، ذلك أنه يستند في مقوماته والغايات المرجوة من إحداثه على العرف التجاري.

الفقرة الثانية : تمييز الحساب الجاري للشركاء عن الحصة في الشركة

إذا كان الحساب الجاري للشركاء عبارة عن تلك التسبيقات المدفوعة من طرف الشركاء إلى الشركة، فإن الحصة في الشركة شرط أساسي وجوهري لتأسيسها إذ يقدم كل شريك حصة في رأس المال.
ومعلوم أن الحصة يمكن أن تكون نقدية أو عينية أو حقوقا معنوية، ويمكن أن يقدم العمل حصة في رأسمال، إلا أنه يجب أن يقدم أحد الشركاء على الأقل مبلغا من المال يدخل في ذمة الشركة، ويشكل ضمانة لحقوق الدائنين، وإلا كانت مدنية وليست تجارية( ).
وبناءً على ما سبق يمكن استنتاج ما يلي :
يمكن أن يسحب الشريك في أي وقت شاء المبلغ الدائن به للشركة من الحساب الجاري للشركاء، وذلك في الحالة التي لا يتفق فيها الأطراف على تجميده أو تنظيمه مع الأخذ بعين الاعتبار المصلحة المشتركة للأطراف، وفي المقابل يخضع رأس مال الشركة لمبدأ ثبات الرأس مال، فلا يقبل كقاعدة عمة المساس به من تخفيض أو زيادة أو توزيعه فيما بين الشركاء، إلا بموجب تعديل يقع على النظام الأساسي بعد موافقة الجمعية العامة الغير العادية.

المطلب الثالث : الطبيعة القانونية للحساب الجاري للشركاء

يكاد يجمع الفقه والقضاء على اعتبار الحساب الجاري للشركاء بمثابة عقد قرض ينعقد بين الشركاء والمقاولة، وعلى الرغم من نسبية هذا الطرح بالنظر إلى عامل المرونة المميز له، والذي يجعل منه قابلا لأن يوظف لأغراض ائتمانية أخرى من دون القرض، فإنه يشكل في الحقيقة حدا أدنى من النظام القانوني لهذا الحساب، ما عدا في الحالات التي يتفق بموجبها الأطراف على توظيفه في شكل آخر.

المبحث الثاني : أحكام الحساب الجاري للشركاء

من أجل إبراز أحكام الحساب الجاري للشركاء ارتأينا تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين، نتناول في الأول فتح الحساب الجاري للشركاء، وفي الثاني كيفية إدارة هذا الحساب، وفي المطلب الثالث إغلاق الحساب الجاري للشركاء.

المطلب الأول : فتح الحساب الجاري للشركاء

يفتح الحساب الجاري للشركاء بالدفاتر المحاسبية للمقاولة الممولة Les Livres Comptables ويحمل اسم الشريك المقرض ويسجل ضمن خصوم المقاولة.
وعادة يخصص المحاسبون أو المسيرون سجلا محاسبيا خاصا به يحمل إسم سجل الحسابات الجارية للشركاء تدون به جميع التسبيقات وقيمتها وتاريخ دفعها أو التخلي عنها وزمن قبضها فعليا من المقاولة المقترضة وطبيعتها والغرض منها وتاريخ استردادها ومعدل الفوائد الناجمة عنها ، والسؤال المطروح إذن ما هي آليات فتح الحساب الجاري للشركاء بالشركات ؟
جوابا على التساؤل المطروح سوف نتطرق إلى كيفية فتح الحساب الجاري للشركاء في كل من شركة المساهمة والشركة ذات المسؤولية المحدودة، ثم في المجموعة ذات النفع الاقتصادي.
أ – في شركات المساهمة :
بالرجوع إلى القانون رقم 17.95 المعدل بمقتضى قانون 20.05 المنظم لشركات المساهمة يتضح لنا بأنه لم يتطرق صراحة إلى مساطر المراقبة والترخيص والمصادقة بشأن الحسابات الجارية للشركاء الناشئة بين المساهمين والشركة التي يساهمون فيها، بل تعرض فقط للاتفاقات المالية المنعقدة بين الشركة والمتصرفين ومدريها العامين، وذلك عملا بأحكام المادة 56 وما يليها من القانون 17.95 إذا تعلق الأمر بشركة مساهمة ذات مجلس الإدارة والمواد 95 وما يليها من نفس القانون إذا تعلق الأمر بشركة مساهمة ذات مجلس الإدارة الجماعية ومجلس الرقابة.
بناءًا على ما سبق يمكن التوصل إلى نتيجة مفادها أنه إذا لم يكن الشريك الدائن متصرفا أو مديرا عاما أو عضوا في مجلس الرقابة، فإن فتحه لحساب جاري لا يخضع إطلاقا لمسطرة الترخيص المسبق.
وفي نفس الوقت، تبقى لمراقب الحسابات مهمة ومراقبة وتتبع حسابات الشركة بما في ذلك سجل الحساب الجاري للشركاء وفق المسطرة المنصوص عليها بالمواد من 159 إلى 181 من القانون 17.95( ).
ب – في الشركة ذات المسؤولية المحدودة :
بالرجوع إلى القانون رقم 5.96 المنظم للشركة ذات المسؤولية المحدودة ولا سيما المادة 64 منه يتبين لنا بأن على مسير أو مراقب أو مراقبوا الحسابات إن وجدوا يقدموا إلى الجمعية العامة أو يضيفون إلى الوثائق المقدمة للشركة في حالة استشارة كتابية تقريرا بشأن الاتفاقات الحاصلة مباشرة أو عن طريق شخص وسيط بين الشركة وأحد المسيرين أو الشركاء أو تبت الجمعية العامة في هذا التقرير ولا يمكن أن يشترك المسير أو الشريك المعني في التصويت ولا تؤخذ أنصبته بعين الاعتبار عند احتساب النصاب والأغلبية.
غير أنه إذا لم يوجد مراقب للحسابات، فإن الاتفاقات المبرمة من طرف مسير غير شريك تخضع للموافقة المسبقة من طرف الجمعية العامة ( ).
ج – المجموعة ذات النفع الاقتصادي :
تلعب تسبيقات الأعضاء في الحساب الجاري دورا هاما لا يستهان به في ضمان تمويل المجموعة ذات النفع الاقتصادي، سيما تلك المؤسسة بدون رأسمال اجتماعي، فالمادة 14 من القانون رقم 13.97 تنص على ما يلي :
" يمكن أن يمنح الأعضاء للمجموعة قروضا أو تسبيقات في حساب جار، ويجوز لهم أيضا أن يقرروا وضع مجموع أو بعض الأرباح إن تحققت رهن تصرف المجموعة في شكل تسبيقات جارية أو لأجل".

المطلب الثاني : كيفية إدارة الحساب الجاري للشركاء

تتم إدارة الحساب الجاري للشركاء من قبل مسيري الشركة، وذلك بصرف النظر عن كونهم من الشركاء أم لا، فالمسير باعتباره الآلية التنفيذية بالمقاولة هو الذي يتكلف بتدبير عمليات الحساب وتشغيله بهدف تمويل الحاجيات التمويلية للمقاولة، وللأطراف الحرية المطلقة في إقرار القواعد العامة بشأن كيفية تشغيل الحساب الجاري مع إبراز آثاره إزاء الأطراف.
بناءً عليه، يكون عقد الحساب الجاري للشركاء مجرد اتفاق إطار يعين الخطوط العريضة المتعلقة بتنفيذه والغرض منه، على أن يتفق الأطراف بتطبيق الأعراف التجارية والعادات الاتفاقية التي ارتضوها.
وفي نفس الوقت، قد يتضمن العقد عددا مهما من الشروط الاتفاقية المنظمة لتشغيل الحساب، ومن ثمة، فإن العقد يعتبر شريعة المتعاقدين تماشيا مع الفصل 230 من ق.ل.ع( ).
وبصورة عامة، يترتب على الحساب الجاري للشركاء التزامات متبادلة:
أ – التزام الشريك الدائن بدفع مبلغ التسبيقات المتفق عليها.
ب – في حين تلتزم الشركة بصورة أساسية وجوهرية برد التسبيقات إلى الشريك بالنظر لمواعيد استحقاقها مع الالتزام بدفع الفوائد القانونية أو الاتفاقية، بينما قد تقتصر على رد التسبيقات فقط إذا كان الحساب بدون فائدة.


المطلب الثالث : غلق الحساب الجاري للشركاء

فالشريك الدائن في الحساب الجاري عندما يرغب في وضع حد للاتفاق المالي الذي يربطه بالشركة، فلن يعمل بعد ذلك بطبيعة الحال على تغذية حسابه الجاري بأموال جديدة لتتوقف بذلك جميع العمليات الدائنة أو المدينة بغاية تصفية الرصيد.
وتتم تصفية الحسابات الجارية للشركاء عبر تحديد أرصدتها النهائية، وتعيين مقدار الدين الواجب دفعه من قبل المدين به.
وتعد الوثائق المحاسبية الوسيلة القانونية الوحيدة المقبولة لإنجاز وتصفية الرصيد والحسم في المنازعات الناشئة بخصوص المبلغ الإجمالي لرصيد الحساب النهائي.

الفصل الثاني : وظائف الحساب الجاري وإشكالاته من الناحية العملية

تعتبر المقاولة بحق المحرك الرئيسي لاقتصاديات الدول المصنعة أو السائرة في طريق النمو، وعصب ازدهارها وتطورها، ولكي يتسنى للمقاولة أن تلعب ذلك الدور فلابد لها من إيجاد وسائل تمويل بعيدة عن مؤسسات الائتمان التي تمتاز بطابعها الصارم وفوائدها المرتفعة، إضافة إلى اشتراطها للضمانات في منحها للائتمان التجاري.
من هذا المنطلق، ظهرت الحاجة إلى التفكير في تغطية الحاجيات المالية للمقاولة من شرايينها الداخلية، وقد شكلت تقنية الحساب الجاري للشركاء الوريد الرئيسي لهذا التمويل، فما هي وظائفه؟ وما هي أهم الإشكالات التي يطرحها من الناحية العملية؟ هذا ما سنعمل على تناوله بالدراسة والتحليل من خلال تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين نتناول في الأول وظائف الحساب الجاري للشركاء، بينما نعرض في الثاني لأهم الإشكالات التي يطرحها من الناحية العملية.

المبحث الأول : وظائف الحساب الجاري للشركاء

يبدأ الحساب الجاري للشركاء عند استخدامه من طرف الشريك كوسيلة تمويلية (المطلب الأول)، ثم ما يلبث أن ينقلب إلى وسيلة إئتمانية في مرحلة ثانية تمكن الشركة من تعزيز ضمانها العام تجاه الدائنين خاصة مؤسسات الائتمان (المطلب الثاني).

المطلب الأول : الوظيفية التمويلية

مما لا شك فيه أن الشريك يتصرف كبنكي عندما يمول خزينة المقاولة عبر تسبيقات نقدية في الحساب الجاري للشركاء، بناءً عليه فإننا نمركز الحساب الجاري للشركاء ضمن طرق التمويل بالاستدانة الداخلية، وذلك قياسا على الاستدانة الخارجية التي تلعب فيها المقاولات البنكية دورا بارزا في ضمان تمويل الشركات التجارية وتجمعاتها بل وتمويل الاقتصاد الوطني بصفة إجمالية( ).

المطلب الثاني : الوظيفة الائتمانية

لا ينحصر دور الحساب الجاري للشركاء في تمويل المقاولة فقط، بل له دور ثان مهم وأساسي، ويتجلى بالأساس في الوظيفية الائتمانية التي تظهر على وجه الخصوص عندما يتم توظيفه كوسيلة لضمان حصول المقاولات على الأموال اللازمة من قبل مؤسسات الائتمان عبر تجميده ورهنه أو من خلال تأخير رتبة دينه.
ويقصد بالائتمان التنازل على مال حاضر مقابل مال مستقبل، ويعد أساس أو عصب التجارة وشريان عالم الأعمال، وينبني الائتمان على ثلاث عناصر أساسية وجوهرية :
1 – الثقة؛
2 – ارتباطه بعقد؛
3 – ارتكازه على الزمن أو الأجل.

المبحث الثاني : الإشكالات العملية للحساب الجاري للشركاء

في ظل غياب تنظيم الحساب الجاري للشركاء ومختلف ميكانيزماته بنصوص صريحة، أصبح هذا الحساب يطرح العديد من الإشكالات تصدى لها الفقه المحاسباتي والضرائبي إلى جانب الاجتهاد القضائي، ومن أهم هذه الإشكالات :
1 – ازدواجية صفة صاحب الحساب بين دائن وشريك وأثرها على اتخاذ القرارات داخل الشركة ؟
2 – مخاطر السحب الفجائي لمجموع الرصيد الدائن للشريك وأثره على مالية الشركة ؟
3 – طبيعة الفوائد المستحقة عن الحساب الجاري للشركاء، أهي اتفاقية أم قانونية ؟
4 – موقع صاحب الحساب الجاري للشركاء من مسطرة صعوبة المقاولة ؟
هذا ما سنعمل على تناوله بالدرس والتحليل من خلال بعض الآراء الفقيه المحاسباتية وبعض الاجتهادات الفقيه المغربية والمقارنة ؟

المطلب الأول : ازدواجية الصفة وأثرها على اتخاذ القرارات داخل الشركة

سبق وأن بينا أن صفة الشريك في الشركة الذي يقدم على فتح حساب جاري لصالحها ضمن دفاترها التجارية تمتاز بالاستقلالية عن صفته كدائن، ذلك أن علاقته في الحالة الأولى تمتاز بطابع المشاركة، وفي الثانية بالدائنية .
بيد أن آلية الحساب الجاري للشركاء قد تستعمل لتقوية المركز القانوني والمالي للشريك داخل الشركة، خاصة إذا كان يتولى الإدارة والتسيير ويملك حصة لا يستهان بها من رأس مال الشركة، وعليه فإنه يصبح هو المتحكم الرئيسي في تمويل الشركة ويسطر لها مشاريعها التوسعية ذات الطابع الاستثماري داخل السوق، فينقلب الأمر هنا إلى تعسف من لدن الشريك تجاه باقي الشركاء يمكن أن يؤدي إلى الإضرار بالغرض الاجتماعي الذي أنشأت من أجله الشركة.
وأمام هذه الحالة، لا يبقى للأطراف المتضررة مناص من اللجوء إلى القضاء من أجل الحد من هذا التعسف، خاصة متى علمنا أن الشريك الفاتح للحساب الجاري للشركاء يلوح بين الفينة والأخرى بسحب رصيده الدائن من حسابه الجاري كورقة للضغط على باقي الشركاء.
وفي هذا الاتجاه فإن الاجتهاد القضائي الفرنسي ممثلا في محكمة الاستئناف بباريس( )ذهب إلى اعتبار هذه الحالة منافية لنية المشاركة L’affectio societatis والتي تعتبر من الأركان الموضوعية لعقد الشركة والتي تقوم على الرغبة في التعاون وتوجيه إرادة الشريك نحو العمل المشترك على قدم المساواة مع باقي الشركاء، وبالتالي تحقيق الصالح العام للشركة.
وهكذا، فقد قضت محكمة الاستئناف بباريس برد طلب شركة Tac Intraserوالتي كانت قد اشترت أسهم شركة Barki agency الشركة المساهمة بشركة Logoplan إلى جانب حسابها الجاري بهذه الأخيرة والمفتوح بدفاترها التجارية، ذلك الطلب الرامي إلى تسديد هذا الحساب.
وقد استندت محكمة الاستئناف بباريس في ردها لطلب شركة Tac Intraser على أن شركة Logoplan كانت قد اشترطت على شركة Barki agency عدم سداد الحساب الجاري إلا بعد استشارة المجلس الإدارة ووفق ما تسمح به خزينة الشركة دون المساس بنشاط الشركة وتطوره والذي من شأنه أن يمس بفعل هذا السحب.

المطلب الثاني : مخاطر السحب الفجائي للرصيد الدائن للشريك وأثره على مالية الشركة

يأتي هذا الإشكال كمحصلة للإشكال السابق، ففي غياب النص على كيفية السحب التي يجيرها الشريك على الأموال الموضوعية في حسابه الجاري لدى خزينة الشركة سواء في النظام الأساسي أو في اتفاق مستقل، فإن هذا السحب الفجائي من شأنه أن يشكل خطرا على حياة الشركة وأن يمس ببرامجها الاستثمارية المسطرة.
وفي هذا الصدد ذهبت محكمة النقض الفرنسية في قرار لها( ) إلى القول بأن مطالبة الشريك بالسداد الفوري لحسابه الجاري الدائن يمثل تعارضا مع مصالح الفاعلين في الشريكة ويتنافى مع الهدف من نية المشاركة، ويكون مدفوعا بالرغبة في التعسف في استعمال الحق، بل إن محكمة النقض الفرنسية ذهبت أبعد من ذلك واعتبرت أن الشرط الذي يربط السداد الفوري للمبلغ الدائن للشريك بموافقة المجلس الإداري للشركة شرط صحيح وزادت على ذلك أن هذا السداد يجب أن يتماشى مع قدرة الخزينة على السداد، ودون أن يؤدي هذا السداد إلى توقف استغلال الشركة أو تطور حياتها الاقتصادية.
وهذا القرار يوضح مستوى تدخل القضاء الفرنسي والنضج الذي اتسم به في معالجة مواضيع تمتاز في جانب كبير منها بالصبغة اقتصادية.

المطلب الثالث : طبيعة الفوائد في الحساب الجاري للشركاء

نود بداية أن نشير إلى أن الحساب الجاري للشركاء يخضع لإرادة الطرفين عند الاتفاق، فهو قد يكون بفائدة يتفق عليها الطرفان، وقد يكون بدون فائدة، فيوصف آنذاك أنه حساب جاري بدون فوائد.
والإشكال يثار عند عدم وجود اتفاق مكتوب يحدد الفائدة المستخلصة من الحساب، هل يتم الأخذ بها أم يتم تجاهلها، وفي حالة الأخذ بها، ما هي طبيعتها هل هي اتفاقية أم قانونية؟ هذا ما سنعمل على تحليله عن طريق التعليق على قرار حديث لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء ( ) صدر بتاريخ 27/10/2009 بعد أن أحيل عليها الملف من المجلس الأعلى الذي كان قد نقض قرار سابق لها بين نفس الأطراف.
- موجز الوقائع :
تتلخص وقائع هذا النزاع في أنه بتاريخ 15 يناير 2002 تقدم ورثة الحاج العربي بنعمور بمقال افتتاحي أمام المحكمة التجارية بالدار البيضاء في مواجهة شركة أمبروطيكس عرضوا فيه أن مورثهم الحاج العربي بنعمور توفي بتاريخ 06/05/1999 وأنه كان متصرفا عضوا بمجلسها الإداري، وأنه كان يتوفر بصفته مساهما في المدعى عليها على حساب جاري كان يقوم بتطعيمه حسب حاجيات الشركة، وأنهم بعثوا بتاريخ 10/09/2001 برسالة مضمونة إلى الشركة يطالبونها بإيفائهم بكشف شامل للمبالغ المسجلة بدائنية ومديونية الحساب الجاري للهالك منذ 1990 لكن دون جدوى، وأن المدعى عليها كانت تفيدهم أن رئيسها يوجد خارج المغرب، مما اضطرهم إلى استصدار أمر من السيد رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء قصد تعيين خبير تكون مهمته الاطلاع على جميع الحسابات الجارية للمساهمين والمسيرين ومعاينة حساب الهالك منذ سنة 1990 إلى غاية يومه، وأنه بعد أخد ورد تمكن الخبير المعين السيد يوسف السبتي بعد دراسة وتحليل الوثائق المدلى بها من طرفهم ومن طرف المدعى عليها بتاريخ 05/11/2001 من إنجاز مهمته التي خلص فيها إلى أن قدر الدين الشامل للفوائد المتوفرة لفائدته بلغ 12.778.460،13 حيث كان مصدره سنة 1990 (10.300.000،00) ولم يسدد منه سنة 1998 سوى مبلغ 7.667.078،95 درهم.
وبعد إدراج الملف للمناقشة صدر حكم تمهيدي بتاريخ 21/11/2002 قضى بإجراء خبرة حسابية بين الطرفين على يد الخبير السيد توكاني محمد انتهى في تقريره المؤرخ في 20/05/2003 إلى تحديد مبلغ الحساب الجاري موضوع الدعوى منذ سنة 1990 إلى غاية 31/12/2001 كما يلي :
- أصل الحساب الجاري: 2.650.000،00
- الفوائد القانونية المترتبة : 9.313.763،74
- المجموع : 11.963.763،74
فقضت المحكمة التجارية وفق الخبرة مع استبعاد مبلغ التعويض لكونه غير مبرر.
- التعليق :
يثير هذا النزاع موضوعا بالغ الأهمية يتمحور حول الهدف من فتح الحساب الجاري للشركاء من طرف الشريك، وإلى أي حد يترجم رغبته في تطوير حياة الشركة مع استفادته بالمقابل من تعويضات هذه المبالغ تأخذ شكل فوائد.
والقرار الأول محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء الصادر بتاريخ 06/12/2004 باستبعاده لهذه الفوائد في احتساب المبلغ الدائن لورثة الشريك والثابتة من خلال خبرتين قضائيتين، يكون غير مستوعب لتقنية الحساب الجاري للشركاء، خصوصا وأننا نجده في تعليله للقرار( ) يخلط المفاهيم ويحصر المستفيد من الحساب الجاري في المتصرفين أو المديرين العامين بقوله :" ...كما أنه يستشف من هذه المواد بأن الحساب الجاري هذا لا يمكن الاتفاق بشأنه إلا مع المتصرفين أو المديرين العامين والذين هم شركاء في الشركة...".
والحال أن هذه المواد تتحدث عن الاتفاقات المبرمة بين الشركة من جهة وبين متصرفيها ومديرها العام من جهة ثانية والتي تخضع لترخيص مسبق من طرف مجلس الإدارة، والتي يروم المشرع من خلال إخضاعها للترخيص المسبق حماية مصالح الشركاء في الشركة، وإضفاء الشفافية على عملياتها المالية.
بيد أن المجلس الأعلى في قراره القاضي بنقض القرار المذكور ومؤاخدته عليه عدم أخذه بالخبرتين الحضوريتين المأمور بهما من طرف المحكمة، حيث نصت الأولى على أن نسبة الفائدة هي 7% والثانية على أن هذه النسبة هي 6% ، يكون قد استبعد وجود اتفاق مسبق بين الطرفين كتابة يحدد نسبة الفائدة وأن هذه الفائدة تم إقرارها ضمنيا ما دامت الوثائق المحاسبية للشركة تشير إليها من خلال ما توصل إليها الخبيران في تقريرهما.
والقرار الاستئنافي الثاني والذي راعى في حكمه النقطة التي نقض القرار من أجلها، ذهب في اتجاه آخر، واستند إلى الفصل 872 الذي جاء فيه بأن:" فوائد المبالغ التي تتضمنها الحسابات الجارية تستحق بقوة القانون على من يكون مدينا بها من الطرفين، ابتداء من يوم ثبوت تقديمها".
وزكت طرحها بالخبرتين المأمور بهما من طرف المحكمة واللتان تشيران إلى هاته الفوائد، واعتبرت استنادا إلى الفصل المذكور أنه لا مجال للحديث عن الفوائد الاتفاقية ما دام أنها منصوص عليها بمقتضى القانوني، وبالتالي فهي قانونية.

المطلب الرابع : موقع صاحب الحساب الجاري للشركاء في مسطرة صعوبة المقاولة

يعتبر الشريك الدائن للشركة بحساب جاري دائنا عاديا يأتي في مرتبة متأخرة بعد الدائنين الممتازين والدائنين المرتهنين. وعليه، فهو لا يستحق أي مبلغ في حالة استغراق هذه الديون لموجودات الشركة.
والإشكال الذي يطرح هو عندما تخضع الشركة لنظام معالجة صعوبات المقاولة، هل نضحي بالمصلحة الاجتماعية ونمكن الشريك من دينه أم نقيد هذا الحق متى كانت المقاولة خاضعة لهذه المسطرة، ونستعيض عنه بدمجه في رأس مالها الاجتماعي أو بالتخلي المؤقت عنه إلى حين اجتياز الصعوبة ؟
ثم هل الحساب الجاري للشريك يعتبر من العقود الجارية أو التي في طور التنفيذ والذي خولت المادة 573 بمقتضاه للسنديك وحده أن يطالب بها دون إذن القاضي المنتدب أو من رئيس المقاولة.
مما لا شك فيه أن أحكام الكتاب الخامس تعتبر من النظام العام، وتأسيسا على نص المادة 573، فالسنديك وحده له سلطة طلب تنفيذ الحساب الجاري للشريك أو المطالبة بإقفالها حسب المصلحة الاجتماعية والاقتصادية للمقاولة، وهو ما يشكل قيدا بارزا وجيدا على قاعدة التسديد الفوري للحساب الجاري للشريك( ).
وقد استقر العمل القضائي الفرنسي على مجموعة من القيود الإضافية التي ترد على قاعدة التسديد الفوري للحساب الجاري للشركاء في حالة توقف المقاولة عن الدفع، نجملها فيما يلي :
1 – لا يجوز المطالبة بهذا التسديد بمجرد نوقف المقاولة عن الدفع؛
2 – سبق لمحكمة Lyon التجارية الفرنسية( ) أن رفضت طلب التسديد بعلة ضرورة استمرار النشاط الاجتماعي للمقاولة.
وتبقى الحالة الغالبة أن الشريك الدائن للشركة بالحساب الجاري للشركاء يقوم بدمج دينه برأس مال الشركة بغية التقليص من الخصوم، ولتبني مخطط الاستمرارية، وفي هذا الإطار جاء في حكم صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء( ):
"...بناء على التقرير الذي أودعه سنديك التسوية القضائية السيد الشكدالي بكتابة الضبط جاء فيه أنه بناءً على الحكم القاضي بحصر مخطط الاستمرارية في حق مؤسسة عجلات جواد، والذي حدد التزامات هي الزيادة في الرأسمال وتدعيم الحساب الجاري للشركاء وتسديد الديون وفق الجدول، فإنه بخصوص الالتزام الأول وهو الزيادة في الرأسمال، فإن رئيس المقاولة زوده بمحضر جمع عام استثنائي منعقد بتاريخ 06/04/2001 يفيد رفع الرأسمال بقيمة 10.000 درهم بواسطة اندماج الحساب الجاري الدائن إلى حدود 1999، وبذلك فرأسمال الشركة ارتفع إلى 550.000 درهم.....".
وجاء في تعليل حكم آخر صادر عن نفس المحكمة بمناسبة وضع شركة حافلات الراحة في نظام التسوية القضائية( ) ما يلي :
" حيث يرمي تقرير القاضي المنتدب في المسطرة إلى الحكم وفقا لاقتراح سنديك التسوية القضائية، وذلك بحضر مخطط استمرارية شركة حافلات الراحة، وذلك طبقا لما جاء في تقرير السنديك.
وحيث يستفاد من تقرير السنديك أن نجاح مخطط الاستمرارية وتحقيق نتائج إيجابية على المستوى الاقتصادي يمكن تحقيقه اعتمادا على تصحيح الوضعية القانونية للشركة، وذلك برفع رأسمالها بمبلغ 164.500.000 درهم، وذلك عن طريق تحويل مبلغ الحساب الجاري للمساهمين البالغ قدره 34.250.000 درهم وتقديم دفعات نقدية من طرف المساهمين بمبلغ 130.250.000 درهم...".

وقد قضت المحكمة بما يلي :"تصرح المحكمة بجلستها العلنية ابتدائيا وحضوريا :
- بحصر مخطط الاستمرارية لشركة حافلات الراحة الكائن مقرها الاجتماعي بزنقة محمد الراضي السلاوي، الرقم 35، الدار البيضاء.
- بتنفيذ رئيس المقاولة السيد أنوار عبد القادر ما التزم به من الزيادة في رأسمال الشركة، وجعله مطابقا للمقتضيات القانونية:
أ- دمج الحساب الجاري للشركاء؛
ب – ضخ مبلغ 30.000.000 درهم نقدا في حسابات الشركة وفقا المبين أدناه....".


الفهــرس
- مقدمة 1
- فصل تمهيدي : التنظيم القانوني للحساب الجاري للشركاء 3
- الفصل الأول : ماهية الحساب الجاري للشركاء وأحكامه 7
- المبحث الأول : الحساب الجاري للشركاء 7
- المطلب الأول : تعريف الحساب الجاري للشركاء وخصائصه 7
- الفقرة الأولى : تعريف الحساب الجاري للشركاء 7
- الفقرة الثانية : خصائص الحساب الجاري للشركاء 9
- المطلب الثاني : تمييز الحساب الجاري للشركاء عن النظم المشابهة له 10
- الفقرة الأولى : تمييز الحساب الجاري للشركاء عن الحساب الجاري البنكي 10
- الفقرة الثانية : تمييز الحساب الجاري للشريك عن حصته في الشركة 12
- المطلب الثالث : الطبيعة القانونية للحساب الجاري للشركاء 13
- المبحث الثاني : أحكام الحساب الجاري للشركاء 13
- المطب الأول : فتح الحساب الجاري للشركاء 13
- المطلب الثاني : كيفية إدارة الحساب الجاري للشركاء 15
- المطب الثالث : غلق الحساب الجاري للشركاء 16
- الفصل الثاني : وظائف الحساب الجاري للشركاء وإشكالاته من الناحية العملية 17
- المبحث الأول : وظائف الحساب الجاري للشركاء 17
- المطلب الأول : الوظيفة التمويلية 17
- المطلب الثاني : الوظيفة الائتمانية 18
- المبحث الثاني : الاشكالات العملية للحساب الجاري للشركاء 18
- المطلب الأول : ازدواجية صفة صاحب الحساب بين دائن وشريك وأثرها على القرارات
المتخدة داخل المقاولة 19
- المطلب الثاني : مخاطر السحب الفجائي على مالية الشركة 20
- المطلب الثالث : طبيعة الفوائد في الحساب الجاري للشركاء 20

- المطلب الرابع : موقع صاحب الحساب الجاري للشركاء في مسطرة صعوبة المقاولة 23


منقول للإفادة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://zidni3ilma.arabepro.com
 
الحساب الجاري للشركاء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى زِدْنِي عِلماً القانوني :: مواضيع قانون خاص. :: مواضيع في المادة التجارية-
انتقل الى: